مجلة الرسالة/العدد 975/من الشعر الفكاهي
→ رسالة الشعر | مجلة الرسالة - العدد 975 من الشعر الفكاهي [[مؤلف:|]] |
أخي ← |
بتاريخ: 10 - 03 - 1952 |
من وحي الكأس
للأستاذ محمود غنيم
علي بك شخصية لا تكاد تفارق الكأس شفتيه، كان موظفا كبيرا ثم أحيل إلى التقاعد من سنوات، وقد أقام له السيخ المحترم سعد بك اللبان بقصد الدعاية حفلة تكريم ألقى فيها الشاعر هذه القصيدة.
صاغوا لك الشعر من زهور ونوار ... وصغته لك من حانوت خمار
ما (الروم) إن قلت شعرا يا علي وما ... زينب (زوتس) أو (كونياك أو تار)
حطم كؤوسك وأشرب يا أبا حسن ... سلافة عصرت من كرم أشعاري
لله درك شيخاً ليس يشبعه ... نهر من الخمر في الخمر في أحشائه جار
حمراء سحنته بيضاء لحيته ... لكن صفحته سوداء كالقار
إن الشيوخ تقوم الليل في حرم ... لكن على يقوم الليل في (بار)
يمشي على فلا يدري إلى جبل ... تقوده قدماه أم إلى الدار؟
يضل عن بيته والشمس طالعة ... وليس ببعد عنه غير أشبار
وربما دق باب الجار من خبل ... وربما ضربته زوجة الجار
يعد (يني) عليه الكأس أربعة ... أو خمسة وهو لا واع ولا دار
ويحسب الفار إذ يبدو له جملا ... يعدو عليه فيجرى خشية الفار
ويطلب اللحم من دكان فاكهة ... ويشتري الموز من حانوت جزار
وربما خدعته العين في رجل ... يمشي فقال: مساء الفل يا ماري
وربما قابل (المترو) فقبله ... في وجنتيه وحياه (بسيجار)
وربما أطلق المسكين (قنبلة) ... وراح يحسبها رنات أوتار
على عذرا إذا أسرفت في هذري ... فأنت ذو منزل عندي ومقدار
حييت يا صاح فيك النبل أجمعه ... حييت فيك لساناً غير معثار
حييت فيك حديثا خف مسمعه ... وكم حديث يحاكي رجم أحجار
ظل خفيف وأخلاق معطرة ... لو نسقت أصبحت باقات أز يكفيك نجلان يزدان الحمى بهما ... كلاهما لامع كالكواكب الساري
وندوة الشيخ (سعد) أنت بهجتها ... لله درك بدرا بين أقمار
لا عيب فيك سوى كأس تضاجعها ... في النوم تغنيك عن زوج وأصهار
وكل ما أنجبت مصر وما ولدت ... (باريس) من خردعون وأبكار
الدهر أفسد شيئا أنت تعرفه ... ما عاد ينفعه إصلاح عطار
بالأقدمية عش في البيت منزويا ... وأخف نفسك فيه خلف أستار
لا تغضبن على فول ولا عدس ... ولو أتوك بسم ناقع هار
عش يا على ملياً عمرك في ... كأس وكأس وفي لهو وأسمار
وخل من شاء يبكي الحظ منتحبا ... ويقطع العمر في هم وأفكار
اترع كؤوسك واشرب كيف شئت وقل ... يا نفس لا تقنطي من رحمة الباري
ما العار إلا الأذى بالناس تلحقه ... ما في المدام ولا في الكأس من عار
قد يغفر الله للسكير من كرم ... ويخلد الراهب الذكير في النار
على هذا قريض كنت تطلبه ... فأد في كل بيت ألف دينار
الشعر غال ولكني أجود به ... عليك. إنك مثلي جائع عار
محمود غنيم