الوحدة '
«مجلة الرسالة/العدد 88/الوحدة '»
لشاعر الحب والجمال لامرتين مهداة إلى الأستاذ. . . أحمد حسن الزيات لدى سرْحة من فوق قلة شاهق ... جلست شريد الفكر منشعب القلب يشيِّع طرفي الشمس عند دلوكها ... ويرقب من تلك المشاهد ما يصبي إذِ النهر صخابٌ تلاطم موجه! ... قد انساب في الوادي فأمعن في الشِّعب وإذْ طرفُ أمواج البحيرة راقدٌ ... تراءى نجوم الليل في غمرها الرحب وما زال ذوبُ التبر بعد غروبها ... يُنير أعالي الدوْح فوق ذرى الهضْبِ وراح مليك الليل يختال صاعداً ... إلى عرشه العلوي في رفرفٍ رطب وفي جنبات الأرض تبر مشعشع ... به ازدهر الأفق الجميل من السكب وقد رنَّ في الأجواء ناقوس معبدٍ ... رنيناً يهز القلب في البعد والقرب فكف عن الأعمال فلاح قريةٍ. . .! ... وقد وقف الغادون من خشية الرب قد اختلطت تلك الأرانين بالذي ... تبقى من الضوضاء في يومنا المُصبي ولكن نفسي من مباهج ما رأتْ ... من المنظر الفتان خلو من الحب!! أجل! كانت الدنيا بعيني كأنها ... خيالٌ مطيفٌ لا يقر على هُدْب وهل تدفئ الموتى من الشمس شعلة ... تشع على الأحياء في السهل والكُثب؟ اقلب طرفي في الجبال وفي الربى ... وفي الشفق الباكي من الشرق للغرب!! وفي القفر، والمأهول، في غسق الدجا ... لأنفض ما فيها؛ فابلغ من إربى عسى أن أرى لي في محلٍ سعادةً ... ولست بلاق أو أغيب في الترب وما تصنع الوديان لي، وجواسق ... على السفح بل تلك القصور التي تصبي إذا هي لا تبدو لعيني جميلة. . . . ... ولا سحرها ينفي بفتنته كربى!!! ألا يا مغاني الأنس أنت عزيزة ... على، ولكن قد خلوتن من حِبي لغيبة مخلوق مدى الدهر واحد ... أراكن قفراً في عيوني، وفي قلبي سواء أتبدو الشمس أم هي تختفي ... وتصحو سماء. . أم تلَفَّعٌ بالسحب ويظلم ليل. . أم ينير صباحه ... ويسعد أو يشقي أنيس مع السرب فليس لنفسي في نهاري بغية ... ولا في غدي مادمت أحيا بلالب ولست أرى إذا أتبع الشمس ناظري ... تدور على الأكوان في أفقها الرحب أجل لا أرى إلا فراغاً وخلوةً ... لنأى حبيب ليس يلفي لدى الترب وما حاجتي فيمن تظلله السما ... ومن تحت نور الشمس يهتز كالقضْب وخلف مدار الشمس مدارها ... على عالم أسمي تمنع بالحجب. .! فلو أن نفسي أطلقت من قيودها ... لألفت حبيب القلب يحيا مع الشهب فأسعد باللقيا، وأنعم بالمنى ... وأحسو رحيق الخلد من ريقها العذب لدى مُتع لم تهف يوماً بمسمع ... ولا خطرت في فكر ذي شغف صب وأنّى لنفسي أن تطير فنلتقي. . . ... وقد قُيدت من حمأة الطين بالجذب فياليت شعري لِمْ قضى الله أن أرى ... شريداً، وخلى ليس ينعشه قربي إذا ما ذوت أوراق دوح بمرجها ... وأسلمها قر الخريف إلى السَّلب وهبَّت من القطب الرياح زعازعاً ... عليها فألقتها أباديد في الترب وحالي شبيه في حياتي بحالها ... فياويح نفسي من زعازعها النكب إلا فانثريني يا أعاصير مثلما ... نثرت من الأوراق في جوك الرحب فما بعد هذا الصبح إلا دجنَّة ... وما بعد يأسي وانفرادي سوى خطبي دير الزور عبد الجبار الرجبي