الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 972/البَريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة/العدد 972/البَريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة - العدد 972
البَريدُ الأدبيّ
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 18 - 02 - 1952


تحية للرسالة من العراق

إلى صاحب الرسالة

واكبتك منذ خمسة عشر عاماً أو تزيد. وأنا في ركب رسالتك، أرشف معين أدبك، وفيض خواطرك، وبي ظمأ أدبي. لا يبله غير رشيح قلمك ووحي رسالتك. لذا جئت منتهزاً فرصة التسعة عشر عاماً التي اجتازتها الرسالة، لأرفع بين الإعجاب والإكبار تحية أدبية هي منك وإليك. فتقبل شيخ أدباء الجيل تحيتي، أكن ممتنا وشاكراً هذا القبول:

حديث الرسالة:

لا شك أن الحديث عن الرسالة متعب، ومتعب جدا. ولا شك وأن المتحدث عن صاحب الرسالة متعب مكدود. قد يجهد هذا المتحدث فكره، ويكد ذهنه، بقضاء ساعات طوال بين صفحات الرسالة، متصفحاً ما تركته من أدب حي خالد خلال رواسب هذه السنين المواضي. يخرج وقد عقد الإعجاب لسانه. لا يدري ما يقول، فيضطره هذا الإعجاب، إلى التقهقر والتراجع، أمام هذا الصرح الأدبي الجبار الذي سيطاول الزمن ولا شك، ويقارع الجهل أنى كان، وحيثما وجد، بأقلام عرفت بطيب المغرس والمنبت. تستقي الوحي من أفكار خصبة وقادة، وقرائح لا تعرف الجدب والمحول؛ فهي دائماً وأبدأ، تطالعنا بكل طريف جديد، ولاذ ظريف. وفي الطليعة صاحبها. يقودها قيادة مدبر حكيم، بسهر متواصل، وحراسة حدب عليها، رفيق بها. بعزيمة أشد صلابة من الصلابة نفسها، وهمة لا تعرف الخور والتراجع فيما هي سائرة نحوه وإليه له قلم طيع يسيره أنى أراد وحيث شاء. هو قاس شديد حين يريد منه القسوة والشدة، ولين مرن حين يريد منه المرونة واللين، وساخر هازل إن أراد منه السخرية والهزل. وجاد حين يريد منه الجد:

هو قاس عنيف، حين يصخب من الحياة ومآسيها، ومن الوضع وشذوذه. فإذا رعف بمأساة من مآسي الحياة تجده جذوة ملتهبة وبركاناً يقذف حمماً وشواظاً من نار. وإذا هدأت نفسه واستقرت يعطيك صوراً من الحياة باسمة ينتزعها قطعاً من قلبه، فينفثها قلمه سحراً حلالا. وفاكهة طيبة ناضجة.

وإذا سخر من الحياة وهزئ بالوضع تجدك أمام المعري في سخريته اللاذعة وتهكمه المرير. وإن جد ففي جده العبر والعظات، والحكم والأمثال. هو ذو قلم سحري عجيب، يعطيك ألوانا من الحياة، وصورا من الواقع لمختلف الأوضاع والصور فمرة تراه ساخراً هازلا. ومرة جادا، ومرة قاسياً بمنتهى العنف والقسوة. ومرة طيعا لينا بأجمل ما تكون فيه الرقة واللين. وهذه هبة قلما أوتيها أديب.

فإلى ركب الحضارة وموكب المدنية وقافلة الأدب ومنهل الثقافة أزف تحية أديب متواضع طالما ارتشف معين الرسالة، رسالة الجيل الجديد، ومنبر الفكر الحر، ومشعل الثقافة، ومنار الأدب، ومثال الاستقامة والخلق العربي الكريم.

إليك صاحب الرسالة، وإلى صحبك الكرام، أزف هذه التحية المتواضعة، وقديما قيل: الهدية على قدر مهديها.

العمارة - العراق

خليل رشيد

ومن الحجاز

تحية ولا كتحية، ولكنها الحب الخالص يتغلغل في النفس والود الصادق الذي لم تستطع الأيام أن تحد من سورته أو أن يهد البعد من أركانه. حب لم يزل ولن يزال ناميا مع الأيام.

أستاذي! يكتب إليك ابن تربى في أحضان البلاد المقدسة، البلاد التي شعت في آفاقها أنوار الرسالة الإسلامية، ورددت جبالها أصداء القرآن الكريم، وشهدت رمالها الصامتة مذابح الوثنية وتحكيم الرجعية البالية ومحق الأنانية الصارخة.

