مجلة المقتبس/العدد 22/مطبوعات ومخطوطات
→ صحف منسية | مجلة المقتبس - العدد 22 مطبوعات ومخطوطات [[مؤلف:|]] |
سير العلم ← |
بتاريخ: 15 - 11 - 1907 |
الأحاطة في أخبار غرناطة
قل في كتب الأدب والتاريخ ما ينتفع به مطالعه في أمور كثيرة بقلة الجيد منها وذلك لأن المصنفات كالبضائع فيها الجيد وفيها الرديء والمصنفين اصناف فقسم يؤلف وقد تمت ادواته وتشبع بما يود الحوض فيه فلا يكتب الا الثمين النافع وقسم بين ذلك وقسم يخلط ويخبط لاهوى له إلا في ذكر اسمه وحشر نفسه في عداد المصنفين. وصاحب كتاب الأحاطة في أخبار غرناطة هو من أهل الصنف الأول ما كتب كتأبا الا عن فكر وروية وناهيك بما يصدر من نفثات ابن الخطيب حسنة الأندلس ونابغة عصره بل كثير من العصور قبله وبعده. وفقت شركة طبع الكتب العربية بمصر إلى نشر الجزئين الأولين من هذا الكتاب واوفقت طبع الثالث لكثرة التجريف الذي وجدته فيه بحيث يتعذر على القارئ كشف وجه الحقيقةمنه.
ولئن وقع في هذين الجزئين اغلاط وتحريفات التبس بها الحق بالباطل وكأنت العناية تقضي استثبات صحتها وإرجاعها إلى نصابها لو امكن فإن هذا التهاون يغتفر في جانب تلك الذخيرة التي نبشوها ونشروها وهي ولا جرم من بعض ما يعمر به بناء الشعر والنثر ولسأن الدين حجة فيهما قاطعة.
وأن لنا ريبة في كون هاته المجلدات الثلاث هي كل ماكتبه المؤلف في رجال عاصمته وعبارة صاحب نفح الطيب تساعد على هذا الشك. قال: ان كتاب الأحاطة هن الطائر الصيت بالمشرق والمغرب والمشارقة أشد إعجاباً به من المغاربة او أكثر بهجاً بذكره مع قلته في هذه البلاد المشرقية وقد اعتنى باختصاره الأديب الشهير البدر البشتكي وسماه مركز الأحاطة في أدباء غرناطة وهو في مجلدين سنة 793 وقد جعل كل أربعة أجزاء من الأصل في مجلد اذ هو في مجلدين ونسخة الأصل في ثمان مجلدات. وقف سلطأن الأندلس نسخة منه على بعض مدارس غرناطة وكانت في اثني عشر سفراً متقنة الخط والعمل وكان لسأن الدين ارسل في حياته نسخة من الأحاطة إلى مصر وقفها على أهل العلم وجعل مقرها بخانقاه سعيد السعداء قال المقري وقد رأيت المجلد الرابع منها وكان في ثمانية أجزاء ورأيت بظهر أول ورقة من هذه النسخة خطوط جماعة من العلماء وعلمت أن المكتوب في الوقفية ثمان مجلدات لا اثني عشر فلعل ذلك الاختلاف بسبب الكبر والصغر.
قلت وهذه العبارة كتبت بعد الالف. وكيفما كانت حال الكتاب كبراً وصغراً فقد اخرج إلى عالم المطبوعات نموذجات من نثر لسان الدين وشعره ونثر جماعة من أصحابه وشعرهم. ابتدأ الجزء الأول بوصف جغرافية الأندلس الطبيعية والسياسية والاسيما عاصمتها بحيث يتراءى لك متى قرأته أن الكابت عصري نشأ في حجر حضارة هذا القرن.
للسأن الدين نمط خاص به في الإنشاء وتعبيرات لا تجدها لغيره من كتاب المغرب المشرق تتمثل في كلامه روحاً عالية ولفظاً شفافاً ومعنى جزلاً.
