الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 997/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 997/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 997
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 11 - 08 - 1952


بين الإسلام وحركة التسلح الخلقي

نشرت مجلة (الأزهر) الغراء كلمة تحت هذا العنوان في جزئها العاشر لسنة 1952 أشار فيها إلى المصلح الاجتماعي الدكتور فرانك بكمان فوصفته بأنه قصد إلى تغيير المجتمع بتغيير، أفراده ووسيلته أن يتسلح كل فرد بمبادئ يأخذ بها نفسه في غير تساهل، ومن هذه المبادئ الاتجاه إلى الله والإصغاء إلى أوامره وطاعته، وأن يحاسب المرء نفسه كلما أذنب مصمما على أن يتجنب الرذائل، وأن يتعاون الأفراد على تحقيق هذه المبادئ كي تسود في المجتمع (فالانقسام من علامات عصرنا. . . والاتحاد مطلبنا العاجل. والانقسام نتيجة التكبر والحقد والشهوة والخوف والطمع وهو من صنع المادية وهو العلامة التي تميز بضاعتنا)

وهذا تلخيص موجز بليغ لحركة التلسح الخلقي. . . وقد أشارت المجلة أيضا إلى فصل عقده أحد الكتاب في المجلة الإسلامية التي تصدر باللغة الإنكليزية في ووكنج بإنجلترا مقارنا فيه مقارنة طريفة بين مبادئ الإسلام الخلقية وبين ما تدعو إليه حركة التسلح الخلقي. ومما قاله هذا الكاتب وهو هولاندي يدعى فرانز ستال أن التوبة في إسلام هي وسيلة تغيير الأفراد وهي لسلاح خلقي عظيم.

وقد أحسنت مجلة الأزهر بإيرادها الإشارة إلى رأيه في المقارنة بين الآداب الخلقية في الإسلام وبين حركة التسلح الخلقي بعد تلخيصه مبادئ تلك الحركة

وبقي أن يلم القارئ إلمامة سريعة بالأسباب وبالظروف التي دعت إلى نشأة هذه الحركة، ولما كان كاتب هذه السطور أحد الذين اتصلوا بهذه الحركة الخلقية وحضروا بعض المؤتمرات التي دعت إليها جماعة التسلح الخلقي في سويسرا وخطب في تلك المؤتمرات مقارنا بين مبادئ الإسلام وبين أهداف هذه الحركة فمن واجبه أن يتحدث عما رآه وما عرفه عنها

كان الدكتور بوكمان يعمل سنة 1921 مدرسا في مدرسة أمريكية وكان منهجه في الحياة أن يقضي في التدريس نصف العام ويقوم برحلات في أرجاء العالم المختلفة في النصف الآخ وفي خلال سنة 1921 دعي لحضور مؤتمر (نزع السلاح) في واشنطن وكان السفر إلى تلك المدينة يستدعي بين ليلة في غربة النوم بالقطار - وقد سافر ولكنه لم ينم الليلة وانحصر تفكيره في (نزع السلاح) وفي الأسباب التي دعت إليه. ووصل التفكير إلى أن السلاح الذي لا ينزع والذي لا خطر على الخير في استعماله وفيه على الشر الخطر الأكبر هو سلاح الخلق

في هذه اللحظة كان مولد فكرة التسلح الخلقي وقد كان من بين ما فكر فيه أن الحرب الكبرى (1914 - 1918) التي أدت إلى مؤتمر نزع السلاح لم تحدث (تغييرا) في العالم ولم تفرق بين ما قبلها وما بعدها؛ وفكر بمثل المعنى الكريم الذي تضمنته الآية

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) - فجعل وسيلته لنشر مبادئ التسلح الخلقي في الدعوة إلى التقوى وفسرها بأنها الإصغاء لصوت الله وطلب الوقاية منه دون غيره، وقال في نفسه إن الله لن يحدث تغييرا في الناس حتى يحدث التغيير لما في أنفسهم، فقرر أن يستقيل من عمله وأن يتفرغ لدعوته؛ فالدعوة وفقا لنشأتها كانت رد فعل لويلات عالمية، واستجابة لدعوة بنزع السلاح تجنبا لتكرار المأساة الدامية، وصراعا مع العوامل التي كانت تهب لتصل إلى الحرب العالمية الثانية

وقد حدثت تلك الحرب وكان من بين آثارها تعليم الناس أن ميدان القتال ليس هو وحده مجال الحروب، فالحرب في المجال الاقتصادي وفي ميادين العمل وفي الأسرة وفي كل مكان سببها التكالب على المادة ولا سبيل إلى وضع حد لها إلا التمسك بالخلق بمحاربة الأنانية

وكما نشأت الحركة في أعقاب حرب فقد زاد نشاطها وكثر عدد المؤمنين بها بعد الحرب الثانية وكان هذا رد فعل لها وصراعا للعوامل التي لا تزال تدب لتصل بالدنيا إلى حرب عالمية ثالثة

وكلما خطت هذه الحركة خطوة في سبيل توحيد الناس بالتمسك بما لا خلاف عليه بين أديانهم ومصالحهم وعرفهم - خطت هذه الحركة خطوة في هذا السبيل تبين أنها تتأثر الإسلام وتصاحبه قاصدة إلى أهدافه

