الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 934/البَرَيدُ الأَدَبي

مجلة الرسالة/العدد 934/البَرَيدُ الأَدَبي

مجلة الرسالة - العدد 934
البَرَيدُ الأَدَبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 28 - 05 - 1951


تعليق على (الدخان في الشعر)

كتب الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري في العدد 925 من الرسالة الغراء مقالة بعنوان (الدخان في الشعر) استعرض فيها بعض القصائد في الدخان لبعض الشعراء العراقيين.

وأول ما تناول كاتب المقال قصيدة (العادات قاهرات) للمرحوم الرصافي المنشورة في ديوانه الأول المطبوع سنة 1910م بالمطبعة الأهلية ببيروت.

ولقد استوقفتنا بعض العبارات التي دونها الأستاذ بيراعه على صفحات الرسالة. وإظهاراً للحقيقة ودونا التعليق والرد على ما جاء، بهذه الفقرات التالية لكي يقف على الحقيقة. الفقرة الأولى: -

علق الأستاذ على هذه الأبيات من أنها خير دليل على كذب الرصافي

إن كلفتني السكارى خمرتهم ... شربت لكن دخاناً من سيكارتي

إني لأمتص جمراً لف في ورق ... إذ تشربون لهيباً ملء كاسات

إن الرصافي نشر هذه القصيدة بديوانه المنشور سنة 1910م وربما نظمها قبل هذا التاريخ ببضع سنوات، وبهذه الفترة الزمنية في حياته كان صادق اللهجةفي إنكاره الخمرة بعيداً عما يتصوره الأديب، حيث أنه لم يتحرر من العامل الديني آنذاك تحريراً كلياً، إذ كان يقتصر على التدخين وحده، ولا يرى في الكأس إلا سماً زعافاً.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا إنه شاعر، والشاعر له احساسات وعواطف يحس فيها بقرارة نفسه، فيتناول براعته ليضعها في قوالب موسيقية متناسقة، ويلبسها حلة زاهية. ولو علم أن ما كتب مخالف لما هو عليه، فرائده تدوين ما انبثق من حسه وما يتصور من شعور.

ولو فرضنا جدلاً أن الرصافي يحتسي الخمر حقا في تلك الحقبة الزمنية فقصيدته جاء بها عن طريق النصح والارشاد حتى يتعظ القارئ ويقتنع من قول ناصحه.

ولقد سلك الرصافي مسلكاً تحليلياً لإبانة ضررها بصورة يشعر المطالع لها أن ناظمها ممن يجب الاقتفاء بأثره فيتخذ بنصحه فهذا لا يعتبر كذباً.

الفقرة الثانية: - استشهد الأديب بهذه العبارة للأستاذ الكبير (الزيات بك) (همه من الحياة شرب العرق، ولعب الورق، واستباحة الجمال).

إنا لا نزعم أن الرصافي لم يحتس الخمرة قط ولا ذاق طعمها، بل يعود نظم هذه القصيدة في وقت كان أبعد ما يكون فيه عن الخمر أما عبارة الأستاذ الزيات فكانت صريحة لا غبار عليها - وهذا ما نتفق به مع الأديب الناصري - إذ قدم العراق بين فترة سنة 1930م إلى سنة 1933 والرصافيبحد ذاته لا ينكر ذلك بل ينطق بصراحته التي تعهدناها فيه. وإليك قصيدته التي نظمها بعد تلك القصيدة أي (العادات قاهرات).

(شكواي من الدهر)

إذا ما عقدنا مجلس الأنس بالطلا ... فبيني وبين السكر خمس دقائق

أقوم إلى كبرى الزجاجات مدهقاً ... بمستقطر من خالص التمر رائق

فأقرع بالكأس الروية جبهتي ... بشرب كما عب القطا التمر رائق

فأقرع بالكأس الروية جبهتي بشرب كما عب القطا متلاحق

أسابق ندماني إلى السكر طائراً ... يجنح الأنس المضاعف خافق

فنادمت أصحابي على غير وحشة ... وقلت لهم ما قلت غير منافق

وأغنيتهم عن نقلهم في شرابهم ... بمز طرى من نقول الحقائق

ولم يبد في السكر عند اشتداده ... سوى شكر خلى أو سوى حمد خالقي

تعودت سبقاً في الفخار فلم أرد ... من السكر أن أحضى به غبر سابق

هذه هي صراحة الرصافي في شرب الخمر، ولو كان شاربها في ذلك الوقت الذي نظم فيه قصيدته (العادات قاهرات) لاعترف بذلك كما هو معترف بهذه القصيدة.

