مجلة الرسالة/العدد 931/البريد الأدبي
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 931 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 07 - 05 - 1951 |
أنها طرابلس الشام:
حينما قلت: إن المتنبي يعني طرابلس الشام لا الغرب في بيته:
أكارم حسد الأرض السماء بهم ... وقصرت كل مصر عن طرابلس
لم أبن رأيي على الحدس والتخمين ولكن بنيته على حقائق لا يتطرق إليها الشك، وإليه البيان:
1 - منذ خروج المتنبي ببادية السماوة إلى اتصاله بسيف الدولة سنة 337هـ لم يمدح غير رجالات الديار الشامية
2 - بعد انفصاله عن سيف الدولة انحصرت جولاته بين الفسطاط غربا، وشيراز شرقا، ولم يعرف عنه أنه زار طرابلس الغرب أو مدح أحدا من أهلها ولو بطريق المراسلة، بل لم يعرف عنه أنه مدح أحدا من المغاربة، وهذا ديوانه - وكل قطعة منه جزء من حياته - شاهد بذلك
3 - حينما مدح المتنبي عبيد الله بن خلكان الأمير الطرابلسي الشامي كان في سن صغيرة، فلم يكن هناك مجال لشاعر ناشئ مغمور أن يتصل بغير الأقربين من أمراء بلده وسرواتهم
جاء في الديوان: (وقال في صباه ارتجالا وقد أهدي إليه عبيد الله بن خلكان هدية فيها سمك من سكر ولوز في عسل)
ومن هذه المقطوعة قوله:
هدية ما رأيت مهديها ... إلا رأيت العباد في رجل
أقل ما في أقلها سمك ... يسبح في بركة من العسل
وجاء في الديوان (وقال أيضا يمدحه)
وأورد القصيدة السينية التي منها البيت موضوع الخلاف
ومعنى هذا كله: أن المتنبي عرف آل خلكان صبيا، وأنه زارهم في طرابلس الشام ومدحهم ورآهم رأى عين وصلته هداياهم، وهذه الهدايا - كما يؤخذ من وصفها - مما يحمله الخدم، إذ غير معقول أن هذه الإلطافات الصغيرة الرقيقة الرشيقة التي تؤكل لوقتها وتفسد بعد زمن قصير، ترسل من طرابلس الغرب على متون السفن إلى بحر المشرق 5 - لم يقل أحد من شراح الديوان بغير هذا القول: فالعكبري يقول: طرابلس: بلدة الممدوح من بلاد الشام
واليازجي: يقول: وطرابلس: بلدة الممدوح، والمراد بها طرابلس الشام
الحق أن ياقوت أورد الأبيات حينما تكلم عن طرابلس الغرب، ولكنه لم يشر إلى الممدوح من قرب أو بعد، بل قال فقط: (وقال أبو الطيب يمدح)
فالممدوح في رأي ياقوت مجهول لا ندري أشامي هو أم مغربي؟
ولكنا إذا سلمنا بعصمة ياقوت من الخطأ - يمكن أن نرجع هذا إلى سهو الناشر أو الطابع، فهذه الأبيات كان من حقها أن تذكر بسبيل طرابلس الشام، ولكن لأمر ما ذكرت في طرابلس الغرب!
هذا وإني أعلن للأستاذ الفاضل أني لم أقصد التعالم فالأمر هين، ولكن أردت بيان الحقيقة التي هي رائدة أيضا. والسلام عليه ورحمة الله
محمد الفاتح الجندي
تصحيح يحتاج إلى تصحيح:
طالما غمطت عجلات المطبعة وهي تغذ السير حقوقا للكاتبين، وطالما أوجدت في الطريق ثغرات، ومن هذا القبيل ما حملته الرسالة الغراء من بيان وجيز لي حول رأي تقوله على أحد طلابي فيما يتعلق بالدعوة الوهابية، ويهمني أن أؤكد هنا أن الرأي المنسوب إلي كما جاء في كلمة الطالب وفي بيان الناقد بعده لم يصدر عني، ولست أدري من أين تطرق إلى قلم الطالب المتوثب. والذي أستطيع تقريره في مثل هذا المجال المحدود أن مبادئ الدعوة الوهابية القائمة على الاهتداء بالكتاب والسنة، الداعية إلى سواء السبيل والتمسك بقواعد الإسلام وأهداب التوحيد الصحيح لا يمكن أن تكون إلا من صميم الإصلاح الذي نرجو أن يأخذ طريقه القويم في ميدان الإصلاح المنزه عن الغلو والانحراف
وإذا كان بعض أتباع هذه الدعوة أو أدعيائها يشوهون جمالها السلفي النقي بما ينزلقون إليه من غلو أو تحريف أو مبالغة أو إسراف، فلن يضير ذلك أبدا صميم المبدأ النابع من منهل الإسلام الطهور؛ ولعل الذين تسبق ألسنتهم أو أقلامهم بالحملة المشبوبة على هذه الدعوة يتمثلون أمامه حين يكتبون أو ينطقون صورا من شطط هؤلاء الغلاة هنا أو هناك
وكم يتمنى المصلح الغيور لو تجتمع كلمة المسلمين في سائر الأقطار على كلمة الله وهدى كتابه وسنة رسوله الكريم
الدكتور محمد يوسف موسى
مذهب قديم:
جاء في (الرسالة) الكريمة (عدد 930) تحت العنوان السابق، أصلا وتعقيبا:
أن القول بأسبقية الشعر على النثر، رأي يقول به الدكتور طه حسين، والأستاذ الزيات؛ وأن المرحومين: السكندري، والعناني، يقولان بعكسه
والخلاف في أسبقية أحد الفنين على الآخر، خلاف قديم؛ وممن ذكره أبو حيان التوحيدي؛ فإنه في (المقالة الخامسة والعشرون) قرر أن النثر أقدم من الشعر؛ وعلل ذلك بقوله. (لأن الشعر صناعي محصور بالأوزان والعروض والقوافي؛ والإنسان لا ينطق في أول حاله، منذ طفولته، إلى أمد مديد، إلا بالنثر. فإن قيل: إن النظم قد سبق العروض بالذوق، والذوق طباعي؛ قيل في الجواب: الذوق، وإن كان طباعيا، فإنه مخدوم الفكر، والفكر مفتاح الصنائع البشرية؛ كما أن الإلهام مستخدم للفكر، والإلهام مفتاح الأمور الإلهية. الخ. راجع ص 130 ج2. من (الإمتاع والمؤانسة)
وقد عرفنا (الرسالة) بأنها خير من يحمل رسالة الحق، في مذاهب الأدب العربي الكريم
أستاذ في الأزهر الشريف