وما كان نسقه ليرضى كل الرضى لو لم يكن يغوص على بدائع المعاني التي يميلها عليه اشمئزازه من محيطه وتقززه من خدمة دولته حتى كان يدعو أن يلطف الله بمن اتبلى بذلك وأن يخلصه خلاصاً جميلاً. وكيف لا تدفعه حميته إلى القول وقد استولى العدو في أيامه على معظم قواعد الأندلس مثل إشبيلية وقرطبة ومرسية وجيان والمرية ولسأن الدين يستصرخ وزعماء السلطة في لهوهم وغرورهم مسترسلون. ولئن خاطبهم (دون الجهر من القول لمكان التقية) فما تجار ممن يرميه بالزندقة ايضا في كتابه هذا لأن لسأن الدين املاه بلسان الانصاف والانطلاق فعز على نظرائه خروجه عن مألوف العادة في ذكر تراجم الناس حتى يخيل اليك انهم كلهم كأسنأن المشط في الاستواء.
تقرأ الترجمة في الأحاطة وهو في تراجم الرجال الذين نشأوا فيها او مروا بها وبعبارة أخرى هو تاريخ الأندلس ورجالها فيتجلى لك المترجم به كانك تراه وما اظن أن كتاب التراجم من الإفرنج اليوم باقدر على وصف رجالهم من صاحبنا لسأن الدين ولا عجب فهو اوروبي ايضا غدي تلك التربة المسكية والهواء الصافي والماء العذب وللبقاع تأثير في الطباع وما المرء الا نسخة ثانية من محيطه وبيته.
ولم يقتصر المؤلف كتابه على ذكر الملوك والرؤساء والفقهاء وأهل الطرق كما هي عادة معظم المؤرخين بل ذكر كثيراً ممن غلبت عليهم المعارف الدنيوية مثل أبي القاسم اصبغ بن محمد (426) احد مفاخر الأندلس قال وكان محققاً لعلم العدد والهندسة مقدماً في علم الهيئة والفلك والنجوم وكانت له مع ذلك عناية بالطب وذكر تآليفه على عادته في اثبات حسنات المترجمين وسيئاتهم. ومثل أبي على الصعلعل حسن بن محمد رئيس الموقتين بالمسجد الأعظم من غرناطة (716) وكان فقيهاً أماماً في علم الحساب الهيئة أخذ عنه الجلة والنبهاء قائماً على الاطلال والرخائم والالات الشعاعية ماهراً في التعديل مع التزام السنة والوقوف عند حد العلماء في ذلك مداوم النظر ذا استنباطات ومستدراكات وتواليف نسيج وحده ورجعه وقته. ومثل أبي جعفر احمد بن الحسن بن باضة السلمي الموقت بالمسجد الأعظم بغرناطة قال وكان نسيج وحده وقريع دهره معرفة بالهيئة وأحكاماً للآلة الفلكية ينحت منها بيده ذخائر يقف عندها النظير والحبرة جمال خط واستواء صنعة وصحة وضع بلغ في ذلك درجة عالية ونال غاية بعيدة حتى فضل بما ينسب إليه من ذلك كثيراً من الاعلام المتقدمين وازرت آلة بالحمائريات والصفاريات وغيرها من آلات المحكمين وتغإلى الناس في يأثمانها أخذ ذلك عن والده الشيخ المتفنن شيخ الجماعة في هذا الفن. ومثل أبي العباس احمد ابن مفرج الأموي النباتي المشهور ومن ضارعهم في علمهم من الأطباء والفلاسفة والحكماء والكيماويين ممن لا يعدهم أكثر المؤرخين في صنف العلماء.
