مجلة الرسالة/العدد 992/حول قبر الاسكندر
→ إندونيسيا | مجلة الرسالة - العدد 992 حول قبر الاسكندر [[مؤلف:|]] |
هلن كلر ← |
بتاريخ: 07 - 07 - 1952 |
للأستاذ عبد المنعم مختار
(يقول المعاصرون بأن قبر الاسكندر نفس مسجد النبي دانيال نفسه أن لم يكن تحته والذي كان يدعى منذ القرن السابع عشر باسم مسجد سيدي الاسكندر)
رأي القدماء
أن المصادر القديمة تحدثنا بأن الاسكندر أوصى قبل وفاته بأن يدفن بواحة الإله آمون (سيوة) ولكن بطليموس سوتير عمل على دفنه بمدينة ممفيس حسب عادة المقدونيين في الدفن. وجاء بطليموس الثاني الفيلادلفي بعد والده ونقل الجثة إلى الإسكندرية، وأخبرنا بوزنياس عن ثورة الرأي العام عليه واعتبر نقله إلى الإسكندرية إجراما وشناعة أكثر مما فعله بتزوجه بأخته أرسنيوي - لإقلاقه راحة البطل العظيم في مضجعه الأخير - وكذلك لم يلق من بلاطه وأعوانه أي استحسان لهذا النقل لجدث ملك عظيم اعتبر في مصاف الآلهة. وابتنى له قبراً في غاية الفخامة والإبداع، وكان الضريح داخل الأرض، أما البناء الذي أقيم فوقه فكان يشتمل على سلم الدخول كعادة المدافن والمعابد الإغريقية، ثم فناء مربع هو الناووس (اوبيستودوم) ثم ممر طويل يصل إلى الضريح الموجود به النعش وقد ألحق به معبداً للكهنة القائمين بأجراء الطقوس الدينية. ثم تطوق المعبد أروقة دائرية شيدت في عصور متأخرة ولما كان الاسكندر مؤسس الدولة الإغريقية فقد اتخذ الملوك مدافنهم حول قبره بعد حرق جثثهم كما حدثنا بوليب بالتفصيل، وقد شيد فيلادلفيوس مدفناً لوالده سوتير، ولنفسه ولزوجته. ويحدثنا كوريمون عضو متحف الإسكندرية في سنة 80 بعد الميلاد عن القبر بمخطوطه الذي نشره الدكتور بوتي. . . أما قبره هناك فكان مزيناً بالرخام وهو مضجع في ناووس محفور اسمه على غطائه، وحول نعشه قبور من الحجر السماقي أقل فخامة من قبره هي قبور الملوك السبعة وزعيمهم بطليموس سوتير. . .
ونخرج بنتيجة هامة حققها ودرسها كل من الدكتور بوتي والأب لويس ملحمة في أن القبركان في منطقة صارت مدفنا ملكياً بوسط المدينة.
الآراء الحديثة وجاءت الآراء الحديثة بجديد عن قبر الاسكندر كذب البعض دفنه بالإسكندرية والبقية التي حبذتها انقسمت على أنفسها إلى ثلاث فرق: الأولى في أن القبر تحت مسجد النبي دانيال وهذا ما سأناقشه تفصيلا، والآخر في منطقة المقبرة الشرقية، ورأي أخر بعيد الاحتمال بالمقبرة الغربية.
وإني أتقدم برأيي المتواضع وقد يكون على خطأ وقد يكون صائباً. . وان كان فيه مسحة من الصواب فإنه ليقارب الآراء الأخرى البعيدة الاحتمال والتصديق.