وليست هذه الحركة ذات عصبية فهي ليست بالهيئة التي تدعو إلى الانضمام إليها ولكنها فكرة يعاش بها وشعارها (أن في العالم من الخيرات ما يكفي حاجة كل إنسان ولكن ليس فيه ما يكفي مطامعه)

وقد كان لي في أحد المؤتمرات في سويسرا شرف الموازنة بين الإسلام وبين مبادئ هذه الحركة؛ كما خطب فيها من المسلمين من شهدوا بأنها تتأثر مع ديننا الحنيف وتتمشى معه رجال مسؤولون من بينهم سعادة محمد صلاح الدين وزير الخارجية السابق وسعادة عبد الرحمن عزام الذي أكد (أنه يعضدها على اعتبار أنها تتوافق كل التوافق مع العقيدة الإسلامية)

الإسكندرية

أحمد عوص

براعم شعراء الشباب

لا خوف على براعم شعراء الشباب في مصر وفي البلاد العربية مهما قست الظروف وضاق نطاق الصحف والمجلات وعجز الشعراء عن طبع دواوينهم لسبب من الأسباب. . . لا خوف على هؤلاء الشعراء ما تذرعوا بالصبر، وتدرعوا بالجهاد، وأقبلوا على نظم الشعر برغبة حارة وقوة دائبة وشعور لا يغيض

هكذا قلت لنفسي حين قرأت الكلمة التي تفضل بتوجيهها إلى مشكورا - الأستاذ محمد علي جمعة الشايب في العدد 993 من الرسالة، وهو يبدي مخاوفه من هذه الأزمة الشعرية لدى الشعراء الناشئين الذين تعرض الصحف والمجلات عن نشر أشعارهم وأكثرهم ما يزال في دور البدء والتكوين، وإنما المهم دائما الإقبال على النظم وإمعان النظر وإدامة الفكر فيما ينبغي أن يقال على نهج جديد، وبروح جديد. وسيأتي يوم لكل مغمور فيشهر، ولكل مجهول فيعرف، ولكل مظلوم فينال حقه المهضوم. . . وخير للشاعر أن يظهر أمام الناس قمة عالية تتطلع إليها الأنظار، من أن يبدو وهدة سحيقة تتخطاها العيون وتدوسها الأقدام

أحمد أحمد العجمي

إذاعتنا الغراء لست أجانب الحقيقة لو قلت: إن إذاعتنا المصرية (الغراء) أوشكت أن تعلن إفلاسها، وتثبت أنها عاجزة عن مسايرة أهزل إذاعات العالم جميعا. . .

إن برامج إذاعتنا الغراء لا تشجع مطلقا على الإقبال عليها، ولا على تتبع محتوياتها، فتسعة أعشارها حشو من الأغاني الغثة، والتمثيليات التافهة التي لا تثقف عقولا ولا ترقي أفكارا ولا تنهض بشعب

لا تسل عن ركن الأطفال الذي هو مزيج من الأناشيد المكررة، والقصص المفزعة، والأصوات المنكرة، ولا تسل عن ركن المرأة الذي لا يتصل برسالة المرأة في الحياة إلا من جانب الكماليات الأرستقراطية. ولا تسل عن ركن الريف الذي هو خلو مما يفيد الريف ويوضح آلامه ويحل مشكلاته وينهض بأهله. . . لا تسل عن ركن من هذه الأركان أو غيرها حتى لا تتميز من الغيظ حسرة وأسفا على إذاعتنا الغراء. . .

لعلك اضطررت اضطرارا ليلة تأليف الوزارة الهلالية الثانية إلى تتبع برامج الإذاعة لعلك تستريح إليها ولو خلال لحظات، ولعلها تنال منك ولو ذرة واحدة من رضاك، فماذا سمعت في تلك الليلة المشهودة التي تستمع فيها بلاد العالم إلى إذاعة مصر، فتقف على حقيقة الأحوال فيها، والتقلبات السياسية المفاجئة. إن إذاعتنا لم تكن - بالطبع - مستعدة لتسترنا في مثل هذه الليلة، فأبت أن ترحمنا من أغاني فيلم (في الهوا سوا) وفيلم (من القلب للقلب)، وكل ما تكرمت به علينا أن أذاعت علينا وثائق استقالة الوزارة السابقة، وتأليف الوزارة اللاحقة، دون أن تتكرم ولو بتعليق واحد سياسي على تقلبات السياسة في مصر، وهل هي في مصلحتها أم في غير مصلحتها. . .

أما بقية الليلة فقد قضاها (ميكرفون) الإذاعة الغراء بالجمالية بالقاهرة ليذاع علينا من هناك الاحتفال بمولد العارف بالله (سيدي) مرزوق الأحمدي، وواصل الشعب المصري الكريم السهر إلى قبيل الساعة الواحدة صباحا يستمع إلى (أبيض الوجه، وجميل القد، وأحمر الوجنتين، وأكحل العينين) من قصائد وتواشيح الشيخ طه الفشني.!

وبعد فإن المذياع ليعتبر من أهم وسائل النهوض بالشعوب والتقدم بها، والعمل على رقبها ورفع مستواها الثقافي. ولكن يظهر أن مصر هي البلد الوحيد الذي كفر بهذا الاعتبار وتنكر له وسخر منه؛ لأنها نكبت بإذاعة لا تتساوى مع إذاعات العالم إلا في الاسم وكفاها بهذا فخرا!

فقية الشيخ