وذكر شهيرات النساء في عصره مثل نزهون بنت القلاعي وام الحسن بنت القاضي أبي جعفر الطبحالي وحمدة بنت زياد المكتبي وحفصة بنت الركوني وغيرهن من نالأديبات وتجوز في إيراد بعض مجالسهن مع أدباء الأندلس وما كان في ذلك بأس في عصره. والكلام على الجزء الثاني لا يخرج عن حد الكلام على الجزء الأول وإن كان في الثاني يطول في بعض التراجم كأطالته في ترجمة أبي عبيد الله محمد القرشي التلمساني فإنه كتب تسعاً وعشرين صفحة بين شيوخه ونثره ونظمه ونكته مما اخرجه عن الصدد وكذلك ترجمة ابن زمرك احد اعيان أدباء الأندلس كتب فيه عشرين صفحة وقيل أن ابن زمرك كان يعد من جملة الساعين بنكبة ابن الخطيب. وقد يحمل المؤلف الحنق فيطلق عنان القلم في ترجمة الكبراء أيضاً كنا وصف اسماعيل بن يوسف بن اسماعيل بن فرج بن نصر السلطان الذي احتال على اخيه المتوثب على ملكه ومثل ما ترجم به محمد بن اسماعيل بن محمد بن فرج بن اسماعيل بن نصر الرئيس المتوثب على الملك على كرسيه الأمارة ووزراء دولته وكاتب سره وشيخ الغزاة على عهده. وقد عثرت فيه على ألفاظ ما كان يخيل لي أن الأندلسيين سبقونا إلى استعماله مثل طومارة للبطاقة وفي القاموس الطأمور والطوأما الصحيفة ج طوأمير. ولفظه الممطر لما يعرفه الفرنسيس بالباردسو ذاك الرداء الطويل. واستعمل لفظة عائلة التي أنكرها احد علماء اللغة المعاصرين فقال في ترجمة احدهم: عظيم الهشة مبذول البشر عظيم المشاركة قديم العائلة. ووردت لفظة يخت في الشعر الأندلس وكنا نظنها من قبل إنكليزية ففي قصيدة لمحمد بن جزي الكلبي:
نعم لست ارضى عن زماني اوأرى ... مكاناً به السفن المواخر واليخت
الزجل وتاريخ الدول
للسأن الدين الخطيب كتاب سماه رقم الحلل في نظم الدول طبع في تونس نظم فيه ملوك المسلمين من لدن صاحب الرسالة (ص) إلى القرن الثامن كل دولة على حدتها نظماً رائعاًٍ ليس فيه للتكليف شائبة وعلق على كل دولة شرحاً لطيفاً ضمنه ما ساعد عليه الاختصار من أخبار الملوك وأحوال اممهم ووزارائهم. وفي هذا المختصر من الحقائق مالا يكاد يوجد إلا في المطولات وخصوصاً في أخبار دول المغرب كبين الاغلب وملوك الشيعة من العبيد بين بأفريقية ومصر وبني امية بالأندلس وملوك الطائف فيها ودولة المرابطين من لمتونه أهل اللثام والموحدين ودولة بني أبي حفص بأفريقية وبني زيان بتلمسان وبني مرين وبني نصر وهاك نموذجاً منه في وصف ملك المأمون
وهو المليك العالم الحليم ... ساعده السعد بما يروم
من بعد ما كابد أمر عمه ... وفرج الله من غمه
فقر المأمون ملك الأمة ... بعد اضطراب دائم وغمه
واشرق السعد على الخلافة ... وانسدل الا من بلا مخافة
وكان حبراً عالماً حكيماً ... عدلاً تقياً حازماً حليماً
وثار إبرأهيمنجل المهدي ... وناله قسراً بغير عهد
فأثر العفو واغضى عن دمه ... منقبة شاهدة بكرمه
ومات في غزواته المعلومة ... كانت بها أعماله مختومة
معيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار
هي رسالة طبعت حديثاً في فاس بمطبعة الدكتور احمد يمني أفندي لسانها لمؤلفها لسان الدين بن الخطيب جاءت في 54 صفحة في أحمل حرف واجود ورق ولم تنقصها الا العناية بالتصحيح. وصف فيها المؤلف على طريقة السجع المنمق معظم بلاد المغرب والأندلس وصف متقيد بالسجع على طريقة السؤال والجواب فذكر جبل الفتح واسطبونه ومربلة وسهيل ومالقة وبلش وغمارش والمنقب وشلوبانة وبرجة ودلاية والمرية وبطرنش وبيرة ومحاقر وقتورية وبرشانة واوربة وبلش وبسطة واشكر واندرش وشبالش ومدينة وادي آش وفتيانة والحمة وصالحة وانيرة ومنتفريد ولوشة وارجلانة والنتقيرة ودكوان وقرطمة ورندة وسبتة وطنجة وقصر كتامة واصيلا وسلا وآنفا وآزمور وتيط ورباط اسفي مراكش واغماه ومكناسة وفاساً ومدينة الملك وأمر سلوين وتازا وغساسة
فما قاله في وصف فاس: هي الحشر الأول والقطب الذي عليه المعول والكتاب الذي لا يتأول بل المدارك والمدارس والمشايخ والفهارس وديوان الراجل والفارس والباب الجامع من موطأ المرأفق ولواء الملك الخأفق وتنور الماء الدأفق ومحشر المؤمن والمنأفق وسوق الكاسد والنأفق حيث البنى التي نظر إليها عطارد فاستجفاها وخاف عليها الوجود أن يصيبها بعينه الحسود فسترها بالغور واخفاها والأسواق التي ثمرات كل شيء إليها قد جبيت والموارد التي اختصت وحببت المنارة المخطوبة وصفاح الخلج المشطوبة والغدر التي منها ابو طوبة
بلد اعارته الحمامة طوقها ... وكساها ريش جناحها الطاوس
فكانما الأنهار فيه مدامة ... وكان ساحات الديار كؤوس
اجتمع بها ما أولده سام وحام. وعظم الالتئام والالتحام. فلا يعدم في مساكنها زحام فأحجارها طاحنة. ومخابزها شاحنة. والسنتها باللغات المختلفة لاحنة. ومكاتبها هائجة ورحابها متهائجة واوقافها جارية والهمم فيها إلى الحسنات واضدادها متبارية.