قيل بأن قبر الاسكندر كان فيمنطقة طريق السيما المتقاطع مع شارع كانوب (النبي دانبال وفؤاد الأول) وهو يمتد من بحيرة مريوط جنوبنا إلى شاطئ البحر الأبيض شمالا بالقرب من شبه جزيرة معزل تيمونيوم والمكتبة ودار الحكم والسوق والجمنازيوم. . وقد ورد بأشعار هيرونداس وآراء الدكتور برتشيا بأن معبد الزاربوم ومسلات كليوباترة الشهيرة كانت بأول الطريق، وان بنهايته يوجد منتزه بيوم. وإذا فقبر الاسكندر أن وجد فمن البداهة أن يطل على الميدان والمنتزه لكي تظهر روعته، وان كان على الميدان فهل هو عن يمين أو يسار الشارع؟ يقول أسترابون لوصفه القبر بأنه كان عن يمينه عند دخول الإسكندرية. فهل دخل الإسكندرية عن طريق شارع السيما من جهة البحر؟ أم عن طريق الميناء الداخلي بمريوط؟ أنه قد دخل بطبيعة الحال عن طريق السيما ومنه فإن القبر عن يمينه أي يمين الشارع. والذي أراه عند تطبيق مبادئ هندسة تخطيط المدن القديمة والرجوع إلى تخطيطالمدن القديمة كمدينة صور مثلا نجد أن القبر يوجد على الجهة اليمنى لوجود كثير من المخلفات، منها مخلفات معبد على الطراز الدوري وأعمدة كورنثية بالجهة اليمنى من الشارع، ولما توسع الملوك بنوا مقابرهم حول هذا الضريح كما يجزم الأستاذ زكي علي ببحث له بمجلة كلية الآداب بجامعة فاروق الأول المجلد الثاني، والدليل على ذلك وجود أعمدة بجوار مسجد سيدي عبد الرزاق في نفس الشارع وهي لاشك معابد تكميلية لقبر الاسكندر أو المعبد ذو الأروقة الدائرية التي بجوار القبر. والذي يرجح هذا الرأي وجود بقايا مقابر ملكية اكتشفتها البعثة الفرنسية بالقرب من ذلك المكان (مسجد العطارين - وشارع محطة مصر القديمة) والعثور على ناووس ينسب إلى الاسكندر والذي أدى إلى رأي الأستاذ ألن ويسالمشهور عن تمصر الاسكندر ودفنه في تابوت نقل من قبر أمير فرعوني من الأسرة الثلاثين.
القرن السادس عشر
ذكر الرحالة مارمول بأن قبر الملك اسكندر يقع علىبعد 300 متر من كنيسة القديس مرقص الموجود بشارع النبي دانيال، وعند التطبيق نجد أنه لا ينطبق قياسيا على مسجد النبي دانيال، ثم أن المقياس أن عين مكانا وكان صحيحا في تعينه مكان القبر فهو لم يذكر هل المكان يوجد عن يمين أو يسار المكان المتخذ مبدأ للقياس. واستناداً على رأي الدكتور بوتي في أن القبر يوجد بالجهة اليمنى وبوسط المدينة، ومن الحفريات التي أجراها الأستاذ حسن عبد الوهاب بمنطقة المسجد، وبالرجوع إلى أبحاث كل من الأستاذ أرثرلين أمين متحف فيكتوريا ولبرت الدكتور ألن ويس المنشورة بنفس المجلة يتضح بأن منطقة القبر والمسجد والقبر هي من بقايا العصور العربية القديمة. . وقد فصل الأستاذ حسن عبد الوهاب في المسألة بأن القبر ليس موجوداً بتاتاً في هذا المكان وخرج إلى التأكيد بأن منطقة كوم الديماس (كوم الدكة الحالية) كانت مقبرة إسلامية منذ القرن الثالث الميلادي.
هل كان قبر الاسكندر معروفا في العصور القديمة؟
إن يد التخريب قد أحدثت بهذا الهيكل كثيراً من الآثار، فقد سلب بطليموس الحادي عشر تابوت الاسكندر الذهبي وبدله بآخر من مادة زجاجية (وقيا من نوع من الرخام الشفاف جداً) كما زادت كليوباترة الأخيرة على فعل سلفها بأن سلبت المقبرة كل ما هو ثمين. ولم يقتصر الغزو الأجنبي على فتح وتدمير البلاد، بل عمل على سلب محتويات المقابر. وفي القرن الثالث انقادت الثورات بالحروب الدينية ضد الوثنية والحرب العامة لتفكك الإمبراطورية الرومانية فنالت الإسكندرية منه الأهوال ومنها المقابر الملكية التي أصبحت أثرا بعد حين (لما هو معروف عن تعصب المسيحيين الأوائل ضد كل ما هو وثني) حتى لنجد القديس يوحنا في خطبة ألقاها في ختام القرن الرابع يتساءل (خبروني أين يوجد قبر الاسكندر).
