الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 10/مطبوعات ومخطوطات

مجلة المقتبس/العدد 10/مطبوعات ومخطوطات

مجلة المقتبس - العدد 10
مطبوعات ومخطوطات
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 17 - 11 - 1906


كتاب التعليم والإرشاد

ينقضي الشهر والشهران بل السنة والسنتان ومصر لا يكاد يصدر فيها كتاب ترجح حسناته على سيئاته ونفعه على ضره ولذلك ترانا عند نشر كتاب نافع في موضوع جدي نهلل له كثيراً ونبتهج به أيما ابتهاج. والكتاب الذي أمامنا لمؤلفه الكاتب الفاضل السيد محمد بدر الدين الحلبي هو من الكتب النافعة في الإصلاح الإسلامي. وأي إصلاح أجدى على مجتمعنا من إصلاح طرق التعليم بعد أن أجمع عقلاؤنا منذ قرون أنه مختل معتل ولا نهوض للأمة إلا برده إلى أصوله والسلوك به في مبيع السداد.

تصفحنا الكتاب برمته فرأيناه يدور على ثلاثة أقطاب الأول في العلوم التي يشتغل طلاب العلوم الشرعية اليوم بها وبيان ما تمس حاجة المسلمين إلى الاشتغال به وما لا تمس وفي الإسلام غنية عنه لأنه دون لا لخدمة الدين بل لمصلحة دينية وقد مضى زمن تلك المصلحة ولم يبق من حاجة إلى النظر فيه. الثاني بيان حقيقة المؤلفات التي يشتغل بها طلاب العلوم الشرعية وذكر النافع منها من غيره والإشارة إلى ما يجب الاشتغال به من الكتب الجيدة النافعة والكتاب أحد الأستاذين. الثالث النظر في طرق التعليم وكيفيته في المدارس الإسلامية عامة في مصر والغرب والشام والهند وغيرها وبيان جيدها من رديئها وذكر طرق التعليم النافعة التي كان يجري عليها التعليم في القرون الأولى ليعمل به في أيامنا هذه.

ولقد رأينا المؤلف تلطف في ما كتبه وغلب على ذهنه صحته فوصف عقم طريقة التعليم التي هي أحرى أن تسمى أزهرية لأنها منه نشأت وصف من ذاق فعرف ومما قاله في قلة الناجحين فيها: ولو أردنا أن نحصي عدد الناجحين من أولئك المستعدين لتعلم العلوم الدينية نجاحاً نسبياً لم يكونوا أكثر من واحد في كل مائة ولو طلبنا الناجحين حقيقة الذين يمكنهم القيام بوظيفة التعليم لم يكونوا أكثر من واحد في الألف إن كثر عددهم. وجاء في مكان آخر وأثبت بالإحصاء أنه لم ينجح في امتحان الفقه الحنفي سوى اثنين في المائة أو في المائتين.

تكلم المصنف بدون مصانعة على فساد الكتب التي تدرس والطريقة المتبعة في التدريس وذكر علم المنطق وأبطل قول القائلين وجوب الاشتغال به وبين أنه لا جدوى منه في المطالب العقلية وتكلم على علم الأصول والفقه والتوحيد ومن رأيه في الاجتهاد أنه ليس بمحظور على أحد من الناس وليس بضربة لازب على كل إنسان بل أن من رأى منه ما يؤهله للقيام بأعباء هذه الخطة العظيمة فله أن يجتهد ويعمل بما أداه إليه اجتهاده قال وإنا لا نجيز لأحد يرى في نفسه صلاحية للاجتهاد أن يدعو الناس إلى العمل بقوله والأخذ بما أداه إليه اجتهاده لا لشيء سوى أننا نرى أن في ذلك توسيعاً لباب الخلاف بين المسلمين ونحن في حاجة إلى تضييقه إلى أن يقول وخير من الاشتغال بهذا وأجدى للمسلمين اختيار ما يوافق أهل كل عصر ومصر من أقوال الأئمة المجتهدين والعمل بها وترك التقيد بمذهب أمام واحد من الأئمة وفي هذا من التوسيع على المسلمين والنظر إليهم ما لا ينكر وقعه. وأطال في علم الكلام وسماه العلم المشئوم ودعا إلى وجوب تركه على نحو ما دعا إلى ذلك كبار رجال الإسلام في القديم قائلاً أن ليس من فائدة فيه سوى زعزعة أركان الدين ونقض أساسه. وتكلم على علوم البلاغة وأثبت أن لا حظ لأرباب المدارس الدينية منها وأفاض في أنه لا عذر للناس اليوم في استعمال كتب المتأخرين مع وجود كتب المتقدمين وقال أنه من أقبح آثار هذه الكتب أنها تضعف الفكر.