وقال في آنفا وهي التي سماها إلبرتغاليون في القرن السادس عشر الدار البيضاء: جون الحط والأقلاع ومجلب السلاع تهوي إليها السفن شارغة وتبتدرها مسارعة تصارف برها الذهب بالذهب الابريز وتراوح برها وتغاديه بالتبريز.
تسقط الطير حيث يلتقط الح ... ب وتغشى منازل الكرماء
وخارجها يفضل كل خارجة. وقانصها يجمع بين طائر ودارج. وفواكها طيبة. وامطارها عصيرها صيبة. وكيلها وافر. وسعرها عن وجه الرخاء سافر. وحبرتها لا تنقطع لها خف ولا حافر. ولكن هواؤها وماؤها عديما الصحة. والعرب عليها في الفتن ملحة. والأمراض بها تعبث وتعبث. والخزي بها لايلبث.
صفوة العرفإن في تفسير القرآن
اهدانا محمد فريد أفندي وجدي صاحب مجلة الحياة نسخة من مقدمة تفسيره هذا أتى فيها على موجز من فلسفة الأديان وادوار الإنسأن في الاستسلام للعقيدة أو التردد فيها وعلاقة ذلك بالجهل والعلم ولحضارة والبداوة وذكر فصولاً في الوحي والنبوات وخوارق العادات والشؤون الروحية وتاريخ القرآن من حيث وحيه وجمعه وترتيبه وناسخة ومنسوخة وتعدد قراآنة كل ذلك بعبارة سهلة تدل على فضل المؤلف وقد استشهد بآراء علماء المشرقيات في الكتاب العزيز وأهل الإسلام فزادت بذلك فائدة هذه المقدمة التي وقعت في 181 صفحة كبيرة فنهنئة على نشاطه الذي يرينا كل حين أثرا من أثاره. ومما عربه عن المسيو جول لابوم في مقدمته فهرسته الذي جمع فيه الآيات المتشابهات قوله في حالة العالم قبل البعثة النبوية (كان جو العالم في حوالي ميلاد محمد (ص) في القرن السادس الميلادي متلبداً بغيوم الاضطربات والفتن فكان شعب الوزير يغو آلاريون في اسبانيا وفرنسا الجنوبية يصادقون الملك كلوفيس وأولاده الكاثوليكيين فكانوا من أجل ذلك يطلبون مساعدة امبرطور مملكة الرومأن الشرقية المدعو جوتسنيانس ثم اضطروا إلى الدخول معه في حروب جديدة تخلصاًمن سلطة القواد الذين جاؤوهم تلك المساعة فقد كانوا يزعمون أن لهم حق الفاتحين لا ولاء المحامين
اما في فرنسا نفسها فكان أولاد كلوفيس هذا متغادرين متقاتلين وكأنت الحروب التي شبت نيرانها بين الملكة الوزيغوتية برونهو والملكة الفرنكية فيريد يجوند تهيء للتاريخ أشد الصحائف أثارة للاسى والكمد. وكان الانجلو في إنكلترا ينازعون السكسونين الأرض التي احتلوها واستعبدوا فيها ذرية كيمريس وهم اقدم المغيرين على تلك الجزيرة التي تتطلع اليوم للوقوف في مقدمة الأمم علماً وصناعة وقوة وهي التي كانت في ذلك الوقت مجالاً للقوة الوحشية السائدة في تلك الغياهب الحالكة.
