مجلة الرسالة/العدد 887/رسالة الشعر
→ المسند | مجلة الرسالة - العدد 887 رسالة الشعر [[مؤلف:|]] |
(وفاء) ← |
بتاريخ: 03 - 07 - 1950 |
على ضفاف الجحيم. .
للأستاذ صالح علي شرنوبي
(إليك يا قاهرة. إلى أضوائك القاسية التي طالما عذبت)
(عيني. . . وأنا قابع هناك. . في الجبل المضايف. . بصخوره)
(الحانية. . وكلابه العاوية. . . وصمته الكئيب. . .)
(ثم إلى هؤلاء المترفين الكسالى. الذين ينكرون عليّ)
(إيماني بالألم. . . وعبادتي للدموع. وإخلاصي للأحزان)
إني هنا. . . أيتها المدينة. .! ... الحرة الفاجرة المجنونة. . .!
أحبس في جفني الرؤى السجينة ... والأدمع الوالهة السخية
إني هنا. . . أغربل السكينة ... وأزرع الخواطر الحزينة
ملء ضفاف الوحدة المسكينة ... وفي يدي فجر. . . ستعبدينه
يوم تزول المحنة الملعونة
إني هنا. . . فعربدي. . . وثوري ... ملء عنان اللهو. . . والسرور
ومزقي بضحك المخمور ... غلالة ينسجها تفكيري
ليستر العريان من شعوري ... ويحجب اللافح من سعيري
الغاضب المدمر الضرير ... يود لو يعصف بالقصور
وساكنيها. . . عابدي الفجور ... النائمين في حمى الحرير
الغالغين عن أسى الفقير ... ولوعة المشرد المدحور
الوالغين في الدم المهدور ... من عصب الكادح. . . والأجير
إني هنا. . . يا جنة الحقير ... آكل جوعي. . . وأضم نيري
وليس لي في الأرض من نصير ... إلا ضميري. . . آه من ضميري
ألبسني ممزق الستور ... وجاء بي=حيا=إلى القبور
أقرأ في ظلامها مصيري ... وأعرف الغاية من مسيري
بعد احتراق الأمل الأخير ... وفرقة الصاحب والعشي هذا أنا. . . في العالم الكبير ... فوق ربى المقطم المهجور
متخذا من أرضه سريري ... من الحصى. والطين. والصخور
وتحت سقف الأفق المسيطر ... والعاصف المزمجر المقرور
أنام. . . نوم العاجز الموتور ... على نباح الكلب. والهرير
وقهقهات الرعد في الديجور ... تسخر من عجزي ومن قصوري
ومن ضراعاتي إلى المقدور ... وقلبي المحطم الكسير
وأنت. . . يا زنجية الضمير ... تدرين قدري. . . وترين نوري
فتفجرين ضحكة المغرور ... وترتدين كفن المقبور. . .!
هازئة. . . كالزمن العيهور ... من المثالي الفتى الطهور
فلتهزئي. . . فلست بالمقهور ... ولتغرقي هزءا. . . فلن تثيري
إلا دخان الحاقد المسعور ... وثورة المقيد الأسير
ولن تعيشي في فم الدهور ... إلا بفن الشاعر القدير
الحائر المضطرب الممرور ... تحية الخلد إلى العصور
وآية الجبار. . . في المجبور ... ونفحة الأقداس في الماخور!
الواحة السجواء. . . في الهجير ... تشرب نار الفدفد المسجور
لترسل الظل إلى المحرور!
إني هنا. . . أيتها المدينة. . .! ... الحرة الفاجرة المجنونة. . .!
أحبس في جفني الرؤى السجينة ... والأدمع الوالهة السخينه
إني هنا. . . أغربل السكينة ... وأزرع الخواطر الحزينة
ملء ضفاف الوحدة المسكينة ... وفي يدي فجر. . . ستعبدينه
يوم تزول المحنة الملعونة
صالح علي شرنوبي