الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 976/بعد عشرين قرنا

مجلة الرسالة/العدد 976/بعد عشرين قرنا

بتاريخ: 17 - 03 - 1952

ً

حضارة عربية تنكشف عنها الرمال

للأستاذ وندل فيلبس

رئيس البعثة الأثرية الأمريكية

كانت ليلتنا الأولى بين عرب وادي بيجان في عدن تبدو في ظاهرها كأنما انتزعت مباشرة من دنيا ألف ليلة وليلة. فما كانت هوليود ذاتها مستطيعة أن تفعل خيرا مما فعله مضيفنا الشريف حسين بن أحمد حاكم بيجان. لقد جلسنا متربعين في باحة القصر نشاهد الرقصات الغجريات اللواتي خلبن ألبانيا بحركاتهن الرتيبة المثيرة في أضواء الشموع المرتعشة، بينما كانت الطبول تملأ الظلمة بأصدائها الخافتة، وأنغام الناي تنساب حلوة ناعمة.

وكان يهيمن علينا جو من أجواء الأساطير. فأنت تحس فيه بنكهة الخيال، وطعم الخطر، فقد قام على مقربة منا مائتان من الحرس القبليين اليقظين، كالحي الوجوه، يحملون جنبياتهم (خناجرهم) الكبيرة في مناطقهم المنتفخة بالرصاص، ويتنكبون بنادقهم المهشمة تسندها سواعدهم المعروفة التي كانت تبدو واضحة من بين أسمالهم الصحراوية الممزقة.

كنا نعرف ما يتصف به بدو الجنوب في الجزيرة العربية من الخطر، وما هم عليه من كره شديد، يذكيه ما في الإسلام من حماسة وحمية، لكل من يتطفل على بلادهم من الأجانب. كما كنا نعرف عن المحاولات التي سبق وقوعها على حياة الشريف حسين. ولكن هؤلاء الحراس، مع استعدادهم لكل ما قد تنشق عنه الصحراء من الأخطار، كانوا يتابعون الراقصات بأبصارهم. وقد استطعت وأنا أتطلع حولي دهشا لذلك المنظر، أن أشاهد أسنانهم البراقة وهم يبسمون لبعضهم، ويكز بعضهم بعضا، عندما تمر إحداهن على مقربة منهم.

وكان الشريف حسين، وهو من أطول وأجمل من رأيت من العرب، يبتسم هو أيضاً، ويلوح لي بيده، إشارة على انه يود الحديث معي بوصفي قائدا للبعثة، كان يجلس في مقابلتي موليا ظهره للفتيات اللواتي طالما رقصن من قبل لتسليته، وكان الدكتور أثريي البعثة ومترجمها بجانبي، وهو يتكلم خمسا وعشرين لغة، فوكزته، فأومأ إلى الشريف حسين، فردا هذا مرحبا بقوله: (أهلا وسهلا) وكأنما لم يقلها لنا من قبل، مع أني أصبحت أعرف بأن معناها: (مرحبا بكم وطاب مرعاكم) فرد عليه العلامة أولبرايت تحيته.

كان الشريف حسين، الأريحي المرح، الذي بهرته قافلتنا الميكانيكية، قد أبدى لنا منتهى الكرم، كأنما كنا الرئيس ترومان ووزراءه. إن وصولنا ذات مساء إلى وادي بيجان، بعد رحلة طويلة مضنية، من خليج عدن، حدث من الأحداث الكبرى في تاريخ وادي بيجان الحديث. فقد كنا أول جماعة من الأميركان تقع عليهم أعين البيحانيين. لقد جئنا، نحن الخمسة عشر، لإزاحة الغطاء عن حضارة تعرف بالقطبان، قامت على عبادة القمر، ثم انقرضت قبل 2000سنة، بعد كارثة لا بد وأن تكون قد هزت العالم العربي القديم من أساسه.