(اما في إيطاليا فكان اسم الرومان وهو ذلك الاسم الشامخ قد فقد موقعه القديم وكانت رومية وهي الشظية الأخيرة او رأس ذلك التمثال الكبير المتهشم (يعني مملكة الرومان) في حالة تمللها من استحالة أمرها إلى مركز ديني بسيط ترتج وتضطرب كلما الم بها طائف من ذكرى عظمتها القديمة أيام كانت مركزأً دينياً أصلياً فكانت تهيء نفسها لان تكون مركز البابوية وهي تلك السلطة الزمنية كما اقتضت سياسة شارلمان أن يجعلها كذلك بعد قرنين من الزمان ولكنها مع ذلك لم يسعها حمل نير الهيروليين والاستروغوتيين وامبراطورية المملكة الرومانية واللومبارديين الذين تدأولوا السلطة عليها تدأولاً.
(اما مملكة اليونأن التي كانت قد نسيت مجدها القديم فكانت تابعة لمملكة الرومأن الشرقية مثلها منها كمثل الزينة ذات الضوضاء. وكان شرق أوروبا مقلقاً جنوبها من أول مصب نهر الرون من جهة الغرب إلى مصب نهر الطونة (الدانوب) من جهة الشرق فكان الأسكندينافيون والنروجيون والدانيماركيون يتزاحمون في الطريق الذي كان سلكه الغوط والهونيون الذين احتلوا تراسيا ومكدونية ولمبارديا وإيطاليا بالقوة او بالخديعة. في ذلك الوقت بدأ ظهور الاتراك من اعماق آسيا الصغرى وهي تلك الأمة التي قصرت فيما بعد مملكة اليونان على اسوار القسطنطينية.
(التصوير البديع الذي جادت به قريحة المسيورينأن لبيان مركز الأمبراطورية الرومانية في القرن الأول من التاريخ المسيحي لا علاقة له البته بالتصوير الممكن عمله لتجلية حال أوروبا في القرن السادس: تلك كانت مفاسد قيصيرية مختمرة اما هذه الوحشية حربية تلعب بالارواح وتتمرغ في الاوحال.
(اما آسيا فلم تكن اهدأ بالاًً من أوروبا في شيء: فمملكة التبت والهند التي اقتبست منها الأمم السائدة في أوروبا الآن قرائحها وأفكارها العامة ولغاتها. والصين التي بعد مسألتها اغرب المسائل السياسة والفلسفية وبالجملة اغرب المسائل الاجتماعية كانت كلها ممزقة الاحشاء بالحروب الداخلية والخارجية المتضاعفة بالمنازعات الدينية.
(أما السفح الشمالي من الهضبة الآسياوية العالية التي هي في حوزة روسيا الأن فكانت غير معروفة على الاطلاق واما مملكة الفرس التي كانت أحوالها مرتبطة بأحوال الغرب خصوصاً من لدن حملة الأسكندر المقدوني فكانت مشتبكة في حرب مع اليونأن الرومانيون في القسطنطينية الذين كانوا أصحاب السلطة على آسيا الغربية. واما في أفريقيا فكان هؤلاء اليونأن الرومانيون انفسهم وهم اخلاط من عساكر وتجار وحكام مجموعين من آفاق مختلفة - دائبين امتصاص دم القطر المصري وعاملين على جعل مصر العلمية ذات المجد القديم كالجثة المصبرة لا حركة فيها ولا حس وكان هذا شأنهم في الاقاليم الخصبة يومئذ في الجهات الشمالية من أفريقيا التي انتزعوها من ايدي الفنداليين.
