مجلة الرسالة/العدد 957/رسالة الشعر
→ أصحاب المعالي | مجلة الرسالة - العدد 957 رسالة الشعر [[مؤلف:|]] |
الأدب والفن في أسبوع ← |
بتاريخ: 05 - 11 - 1951 |
حيران
للأستاذ صبحي محمود سعيد
(مهداة إلى الأستاذ أنور المعداوي)
حيران يا قلبي وأين ... النور في هذا الظلام
أين النجوم تضيئ لي ... مسرى أماني العظام
مهما سعيت فلا أرى ... ألا قتاما في قتام
ملأ الظلام سكينتي ... حتى ذعرت من الزحام
حيران لا خل يعين ... على الحياة ولا سلام
حيران أسأل عن وجودي ... أي معنى في وجودي
أخلقتني يا رب للأقدار ... كالهدف القعيد
تتضاحك الأقزام من ... وقع السهام على زنزدي
أين السبيل لقد ضلك ... وتهث في دنيا العبيد
أخلقتني للقيد يا ربي ... فقد صدئت قيودي
ألأنني أعتقت روحي ... من قيود الظالمين
ألأنني ألقيت جسمي ... للذئاب الجائعين
ألأنني أطلقت أفكاري ... صدى للناقمين
مكنت لي قيداً وغلاً ... في الشمال وفي اليمين
لكنني ما زلت حراً ... بالعقيدة واليقين
ظمآن في بيداء عمري ... للحقيقة والمنا
طال الطريق ولا أبالي ... بالمشقة والضنا
أجهدت نفسي في طريق ... من ضحيتها أنا
في الشوك سعيي ما سعيت ... ووجهتي ذاك السنا
أين المفر أخا العذاب ... وأنت من هذي الدنا
حيران بالطين الذي ... منه الخليقة والعباد والطين طين واحد ... من داف بالطين الفساد
من علم الطين التفاخر ... والتباهي والعناد
عجبي لمن خشى القتاد ... وراح يمشي بالقتاد
كالنار تأكل بعضها ... كي تستحيل إلى رما
حيران لا أدري لمن ... أعنو وأسجد في صلاتي
أأليك يا ربي فها ... أناذا أهمهم في شكاتي
وأسارق النظر الكليل ... إليك من خوف الوشاة
والقائمين على النخاسة ... والمتاجر في حياتي
وأنا مكب مائل ... بين الدعاية والدعاة
أنت الذي بينت أصل ... الخلق من طين وماء
كانوا تراباً آسنا ... لما جبلت على الهواء
أنزلتهم أرض الخصا ... صة واستوبت على السماء
تنهى وتأمر بالعباد ... كأنهم بعض الإماء
وإذا عصوك نسفتهم ... نسفاً هباء في هباء
من ذلك الخوف امتثلنا ... للعبودة صاغرين
فاستأسد الباغي القوي ... على الضعيف المستكين
هذا يدوي بالزئير ... وذاك يهمس بالأنين
من كان يؤمن بالقوى ... فأنا بذلك لا أدين
ديني السماحة والحجى ... والخلق من ماء وطين
كم مرة حطمت ... آمالي وحطمت المرايا
كي لا أرى أحلامي ... الثكلى شظايا في شظايا
كي لا أرى شبح النبوغ ... يطل من بين الضحايا
حطمت كل سجية ... أوراه من تلك السجايا
إلا بقايا حسرة ... أبقيتها خلف الحنايا
حيران في خلقي وخلقي ... واحتمالي للهوان لو كنت أعرف من أنا ... أأنا طليق أم مدان
إني أسير وما برحت ... أسير مبهور العنان
فإلى متى أمشي وأمشي ... والزمان هو الزمان
وإلى متى أنعى وجودي ... ثم يخذلني الأوان
ببيروت
صبحي محمود سعيد