تلك الكارثة هي خراب (تمنا)، عاصمة القطبان القديمة. فمنذ ذلك الحين أسدل الصمت ستار كثيفا من النسيان على تاريخ الوادي، حتى أن سكانه المعاصرين، ليست لديهم أية فكرة عن أسلافهم المدهشين، الذين عملوا علىإشادة طريق البهارات في أيام التوراة، وعلى تحويل هذه الأراضي القاحلة إلى ما يشبه الدوريدو الأعصر الغابرة.

لم أتأثر قط في سني التسع والعشرين، كما تأثرت هذه المرة، فإن زيارة وادي بيحان النائي الذي يكاد يكون مجهولا جهلا تاما، كانت هدفي منذ سنين. ولكني كنت وأنا أقابل ابتسامة الشريف حسين بمثلها، أحس بالسعادة تغمر كياني لوجودي في وادي بيحان، كما أحس بالألم للحالة السيئة التي تدهور إليها بيحانيون. لقد عاشت ملكة سبأ على مقربة من هذا المكان يوما ما، فلا بد وأنها مرت بهذه الرمال مرارا عندما كانت حقولا نضرة غنية بالمياه.

لقد أعادني التفكير في الملكة التي أمطرت الملك سليمان بالهدايا - كما تقول التوراة - والتي يشك بعض العلماء في وجودها، إلى حاضري أمام الراقصات الغجريات. لابد أنها كانت تبدو مثلهن، فقد جاءت كما جئن من مكان يسمى سبأ، وهو جزء يقع اليوم في اليمن. إن هؤلاء الغجريات، سمر البشرة، متناسقات الأعضاء، مشجرات المآزر والقمصان، وإن يكن تفصليها غير متقن في أذواقنا.

كانت كل منهن تتحلى ب 50 رطلا من الحلي الفضية حول رقبتها، ومعصميها، وساقيها.

ولا أدرى كيف استطعن تحمل ذلك كله، ولكن رقصهن استمر متزنا زهاء ساعتين.

كان الرقص في بادئ الأمر رائعا، فأيديهن رشيقة، وحركات أردافهن تستلفت الأنظار، وقد صفقنا لهن مرارا. ثم أخذن في الاقتراب منا شيئا فشيئا. أثناء انسيابهن في باحة القصر. وإني لأتذكر كيف مال جورج فرير مساعدي، البالغ من العمر التاسعة عشر بجسمه نحوي ثم أخذ يصفر في هدوء.

ثم بدأ اهتمامي يزول. ولعل مرد ذلك عائد لاطراد الرقص على نسق واحد رتيب، أو للإعياء الذي انتابني، ولكن السبب الرئيسي هو أن إحدى الفتيات انحنت أمامي حتى شممت شعرها.

إن البدويات يستعملن بول الإبل لتجعيد غدائرهن، فتأكدت أن هؤلاء الغجريات لا يخرجن علة تلك القاعدة. لذلك تلاشى تأثيرهن، وما انتهى العرض حتى لم يبق مما يثير الإعجاب سوى جلد الراقصات - وجلدنا.

كانت أعمار الراقصات الأربع تتراوح ما بين الثانية عشر والثلاثين تقريباً. وقد قال لي الشريف حسين إنهن غادرن اليمن لأن الحكومة تأبى عليهن الرقص مع الرجال، وتعارض في ممارستهن بعض المهن الأخرى التي يقمن بها بغية الكسب. أن مثلهن كمثل المومسات في الصحراء في تهافتهن على المال - قل أم كثر.

إن البون شاسع بين بول الأبل، وبين اللبان والمر اللذين كانا يبثان في سماء بيحان جوا السحر. لقد سجل ديونيسوس الكاتب اليوناني، ثناءه على البلاد حوالي عام 90 بعد الميلاد، في الوقت الذي كان يكتب فيه إنجيل يوحنا. فقال (إنك لا تتنفس في (العربية السعيدة) غير أريج اللبان أو المر من البهارات العطرة. وإن لأهلها قطعانا عظيمة من الضأن تتغذى بما في مراعيها من العشب والكلأ، وإن الطير تهوى إليها من الجزائر النائية تحمل إليها أوراق القرفة.).