كتاب الحيوان
لا مجال هنا للكلام على هذا الكتاب الجليل الذي احياه بالطبع محمد أفندي الساسي المغربي كما احيا كثيراً من كتب مؤلفه الجاحظ والمدونة للأمام مالك وغير ذلك بعد أن تكلمنا في المجد الأول في فضل الجاحظ ومزية كتبه بما لا نرى الأن في اعادته كبير أمر أما الأن فنزف البشري إلى عشاق العلم والأدب أن قد تم الجزء الخامس والسادس والسابع من كتاب الحيوان وبه تم هذا السفر البديع الذي لم ينسج كاتب على منواله ولا سمحت قريحة بمثاله فتمت بذلك فائدة جعبة علم وأدب بل خزانة كلها منافع حيثما قلبت طرفك منها تسقط على ما تقر به عينك وتشرح به صدرك وتحلي به عقلك وها نحن أولاء ننقل هنا للتسلية فائدة تأخذها بالعرض من ألوف الفوائد في اسماء لعب الاعراب قال الجاحظ: النقيرا وعظيم وضاح والخطوة والدارة والشحمة ولعبة الضب فالنقيرا أن يجمع يديه على التراب في الأرض إلى اسفله ثم يقول لصاحبه اشته في نفسك فيصيب ويخطئ. وعظيم وضاح أن تأخذ بالليل عظماً أبيض ثم يرمي به واحد من الفريقين فإن وجده واحد من الفريقين ركب أصحابه الفريق الآخر من الموضع الذي يجدونه فيه إلى الموضع الذي رموا به. والخطوة أن يعلموا مخراقاَ ثم يرمي واحد منهم من خلفه إلى الفريق الآخر فإن عجزوا عن أخذه رموا به إليهم فإن أخذوه ركبوهم.
والدارة هي التي يقال لها الخراج. والشحمة أن يمضي واحد من أحد الفريقين بغلام فيتنحون ناحية ثم يقلبون ويستقبلهم الآخرون فإن منعوا الغلام حتى يصيروا إلى الموضع الآخر فقد غلبوهم عليه ويدفع الغلام إليهم وإن هم لم يمنعوه ركبوهم وهذا يكون كله في الليالي الصيف عن غب ربيع مخصب. ولعبة الضب أن يصوروا الضب في الأرض ثم يحول واحد من الفريقين وجهه ثم يضع بعضهم يده على شيئ من الضب فيقول الذي يحول وجهه انف الضب او عين الضب او ذيب الضب او كذا وكذا من الض على الولاء فإن أخطأ ما وضع عليه يده ركب وركب أصحابه وإن أصاب حول وجهه الذي كان وضع يده على الضب ثم يصير هوالسائل.
تقرير اللورد كرومر
صدرت الترجمة العربية من تقرير معتمد إنكلترا في هذا القطر سابقاً عن الحالة المالية والادارة والحالة العامة في مصر وفي السودأن سنة 1906 مترجماً في ادارة المقطم ومطبوعاً في مطبعته وهذا آخر تقرير اللورد كرومر ضمنه حقائق كثيرة عن مصر والسودان وتكلم فيه كلام السياسي والاجتماعي الذي يخدم امته باللذات وغيرها بالعرض وجاء في 248 من قطع الثمن وبحرف كهذا الحرف. وقد سبق لنا نشر شيء منه عن حالة المعارف عند صدور النسخة الإفرنسية منذ بضعة أشهر وتقارير العميد السالف من خير الكتب الاجتماعيةى والاقتصادية في حياة مصر فهي حرية بأن لا تخلو منها مكتبة.
نخب لغوركي
سليم أفندي قبعين ممن اتقنوا اللغة الروسية وترجم بعض كتب لمشاهير كتابها منها كتاب حقوق المرأة في الإسلام وانجيل تولستوي ومذهب تولستوي وقد ترجم مقالات لمكسيم غوركي الكاتب الشاعر الاشتراكي الذي كان له أثر مهم في نهضة روسيا الأخيرة فاستفدنا منه الوقوف على اسلوب هذا الكاتب الذي رفعت امته قدره ورفع هو قدرها ومن لنا بعشرة ينقلون للعربية من الروسية والألمانية والايطالية ما يغنيها فإن من أعظم النقض في النهضة العلمية المصرية الحديثة أن لا يكون فيها تراجمه ينقلون الينا ما تمس إليه الحاجة من آداب تلك الأمم وأخلاقها وأثار عملهم لان ما يترامى الينا عن طريق الفرنسيس والإنكليز لا يساوي ما نأخذه عن تلك الأمم نفسها
تهذيب الشبيبة السورية
أخذنا التقرير السنوي الرابع لهذه الجمعية النبيلة المقصد وفيه خلاصة أعمالها من أول تموز سنة 1906 إلى مثله سنة 1907 فكان مجموع دخلها 19753 قرشاً ومجموع ما أنفقته 8035 قرشاً أنفقته على شبأن لا يستطيعون أن يتعملوا لضيق ذات يدهم وما زالت تنفق على بعض نابغة الذكاء. والقائمون بهذا العمل فئة من افاضل المتخرجين من المدرسة الكلية الأميركية جزأهم الله خيراً.