يكتب إلى أستاذه ابن الكنانة وربيب قاهرة العصور وآية الزمن مصر المحبوبة.

يكتب إلى أستاذه وهو يصغي إلى قول الحق وجعجعة الباطل، يعلو في الفضاء لينتهي.

يكتب إلى أستاذه: ونداء الحق يسري في نبضات القلوب بعد أن طوى الإعصار واخترق حواجز السنين: صوت مصر وهي تحطم القيود الفولاذية بأيد فولاذية أقوى، وتصوب إلى الأحمق الغاصب نظرات المؤمن بحقه الصادق في جهاده المستميت في سبيل حريته واستقلاله.

نظرات فيها القوة المتناهية والشعور بالعظمة الحقيقية قوة الحرية والشعور بالحرية.

يكتب إلى أستاذه: معترفا بحقوق الأبوة الروحية مترجما في هذه الأسطر كلمات مقتضبة - عن خلجات النفس الإنسانية عندما يزاح عنها كابوس الظلام وتغيب في قراراتها أشعة الرحمة، ويسطع في أفقها شفق الهداية. فترى الطريق القويم والصراط المستقيم عندما تستجيب لنداء الحق. يوم يقف الحق وحده في صحراء الحياة.

وعندما يرتفع صوت الباطل محاولا عكس الأوضاع وإضاعة القواعد. تلك يا والدي - قصة مشعل النور: وأعني به الرسالة الغراء التي فتحت صدرها للحق وأنصاره فكانت منبراً رفيعا يعلوه قواد مشعل الثقافة الإسلامية مرددين هتافات الحق بين غابات الباطل وتحت سراديب الغطرسة الاستعمارية.

لقد كانت الرسالة حقلا طيب البذرة طيب الرعاية فأثمر.

ولقد كنت تترك لقلمك (المعجز) وبيانك (الساحر) حق الدفاع عن الحق والحقيقة عن الحر والحرية.

لقد وقفت منذ عشرين عاما على مفترق الطرق تشير بيد الإيمان الصادقة إلى تلك الأمم الحائرة، والشعوب المحتشدة على ضفاف الحياة لترشدها إلى طريق السعادة والسيادة. . إلى طريق الحرية. وإن أريق في سبيل اقتحامه أطهر الدماء وأزهقت أنفس الأرواح.

ولأن من مبدئك ومبدأ رسالتك أن لا ترى الحياة جديرة بالشراء والبقاء إلا إذا قارنتها الحرية الكاملة. . حرية الرأي والقول والفعل العقلي والمادي.

والآن وبعد أن طوى التاريخ تلك الصفحات السود من حياة مصر والمصريين بل ومن حياة الشرق العربي الكريم. وعاد الشرق يبتسم للحياة ابتسامة العز بعد أن قوي فيه الوعي القومي. وثارت فيه روح الدفاع وتربت فيه ملكة الجهر بالحق ولو غضب المستعمرون.

يستقبل الشرق والشرقيون والعرب والإسلام لحظات الكفاح مشاركين مصر العربية في شعورها. . مؤمنين على صوتها حين ينبعث من (بوق) العدل والكرامة، مبتهلين إلى الله بقلوب ملؤها الإيمان أن يشد عضدها وأن يحقق لها آمالها حتى نرى المعركة الدامية التي يخوضها أبناء مصر وأحفاد بناة الهرم وقد تجلت عن حرية كاملة واستقلال غير منقوص.

المخلص لكم وللرسالة: عبد الله الحصين دار التوحيد - الحجاز - الطائف

وعزل أيضاً

كتب الأستاذ محمد عبد المنعم أبو سيف في البريد الأدبي للعدد970 يقول: إن أعزل لا يجمع على عزل بتشديد الزاي وإنما يجمع على عزل بتسكينها كما هو القياس في جمع أفعل وفعلاء ولكن القاموس أورد هذا الجمع فقال: (والأعزل من لا سلاح له كالعزل بضمتين وجمعهما عزل بضم فسكون وأعزال وعزل كركع) وإذن فقد سمع عن العرب ذلك الجمع، ولا تثريب على المثقفين وغيرهم لو استعملوه ما دامت العرب قد نطقت به. وللأستاذ تحية خالصة.

أبوه حمد حسب الله