وختم كتابه وهو في 290 صفحة بالكلام على الأزهر وسوء حالته متعلقاً بأهداب الأدب الذي يشكر عليه وقد اقتبسنا منه في غير هذا الوضع فصلاً في التفسير والمفسرين دلالة على أسلوب المؤلف في الانتقاد وأخذنا عليه أنحاءه على المدارس النظامية وطرق تعليمها وإنكاره إدخال بعض العلوم كالتاريخ والجغرافيا إلى الأزهر مع أنه لا يتم علم العالم إلا بمعرفة تاريخ أمته وتقويم بلادها على الأقل كما رأيناه لم يصب المرمى في كلامه على علم الأصول ومهما يكن فإن الكتاب من جيد المصنفات النافعة وعساه يوفق إلى نشر الجزء الثاني المتعلق بالإرشاد في أقرب وقت جزاه الله عن العلم خير الجزاء.

المدونة الكبرى

انتهى طبع الجزأين الخامس عشر والسادس عشر من هذا الكتاب الذي نوهنا به في بعض الأجزاء السالفة وبطبعهما تم طبع المدونة لإمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحي وقد أورد طابعها الفاضل الحاج محمد الساسي المغربي في آخر الجزء سماع هذه المدونة عن أعلام من العلماء آخرهم عبد العزيز بن عامر وذلك في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة من الهجرة بالقيروان وقد كان على النسخة الأصلية النفيسة تقارير وفوائد لأكابر علماء المالكية كالقاضي عياض وابن رشد وغيرهما وهي مكتوبة بقلم عبد الملك بن مسرة بن خلف اليحصبي في أجزاءٍ كثيرة جداً وتاريخ كتابتها سنة 476. فنهنئ الطابع الذي ربح من هذا الكتاب مادة ومعنى ونأمل أن يطبع غيره من الأمهات النافعة ليستفيد بذلك ويفيد.

الأخلاق والسير

هو كتاب مداواة النفوس لابن حزم الأندلسي عني بطبعه الفاضل الأديب الشيخ أحمد عمر المحمصاني الأزهري طبعه على نسخة قديمة ظفر بها فجاء به بعض زيادات عن الطبعة الأولى التي طبعت منه منها قوله كانت في عيوب فلم أزل بالرياضة واطلاعي على ما قالت الأنبياء صلوات الله عليهم والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وفي آداب النفس أعاني مداواتها حتى أعان الله عز وجل على أكثر ذلك بتوفيقه ومنّه. وتمام العدل ورياضة النفس والتصرف بأزمة الحقائق هو الإقرار بها ليتعظ بذلك متعظ يوماً إن شاء الله. فمنها كنف في الرضاء وإفراط في الغضب فلم أزل أداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام والفعل والتخبط وامتنعت مما لا يحل من الانتصار وتحملت من ذلك ثقلاً شديداً وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني وأعجزني ذلك في الرضى وكأني سامحت نفسي في ذلك لأنها تمثلت أن ترك ذلك لؤمٍ ومنها دعابة غالبة فالذي قدرت عليه فيها إمساكي عما يغضب الممازح وسامحت نفسي فيها إذ رأيت تركها من الانغلاق ومضاهياً للكبر حتى ذهب كله ولم يبق له والحمد لله أثر بل كلفت احتقار قدرها جملة واستعمال التواضع ومنها حركات كانت تولدها غرارة الصبا وضعف الإغضاء فقصرت نفسي على تركها فذهبت ومنها محبة في بعد الصيت والغلبة فالذي وقفت عليه من معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحل في الديانة الخ وهو في زهاء مائة صفحة صغيرة ويطلب من المكاتب الشهيرة في مصر والشام. وحبذا لو اعتمدته نظارة المعارف المصرية لتدريس الأخلاق.

