الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 986/الأدب والفنّ في أسبُوع

مجلة الرسالة/العدد 986/الأدب والفنّ في أسبُوع

مجلة الرسالة - العدد 986
الأدب والفنّ في أسبُوع
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 26 - 05 - 1952


للأستاذ عباس خضر

سعودي بالولاء

وقع بالأسبوع الماضي حادث بالسيارة التي قادها أحد السعوديين إلى حتفه. وقد ذكرت الصحف اسمه (سعد البلوشي) وقالت إنه من خدم الأمير طلال، وقالت إحدى المجلات إنه سكرتير الأمير، وسمته مجلة أخرى: (سعد طلال).

والرجل ليس سعودياً إلا بالولاء، فقد كان العرب ينسبون بالولاء كما ينسبون بالقرابة، ومن ذلك بشار بن برد العقيلي، ولم يكن بشار من بني عقيل وإنما كان ولاؤه لهم.

وقد تعلمنا في قواعد اللغة العربية أن التوكيد بالنفس والعين لرفع الاحتمال، فإذا قلت: قدم الأمير، احتمل أن يكون القادم خادمه أو (سكرتيره) فإن أردت أن تقطع هذا الاحتمال قلت: قدم الأمير نفسه أو عينه.

وهكذا: تتحدث الصحف عن الحادث وما يدل عليه ونتحدث نحن عنه في باب الأدب والفن بمجلة (الرسالة) من حيث اللغة وقواعدها. . . ولكل طريقته.

مجلة الأزهر

من الحوادث الأدبية الهامة هذا الأسبوع صدور مجلة الأزهر، في شكل جديد، وتحرير جديد، بعد أن أسندت إدارتها ورئاسة تحريرها إلى الأستاذ صاحب الرسالة. وقد علمنا أنه حشد لها صفوة من أقطاب الفكر والثقافة، وأرباب الأدب والبلاغة، ووزع أقلامهم على الأبواب المختلفة لهذه المجلة، من فقه ولغة وأدب وتاريخ واجتماع وفلسفة وعلم وشعر وقصص وتراجم وطرائف وأخبار. ثم زيدت صفحاتها إلى 124 صفحة؛ فإذا اجتمع لهذه المجلة المادة والفن والقوة والاختصاص، وكان لها رسالة معينة وغاية ملموسة؛ كان لنا أن نرجو منها الشيء الكثير، ونتوقع لها الفوز المبين، ونعقد عليها الأمل الواسع. وسيصدر عدد رمضان من هذه المجلة في الموعد الذي تصدر فيه (الرسالة)، فلا يسعنا في هذا الأسبوع إلا أن نرحب بها، أما وصفها والحديث عنها فسيكون إن شاء الله في الأسبوع المقبل بعد أن نقرأها قراءة استيعاب وتعقيب.

أيها الأدباء - اسرقوا الدولة

ماذا فعل أولئك الأدباء الذين كان لهم نفوذ في وزارة المعارف. . . ماذا فعلوا حتى استهدفوا لحملات صحفية ساقت بعض مثيريها إلى ساحة القضاء؟

كل ما فعلوه أن باعوا كميات من مؤلفاتهم لوزارة المعارف كي توزعها على الطلبة ليقرأوها. . .

ثم قال الحاسدون: أخذت الوزارة لهذا وتركت ذاك. . . وكان (ذاك) قد أخذت الوزارة له من قبل.

وسمع الدكتور طه حسين باشا كلاماً يقال وغباراً يثار، فآثر مذهب (ابن حنبل) ومنع كتبه عن التلاميذ. . ومع ذلك لم يسلم من التطاول والتجريح!

وليس في الأمر كله ما يستحق كل ذلك. . .

مئات من النسخ أو آلاف أخذتها الوزارة كأسلحة تغزو بها الجهل، وقد حوت من الأفكار ذخيرة غير فاسدة. . . وعادت على المؤلف بعشرات أو مئات من الجنيهات لقاء سهر الليالي وثمناً لعصير العقول وكد القرائح.

والدولة تقدر بطولة الأجسام وتهمل بطولة الأفكار، فقد نص قانون إلغاء الاستثناءات - مثلاً - على إبقاء ما منح لأبطال الرياضة، وتركت إدارات المستخدمين في وزارة المعارف وفي غيرها تهوي بالأدباء. . .

أيها المؤلفون - بيعوا للدولة ما استطعتم بيعه من كتبكم واستغلوا من نفوذكم في ذلك إن تيسر لكم نفوذ، وإذا عد ثمن هذه الكتب مالاً مسروقاً فأكثروا من هذه السرقة.

وإني أحرضكم على ذلك وأمري وأمركم إلى الله. . .

استقبال عضو جديد بمجمع فؤاد الأول

احتفل مجمع فؤاد الأول للغة العربية يوم الاثنين الماضي باستقبال عضو جديد هو الدكتور محمد كامل حسين مدير جامعة إبراهيم. وقد ألقى كلمة الاستقبال الدكتور إبراهيم بيومي مدكور، فتحدث عن نشأة الدكتور كامل حسين، فقال إنه كان يكتب في إحدى الصحف الأسبوعية منذ ربع قرن مقالات يذيلها باسم مستعار هو (ابن سينا) وكان إذ ذاك طبيباً شاباً يستكمل دراسته في إنجلترا، وقد عاد إلى مصر سنة 1930 فاشتغل بالتدريس في كلية الطب، وقضى بها تسع سنوات أستاذاً لجراحة العظام، ثم اختير عند إنشاء جامعة إبراهيم مديراً لها.

وأشار الدكتور مدكور إلى النواحي المختلفة لشخصية الدكتور كامل حسين، ثم خص الناحيتين العلمية والأدبية بشيء من التفصيل. ومما قاله إن العالم الكبير يؤمن بالتجربة باعتبارها وسيلة المعرفة في العلم والحديث، ويؤمن بالعقل كوسيلة لاستخلاص القضايا العامة من التجارب الجزئية. ولما عرض للناحية الأدبية قال إن نشأته الأولى - من حيث حياته المدرسية - لم يكن فيها مجال أو باعث على الدراسة الأدبية، وإنما ساقه إلى الأدب حسه المرهف وقراءاته الشخصية، وقد دفعه كذلك إلى الأدب علمه، فهو يؤثر الفكرة الواضحة ويرى أن الحقائق العلمية تحتاج إلى التعبير الدقيق السليم، وقال إنه مزج العلم بالأدب، إذ عرض العلم عرضاً طلياً، ونحا في الأدب منحى العلم من حيث الدقة والتحليل والمقارنة، وأتى برأي له فيما وقع بشعر المتنبي من تعقيد إذ علله تعليلاً نفسياً بأن المتنبي طلب في حياته أموراً عزت عليه، فشعر بالإخفاق وتكونت عنده عقدة بسبب ذلك، فعمد إلى خلق صعوبات في شعره ليقنع نفسه بالتغلب عليها.

ثم ألقى الدكتور محمد كامل حسين كلمته، وقد تحدث فيها عن سلفه في عضوية المجمع المرحوم أحمد حافظ عوض بك، واستطرد إلى المحاضرة في الحياة الفكرية عندنا وموقفنا من المدنية الغربية.

والواقع أن الدكتور كامل حسين قدم نفسه بهذه المحاضرة تقديماً رائعاً، وقد دل بها على أنه أديب مطبوع ومفكر ممتاز، وقد تضمنت محاضرته آراء وخواطر قيمة ممتعة في الأدب واللغة والفكر والحياة. وأعد قراء (الرسالة) بخلاصتها في الأسبوع القادم إن شاء الله.

عباس خضر