وهناك مصدر آخر هام وهو كتاب جغرافية مصر لأميلينو يقول. . . إنهم عندما كانوا ينزعون الأنقاض من المكان المسمى بكوم الديماش (كوم الدكة) عثروا على أدوات من الذهب يرتقى عهدها إلى عهد الاسكندر وذلك عند بناء كنيسة هناك باسم النبي إيليا ويوحنا في زمن توفيل بطريق الإسكندرية في القرن الرابع. . . ومن قوله يتضح بأن بقايا القبر كانت موجودة بكوم
الديماس، فهل نزعت تلك الأنقاض من تحت التل - الذي نشأ في عصور تلت بناء المقبرة فغطاها - لبناء تلك الكنيسة وهي التي تكبد مجهوداً جباراً في إزالة الأتربة للوصول إلى تلك الأنقاض في مستوى المدينة القديمة.
ومن هذا نخرج بنتيجة هامة وهي أن المؤرخ لم يكن له قصد معين في تعيين مكان رفع الأنقاض والتي ولا شك انتزعت من المكان القريب جداً، والذي يكاد يقارب بناء الكنيسة الموجودة على التل والتي بنيت عليه ثم قام على أسسها على مر الزمان مسجد يعرف باسم النبي والملك إسكندر، ولقربه من قبر الاسكندر سمي بهذا الاسم.
هل القبر تحت مسجد النبي دانيال؟
اتضح من البحث أنه لا اصل لتسمية المسجد باسم النبي دانيال لأن هذا النبي الكريم دفن ببلاد العيلام بمدينة السويس كما هو وارد في الكتب المقدسة وطبقاً لتحقيقات كثيرة نفي ذلك، منها رأى فضيلة الأستاذ بشير الشندي المسهب. وهذا المسجد لم يظهر للوجود إلا في خلال القرن السادس عشر تقريباً ولم يذكره أحد من المؤرخين والرحالة من العرب قبل ذلك التاريخ علماً وهم معرفون بذكر التفاصيل والإطناب وذكر الروايات المتعددة والمصادر المتضادة. فلم يتعرضوا لهذا المسجد ولو بإشارة بسيطة مما يدل على عدم وجوده في تلك الفترة من الزمن - فالحافظ السلفي وصف كوم الديماس بأنه مقبرة إسلامية، وجاء البلوى في القرن السادس الهجري فوصف المدينة وآثارها والفنار ولم يتعرض لذكر المسجد. ثم تلاه ابن جبير والبغدادي اللذان وصفا كل آثار الإسكندرية عدا المسجد وكان يستحق بعض عنايتهم أن وجد، ثم جاء بعدهم مؤرخو القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي مثلا ياقوت والمقريزي والسخاوي وغيرهم وكانت أخبارهم سلبية عن المسجد. حتى أن الرحالة الأجانب في تلك الفترة الذين وصفوا دقائق المدينة وخباياها لم يتعرضوا بأي إشارة عن المسجد والقبر مثل سبرياك دي إنكوناه، وليون الأفريقي. ثم جاء الرحالة مارمول في منصف القرن السادس عشر فذكر أن قبر النبي إسكندر كان في وسط المدينة بين الخرائب قريباً من الكنيسة المرقصية المجاورة لمسجد النبي دانيال والمسافة بينهما 300 متر أي أن القبر هناك قبر الملك والنبي إسكندر وقبر النبي دانيال. وهذا دليل على أن القبر ليس بمسجد النبي دانيال.
ومن الوقائع السالفة نخرج بنتيجة هامة جد وهي أن القبر زال من الوجود منذ القرن الرابع الميلادي.
ثم أن المؤرخين العرب لم يتعرضوا لشيء غير موجود حتى ظهر أخيراً بعد أحد عشر قرناً بإسم النبي إسكندر في عصر المماليك. فليس من المعقول أن كان المسجد موجوداً أن يتجاهله القوم أحد عشر قرناً من الزمان لم يتعرض له في خلالها أي مؤرخ.
