مجلة المقتبس/العدد 11/إمارة الأفغان
→ جوائز نوبل | مجلة المقتبس - العدد 11 إمارة الأفغان [[مؤلف:|]] |
صحف منسية ← |
بتاريخ: 16 - 12 - 1906 |
نشر الدكتور هاميلتون طبيب أمير الأفغان سابقاً مقالة في مجلة المجلات الإنكليزية وصف فيها حال هذه الإمارة قال فيها: مركز أفغانستان خطير من حيث علاقتها بالهند فهي في أواسط آسيا واقعة بين أملاك إنكلترا وروسيا يحدها من الشمال نهر الأكسوس وتركستان الروسية ومن الجنوب بلاد الهند ومن الغرب إيران ومن الشرق جبال البامير مستقلة في شؤونها استقلالاً تاماً وهي خمس أميالات كبرى كابل وهرات وقندهار وأفغان تركستان وبادكشان ومقاطعتان وهما كفرستان وآخان وتبلغ مساحتها السطحية ثلاثمائة ألف ميل مربع وسكانها زهاء ستة ملايين نسمة ويختلف دخل حكومتها من مليون جنيه إلى مليونين. وجيشها أيام السلم مائة وخمسون ألفاً.
ولما شاع سنة 1809 أن نابليون الأول والإمبراطور إسكندر الأول أزمعا أن يهاجما الهند بادرت إنكلترا إلى إنفاذ سفير إلى حاكم كابل فعقد محالفة مع حاكمها شان شوجاء ولما دفعت روسيا حكومة إيران سنة 1836 إلى الاستيلاء على هرات رأت بريطانيا أن الحكمة تقضي بتجديد المحالفة مع حاكم الأفغان وكان إذ ذاك دوست محمد في دست الإمارة وذلك لتكون الأفغان حاجزاً في الشمال الغربي من الهند يحول دون المطامع الروسية وإذ كان نفوذ روسيا يزداد استحكاماً في كابل انفصمت عرى تلك المحالفة فسيرت إنكلترا حملة على كابل سنة 1838 لتقليص ظل روسيا من تلك الحاضرة ودامت الحرب الأفغانية الأولى من هذه السنة إلى سنة 1842 واحتلت كابل وقندهار وأعاد الإنكليز إلى سرير الإمارة شاه شوجاء ثم خلعوه ونصبوا دوست محمد وبعد ذلك انجلى الجيش الإنكليزي.
وفي سنة 1855 عقدت محالفة بين بريطانيا وأفغانستان وفرضت الأولى للثانية مليون روبية إتاوة سنوية وأن تقيم لها سفيراً في كابل. وتوفي دوست محمد سنة 1863 فحدث بين أخلافه فتن أهلية على الإمارة دامت خمس سنين ثم تمت الغلبة لشير علي فبعث إنكلترا إليه بالذخائر الحربية ولما طلب إليها أن تعترف لأبنه عبد الله بولاية العهد أبت عليه ذلك فنادى به خليفته من بعده على الرغم منها واذرأت إنكلترا جفاء منه احتلت كويتا سنة 1876 فلم يسعه إلا أن يلجأ إلى روسيا وبقي معاهدها ومشاكساً لإنكلترا.
فسيرت عليه هذه حملة ثانية احتلت قندهار وهرب شير علي وقضى نحبه عقيب ذلك وتولى بعده يعقوب خان الإمارة أربعة أشهر فحدثت الحرب الأفغانية الثالثة سنة 1879.
وانتخب أمراء القبائل الأمير عبد الرحمن سنة 1880 حاكماً لأفغان واشتغل لأول أمره بإطفاء الفتن الداخلية ثلاث سنين. ولما تفرغ لتنظيم الجيش أمدته إنكلترا بستين ألف جنيه لتعزيز الحدود من جهة روسيا وبعشرين ألف بندقية من الطراز الحديث وبكثير من المدافع والذخائر فتعهد لها بأن يكون أبداً وقفاً على كل خدمة تطلبها إليه.
ثم أخذ ينظم الجيش على الطريقة الجديدة فزادت إنكلترا أتاوته إلى نحو مائة ألف جنيه فأنشأ المعامل ودور الصناعة وأخذ يصنع العدد ويحشد العدد وكان ينوي أن يجيش حين الحاجة مليون جندي. والتفت إلى الإدارة فنظمها ومع أنه وضع القوانين الإدارية وعمل بها لم يدخل تعديلاً في قانون الجنايات ولم يبطل الفظائع التي يعامل بها الجناة وغيرهم من مثل وضع الجاني في فوهة المدفع وإطلاقه عليه ووضع اللصوص أو غيرهم في مكان عال منعزل عن الناس حتى يموتوا صبراً كما فعل الأمير عبد الرحمن بأحد الموظفين لما قال أن روسيا ستزحف على أفغانستان فأنفذه الأمير إلى جبل شاهق قائلاً ستمكث هناك ريثما يزحف الروس.
وكاد يخشى من تكدير صفو العلائق بين الأمير عبد الرحمن وحكومة إنكلترا لو لم يعالجه الموت فخلفه ابنه حبيب الله وكان تمرن في زمن والده على تولي الشؤون وحافظ على تقاليد أبيه ومنازعه السياسية مع الهند والاحتفاظ باستقلاله فارتأت أن تدفع إليه حكومة الهند المتأخر من الإتاوة وهي أربعمائة ألف جنيه وأن تهيئ له السبل لاستجلاب السلاح من الخارج ولإنكلترا مطالب تريد الآن نيلها من الأمير مثل إنشاء خطوط حديدية وأسلاك برقية تربط عاصمة الإمارة الأفغانية ببلاد الهند. أما الأمير الحالي فلا يماثل والده في الذكاء ونفوذ البصيرة ومن أخلاقه أنه رأى ذات يوم عقرباً في حذائه فأمر حافظ ثيابه أن يلبسه لأنه ضيق ليتسع فلبسه فلدغته العقرب فعاقبه بذلك على إهماله.
ومن الإصلاحات التي أتاها الأمير الحالي إلغاء بعض الضرائب وتحسين طريقة الجباية وقد أذن للتجار أن يقترضوا من الحكومة مالاً ينتفعون به في متاجرهم بدلاً من أن يقترضوا من المرابين بربا فاحش. وأذن لجميع رؤساء القبائل وكانوا نزحوا من البلاد خوفاً من أبيه أن يرجعوا إلى بلادهم وألف مجلساً من أعاظم الموظفين وجمعية تبحث في القوانين الملكية أعضاؤها ينتخبون من قواد الأسرة المالكة ومن الخانات نواب الأمة ومن الموالي أي العلماء وينظر الأمير في أمور الإدارة والقضاء جميع أيام الأسبوع ويقضي الجمعة في العبادة والراحة والأحد في التفتيش. والسلطة في يد العلماء وأكثر سكان البلاد من أهل السنة.