أما وصف الأستاذ الزيات بك الرصافي وهي العبارات المتعلقة في الفقرة الثانية فقد جاءت نتيجة قدومه إلى بغداد بين سنة 1930م إلى سنة 1933م فألفاه على ما هو عليه ووصفه بما رآه في تلك الفترة. فهل يجوز أن تكون عبارة الزيات برهاناً قاطعاً على جميع الادوار والفترات التي مر بها الرصافي؟ بينما القصيدة كانت من إنتاجه أيام شبابه حيث لم يتحرر من التقاليد الدينية آنذاك، والتي تلقاها على يد أساتذته أمثال الالوسي وعباس القصاب.

الفقرة الثالثة: ذكر الأستاذ الناصري (ولست أدرى ماذا كان الرصافي يقول لو شاهد ألان الغانيات وهن يدخن في شوارع بغداد) أن القارئ الكريم لو ينعم النظر في هذه الجملة لفهم أن الرصافي ولد وعاش في القرن الثامن عشر. فكيف يسوغ للأستاذ أن يكتب مثل هذه الجملة حول الرصافي. وهو الذي توفي سنة 1945م وخالط جميع الطبقات من رفيعة إلى وضيعة ووقف على أسرار كل منهما. وليعلم القارئ أن الرصافي جاب البلدان ورأى بأم عينيه مدناً كالآستانة والقاهرة ودمشق وبيروت والقدس وجالس الكثير من عوائلها المتفرنجة التي لا يشين نساءها شرب الدخان وهن يتجولن في المجتمعات العامة والحفلات الخاصة وهو صاحب الدعوة إلى السفور.

أمثل هذا الرجل لم تنظر عيناه امرأة بفمها سيجارة خلال السنين التي جاب بها تلك الأقطار؟!

وفي الختام ليعلم الأستاذ الناصري إننا لم نتطرف في التعليق على هذا الموضوع لولا ما لحق الرصافي من غبن.

بغداد

هاشم الطائي

1 - نسبة الشعر

نسب المقدم السيد نعمان ماهر الكنعاني في كتابه شاعرية أبي فراس البيتين التالين إلى أبي فراس

نحن قوم تذيبنا الأعين النج ... ل على إننا نذيب الحديدا

والصحيح إنهما لعبد الله بن قيس الرقيات شاعر مصعب بن الزبي الذي يقول فيه

إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء

حكمه حكم رحمة ليس فيه ... جبروت ولا به كبرياء

كما أن البيت الثاني ورد على الصورة الآتية

وتراني يوم الكريهة آسا ... داً وفي السلم للغواني عبيدا

ولست أدري كيف غفل عن ذلك الخطأ الدكتور مصطفى جواد كاتب المقدمة وهو الصديق الذي لا تفوته هذه الأخطاء؟! 2 - دعس لا دهس

نشر الشاعر العراقي الأستاذ أحمد الصافي النجفي في جريدة (اليقظة) البغدادية بعنوان (إلى ولي العهد الجنين) جاء فيها

كم قضى منهمو بلكم ودهس ... واختناق كما دخلت الوجودا

أمش وادهس فأنها حشرات ... ألصقوا بالثرى خدودا وجيدا

وقد لاحظت أن الشاعر أورد لفظة أدهس بمعنى ادعس وهذا خطأ شائع إذ جاء في القاموس (دعس) بفتح الأول والثاني والثالث وطسه وداسه. . أما من ناحية القصيدة فهي ركيكة الابيات مهلهلة الصياغة لست أدري كيف نشرها، إذ لا تخرج عن منظومات تلامذة المدارس الثانوية، فليت شعري ما أصاب الاستاذ الصافي وهو صاحب (الأمواج). .