في العصر الحديث:
وفي القرن الماضي أدى أحد تراجمة القنصلية الروسية أنه وجد سرداباً تحت مسجد النبي دانيال ومنه شاهد ناووس الملك الزجاجي وحوله قراطيس وكتب من البردي. والظاهر أنه قد قرأ قول أسترابون في وصف المقبرة، حتى أن محمود الفلكي باشا عندما عين المكان وجد أنه مملوء بالحجارة وقطع الرخام علاوة على الرطوبة التي تتلف الكتب (وهذا المكان هو قباب وصهاريج ماء رومانية) ثم أن هناك رأياً أخر في أن التابوت من مادة رخامية شفافة جداً وليس بزجاج فكيف أدعى الترجمان بأنه من الزجاج؟ جاء الأستاذ حسن عبد الوهاب وأجرى حفرياته عند ترميم المسجد فوجد صهريج ماء ملاصقاً للإيوان العربي للمسجد وأجرى فيه وفي منطقة حفريات (الصهريج وطابقيه ومسارب مائه الثلاثة) فظهر بأن تلك المنطقة مقامه على مقبرة إسلامية ثم وصل إلى مستوى المدينة القديمة فلم يجد أي دليل على وجود ما ينم عن وجود مباني إغريقية حتى ولا بقايا كنيسة النبي إيليا التي بنيت بالقرن الرابع في نفس المكان. والظاهر بأن هذا الترجمان قد وجد ممراً ولكنه غير قبر الإسكندر وربما كان إحدى هذه الصهاريج المنتشرة بهذا المكان.
ويتضح بأن قبر الإسكندر موجود بمنطقة السيما ولكنه ليس تحت المسجد لأن المسجد وأساسه وطراز مبانيه إسلامية، وبرغم أن شكل المقبرة والمسجد غريب عن الطراز الإسلامي فالدكتور بريشيا يرجع أصل المسجد إلى تلك الكنيسة الرومانية القديمة، ولذا كانت مؤثرات المسجد المعمارية غريبة عن الفن الإسلامي.
أين مكان القبر الآن بالضبط؟
بالرجوع إلى أصول تخطيط مدينة الإسكندرية الذي أجراه دينوكرات والمقارنة بآراء المهندس هيبوداموس في ذلك الفن ومن التطبيقات والآراء التي بحثها الأثريون عن احتمال وجود المقبرة في مركز المدينة - نجد أن الأسكندر دفن في منتصف المربع الذي يطل على منتزه بيبوم من الجهة اليمنى - ومكان القبر حالياً المربع الذي تدخل فيه الحديقة الصغيرة التي بأخر شارع النبي دانيال وجزء من الشارع وشارع كنج عثمان حتى مباني مصلحة التليفونات ثم منطقة شارع عبد المنعم وما ورائها. ومن الاستناد إلى الآثار وبقايا المباني التي عثر عليها عند تخطيط ميدان المحطة والميدان والباقي جزء منها - بقايا أعمدة تحت تلك الحديقة - يتضح بأن واجهة المعبد كانت منتزه وميدان محطة مصر التي هي متنزه بيبوم. أما مجموعة الأعمدة التي بجوار مسجد سيدي عبد القادر فإنها تكون (أوبيستودوم) الذي كان يقام به الطقوس الدينية، ومن المحتمل أن تكون جزءاً من البهو والأروقة الدائرية التي كانت حول المقبرة. (والتي كان يقوم بها الكهنة الذين يخدمون المقابر الملكية) والبقايا الموجودة على يمين المقبرة بالعطارين وشارع محطة مصر القديمة وشريف على بقايا مقابر الملوك السبعة.
ومن وصف المقبرة الذي أوضحه استرابون يتضح بأن الضريح والمعبد يقارب طراز معبد البارثينون من حيث الفناء المربع وأن السلم المرتفع الذي يتبعه البهو مباشرةً يشابه معبد في طرزه.
هذا هو رأيي وقد يكون على خطأ ولكن فيه أجزاء كثيرة على صورة صحيحة.