تذكار ديوان راغب وصبري هو آخر ما طبع الشاعر الأديب الشيخ رشيد مصوبع اللبناني من شعره اللطيف أهداه لعطوفة إدريس بك راغب وسعادة إسماعيل باشا صبري من أعيان مصر ومن شعره في وصف غني كبير توفي عن امرأة حسناء ولم يأت حسنة في عمره.

ليس بدعاً إن لم يشيعك قوم ... في الحمى من خيارهم والعيون

من يعش في الحياة غير ثمين ... يتولى للقبر غير ثمين

لا تلم حاملي اليراع إذا ما ... فزت منهم بالندب والتأبين

ليس بدع بأن يلاقى ضنين ... من أكف الكرام كف ضنين

وقال في انقلاب الزمان:

يعبس الدهر ثم يبسم حينا ... هكذا هكذا نقضي السنينا

وتمر الخطوب تعدو غنيَّ النا ... س لكن ما فاتت المسكينا

ويعيش الغني دوماً بشوشاً ... ويعيش الفقير دوماً حزينا

كل دار يحلها المرءُ إن كا ... ن غنياً إنساً يرى وحدينا

لا جمال ولا جلال ولا علم ... سوى درهم يرن رنينا

وقال:

وتأوي إلى أوكارها طير أيكةٍ ... وجنب فقير لا يلامس مرقدا

ترى في وجوه البائسين تضاؤلاً ... وفي وجنات الموسرين توردا

وهذا الجزء 96 صفحة جيدة الطبع فنثني على همة الناظم الأديب ونحث الأدباء على اقتناء شعره.

مجموع رسائل في أصول الفقه

الأولى من أصول الشافعية للإمام ابن فورك الأصبهاني المتوفى سنة 406هـ والثانية من أصول الظاهرية للشيخ محيي الدين بن عربي الأندلسي المتوفى سنة 638 والثالثة من أصول المالكية لنجم الدين الطوفي البغدادي المتوفى سنة 716 والرابعة للجلال الأسيوطي المتوفى سنة 911 جمعها الأستاذ الفاضل الدراكة الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي وعلق على بعضها شروحاً نافعة لطلابها في بابها وطبعت طبعاً جيداً فوقعت في 80 صفحة منصفة القطع فنحث على اقتنائها.

تاريخ أساس الشريعة الإنكليزية

أو سنة الارتقاء في نظام الحكومة الإنكليزية ومصدر القوانين الأساسية للحكومات الدستور كلها تأليف دافد وطسن وتعريب الكاتب البارع نقولا أفندي حداد وهو كتاب أجاد مؤلفه في وضعه ومعربه في نقله وطابعه في طبعه جاء فيه من الفوائد التاريخية الاجتماعية الموجزة ما لا يستغني عن الاطلاع عليه كل محب للاطلاع على تاريخ هذه الأمة العظيمة وقد وقع في 190 صفحة متوسطة فنحث الأدباء على مقتناه وهو يطلب من طابعه حضرة إبراهيم أفندي فارس صاحب المكتبة الشرقية بمصر وثمنه عشرة قروش أميرية.

كتاب معجم البلدان

كادت تعد كتب الأسلاف التي طبعها الأوربيون في مطابعهم وصححوها بمعرفتهم على المواد التي لديهم في مقام المخطوطات النادرة لغلاء أسعارها وقلة الظفر بها ولذلك يشكر من أعاد طبعها وأجاده منا كالذي أحيا كتاباً مخطوطاً لم يكن معروفاً من قبل إلا عند الخاصة. ومعجم البلدان هو من أمهات الكتب الممتعة في الجغرافيا القديمة بل من أهم الكتب الأدبية والتاريخية وهو أشبه بقاموس بوليه الفرنسي في الجغرافيا والتاريخ إلا أن هذا كتاب حديث ومعجم البلدان قديم يمتاز على بوليه بالآداب والأشعار وذكر أبناء هذه البلاد الشرقية وأصقاعهم خاصة.

