مجلة المقتبس/العدد 13/سير العلم
→ مطبوعات ومخطوطات | مجلة المقتبس - العدد 13 سير العلم [[مؤلف:|]] |
نفاضة الجراب ← |
بتاريخ: 15 - 2 - 1907 |
لغة الاسبرانتو
انتشرت هذه اللغة التي ألفها الدكتور زامنهوف الروسي انتشاراً عظيماً في العهد الأخير وأقبل الأوروبيون على تعلمها لسهولة مأخذها وسينعقد مؤتمرها هذه السنة في كامبردج فتقيم له كلية هذه المدينة احتفالاً بديعاً وقد أنشئت جمعية من علماء الحقوق ممن تعلموا اللغة الجديدة. وممن ينتصر لهذه اللغة وتلقنها ملكة إسبانيا وملكة نروج التي تعلم هذه اللغة للبرنس أولاف الصغير. والمظنون أن الدكتور زامنهوف سينال في العام المقبل جائزة نوبل جزاء خدمته الإنسانية بهذا الاختراع المفيد للأمم.
أكل الأثمار
ألف المسيو جبرائيل فيو الفرنسوي كتاباً دعاه لنغرس الأشجار ولنأكل الأثمار ومما جاء فيه أن مئتين أو ثلثمائة متر مربع تنبت البقول اللازمة لأسرة فيبلغ متوسط غلة الهكتار (عشرة آلاف متر مربع) من الهليون والخرشف (أرضي شوكي) 1200 فرنك ومن الملفوف 1000 فرنك ومن الجزر 700 فرنك ومن البطاطا 500 فرنك ومن السلجم (اللفت) 400 فرنك ومن الحنطة 380 فرنكاً. وإذا توفر العامل على زراعة حديقته خضراً وبقولاً تكون لأسرته مورد رفاهية ويسار وتنبه فيه الرغبة في الاقتصاد وتجود بذلك صحته. قال إذا غرست مئة شجرة مثمرة في هكتار من الأرض تغل أكثر من الحنطة والبطاطا والشمندر بمعنى أنه يأتي بمورد لا يقل معدله عن ألف فرنك. وأوصى بغرس الأشجار المثمرة وجعل عشرة أو خمسة عشرة متراً بين كل شجرة حتى لا يكون اشتباكها والتصاقها داعياً إلى عدم الانتفاع من غلة الأرض فتزرع أنواع المحاصيل والغلات. ثم استطرد المؤلف ونصح للناس أن يغتذوا بالأثمار خاصةً قائلاً إن الأمراض الشائعة في عصرنا هي مسببة من الإفراط في تناول اللحوم ومما في عضلاتها من الزلال على حين أن قضم الأثمار يفيد الصحة أكثر من ذلك. وقال إن ضعف المجموع العصبي (نوراستينيا) يشفى بتناول الأثمار وعدد أمراضاً ينتفع المصابون بها من تناول الفاكهة وأتى بأدلة مقنعة وبراهين علمية لتأييد مدعاه.
البنايات العائمة وفّق أحد مهندسي كاليفورنيا إلى اكتشاف طريقة لإقامة منائر في البحر وحصون وبنايات في مداخل المرافئ في عرض البحر تطفو على الماء وكل ما يبنى بحسب إشارته من هذه المباني يقاوم فعل جميع التقلبات التي تحدث على وجه الماء في البحر المحيط. والظاهر لأول نظر أن ما ادعاه المهندس المشار إليه يعد من المستحيل بلوغه ويناقض ما جرى عليه العمل في إقامة الأبراج والمنائر والبنية في وسط البحر حتى الآن. فإنه توصل إلى إقامة هذه الأبنية في عمق من المياه لا يتحرك باهتزاز سطح الماء والأساس إذا كان بعيداً عن الماء الذي يهتز بالأمواج دام أكثر وقاوم فعل المياه. وهذا الاختراع سيفيد التجارة البحرية والدفاع عن الموانئ والشواطئ فائدة كلية. فإن قليلاً من الموانئ يتمكن فيها البناؤون من وضع الأوتاد التي تغرز ليقام البناء عليها في الماء وبهذا الاختراع يمكن بناء أرصفة عائمة فتفرغ عليها السفن شحنها بدون عائق وهذه الأرصفة تعلو وتسفل بحسب حالة المد والجزر في البحر. وبهذا الاختراع يمكن تشييد منائر في الماء الكثير التلاطم الذي لم يكن يتيسر من قبل أن يبنى فيه كما تشيد أمكان بعيدة عن الساحل لتأمن السفن من أخطار الشواطئ.