حديث البلبل هي محاورة أدبية خيالية وكلمات وعظية لمحمود أفندي رمزي وقعت في 48 صفحة صغيرة.
الأبيض والاسود
هي إحدى روايات فيكتور هوغو عربها لمسأمرات الشعب نقولا أفندي رزق الله بسلاسة تعريبة ونقله فنشرتها تتمة لسنتها الثالثة وقد اعلنت ادارة هذه المجلة القصصية الفريدة في بابها بانها ستصدر في سنتها الرابعة في 244 صفحة صغيرة مرتين في الشهر أي في 2880 صفحة في السنة وقد حسنت ورقها وطبعها وزادت قيمة اشتراكها إلى خمسين قرشا وهي همة تذكر لصاحبها خليل بك صادق الذي عرف ذوق الجمهور وخدمة بهذه الروايات الأدبية وقد صدر المعرب روايته بثلاث قصائد في وصف هوغو الأولى لاحمد بك شوقي والثانية لحافظ إبرأهيموالثالثة من نظمه وقد جاء في الأولى
ثأر الملوك وظل عند ابائه ... يرجو ويؤمل عفوه المئثور
واعار (وترلو) جلال يراعه ... فجلال ذاك السيف عنه قصير
يا ايها البحر الذي غمر الثرى ... ومن الثرى حفر له وقبور
أنت الحقيقة إن تحجب شخصها ... فلها على مرالزمان ظهور
أرفع حداد العالمين وعد لهم ... كيما يعيد بائس وفقير
وانظر إلى البؤساء نظرة راحم ... قد كأن يسعد جمعهم ويجير
الحال باقية كما صورتها ... من عهد آدم ما بها تغيير
البؤس والنعمى على حإليهما ... والحظ يعدل تارة ويجور
ومن القوي على الضعيف سيطر ... ومن الغني على الفقير أمير
والنفس عاكفة على شهواتها ... تأوي إلى احقادها وتثور
والعيش آمال تجد ونتقضي ... والموت اصدق والحياة غرور
ومما جاء في الثانية
عاف في منفاه أن يدنوبه ... عفو ذاك العأهل المغتصب
بشروه بالتداني ونسوا ... انه ذاك العصامي الأبي
كتب المنفي سطراًً للذي ... جاءه بالعفو فاقرأ واعجب ابريء عنه يعفو مذنب ... كيف تسدي العفو كف المذنب
جاء والأحلام في اصفادها ... مالها في سجنها من مذهب
طبع الظلم على اقفالها ... بلظاه خاتماً من ذهب
وانبرى يصدع من اغلالها ... باليراع الحر لا بالقضب
هاله أن لايراها مرة ... تمتطي في البحث متن الكوكب
ساءه أن لا يرى في قومه ... سيرة الإسلام في عهد النبي
قلت عن نفسك قولاً حكيماً ... لم تشبه شائبات الكذب
انا كالنجم تبر وثرى ... فاطرحوا تبري وصونوا ذهبي
وجاء في الثالثة
الا هل أتى اقوامنا أن دولة ... تدول إذا ما شاعر قام منشدا
اغار على رب السرير بشعره ... وضعضع ملكاً ظنه الناس سرمدا
وكانت قوافيه جيوشاً تزودت ... حياة وموتاً للاحبة والعدى
تولى بريد الدهرللناس نقلها ... وأنشدها في الخافقين مرددا
ولم يبق في ارض الفرنسيس غير من ... يقر له بالفضل او يحفظ اليدا
فعاد إلى اوطانه غير ناقم ... على غربة أولته ذكراً مؤبدا
وإعلاء اقدار الرجال وخفضها ... اضل واشقى الشرق والغرب اسعدا
الانتقام
قصة بقلم ناصيف أفندي نقولاوس والغالب انها مترجمة وأن لم يذكر صاحبها ذلك وهي في 192 صفحة متوسطة وتطلب من مكتبة الهلال ومكتبة الشعب.