طبع أحد علماء ألمانيا منذ عهد طويل هذا الكتاب فكادت تنفد نسخه وعز الظفر بها حتى على الغني وجعله في أربعة أجزاءٍ ضخمة ما خلا الفهرس البديع الذي كان ألحقه به وقد عني هذه السنة حضرة الأديب محمد أمين أفندي الخانجي بطبعه في القاهرة فأنجز منه حتى الآن سبعة أجزاءٍ ولم يبق سوى جزءٍ ثامن من الكتاب الأصلي وهو تحت الطبع وسيجعل له ذيلاً في مجلدين آخرين سماه منجم العمران فيما فات ياقوت من أسماء البلدان فيتم بذلك عشرة مجلدات في نحو خمسة آلاف صفحة لا يستغني عنه أديب ولا مؤرخ ولا جغرافي وفي يقيني أن هذا المعجم تنفد نسخه عما قريب بالنظر لما اشتهر عن ياقوت الحموي من العلم الزاخر والتحقيق الباهر بالنسبة لعصره. وقد تولى تصحيح الكتاب الأستاذ الفاضل الأديب الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي فنثني على مصححه وطابعه أطيب ثناءٍ والكتاب يطلب من هذا في القاهرة بثمانين قرشاً مصرياً قبل تمام الطبع وبمائة قرش بعده وعساه يوفق إلى طبع غيره من الكتب النافعة المهمة.

رواية موريس

أو ابن الغريب عربها عن الإنكليزية بتصرف الأديب كامل أفندي بطرس وأهداها لصديقه الشاعر الكاتب البليغ محمد أفندي أمام العبد قال المعرب: فارتاحت نفسي إلى ترجمتها ترجمة لا تغضب اللغة ولا تسيء إلى الأسلوب العربي بقلم كالمرآة لا يخدع الناظر إليه وما أقدمت على ما أقدمت عليه إلا بعد ما ألفيتها كالبكر في خدرها لا تعيب ولا تعاب فكانت في معزل عن كثير من الروايات التي كتبت فكادت تغير من أخلاق البشر بقدر ما غيرته من الحقائق.

النهضة الشرقية

وهي مقالات نشرها سعادة الوجيه عطا بك حسني من أعيان القاهرة في بعض الجرائد السيارة وعني بجمعها الكاتب الأديب ذي المعزة عبد المسيح بك انطاكي صاحب جريدة العمران الغراء فجاءت في زهاء 280 صفحة صغيرة ووصف فيها رحلته إلى الأستانة وذكر أراءً له خصوصية بشأن حكومات الإسلام وثمن النسخة الواحدة عشرة قروش وهي تطلب من طابعها وجامعها في القاهرة.

وقائع الحرب

عرف فارس أفندي الخوري في مصر بأنه عالم كاتب باحث ولم يشتهر عنه ما اشتهر به في الشام بأنه شاعر مجيد أيضاً وقد طبع له هذه الآونة صديقه الدكتور الفاضل حسين أفندي حيدر أربع قصائد في تاريخ حرب الروس اليابانية التي نشبت في 8 فبراير (شباط) ووضعت أوزارها في 5 سبتمبر (أيلول) 1905 كان نظمها على ذاك العهد وألم فيها بالأسباب التي دعت إلى إشهار الحرب وذكر المعارك البحرية والبرية المهمة التي دارت بين الصفر والبيض وأتى على أسماء القواد والوزراء فصبها في قالب الشعر مع المحافظة على كيفية التلفظ بها في لغاتها الأصلية بدون تكلف وفسح للانفعالات النفسانية والتخيلات في الوصف مجالاً رحباً في تضاعيف الأبيات ومزج التقرير التاريخي مع الخيالات الشعرية بحيث لم تعد منظوماته تاريخاً مجرداً ولا وصفاً شعرياً مفرداً بل جمعت بين الاثنين ولقد كان من المتواتر على ألسن الناس في وصف الشعر بأن أعذبه أكذبه فلما تأملنا ملياً ما نظمه الناظم المشار إليه قلنا إن أعذب الشعر أصدقه لأنه لم يخرج عن الصدق فيما قال عن الحرب أو روى. وهذه المنظومات أجمل تاريخ يحفظ لأعظم حرب نشبت منذ عرف التاريخ إلى الآن.