الملبس المسموم
ثبت أن في بعض الحلويات سماً يضر بعض الضرر أحياناً ونسب ذلك بعض الباحثين إلى ما يحشى به من الزبدة والبيض ثم قرّ الرأي أن في البيض سماً زعافاً أحياناً لفساده وإن كان جديداً وأن أحسن واسطة في اتقاء خطر البيض أن ينظر الطاهي أو ربة البيت إليه عند وضعه في الحلويات وغيرها ليرى فيما إذا كان سليماً أو فاسداً.
تعقيم اللبن
بحث كثير من علماء الكيمياء والحياة بألمانيا في الأيام الأخيرة فيما إذا كان اللبن (الحليب) المغلي أنفع من غير المغلي وبعد المرادّات الطويلة تبين أن اللبن المغلي للأطفال أنفع ولكنه إذا أغلي كثيراً تفقد خاصية من خواصه الكيماوية والحيوية. وبحث علماء من الأمريكان في تعقيم اللبن بدون واسطة الحرارة فرأى أن يضاف إليه كمية قليلة من محلول ممزوج بأكبر مقدار من الأوكسجين ومادة أخرى لا تغير لونه ولا طعمه أصلها من مادة حيوانية. وبالجملة فإن المسألة ما برحت موضوعة على بساط البحث بين العلماء هذا يقول بغلي اللبن وذاك يرى تناوله بارداً وغيره يرى أن يعدل عن تعقيمه بمزجه ببعض المواد كما تقدم.
نبات ضار
إذا لم يكن في النباتات مادة سامة لا تضر في العادة إذا لم يكن فيها نفع. ولبعض النباتات خاصية الضرر كالنبات الذي يكثر في أمريكا الجنوبية فيأتي بأضرار بليغة للحيوان والإنسان وهو من جنس الستيبا فتجد في غلاف الزهرة الأسفل من مجموع ما تتألف منه سنابله زُغْبُراً فيه حرير يتلوى على نفسه فإذا ثارت الريح تحمل براعم هذا النبات فتعلق بشعر الإنسان ولحيته وتتلوى فتدخل الجلد فإذا حاول المرء قلها تنكسر وتزيد في الانغراز. ويمكن الإنسان أن يتخلص منها أما الحيوان فإنه إذا أصابت عينه تقلعها فتعميها فلا يتيسر له أن يتناول غذاءه فإذا كانت تلك الحيوانات وحدها مطلقة يكون قلع عينيها سبباً في هلاكها وعدم قدرتها على الاقتيات ثم أن براعم هذا النبات تلصق في جلد الخرفان فتحدث فيها تقرصاً مؤلماً كما تدخل في فم الحيوان آكلة النبات وتجعلها كمغرز الإبر. وقد حاول العلماء إيجاد واسطة لاتقاء هذه الآفة فلم يفلحوا والستيبا ما زال يكثر.
الفلسفة الحديثة
ألف أحد علماء الألمان كتاباً في تاريخ الفلسفة الحديثة وهو يترجم الآن إلى أكثر اللغات الأوروبية شأن كل كتاب نافع يصدر بإحدى لغاتها فلا يلبث أن يترجم في الشهر الذي يصدر فيه وربما صدرت الترجمة والأصل في ساعة واحدة من المطبقة. وقد أتى بالبراهين السديدة عند كلامه عن فلاسفة القرن التاسع عشر فانتقد كانت واضع الفلسفة الحديثة أحسن انتقاد ثم أنحى على الفيلسوفين فيختي وهيكل الألمانيين وسماهما بخارقي قوانين الفلسفة وأصولها وأضاف إليهما الفلاسفة شيلرماشير، وشوبنهارو، وهربارت، من الفلاسفة الألمان لأنه لا نظام في آرائهم وهم يتكلمون كلام المغتاظ الحانق وقال إن الفلسفة الحسية تبدأ من أغست كونت الفرنسوي كما تبدأ الفلسفة الإنكليزية من ستوارت ميل ودارومير وسبنسر فإن هؤلاء أتوا الغرب بأفكار وعواطف يسير عليها اليوم ويعيش في ظلها.