وهناك رأي اه وجاهته اضطررت إلى التحقق من مناهج بحثه ودراسته ويقدمه المهندس السكندري جان نيقولابيدس. وهو (أن قبر الاسكندر ليس في منطقة السيما إذ ليس من المعقول وجود مقابر الملوك في حي الأعمال بالقرب من التياترو والسوق والمكتبة والجمنازيوم بل هو في حي الدلتا (حي الدلتا) الشرقي بالقرب من الباب الكانوبي حيث معابد إيزيس وضريح متلارنيوتيس وتميزيس حيث المقبرة الشرقية المشهورة بالقرب من قبر كيلوباترة وأنطونيس كما يذكرنا به ديوكاسيوس) وقد استند المهندس على أدلة في تاريخ هندسته من تاريخ تخطيط المدن القديمة بعد دراسة عشرين عاما وقد استعان بقول أسترابون السالف الذكر (أن قبر الاسكندر على يميني عند دخولي المدينة) والذي يعضد رأيه أن المصادر التي استعان بها تذكر لنا أن القبر بالقرب من قبري كيلوباترة وأنطونيوس القريبة من معبد إيزيس الموجود برأس لوكياس (السلسلة حالياً) حيث مقابر ضاحية اليوسيس والحي الملوكي وحيث مقابر الأكابر والعظماء. فهل من المعقول دفن الإسكندر في منطقة السيما البعيدة في داخل البلاد بالقرب من السوق؟ أم بالقرب من مدخل المدينة ألا وهو الساحل.
وإن رأيه في قول أسترابون يمكن تطبيقه على مكان القبر بالقرب من مدخل المدينة من الجهة اليمنى أن دخل عن طريق البر، والمعروف عنه أنه دخل عن طريق البحر لاستعماله في الوصف. . البحر جداً شمالياً لها. وقد عين المهندس مكان المقبرة بالشارع الذي يفصل مقابر الكاثوليك عن الأروام بالشاطئ.
وإن العثور على صديق للإسكندر وقائد من قواده بتلك المنطقة والعثور على مقابر في سنة 1866 بالقرب من الباب الكانوبي الملاصق لسور المدينة المقدوني في الشمال الشرقي حيث معابد ديميتر الذي بناها بطليموس الثاني والتي تخص المبعوثين الدينين واكتشاف مقابر لأكابر الجند في نفس المنطقة محفورة في الصخور ومكتشفها هو مارت دينيسيون 1894 والكونت دي زغيب 1892 تؤيد قول الأستاذ نيقولا بيدس - وإن كان لم يعتمد على تلك المراجع - من أن المقبرة الشرقية جزء من مدافن العظماء لأنها المكان القانوني للدفن حسب الطقوس والتقاليد اليونانية.
وهذه الآراء تؤيد رأيه نظرياً ولكنها ليست أدلة يقينية واضحة بل نظريات هندسية أستنتاجية، فإن كانت تتطابق في مدن أخرى. فإن ظروف مدينة الإسكندرية من حيث الظواهر الطبيعية تخالف ذلك. فأرض المدينة رملية - فأنقى للبناءين القدماء حفر تلك المقابر العظيمة في باطن الأرض والذي أصبحت من الشروط الأساسية في طقوس الدفن عند البطالسة والرومان
وهناك رأي أخر لا أجد بداً من سرده، هو أن المستر ألن رو مدير متحف البلدية سابقاً يرى أن الإسكندر دفن بالمقبرة الغربية حيث المدينة الرومانية، وقد أخبرنا أسترابون بأن تلك المنطقة كانت مروجاً ترعى فيها القطعان. وأظن أنه ليس هناك أدلة منطقية تعضد هذا الرأي. والأمر الطريف أن الأستاذ ألن ويس يقول أن الإسكندر دفن في منطقة مسجد العطارين واستشهد (بالعثور على تابوت منهوب) ولم أجد عبارة أخرى مخففة (أقدمها للقارئ) ومسروق من إحدى مقابر ملوك الأسرى الثلاثين ودفن به فكأن الإسكندر ذلك الغازي الجبار أفتقر إلى تابوت من الحجر فما بالك بتابوت من الذهب.
هذا هو مجمل الآراء التي قدمتها ومن ضمنها رأيي. وعساي أن أكون قد وفقت بالمساهمة في كشف النقاب عن قصة قبر الإسكندر، تلك الألغاز المجهولة لمؤسس مدينتنا المحبوبة الإسكندرية. ثم هذه هي مشكلة قبره الذي أبى علينا الزمان التشرف بمعرفة أخباره فما بالك برؤيته.
عبد المنعم مختار