قامت اقتصاديات أربع من الممالك الهامة على ما كانت تدره قوافل البخور في جنوب الجزيرة العربية من الثراء زهاء ألفين من السنين فقد كانت القوافل تنساب في مهل من غابة البخور في حضر موت، متجهة نحو الشمال على طول الجزيرة، وهي تقدم في طريقها الإتاوة، والحماية، لعدد لا بحصى من القبائل، ثم تعود محملة بالذهب، والفضة، من مصر واليونان وروما، كما ذهبت محملة بالبخور والبهارات. فقد كانت هذه البلدان تتبوأ المكان الأسمى بين بلدان سواحل البحر الأبيض المتوسط.

لقد أقلق تدفق الأموال من الإمبراطورية الرومانية رجال الاقتصاد فيها، فجأروا بالشكوى من أن (العربية السعيدة) لسوء الحظ، هي السبب في ارتفاع أسعار الذهب. وفي تدهور قيمة العملة المتداولة. وكانت قصص المدن الخرافية والأضرحة المليئة بالذهب في (العربية السعيدة) تدور على الألسنة. ولكن أحداً لم يجد في نفسه الجرأة الكافية على إثارة العرب وإغضابهم.

وقد حاول الإمبراطور أغسطس قيصر أن يتحقق من صدق القصص التي كانت تروي عن رعاة الإبل من العرب، فبعثإبليوس غالوس أحد قواده إلى (العربية السعيدة) فسار حتى مأرب، ولكن ضريبة الحر، والمرض، ومعارك الصحراء، كلفته جيشا تعداده 000 , 10 جندي، لم ينج من الهلاك منهم إلا قليلون.

كانت مأرب عاصمة سبأ أو شبأ، كما تسميها التوراة. وكانت سبأ إحدى ممالك البهار الأربع، أما الثلاث الأخرى فهي معين، وحضر موت، وقطبان. وكان هدف بعثتنا جغرافيا، هو الوصول إلى وادي بيحان، قلب القطبان وعاصمتها تمنا.

كانت سبأ ومعين تحتلان بقعة من الأرض هي الآن اليمن، وجزء من البلاد السعودية، والجزء الغربي من عدن

- وبوجه التقريب، وادي حضر موت العظيم. وعلينا للوصول إلى بحيان الذي يقع أشد جبال الزاوية الجنوبية الغربية من جزيرة العرب وعورة، أن نجتاز الجزء الشروق والغربي من وادي حضر موت - وسرعان ما عرفنا لماذا يسميه سفر التكوين في التوراة (بدار الموت.).

كنا نستمع، من حين إلى حين، إلى قصص الفتك بين العرب بينما كانت سياراتنا تقعقع فوق ما يسمى تجوزا بالطريق، وسط الحرارة المتقدة. لا أدري ما الذي حدا بي حدا بي إلى مغادرة أرصفة نيويورك، والمجيء إلى هذه الدنيا.

