مجلة الرسالة/العدد 961/المسرح والسينما
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 961 المسرح والسينما [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 03 - 12 - 1951 |
المسرح المصري
في خدمة العقيدة الوطنية
للأستاذ زكي طليمات
يختلف شيوخ الأدب وأئمة الفن في رسالة الأدب والفنون فيما يجب أن تهدف إليه في جوهرها
فبينما يقرر بعضهم، أنه واجب أن تكون رسالة الأدب والفن طليقة حرة غير مفيدة بهدف معين أو غاية مرسومة. أي أن تكون رسالته لمجرد الأدب والفن، إشراقات تصفي الذوق وتصقل الروح. وتنمي حاسة إدراك الجمال. وسبحات في آفاق المعاني والخيال المشتهي. ولمعات ترقي بالنفس إلى أعلى مدارك النور. . .
بينما يقررون هذا، يهب بعضهم الآخر يدعو إلى أن رسالة الأدب لابد أن تكون أولا وأخيرا لمعالجة ما يشغل أذهان الناس تبعا لمشكلات حياتهم. ولتناول ما يعنيهم في كفاحهم مع العناصر التي تحيط بهم. ابتغاء تيسير أسباب الحياة الاجتماعية في ناحيتها الإيجابية، ومعاونة الشعوب على التقدم والارتقاء.
ثم هم يقررون فوق هذا، أن رسالة الأدب إذا انحرفت عن هذا فما أتفهها رسالة وما أقلها منفعة.
ولسنا في هذا المقام لنصرة فريق على الآخر. فللفريق الأول الذين يعيشون في (أبراج عاجية) إذا فرضت عليه القيود في مباعث إلهامه وفي مواطن وحيه، خرج نتاجه ضحلا قلقا قريب الغور، وقلما يكتب له البقاء والخلود، لارتباطه في جوهره بفكرة قد تتغير مع الزمن، أو بحالة ليس لها من البقاء إلا مدى حياة الأزياء المتقلبة والطقوس العابرة.
وللفريق الآخر بدوره ما يؤيد ما يذهب إليه، إذ لابد، لكي يكون الأدب حيا، أن يخاطب ما يعصف بأذهان الناس، وأن يعمل على معاونتهم في معترك الحياة الواقعية، وأن يشاركهم في نضالهم مع ما ينزل بهم من أحداث.
وفي نظرنا، أن الأدب أو الفن، إنما هو هزة وانفعال بتأثير ما يدخل على النفس، وأ الأديب الحق والفنان الأصيل، في النتاج رهينة بعمق امتلائه مما يهزه، وبمعالجة هذا معالجة إنسانية طريفة.
إلا أن هناك فترات في حياة الشعوب نرى لزاما على الأدب والفن أن يكونا خالصين متوفرين، لخدمة المجتمع في أهم ما يشغله، سواء كان هذا الشاغل عرضا إلى زوال، أو مبدأ قد يغير من جوهره على مر الأيام.
وأهم هذه الفترات - ولا شك - تلك الفترة التي يعبر بها شعب مرحلة تقرير المصير، واستخلاص كيانه الذاتي، وفرض إرادته لمسايرة ركب الحياة في دنيا الحرية والكرامة.
وما أظن أن هناك فترة في تاريخ مصر أدق وأخطر من تلك التي فيها الآن، فهي فترة النضال الحاسم من أجل الحرية، وساعة الكفاح الأخير في سبيل العزة والكرامة، فإن تخلف المسرح - وهو أدب وفن - عن مؤازرة الفكرة العاصفة السائدة، فكرة الكفاح، إذا لم يسخر المسرح المصري قواه لتغذية الوعي القومي، ومساندة عقيدة النضال، وذلك بتذكير الناس بما يجب أن يذكروه، وتبصيرهم بما يجب أن يكون مائلا في أذهانهم، إذا لم يؤد المسرح هذا الواجب فقد كتب على نفسه وبيده، أنه عالة على الحياة، وأنه مختلف عنها، وأنه غافل لا يحس نبض الواقع، والغافل والمتخلف غير جديرين بالحياة.
إن الحياة في مصر، والمسرح من عناصرها، تجري الآن متدفقة في مجرى واحد حفرة تاريخها المجيد وحاضرها الزاهر، وكرامتها وعزتها، فإذا لم تجند جميع عناصر هذه الحياة لهذه الغاية فما أقلنا جدارة بالحياة، وما أحرانا بأن نبقى نتطوح بين العبودية المقنعة وبين الذل السافر.
من أجل هذا، نقدم فخورين (مسرحية دنشواي الحمراء) دنشواي، الجرح الدامي في كرامة مصر منذ عام1906، نقدم هذه الصفحة القائمة من حياة مصر في ظل الاستعمار، ولا نبالي أن يقال عنا إننا تركنا (الأبراج العاجية) إلى أديم الأدب المكافح، أدب الساعة الراهنة، ما دام ما نقدمه يحمل من السلامة والطرافة ما يحمل.
نقبل هذا، إذا ادعاه المدعي، فه أحرى بنا وأكرم من أن نتخلف عن الصف وهو يسير بين السويس، والإسماعيلية، وبور سعيد متعثرا بأشلاء مواطنيه الشهداء، وكل واحد في الصف قد حمل قلبه على يده، ونسي يومه وغده.
زكي طليحات
هوليود بين الخوف والأمل
بدأ التلفزيون يسير بخطى واسعة نحو الانتشار وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأصبح تهديده عظيما للسينما. ولقد لاحظ المراقبون لشؤون الفن أن ثلاثة آلاف دار للسينما قد أغلقت أبوابها نظرا للمنافسة الشديدة للتلفزيون (في الثمانية عشر شهرا الأخيرة) ويقول هؤلاء المراقبون إن تكاليف الفيلم في التلفزيون يبلغ عشرين ألف دولار ويستمر عرضه ثلاثين دقيقة أي أن ثلاثة أفلام تكلف ستين دولارا لمدة ساعة ونصف، وهذا ما يعادل مدة الفلم السينمائي إلا أن تكاليف أرخص الأفلام التي تقدمها إحدى الشركات السبع الكبرى في أمريكا يبلغ مائة ألف دولار، والفلم المتوسط بين ستمائة ألف ومليون دولار.
ويقول المدافعون عن صناعة السينما إن السينما تعطي صورة حقيقية لحجم الأشياء وفي ذلك متعة للمتفرجين لا يمكن لهم أن يجدوها في التلفزيون، كما أن هناك من الأفلام مالا يجوز للنشء رؤيته، وهذا مالا يمكن منعه في حالة التلفزيون، وخاصة بعد أن أصبح في كل قهوة في نيويورك والمدن الكبرى في أمريكا آلة للتلفزيون. وقد بلغ عدد آلات التلفزيون خمسمائة ألف آلة، 137 محطة. . .
ولقد ظهر انتشار التلفزيون في تعدد حوادث الإجرام بين النشء حتى أن جماعة الأساتذة والآباء ف (لوس إنجلز) قد احتجت على البرامج التي يقدمها التلفزيون، ذاكرة أن في المدة بين 1 - 7 مايو سنة 1951 حوت برامجه:
227 حادثة قتل 357 شروع في قتل
46 سرقة 39 حوادث خطف
ورغم هذه الانتقادات فالتلفزيون آخذ في الأنتشار، وإن السنوات القادمة ستبرهن لنا عن مدى صلابة صناعة السينما أمام هذا المنافس الخطير. . بينما تمسك هوليود بلقبها بين الخوف والأمل. .
باريس
سالم عزام