قال في وعيد الروس لليابانيين

وعيد جله صوت جهور ... ومن ذا يرهب الصوت الجهورا

ذوات الناب ليس تضر شيئاً ... إذا صخبت وأكثرت الهريرا

وقال عند غرق الأميرال مكروف على الدارعة بتروبالسك

مضى يجتاز فوق فخاخ طوغو ... كملاح يحاذر أن يجورا

إلى أن شقت الغمرات فاها ... وأصعدت البلايا والسعيرا

فشاهد تحت أخمصه جحيما ... وقد فتحت قذائفه حفيرا

كأن جهنماً وجدت سبيلاً ... ومطوياتها لقيت نشورا

كأن هناك بركاناً تلظى ... وأطلق في الفضا ناراً ونورا

كأن البحر غضبان عليهم ... لما جروا على الدنيا شرورا

طوى بضميره حنقاً فلما ... دنا مكروف كاشفه الضميرا

هوت فيه السفينة في خليج ... وكانت قبل تخترق البحورا

ومن وصفه اليابانيين في وقعة يالو

أقام الروس في يالو قلاعاً ... على تحصينها صرفوا شهورا

مسيل النهر دونهم فظنوا ال ... سعدى لا يستطيعون العبورا

ومن خاض البحور إلى الأعادي ... أيأبى أن يخوض لهم نهورا

مشى اليابان لا يخشون بؤساً ... وماء النهر يكتنف الصدورا

بجيش كل من فيه جريءٌ ... تمنى للأعادي أن يطيرا

إلى أن يقول

ولا عجب لمختال مدل ... إذا أخلى الحواضر والثغورا

إذا غفل الرعاة عن المواشي ... فمن ذا يدرأ الأسد الهصورا

وأن الخاشع اليقظان يكوي ... بحد حسامه البطل الفخورا كذلك من توخي البغي متناً ... تراه بدون معثرة عثورا

وقال في إعجاب الروس بقوتهم واحتقارهم خصومهم لقماءتهم

لقد شمخوا على اليابان لما ... رأوا جنديهم قزماً زميرا

وقالوا سوف نطحنهم فتغدو ... قبورهم الضواري والنسورا

ولكنا على يالو وكنشو ... وجدنا القول بهتاناً وزورا

فعرض الجسم لا يغني فتيلاً ... وطول القد لا يجدي نقيرا

الست ترى الوليد وفيه حزمٌ ... يسوم الفيل خسفاً والبعيرا

رهام الطير تنخلع ارتياعاً ... إذا رأت البواشق والصقورا

وقال في انتصار اليابان في معركة شاهو

ترى للعين من حنق شرارا ... وللأسنان من ألم صريرا

وللأرواح من جزع غياباً ... وللأشلاء من عجز حضورا

تمنى الجيش لو كانوا خشاشاً ... إذن ولجوا المخافر والوكورا

ولو كان الخيار لهم بمتن ... ضمين للنجا اختاروا الطيورا

تمنى الروس لو خلقوا إناثاً ... وسبوا اليوم إذ ولدوا ذكورا

إذن ولي الرجال النضج عنهم ... وهم لزموا المنازل والخدورا

وقد حسدوا الشيوخ على مشيب ... كما حسدوا المشوه والصغيرا

وقد لعنوا الحروب وخائضيها ... ومن أضحى لجمرتها مثيرا

وقالوا ليتنا كنا اتحدنا ... وقاتلنا المسبب والمشيرا

إلا رحم امرؤٌ حر شجاع ... يجاهد ملكه أو يستشيرا

وقدس سر سلطان تنحى ... تفرده وقال الأمر شورى

ومما قاله في وصف وقعة مكدن

ملائكة السلام خلت وأضحى ... شياطين الشرور مشمرينا

كأن رذائل القتل استحالت ... فضائل فاعلوها يفخرونا

كأن قذائف النيران رسل ... أتت توحي التهور والجنونا

تجيء من السماء بمعجزات ... تؤيد ما ادعتهُ فيؤمنونا فما صعقات موسى فوق هذا ال ... هزيم يضعضع الجبل المتينا