لقد جمعت في نيويورك. أمام مكاتب رجال الأعمال الضخمة، والمجالس المالية، القسم الأكبر من نفقات البعثة. وعن طريق التليفون والمراسلة جمعت رجالي وأرسلتهم بالباخرة أو الطائرة كانت البعثة مؤلفة من علماء أميركيين ومن بعض الطلاب، وكانوا جميعا مستعدين للعمل لقاء أجر زهيد، أو لقاء لا شيء بالمرة. وكان من ضمن أفرادها العلامة أولبرايت. رئيس مدرسة اللاهوت في جامعة هوبكنز. وهو في الستين من عمره. ويتميز بجرأة تكاد تبلغ حد التهور. ولاسمه بين البدو تأثير كبير، حتى أنه ليقطع وحده أميالا وأميالا في الصحراء كل يوم لمراقبة أعماله التي تتألف بالإضافة إلى العمل المتواصل دون كلل، من القفز فوق الجدران المتداعية، رغم الأفاعي والعناكب الخطرة. ومن أعضائها أيضاً وليم ترى، الذي اشتهر بصوره الفوتوغرافية أثناء الحرب العالمية الثانية. وشارلس إنج، رئيس الحفريات عند بدء البعثة بأعمالها ورئيس الآثار في عدن، الذي اقتنع العلامة أولبرايت بالشروع في الحفر في تمنا، بدلا من أماكن أخرى كان من المحتمل مباشرة الحفر فيها. والدكتور إسكندر هانيمان، أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة سان أندروز الاسكتلندية، والدكتور ألبرت جامي، أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة تونس. والدكتور فريزو هيبرويك الجيولوجي الهولندي، والدكتور رشارد لي بارون بووين، العالم الأثري من أهالي جزيرة رود، وكنيت براون من طلاب جامعة كاليفورنيا. والسيدة وليم ترى، المكتشفة العالمية الشهيرة. والدكتور لويس كراوس، والدكتور جيمس ماكنتيش، وكلاهما من جامعة ماريلاند، وقد قاما في بيحان بالأشراف على صيدليتنا التي نتألف بها قلوب الأهالي. وشارلس ما كلوم من كاليفورنيا، وهو رئيس مواصلاتنا وجورج فارير من كاليفورنيا وهو مساعدي. وأوكتاف روماني، من نيويورك، وهو مصورنا الفونغرافي.

يعود الفضل في إرسال هذه البعثة في الربيع الماضي إلى بيحان، ورحلتها التي تزمع القيام بها هذه السنة إلى مؤسسة جديدة، هي المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان، التي تم تأسيسها في العام الماضي بعد تفكير دقيق. لقد أسندت رئاستها إلى بينما تولى نيابة الرئاسة في أول الأمر العلامة أولبرايت. وتولى إدارتها كل من الأميرال شستر نيمتز، وصموئيل برابور، ولاول توماس وأمير اللواء ماكيزي، وبايارد كولجيت، وشارلس ناجر من أهالي نيويورك، وجيمس موفيت من سان فرانسسكو.

وكانت بعثتنا من غير شك مجهزة بالسيارات والمبردات والمحركات الكهربائية والسلاحوما أشبه تجهيزاً لم تنله أي بعثة أخرى. وقد قطعنا نصف الكرة الأرضية حتى ضربنا خيامنا في بيحان، واستأجرنا 200 عربي للقيام بأعمال الحفر وإزالة الرمال. وهنا وبينما كانت القطبان تترقب من يزيح عنها الستار، جاءني شارلس ماكلوم، رئيس مواصلاتنا يلقي إلي بالحقيقة المرة:

- لقد بحثت في كل مكان، ياوندل، فلم أجد شيئاً. فصرخت وقد أخذ الدم يتجمد في عروقي: لم تجد ماذا؟ فأجاب: لم أجد سخاخين. لم أجد فؤوساً لم أجد مقاطف.

ولكننا استطعنا الحصول على حاجاتنا من ذلك من مدينة عدن ومن القرى العربية المختلفة. وكان الحصول على المقاطف

أعرض ما واجهنا من المشاكل. فقد تحتم عملها.

وكان الحصول على بقية ما نحتاج إليه من المال أصعب من الحصول على حاجتنا من الأجهزة. لقد كانت سفينتنا في عرض البحر وعلى ظهرها جميع أفراد البعثة حينما خف إلى نجدتي والاس رشارد، رئيس أحد المتاحف في فبفضل جهوده وافق المتحف على منحنا معونة مالية، وعلى القيام بعرض مكتشفاتنا من الآثار العربية. وكذلك فإن رونالد هاريمان، وألن وسارة سكيف، وهـ. ج. هاينز الثاني، ولجنة الوصاية على وقف ا. و. ويلون الخيري والثقافي، وكثير غيرهم، قد منحونا مساعدات مالية جزيلة.

