مجلة الرسالة/العدد 92/من أدب السودان
→ يا شمس | مجلة الرسالة - العدد 92 من أدب السودان [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 08 - 04 - 1935 |
ما كان أوفقه لو ضمنا أدب
لشاعر السودان الأستاذ عبد الله عبد الرحمن
نبَّهتَ منَّا فؤاداً غير سَهْوَانِ ... وجئتَنا بحديث ممتع دانِ
(محمد بن الجلال) قد نطقتَ بماَ ... نُحِسُّه من أحاسيس ووجدان
دعوتَ للأدب العالي يحرّك من ... بني العروبة من مصر وسودان
وصحت بالقائلين الشعر بينكم ... أليس عندكم السودان ذا شانِ؟
ما للمسارح لم تخرج روايته ... وللرواية من ألف مَيْدان!
وكيف لم يهزز الكتّابَ ما عصفت ... به الحوادث في سرٍّ وإعلان؟
مضى يُثابر لم يفطن له أحدٌ ... كأنما القوم من هيِّ بن بيَّانِ
فقلت لله مصر شَدَّ ما عُنيت ... بكلّ فعلٍ عظيم النفع إنساني
وتلك قولة حق ما أبرَّ وما ... أحقَّها أنْ لها يسعَى الشقيقان
ما كان أَوفقَه لو ضمَّنا أدبٌ ... له الكنانة والسودان ركنانِ
ينمّ عنا وعنكم غير مختلق ... لا كالذي عبَّ من زوٍر وبهتان
يقلُم الظفر من ساعٍ لتفرقة ... ويقصم الظهر من داعٍ لهجران
والناس من بات يشقى من جهالته ... حيَّا - سيشقى بها في العالم الثاني
كم للطّبيعة في السودان من فِتنٍ ... وكم لأطيارها من سحر ألحان
ما أكثر الملهماتِ الشعر فيه وما ... أمدّها للأديب الهادم الباني
الرمل عند ضفاف النيل تحسبه ... لُعس الشّفاَه جلاها بيض أسنانِ
وظلمة الليل في العتمور ملهمة ... خوالد الشعر ترويها الجديدان
والسّرح والسُدر والجميز كارعة ... من صيّب القطر أو من فيض غدران
ما للكهارب سلطان على قمر ... ولا على الشمس سلطان لبنيان
كلٌّ تسيل على الآفاق غرّته ... فتملأ النفس من حسن وإحسان
وللحوادث تَلعابٌ بساحته ... تملى علينا شَروداً ذات ألوان
إذا مررت من أمْ دُرْمان في كررى ... ألقى عليك القوافي الخالد الفاني من كلّ من صدقت في الله همّته ... وراح لم يحتمل ضيماً لإنسان
كم بالجزيرة أو سهل القضارف من ... مزارع حُلوة المرآي وأقطان
وحِلّة ذهبت في جودها مثلاً ... ومنزل فيه تُتلَى آي قرآن
ألله أكبر! تدوي في مساجدها ... فتعمر القلب من دِينٍ وإيمان
والقوم سُمر وجوه يُسرعون إلى ... ما ينبت العزّ من إكرام ضيفان
وفي أبا حيث تلفى الأرض كاسيةً ... والطير خاطبةً من فوق أغصانِ
تهشّ للزائريها كلَّ آونة ... وتملأ القلب من رَوْح وريحانِ
هناك في كردفان أيُّ مُتَّدَعٍ ... للطرف في بارة أو أرض خِيران
حيث البداوة في أجلى مظاهرها ... والإبل طالعة بين كثبان
ما أجمل الريف مصطافا ومرتبعاً ... وغادة الريف في عين وغزلان
الخدّ لم ترْعَ موسى في جوانبه ... والجيد من حسنه عن زينة غانِ
فإن يكن شعب بوّان ازدهى نفراً ... ففي البطانة كم من شعب بوّان
إذ تقبل الأرض أعقاب الخريف بها ... بكل وجهٍ إلى الفنَّانِ فنَّانِ
والصيد نافرة حتى إذا أنِست ... أوفت على نجوة ترنو بفتَّان
والضان والمعز والأنعام تابعة ... مواقع الغيث قطعاناً لقطعان
وللحداة حداء كله كرم ... فيه الإباء وفيه نُصرة العاني
وسامر الحي من غيد وفتيان ... بين البيوت وفي أعطاف وديان
في كل ليل تحاجيهم عجائزهم ... بابن النمير وسوبا وابن سلطان
وتارة يرهف الفتيان سمعهم ... إلى نوادر أجواد وفرسان
(وابن المحلق) لم تبرح حكايته ... في الناس يسردها أشياخ حمران
يا قبر تاجوج حياك الحيا ومشى ... بصفحتيك شَذَى ورد وريحان
إني أميل إلى الأشعار يبعثها ... حسُّ قويّ وأقلى الفاتر الواني
وفي البلاد وفي ماضي أبوتنا ... فخر - وإن لم تكن تُعنى بإعلان
وكم بتاريخها من قصة عجب ... جدّ الحكيم ولهو الودع الهاني
فإن يكن بات فيها الحرّ يصهرنا ... فللحرارة يُعزى فضل شجعان إذا (الرسالة) أدَّت من رسالتها ... ولم تُجرّر علينا ذيل نسيان
رعى لها أدب السودان خدمتها ... ونالت الشكر من قاص ومن دان
(الخرطوم)
عبد الله عبد الرحمن