مجلة الرسالة/العدد 959/ذكرى الملامح التائهة
→ النضال في سبيل الإستقرار | مجلة الرسالة - العدد 959 ذكرى الملامح التائهة [[مؤلف:|]] |
الأدب والفن في إسبوع ← |
بتاريخ: 19 - 11 - 1951 |
للأديب عبد الرحيم عثمان صارو
طاف بالدنيا. . كما طاف الربيع ... بحنايا الأرض بعثا مرسلاً
ساحر ينفث مل بين الضلوع ... لهب الحب شهى المصطلى
في يديه معزف الفن الرفيع ... يرسل اللحن طروباً مثملا
يزدهي الأرواح بالكأس البديع ... ريق الخمرة. . لماح الطلى
قد تزول الشهب أو تبلى الشموع ... وسناه فوق أطواق البلى
ما؟ له والكون نشوان الربوع ... يتساقاه رحيقا سلسلا؛
ونداماه احتشاد وولوع ... فارق الروض وولى معجلا
ما؟ له والكون يشدو بحلاه ... راقص النشوة فياض المرح؛
والليالي مفعمات بهواه ... مد للغيب جناحا. . ونزح؛
أهي الأيام قد آدت خطاه ... بالذي يحمل عن دنيا البرح؟
أهو (الأولمب) نادى بفتاه: ... أيها المتعب: آن المطرح؟
أهو الدهر الذي أترع فاه ... خمرة الشهد وصهباء الملح؟
طاش منه العقل واستلت نهاه ... غمرات من أفاريق الفرح؛
فتولى في تهاويل رؤاه ... ينهل الراح، ويلقى بالقدح
أيها النازح عن تلك الديار ... أيها الغائب: قد طال الغياب
ما عهدناك على رغم السفار ... ممنعا في هجر هاتيك الشعاب
ضفة النيل حنين وإدكار ... تمزج الأدمع بالوجد المذاب
طالعت بالشوق آفاق البحار ... تسأل الموج. . وتستهدي العباب
وتنادي الريح: هل حان المزار ... وحلا الوصل على جمر العتاب
ويحها! لم تحظ من طول إنتظار ... وإرتقاب مستهاب بجواب
يا نجوم الليل. . ياشمس النهار ... فتشي عندك عن ذال الشهاب
أيها التائه في بحر الحياة ... عد تأمل كيف بات الشاطئان
أيها التائه. . إلا عن حماه ... كيف أنسيت هوى تلك الجنان كيف تزوي السمع عن غالي نداه ... والجوى يزخر فيه والحنان
لم تطلب بعدك أقداح السقاه ... للندامى. . لا ولم تحل الدنان
يا حيارى الشوق: لا تلحوا هواه ... فهو لا يسلو هواكم حيث كان
لا تلوموه بهجر ما جناه ... وسكوت ما له فيه يدان
إنها الأقدار ألوت بخطاه ... وجهة المجهول من قبل الأوان
عبقري الفن. . رب الملهمين: ... هذه ذكراه حب وثناء
وتراث لك وهاج الزنين ... زامق الذروة مرفوع اللواء
وصلاة في محاريب الحنين ... جءت أقريها (على) الشعراء
إن عدتها نفحة الشعر الرصين ... لم يجزها لك مشبوب الولاء
أنا من ذكرك في غل ثمين ... أجمل الأغلال في الدنيا الوفاء
كيف أنساك؟ معاذ الخالدين ... وصبايا جوار في الدماء
خالد أنت على مر السنين ... في فم الأجيال في سفر البقاء
عبد الرحيم عثمان صارو