وأخيراً تسنى لي السفر جوا إلى عدن أنا وجلادس ترى مديرة أعمالنا. ولما وصلنا إلى لندن في طريقنا إلى عدن زارنا مندوبو الصحف، فانتزعت جلادس، الشقراء الفاتنة، الإعجاب. فقد نشرت لها الدبلي ميل صورة كبيرة، كتبت تحتها: (أربعة عشر رجلا وفتاة واحدة يبحثون عن ملكة سبأ) ثم استطردت تقول: (فتاة أمريكية في هيئة عارضات الأزياء (المانيكان)، وعزيمة المصارعين، تطير إلى دنيا سبأ الضائعة) ثم أردفت تنقل قولي: (لا يدري أحد ما الذي سنعثر عليه، فإننا لا نتوقع أن نكتشف بقايا ملكية سبأ وهي جالسة في حمامها ممسكة بيد الملك سليمان، لكننا نأمل أن نجد بقايا جثمانها)

لم يكن لدينا ما يدفعنا على الشك، كما يشك الكثيرون، في حقيقة وجودها. يل يجب أن يثبت البحث الأثري وجودها عاجلا، ونأمل أن يكون من البادئين بذلك. فلقد سبق لعلم الآثار أن أثبت أن الملك سليمان تولى الحكم من سنة 961 إلى سنة 922 قبل الميلاد.

ما أكثر ما حيك من الخرافات والأوهام حول هذه الملكة التي جاء ذكرها في سفر الملوك الأول من التوراة: لقد وردت على الملك سليمان، كما تقول التوراة، (وأعطت الملك مائة وعشرين وزنة ذهب وأطيابا كثيرة جدا وحجارة كريمة. لم يأت بعد مثل ذلك الطيب في الكثرة الذي أعطته ملكة سبأ الملك سليمان.)

إن رحلة ملكة سبأ إلى القدس حوالي سنة950 قبل الميلاد تتفق والتوسع العظيم في تجارة القوافل في التاريخ القديم وأغلب الظن أنها قامت بتلك الزيارة بوصفها رئيسة لأغنى وأقوى دولة في جنوب الجزيرة العربية للعمل على تعزيز طريق البهارات، كما قامت بها لرؤية الملك سليمان.

إن أغلب أشجار الطيب تنمو في الجنوب الشرق من حضر موت والعصارات التي تتساقط من جذوع المر واللبان على هيئة دموع متجمدة، تجمع وتحمل على ظهور الإبل إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط على بعد 2000 ميل تقريباً. كان طريق القوافل يتجه في العادة غرباً عبر الأراضي الحضرمية، ثم ينحرف نحو الشمال متاخما للساحل الشرقي من البحر الأحمر. وعلينا أن نسلك جانبا من ذلك الطريق، في طريقنا إلى وادي بيحان.

طرنا من لندن، أنا وجلادس، إلى عدن عاصمة المحمية. حيث منيت بموقف عصيب مع حاكمها السر ريجينالد شامبيون. لقد سبق لي القيام بزيارة تمهيدية إلى عدن قبل بضعة أشهر. عندما كنت أفتش عن موقع من المواقع الأثرية، فتحصلت في ذلك الحين من القائم بأعمال الحاكم، لغياب السر ريجينالد في إنكلترا، على إجازة بالذهاب إلى وادي بيحان. لقد كانت كلمت السر ريجينالد الأولى حينما رآني:

(لو كنت في عدن حينما جئتها مؤخراً أيها الشاب، لما سمحت للبعثة بالدخول إليها قطعاً. فهناك كثير من مشاكل السياسة والأمن تكتنف المنطقة التي تود اكتشافها) وتوقف عن الحديث. فهيأت للكلام، ولكنه أردف مبتسما:

(وعلى كل فما دمت وجماعتك قد وصلتم فعلى الرحب والسعة)

لم يكن السر ريجينالد متصلبا. فقد تعاون البريطانيون معنا جهد استطاعتهم فأمدونا بخمسة وعشرين عربيا من جنود الحكومة يقودهم أحد الأشداء في عدن، وجهزونا بكتاب لشيوخ العرب جميعهم في الداخل، يفيد بأن بعثتنا، ليست عسكرية ولا تجارية، ولكنها علمية بحتة

للكلام بقية (صوت البحرين)

ع. ت