مجلة الرسالة/العدد 953/رسالة شعر
→ أصحاب المعالي | مجلة الرسالة - العدد 953 رسالة شعر [[مؤلف:|]] |
تعقيبات ← |
بتاريخ: 08 - 10 - 1951 |
نحو الصباح
للشاعر الشاب محمد مفتاح الفيتوري
(مهداة إلى الناقد الكبير الأستاذ سيد قطب)
حيران يقظان يا فؤادي ... والناس هانون راقدونا
الليل نحو الصباح جسر ... بني الدجى فوق الحصونا
تعبره الكائنات وسنى ... بيننا عبرناه ساهرينا
فامش معي يا أبن ذاتي ... ولندع القوم حالمينا
لعلنا ندرك الأماني ... من قبل أن ندرك المنونا
لا تحسد الناعمين واحسد ... بني العذاب المسهدينا
أولاء آباؤهم بنوهم ... ونحن من يبتني البنينا
ومن يرم مثلنا طموحاً ... هيهات أن يطبق الجفونا
والنوم للخاملين لا لل ... مكبلين. . . المعذبينا
لست أبن من أقطع الرعايا ... ولا أبن من شيد السجونا
لست أبن العواصف أبن ... السيول والنار أجمعينا
أبنك يا شعب يا صباحاً ... يستل أنفاسه دفينا
ماذا أرى يا ظلام؟ ركباً ... تحت الدياجي محدبينا
حافين عارين لاهثينا ... باكين شاكين ضارعينا
وراءهم مارد رهيب=يزرع في الأنفس الشجونا
تقطر جنباه كبرياء ... ويغتلي صدره جنونا
تدوس هذي العظام دوسا ... كأنه طاحن طحينا
فابك معي موكب الضحايا ... يصعد الشجو والأنينا
رواية مثلت قديماً ... مخرجها خفرع ومينا
ولم يزل بعد ألف قرن ... فرعون يستعبد القروت قد سارت الكائنات قدماً ... فما لنا نحن جامدينا
ماذا أرى يا دموع؟ قصراً ... أراده المجد أن يكونا
حيطانه تلك أم مرايا ... من فوق حيطانه جلينا؟
كأن جدرانه الزواهي ... سقين بالشمس أو طلينا
يا جنة الخلد في مداه ... وحوله تفتن العيونا
إنا عدمناك مشتهينا ... كما اشتهيناك عادمينا
لا تقبلي بالنسيم إنا ... من نتن الأرض زاكمونا
لا ترقصي للربيع إنا ... من ظلمة الكوخ قد عمينا
ماذا أرى يا حياة؟ إني ... جننت من حيرتي جنونا
قبران ذا شيد من رخام ... تخطف ألوانه العيونا
وذاك في صخرة نحيت ... أقسمت ما كاد أن يبينا
هذا عليه الربيع ضاف ... يرف ورداً وياسمينا
وذاك يمشي الخريف فيه ... يبارك العوسج اللعينا
ويلاه يا عدل. . يا سطوراً ... تنطق بالسخريات فينا
حتى أمام الفناء فرق ... ميزنا جوهراً وطينا. .؟
يا أمة تعبد التماثيل ... والطغاة المتوجينا
أقسمت لا تحملين إلا ... منافقين أو كافرينا
فامش معي امش يا رفيقي ... مثلي مستغرقاً حزينا
فماسة الصبح قد أشعت ... والقوم قد فتحوا الجفونا
محمد مفتاح الفيتوري