الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 940/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 940/رسالة الشعر

بتاريخ: 09 - 07 - 1951


أول موعد. . . .

طال انتظاري يا حبيبة. . منذ الغروب

والليل قد بسط الجناح على المعالم والدروب

ما جئت أنت، ولا بدا للعين موكبك الرغيب

أما أنا. . فأنا هنا. . من قبل موعدنا الحبيب

قد حان وقت لقائنا، ومضى، ولما تقبلي

أنت التي بضياء عينيك الشهي حلفت لي

ماذا ترى ألهاك عن عدة اللقاء الأول؟

ما تفعلين إذن بحبي في الزمان المقبل؟!

واعدتني القيا، فكدت أطير من فرحي بها

وطفقت أنتهب المدى - شغفا - إلى محرابها

استلهم الأنسام عطرك عالقا بثيابها

وصبابتي في أوجها، في عنفوان شبابها

ما رف حولي في شعاب الليل طيف أو هفا

إلا أطرت وراءه بصرا وسمعا مرهفا

حتى مضى الزمن العجول، كنشوتي متلهفا؛

يستطلع الفجر الوليد. . . ولم أزل مستشرفا

ويفيض بي بأسي الممض فأنثني بمدامعي

صفر اليدين من اللقاء. . . سوى لقاء مواجعي

لا شيء في كفي سوى أشلاء حلم رائع

لا شيء غير حطامة الأمل الرضيع الجائع

هي خطوة، أو خطوتا، كلهجة المتعلثم

البيت بعدهما نداء الوهم يهتف في دمي؛

بمزارك الهاني، وعدت لموضعي المتوسم كيما أراك، فلا أرى حتى سراب توهمي

أفنيت أيامي التي سبقت، أهدهد لهفتي

مترقبا صبح المنى يبدو بأجمل ليلة

أزجي خطاي لكل بستان، وكل صديقة

حتى جمعت من الشذى المنصور أحلى باقة

من أبيض يحكي جبينك، أو وفاء محبتي

أو أحمر خدودك، أو جواي وحرقتي

لو كنت أدري ما انتزعت الشوك منه براحتي

لتركته رمزا لغدرك قبلي أول فرحة

واها لأزهاري التي قطفتهن لتفرحي!!

وفصلت بين عروشهن وبينهن لتمرحي

واهاً لأرهاري أصابتهن خيبة مطمحي!!

فذوين بعد نضارة، وذبلن بعد تفتح

واها لأشواقي، ولى من حرها المتوقد!!

يخبطن في قفص الضلوع كثائر متمرد

يسألني سببا إليك كأن قلبك في يدي

وكأنني. . . لا أنت. . . من نسى الوفاء بموعدي

الذنب ذنبي لا تخافي ثورة الشوق المريد

وأنا الملوم، فواعدي ثم أغدري، هل من مزيد؟

يا كم خدعت، فما ارعويت وكنت ذياك الشهيد

ولدغت من نفس المكان، وسوف ألدغ من جديد

عبد الرحيم عثمان صارو

بابل في الجيزة

مهداة إلى الشاعر الشاب الأستاذ كمال نشأت بمناسبة إصداره ديوان شعر (رياح وشموع).

للأستاذ عبد اللطيف النشار

ما سحر بابل يا كمال ... أحقيقة هو أم خيال؟

ما السحر؟ هل هو ما يفيض به على النفس الجمال

ما السحر؟ هل هو أن يدين لمن يحاوله المحاول؟

ما السحر؟ هل هو أن تقول فيبلغ النفس المقال؟

ما السحر؟ هل هو أن تجول بحيث يستعصي المجال؟

ما بابل تلك التي نالت مكانا لا ينال؟

هل لاختلاف لغاتها ... فازت بألوية الجلال؟

أم للملاكين اللذين يروضان على الظلال

أم للصروح العاليات كأنها بعض الجبال

أم للحدائق فوق أبنية مباركة الظلال

ماذا ترى في بابل؟ ... هل سحرها الموصوف زال؟

أذهب إلى الأهرام وأنظر بابلا فوق الرمل

استأسدت وتحجرت ... والسحر باق لا يزال

وأنظر إلى ثالوث أبنية بجانبها طوال

فيهن شيء ليس يدرك كنهه إلا الخيال

في حيث لا مرئي يشهد ناظر أقسى قتال

وترى القرون الأربعين وقد وضعن بها الرحال

جيش من الأجداد يهبط من ذرى فيها عوال

جيش من الأجداد يبلغ كثرة عدد الرمال

أشهدت معركة القديم مع الجديد ولم تبال

ويل لجيلك يا كمال ... أن يفوزوا في النضال

أرأيت (بنتاؤور) يدعو بعض جيلك للنزال؟

من فيكمو ند له ... إن صال بينكمو وجال؟

رأس على كتفيك يوشك أن تحطمه النصال إن لم تكن عوضا ... لجدك في المقال وفي الفعال

أكمال ما أدعوك إذ ... أدعوك إلا للكمال

والسحر عندك يا كمال ... والسحر يطمع في المحال

وتريد شيئاً دونها ... والمجد في طوقي الرجال

عبد الطيف النشار