مجلة الرسالة/العدد 961/رسالة الشعر
→ شذرات في الحياة: | مجلة الرسالة - العدد 961 رسالة الشعر [[مؤلف:|]] |
الأدب والفن في أسبوع ← |
بتاريخ: 03 - 12 - 1951 |
الشعور المكبوت
للأستاذ عبد اللطيف النشار
الشعور المكبوت في مصر ثارا ... فانفثي يا جوانب الأرض نارا
واقذفي بالطغاة في كل صوب ... واجعليهم حول اللهيب شرارا
دأب مصر من عهد نشأتها ... الأولى توالى سكينة وانفجارا
الشياطين والملائك منا ... واختيارا سلوكنا لا اضطرابا
أخرجوا الآن لا اصطبار عليكم ... وابتغوا غير هذه الدار دارا
أخرجوا الآن لا مكان بمصر ... لغير يسطو جهارا نهارا
مستخفا بكل ما قدس الناس ... خسيسا في فعله استهتارا
أخرجوا الآن ما دام الناس ماء ... حسبنا منكمو جنون السكارى
إن عهدا ما بيننا خنتموه ... ليس يحمي مخادعين حيارى
استندتم إليه من بعد أن ... أصبح ظلا وخلتموه جدارا
فهوى الظل والذي أتخ ... ذ الظل وقاء لظهره منهارا
وتحركتمو كأن حياة ... بقيت فيكمو تعاني احتضارا
رمق خافت بنفس الذي يقتل ... طفلا ولا يرى ذاك عارا
قتلت (أم صابر) بيد أضعف ... نفسا من أن تواجه نارا
أو يحمي القنال أمثال هذا؟ ... حسبكم ذلة ويكفي صغارا
خطر ما أثرتموه عظيم ... خطر أن تواجهوا الأخطارا
بنفوس تظن في قتلها المرأة ... فوزا لجيشها وانتصارا
ألجأتم إلى السكينة والمسجد ... خوفا من مثلها وفرارا
أرأيتم عجائزا في الطريق؟ ... هن أمثالكم فخوضوا الغمارا!
أم تبولون في المساجد ذعرا ... أم أردنا للأرذلين اعتذارا
أيها الحمر اوجها ستزيدون ... بما قد سفكتموه احمرارا
ضرجوا هذه الخدود بأرض ... قد قتلتم صبيانها والعذارى يا بني البحر في السفين نجاة ... لكمو اليوم من رمال الصحارى
وإلى حيث شئتمو من قرار ... فابتغوا غير رمل مصر قرارا
زعموا مصر جنة قلت كانت ... فانظروا الآن تبصروا وأمصر نارا
بالحديد المحمي نرمي ونرمي ... أتريدون للحديد انصهارا
صهرته عداوة هجتموها ... وعلى مستثيرها ما استثارا
ما البراكين تغتلي النار فيها ... كقلوب جرى تحاول ثارا
كان نورا ما أسفرت مصر عنه ... فكساه مقت الأراذل قارا
حمم فوق أرؤس القوم تهوي ... ليس تبقى من العدى ديارا
لعنة في ضمائر القوم أودت ... بعظيمين يصرعان انتحارا
رأيا مسلك اللصوص عجيبا ... فأثارا من الجوى ما أثارا
أبيا أن يكون قوتهما المسروق ... من مصر قوة واقتدارا
أبيا أن يطوف جيشهما الباسل ... في السوق خائفا يتوارى
ألهب القائدان رأسيهما يأسا فكانا ... عن الطغاة اعتذارا
ذهب اثنان من ربابنة ... الأسطول في أمة تسود البحارا
وتلا الهالكين منهما ثالث ... جن فهل رد عقله المستعارا
ليس يخلو من الضمائر شعب ... يشمل الصالحين والفجارا
جيش إنجلترا بمصر تخير ... إجلاء أردته أم بدارا
فيكمو الصالحون قد آثروا ... الموت وفيكم وقاحة لا تبارى
كل باق بمصر منكم فلص ... فليحاسب ضميره كيف صارا
قيل أخلاق لندن قلت مرحى! ... قد رأينا جيشا لها جرارا
يسرق الزاد تحت راية ملك ... كان فيما مضى يتيه افتخارا
خادع العالمين عصرا طويلا ... وأزاح الزمان عنه الستارا
يا بني مصر أن في مسلك ... الحمر ازدراء لشأننا واحتقارا
وبدأنا فلا رجوع فأنا ... قد ملأنا الأسماع والأبصار
ولغتنا العيون في الشرق والغرب ... إلينا فهل نطيق اعتذارا ابذلوا المال قبل أن تبذلوا النفس ... ففي المال فتنة لا تمارى
عبد اللطيف النشار
من الأعماق
للأستاذ عبد العزيز مطر
من الأعماق نبعثها غضابا ... مدوية نشق بها السحابا
