الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 20/الكنى والألقاب

مجلة المقتبس/العدد 20/الكنى والألقاب

بتاريخ: 15 - 9 - 1907


رأيت بحثاً في الكنى والألقاب لأحد قراء المقتبس ذكر فيه القاعدة المصطلح عليها في الكنى كقولهم أبو اسحق لمن أسمه إبرأهيموأبو إبرأهيملمن اسمه إسماعيل وأبو داود لمن اسمه سليمان وأبو محمد لمن اسمه عبد الله وأبو العباس لمن اسمه أحمد وهلم جرا وذكر أيضاً شغف العرب بالكنى وضعها إياها للطير والوحش بل للجماد والمعاني مثل قولهم أبو الحصين للثعلب وأبو الطاهر للبرغوث وأبو صابر للحمار وقولهم من باب المعاني للهرم أبو مالك وللفقر أبو عمرة إلى ما أخر ما ورد في ذلك البحث.

ولما كان يحمل بالبحث الجميل أن يحيط بأطراف الموضوع بحيث لا يترك منه شاردة ولا تهمل فيه فائدة فقد قصدت أن أضم إليه اصطلاح أهالي جبل لبنان بل وأكثر البلاد التي تجاوره في أمر الكنى فإنه قد يختلف عن الاصطلاح الأول فإنهم يقولون هكذا: أبو ملحم لمن اسمه إبرأهيموقد يقولون له أبو خليل وأبو داود لمن اسمه ملحم وأبو سليمأن لمن اسمه داود وأبو علي لمن اسمه سليمان وقد يقال أبو محمد وأبو شاهين لمن اسمه محمد وقد يقال أبو سليمان ويقال أبو قاسم وأبو علم الدين لمن اسمه قاسم وأبو حسين لمن اسمه علي ويقال أيضاً أبو خطار وأبو نجم لمن اسمه خطار وأبو نجم لمن اسمه خطار وأبو أحمد لمن اسمه شاهين وأبو محمد لمن اسمه إسماعيل وأبو يوسف لمن اسمه أمين وأبو علي لمن اسمه أحمد وأبو عباس لمن اسمه حسين هذا أشهر كناة وقد يقال أبو قاسم لمن اسمه مصطفى وأبو مرعي لمن اسمه حسن وأبو حسن لمن اسمه عبد الله ويقال أيضاً أبو زين الدين وأبو حسين لمن اسمه يوسف ولمن اسمه محمود أيضاً وأما الأسماء المضافة إلى الدين مثل نصر الدين وزين الدين وبدر الدين فأكثرها أبو محمد ومنها يكنى بأبي يوسف مثل عز الدين وعلم الدين وبأبي داود مثل حسام الدين. ويقولون أيضاً أبو ناصيف الياس وأبو عساف جرجس وأبو شبل ناصيف وأبو قبلان أسعد وأبو منصور وغير ذلك.

ومن كنأهم للوحش أبو فارس للنمر. ومن الكنى الجمادية ما ينسب إلى قرية عين دارة وهو قولهم أبو حسن طقطق وللتين المطبوخ بالدبس وأبو نجم الدين محني ذقنه. وللإبريق أبو يوسف علم الدين ولذلك قالوا إذا حضر أبو نجم الدين محني ذقنه قام يرقص أبو يوسف علم الدين أي إذا حضر التين المطبوخ بالدبس فلا بد من دورأن الإبريق للشرب وهذا يحاكي اصطلاح القدماء الذي ذكره كاتب بحث الكنى والألقاب من جهة تكنية الجوامد.

ومما أهمله مكاتبكم من الكنى الحيوانية أبو حجأدب للحرباء وأبو الحسل وأبو السيل للضب وأبو عسلة وأبو مذقة للذئب وأبو سليمأن لضرب من الجعلان وأبو الأبد للنسر وأبو روح للهدهد وأبو الأخذ للباشق وأبو الأخطل للبرذون وأبو الأشعب للبازي وأبو الأشيم وأبو حسأن للعقاب وأبو ثقل للضبع وأبو جاعرة للغداف من الغربان وأبو حكيم للذئاب ومثله أبو جعفر وأبو برائل للديك وأبو زيد للعقعق وأبو الجراح وأبو حذر للغراب ومثلهما أبو زاجر وأبو جهينة للدب وأبو الجيش للشاهين وأبو حاتم للكلب ومثله أبو خالد أبو دغفل للفيل وأبو الحسن للطاووس وأبو الحسين للغزال وأبو رأشد للقرد وأبو زرعه للخنزير وأبو العرمض للجاموس وأبو عكرمة للحمام وأبو النعيم للكركي وأبو يعقوب للعصفور وأبو زفير للإوز وأبو زياد للحمار مثل أبو صابر وأبو طالب الفرس مثل أبو شجاع وغير ذلك.

ومن المعاني أبو مالك للسغب وأبو دراس وأبو جابر للخبز ويقال له أيضاً تسمية بدون تكنية جابر بن حبة وأبو عاصم للسويق وأبو الأبيض للبن وكما كثرت أسماء الأسد فقد كثرت كناه فيقال له عدا أبا الحارث أبو الأبطال وأبو الأخياش وأبو شبل وأبو الوليد وأبو ليث وأبو العباس وأبو النحس وأبو رزاح وأبو حفص وأبو الوليد وأبو الهيصم وأبو محراب وأبو التأمور وأبو الحذر وأبو محطم وللنمر جملة كنى منها أبو خلعة وأبو الخطاب وأبو جهل وأبو رقاش وأبو الأسود وأبو الأبرد.

ولا ندخل الأن الأمهات والأبناء والبنات والأخوة والأخوات والأذواء والذوات فإنه يطول بذلك الشرح وإنما نقول على وجه الإجمال أن اتساع هذا الباب في اللغة العربية هو من جملة الدلائل على ثروة اللغة وفخامتها وبلاغة عباراتها وأن الكنى خصوصاً ما أطلق على الجمادات والمجردات مما يدل على شدة تخيل الناطقين بها وإنزالهم الصامت منزلة الناطق وتجسيمهم المجرد إلى حد أن يتمثل ولا يخفى أن أبلغ البلاغة هو ما قوى لك الخيال ومثل لك صورة المعنى حتى كانك تراها بالعين وتلمسها بالكف فالبليغ إذا أجزل خيل لك المعنى جسماً وإذا أراد الرقة هلهل لديك المادة حتى حسبتها هباء أو ظننتها وهماً وأن إطلاق الكنى في الجوامد والمعاني وإجراءها مجرى ما به الحياة لما يجسم المعاني ويحرك الجوامد عند من كان يشعر بالبلاغة.