الحلقة المفقودة اكتشفت سنة 1891 في ترنييل من أعمال جاوة بعض عظام تحت التراب تشبه عظام القرد (جيبون) والإنسان واستبشر العلماء عندئذ بأنهم كادوا يظفرون بالحلقة المفقودة بين الإنسان والقرد كما هو مذهب كبار علماء الطبيعة أمثال داروين ووالاس وهاكل وغيرهم ثم أجلى البحث عن لا شيء. وقد فرح العلماء الآن بما وفق إلى اكتشافه الأستاذ كلاتش أثناء بحثه في شمالي أستراليا من اكتشاف ينفع علم الإنسان (انتروبولوجيا). فقد أذاع أنه صادف في بور داروين على الشاطئ في بقة قلما ينزل إليها السائحون ولم يدخلها التمدن الحاضر - امرأة تعيش في البلاد على حالة التوحش من الفطرة الأصلية وتشبه بأوصافها القرود التي تشبه الإنسان (انتروبوييد) ورجلاها مثل أرجل الزنوج تتسلق بهما الأشجار بمثل السرعة التي تتسلق بها القرود. وهذه أول مرة شوهد فيها مخلوق بشري على هذه الصفة. ويزعم الأستاذ المشار إليه أن هذه المرأة مرتقية من القردة وإن أجدادها كانوا قروداً ولا شك. فإذا ثبت له ما زعم فيكون الدروينيون عثروا على الحلقة المفقودة التي ينشدونها منذ أزمان.
لتلفون في السكك الحديدية - أخذ في استعمال الأدوات التلفونية في قطارات الخطوط الحديدية الرئيسة في الولايات المتحدة فتتأتى المخابرة بعد الآن بين المركبات والقاطرة على اختلاف أنواعها كما تتيسر مخاطبة المحطات وتنفع هذه التلفونات في اتقاء الأخطار التي تعرض للقطاعات في طريقها. وتستعمل أسلاك هذه التلفونات في إرسال الرسائل البرقية ولا يحدث من ذلك التباس.
الالكحول من الشجر
اكتشف أستراليا الغربية ضرب جديد من الالكول يأتي من شجر غض كبير تحتوي أليافه على خمسة في العشرة من الالكحول وكان هذا الشجر معروفاً منذ القديم بين النازحين إلى تلك القارة والمبعدين إليها فقد كانوا يستخرجون منه سائلاً يقوم مقام الجعة (البيرة).
السكسكون واللاتين
ألف أحد علماء الاجتماع في إيطاليا كتاباً في العنصرين الإنكليزي السكسوني واللاتيني أبان فيه أهم أسباب ارتقاء الشعوب وبحث بحثاً مدققاً مؤيداً بالحجة في أسباب سر تقدم الأمم وانحطاطها وهو يرى أنه ليس هناك عناصر بل أمم يؤيد ذلك لا من طريق علم الاجتماع بل من طريق علم الإنسان وقال أنه ليس في العالم الآن أمم مكوّنة من جنس واحد بل هي نتيجة الامتزاج الحقيق وأخلاط من عناصر مختلفة. فما أن الجنس أو العنصر يشتهر وينتظم بما له من الصفات التشريحية المعروفة فيه فكذلك تعرف الأمة بجماع الأخلاق النفسية والمظاهر الاجتماعية. وما سر تقدم أمة إلا آتٍ من أحوال اقتصادية وغيرها تطرأ عليها فتنهضها إلى أعلى عليين أو تسقطها إلى أسفل سافلين. فلو حازت أمة تقدماً على غيرها كما يتوهمه بعض علماء الاجتماع لما رأيناها إلا باقية أبداً في أعلى قمم المجد. بيد أن التاريخ لم يذكر بأن أمة حالفها النصر والنجاح والتقدم في جميع أدوار حياتها السياسية والاقتصادية. وبينا كل ديمولين صاحب سر تقدم الإنكليز السكسونيين ينشر كتابه كان العاقل يلاحظ أن الأمة الإنكليزية التي تمجد بها وأذل أمته لرفعة شأنها قط ظهرت فيها بعض أغراض الضعف. وعلى هذا فإن من الأزمان ما يواتي أمة أن ترقى رقياً عاماً في مهد الحضارة إذ تكون فيها القوى التي تلائم ذلك الرقي. ولذا ترى في الأمم علواً وانخفاضاً وسقوطاً وارتفاعاً.
وأغرب ما في هذا الكتاب فصل قارن فيه المؤلف بين ارتقاء ألمانيا وارتقاء إيطاليا وهما الأمتان اللتان نالت كل منهما وحدتها في زمن متقارب فإنه رأى أن الناس يبالغون بما بلغته ألمانيا في سلم الارتقاء الاقتصادي وأنها تفوق إيطاليا بمراحل في هذا السبيل فقال إن في ألمانيا 57 مليون ساكن وثروتها نحو 150 ملياراً من الفرنكات أما إيطاليا فثروتها 65 ملياراً وسكانها 32 مليوناً فمعدل ثروة الفرد في ألمانيا 2622 فرنكاً وفي إيطاليا 2003 فرنكات أما من حيث عظمة إيطاليا في الأمور العلمية فإن كل من ينظر إليها نظر المجرد عن الغرض ير فيما يشاهده من أعمالها العلمية والأدبية بأنها آخذة في المسير نحو دور جديد من العظمة والمجد.