عقدنا العزم أن نحيا كراما ... ولو ذقنا الشدائد والصعابا
ونحبي عهد أجداد أباة ... لنجدر بالفراعنة انتسابا
ونسطر في سجل الخلد أنا ... وثبنا الوثبة الكبرى خبابا
نلبي دعوة الوادي إذا ما ... أشار إلى الشبيبة أو أهابا
من الأعماق نبعثها تدوي ... سننزل بالقراصنة العقابا
ونطعمهم كراهية وبغضا ... ونسقيهم حميما بل عذابا
ونعطي (للعجوز) الغر درسا ... فنلزمه المحجة والصوابا
وما للغرب عتب لو فعلنا ... فان الحق لا يرضي العتابا
صبرنا صبر (أيوب) عليهم ... فأحصينا جرائمهم كتابا
رأينا الصبر لا يجدي فتيلا ... (ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)
فألغى (مصطفى الوادي) صكوكا ... بها اغتصبت أراضينا اغتصابا
وصفقنا من الأعماق بشرا ... ونادينا نداء مستطابا
تحررنا من الأغلال فأنهض ... سليل المجد مرموقا مهابا
فلا حلف ثنائي أثيم ... يجر لنا المذلة والتبابا
ولا حلف رباعي بغيض ... يعود إلى الوراء بنا حقابا
ويربطنا بقرصان لصوص ... ويجعل ما بنيناه خرابا
هو الذل المقنع قدموه ... وسموه (مشاركة) كذابا
فهبوا فتية الوادي اسودا ... واجلوا عن عرينكم الذئابا
وكونوا حول عرشكم المفدى ... كما لا تهابون الحرابا عبد العزيز مطر
المحرر بمجمع فؤاد الأول للغة العربية
إلى روح صالح الشرنوبي
للأستاذ كامل أمين
صرت وحدي بغير كأس وساقي ... وخوت حانتي وبانت رفاقي
أيه يا جار والغبوق على الد ... ن كأن الطلى دموع الفراق
أرأيت الذي هنا كان بالأمس ... يريق الحياة غمر الزقاق
بعد أن كان ملء كأس الندامى ... اصبح اليوم ملء دمع المآقي
مر بالأرض كالغريب ليرثي ... رأيه الحر بين أهل النفاق
وجرى كالدم النبيل على الشو ... ك وفي قلبه شذى الورد باقي
أي قبر نزلت يا مسرب الخ ... ير وأنت الرباب وهو اليباب
أي قبر نزلت يا مطلع الفج ... ر وأنت الشعاع وهو التراب
أي قبر نزلت حتى أرى هل ... عزه الشعر أم رواه الشباب
أهنا نترك الأكاليل تذوي؟ ... ولمن؟ للذي حواشيه غاب
ينبت الزهر معانيه ما ينب ... ته الخلد لا الربى والشعاب
طالما قال لي تجلد وقلبي ... خلبه الهم غلفته الحراب
وثوى الصابر المصبر حقا ... إنما هذه الحياة سراب
ثم قربوا فلن ترى بعد هذا ال ... يوم نذلا ولن تلاقي لئيما
في التراب الذي نزلت ثوى الخل ... ق فضم الحصى وضم النجوما
عادل الموت لا يكرم في الح ... ق خبيثا ولا يذل يتيما
كل شيء به سيبعثه الل ... هـ كما كان سافلا أو كريما
بين ذكرى تفوح كالمندل الرط ... ب وذكرى تهب ريحا سموما
والذي صارع الخطوب عظيما ... ستواريه في ثراه عظيما
رب فجر كشعره ضاحك الس ... ن رطيب الندى صبوح القوافي لمست إصبع الحياة حواشي ... هـ فسالت دموعه كالسلاف
تستقي الطير منه وهي النشاوي ... وتغني به الشجا وهو خافي
كنت أرجو بان أريق قريضي ... لا ليرثيك بل ليوم الزفاف
آه يا من نهضت في الصخر كالور ... دويا من قطفت قبل القطاف
وتفجرت في الحجارة كالنبع ... طروب الحيا سخي الطواف
عشت ما عشت في العفاف وور ... يت فووريت في التقى والعفاف
طف بعرش الكريم واشك له ... الناس وقل ما لقيته في حياتك
لا تركت الضياع تورثها الغف ... ل ولا في شك يديمك حقد عداتك
بل فقير كما ولدت وإن ك ... نت غنيا بثروة من صفاتك
تحمل الحب والدموع على الأر ... ض كما تحمل الحياة لذاتك
أقفرت حولي الحياة فما لي ... لا أرى اليوم غير وجه نعاتك
يرسلون الأسى واقسم (يا صا ... لح) لم يرسلوا سوى عبراتك
كنت معني الوجود حتى إذا ما ... مت مات الوجود يوم مماتك
كامل أمين