3 - الشعر لأبي تمام

جاء في الصفحة (302) منكتاب الأوراق في أخبار الشعراء لأبي بكر الصولي أن المرثية التي مطلعها

كان الذي خفت ان يكونا ... إنا إلى الله راجعونا

من شعر أبي محمد (القاسم بن يوسف) ولا شك أن هذه النسبة من سوء تصرف شارح الكتاب من الصولي نفسه، لأن هذه القصيدة هي من شعر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي وهي

وترانا في ساحة الحرب أحرا ... راً وفي السلم للحسان عبيدا

منشورة في ديوانه في باب المراثى ص (336) حرف النون ومنها هذه الأبيات الرائعة:

آخر عهدي به صريعاً ... للموت بالداء مستكينا

إذا شكا غصة وكرباً ... لاحظ أو راجع الأنينا

يدير في رجعه لساناً ... يمنعه الموت أن يبينا

يشخص طوراً بناظريه ... وتارة يطبق الجفونا

ثم قضى نحبه فأمسى ... في جدث للثرى دفينا

فهل لا نسلم بعد كل هذا من زلل فظيع كنسبة شعر لشاعر مشهور إلى غيره من نكرات الشعراء.

بغداد

عبد القادر رشيد الناصري

إلى الراغبين في الحج

قيد الله أداء الحج بالاستطاعة، وقد فصل الفقهاء بإسهاب ما يجب على من يريد الحج في كتب الفقه تفصيلاً دقيقاً ويزاد عليها أن يكون المال الذي يحج به الإنسان من طريق حلال ومن كسب طيب - ولا يقبل الله إلا طيباً - قد أديت زكاته وقت وجوبها خال من ظلم العباد ومن الرياء والسمعة وطلب الشهرة والرفعة بين عباد الله حتى يصير خالصاً لوجهه الكريم (إنما يتقبل الله من المتقين).

على أن للحج من الأدب والمتممات ما يجب أن تؤدى على الوجه الأكمل ليكون مقبولاً، ولذا نجد - مع الأسف الشديد - أناساً قليلين أتموا أعمال الحج الظاهرة والباطنة فأنارت أفئدتهم وظهر على وجوههم وأعمالهم هذا الإشعاع النوراني الذي يضئ لهم طريق النجاح بل طريق الهداية والفلاح، والبقية الباقية وهي كثيرة لم تستند من روحانية الحج شيئاً مذكوراً خصوصاً في عصرنا الراهن الذي أصبحت فيه الأوضاع مقلوبة، فنرى أغنياء الحرب يتكالبون على طلب الشهرة من طريق الحج لأنه في نظرهم أقصر طريق لوصفهم بالطائعين وللتشبه بالصادقين.

ولكنها الدنيا العابثة تجعلنا ما دمنا بعيدين عن روح الدين وعن جادة الطريق - نحسب الشر خيراً والشبهة حلالاً.

ومن آثار الحج المقبول أن يحيي الضمائر التي أماتتها الشهوات النفسية ويجعلها ساهرة على أعمال النفس - وقد خلقها الله أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فصار لزاماً على من يحج أن يسأل نفسه: لماذا يحج، ولمن يحج، وما فائدة حجه؟ وأن يبلو نفسه ولا يفتر عن تأديبها بين آن وآخر فإجهاد النفس شديد - لقول الرسول عليه السلام في رواحه من غزوة (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) يشير بهذا إلى جهاد النفس! وأوامر الشرع الحكيم مبنية على المجاهدة.

وجماع القول: أن الحج المقبول التام هو تغيير كلي في الأخلاق والعادات والأفعال؛ بل هو في الحقيقة انتقال من حسن إلى أحسن، ومن كمال إلى أكمل، والله الموفق للصواب.

شطانوف

محمد منصور خضر

ولقد عفا عنكم

هكذا ينبغي أن تكون الآية الكريمة، لا كما جاءت في السطر السادس والعشرين من الصفحة 296 من العدد 923 من مجلة الرسالة الغراء الصادر في 12 من مارس سنة 1951، إذ أوردت (ولقد عفا الله عنكم) في صلاة أم عمارة، وهي من أهل الجنة لا تخطئ في القرآن، وهي تصلي به.

محمد مختار يونس