على ورع تمجس آل عيسى ... كأن النار نار جبال سينا

كأن الهم فيها تجلى ... إذا ما استقبلوها يسجدونا

وقال في هزيمة الروس

عجب الأنام لشدة الغلب الذي ... ذاقوا ولو غلبوا فذلك أعجب

فتغلب اليابان فيه غرابة ... لكن جهل الروس أمر غريب

هجموا ولا علم لهم بخصومهم ... ماذا أعدوا للدفاع وألبوا

من ذا يغول الليث وسط عرينه ... إلا الشقي الغمر من لا يحسب

نصبوا حبائلهم وقد وقعوا بها ... إن الظلوم يصاد في ما ينصب

إلى أن يقول

ركبوا من البغي الوخيم حقائباً ... فرس البغاة حقيقة لا تنجب

ما كان في الأسطول إلا غرة ... وخيانة وظلامة وتعصب

فهوى والاستبداد كان رفيقه ... وفساد روسيا كذلك يصحب

عرفوا بأن الظلم ليس بغالب ... عدلا ول اصدع التعسف يشعب

والمستبد المستجيش عبيده ... إن نازل الأحرار لا يتغلب

أيفوز مهضوم الحقوق بمن لهم ... حرية بصدورهم تتلهب

ظفر الذي اعتاده جهل بمن ... اعتاده علم رجاءٌ مجدب

فالعلم منصور اللواء مؤيد ... والجهل مشقوق الجبين مخيب

والعدل ليث عاصم لجواره ... والظلم خصم أن تعرض ثعلب

وقال في هذا المعنى

كثرت شكاويهم وقالوا خانهم ... قدرٌ وغالبهم قضاءٌ أغلب

ذو الحزم يتخذ النتائج راضياً ... والغمر يتهم الزمان ويعتب

وقال في مولد ولي عهد روسيا أثناء الحرب مخاطباً أهل البلاط الروسي:

طمحت إلى أرض السوى أبصارهم ... ولسلبها حشدوا الجيوش وجندوا

أمروا بقتل النفس وهي بريئة ... وعصوا وصايا ربهم وتمردوا إلى أن يقول مخاطباً الطفل

ها أنت تنمو في عناية والد ... حانٍ يذود السوء عنك ويطرد

والبعض من أبناء جيلك لا ابٌ ... يحنو عليهم إن بكوا وتنهدوا

آباؤهم سقطوا بساحات الوغى ... ليوسعوا لك دولة ويمهدوا

فإذا نموا وملكت فارفق ذاكراً ... حق الذين على ولاك استشهدوا

وعساك تنشأ عادلاً لا تدعي ... إن الجميع لأجل عرشك أوجدوا

فالملك جسم والعدالة درعه ... درع بمجبوك الحديد مسرد

والملك بستان أعز سياجه ... عدل به ريح المخاوف تركد

يتوقع الإصلاح منك وليتنا ... نحيا لنعرف ما يجيء به الغد

وقد ألحق الطابع بهذه القصائد كتاباً كان بعث به الفيلسوف تولستوي الروسي إلى القيصر الحالي يعظه وينصح له ويذكره بحال رعيته معربة بقلم الناظم أيضاً فجاءت هذه الرسالة حاوية من النثر والنظم وأرقه وأنفعه فنثني على الناظم والطابع بما هما أهله والرسالة تطلب من المكاتب الشهيرة في مصر وثمنها ثلاثة قروش صحيحة وهي جيدة الطبع والورق في 68 صفحة منصفة القطع.