مجلة الرسالة/العدد 879/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 879 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
رسالة النقد ← |
بتاريخ: 08 - 05 - 1950 |
ذكرى الرافعي
في هذه الأيام تظلنا الذكرى الثالثة عشرة لفقيد العروبة والبيان العربي المغفور له السيد مصطفى صادق الرافعي، فقد لقي وجه الله في اليوم العاشر من مايو عام 1937.
ولقد كنت أهم بإعداد مقال مسهب عن هذه الذكرى العاطرة، بيد أني حين رجعت إلى كتاب (حياة الرافعي) وجدت أن أديبنا المتمكن الأستاذ محمد سعيد العريان لم يترك زيادة لمستزيد، وبخاصة أن جزءاً كبيراً من كتابة نشر منجما في (الرسالة) سنة مات الرافعي.
واليوم إذ تنطوي الأحقاب على ذكرى أديب العروبة الكبير نفتقد مكانه في الأدباء فنجده شاغراً، ولا نجد في أدباء الشباب من يسير على غراره ويقتفي أثره، فقد كان الرافعي - رحمة الله - يدعو للغة العربية (المسلمة). ويتعصب (للعبارة القرآنية) وكان إذا هم بالتابة فزع إلى عربي مبين ليقوم أسلوبه ويجربه على سنن الفصحى.
ولقد أشاد مصطفى صادق الرافعي بأمجاد العروبة، وحلق في الآفاق بتراث الشرق فبز المتأخرين وما قصر دون المتقدمين.
ولقد كانت بيني وبين الكاتب الكبير جيرة في رمل الإسكندرية يوم كان يصطاف سنوات متوالية، فحمدنا الجوار، وشكرنا الصحبة، وفيما نحن نرتقب الأوبة إذا بالنعي الأليم يطالعنا مصبحين!
ولقد أرسلت هذه الكلمات تحية لذكرى الكاتب والصديق العظيم، والمرض الوجع يعرقني والحمى تعاودني حيناً بعد حين، فعفوا - أبا سامي - ووالله ما تؤدي كفاء حقك علينا ولا على العروبة، وإنما لك عند الله حسن الجزاء.
منصور جاب الله
بين الحساب والعتاب
طالعتني من روضة الرسالة الفيحاء كلمة الأديب الأزهري المتوثب محمد القاضي خليل الموجهة إلى شخصي، وفيها الثناء الكريم والشكر المحمود والظن الجميل؛ ومع تقديري للدافع النبيل الذي دفع بالأديب إلى هذا الشكران والتعليق، أهمس ف أذنه بأنه استخلص من حديثي ما لم أرده، وحمل عبارتي عن المؤلفات الأزهرية ما لا تحمله، إذ ظن أنني أعتبر هذه المؤلفات الجديدة هي غاية القصد والمراد من شيوخنا الإجلاء، وأعلام نهضتنا الأزهرية المرموقة، مع أن ذلك لم أرده ولم أقله؛ فعنوان المقال: (الأزهر في مفترق الطريق) يدل على أن الأزهر لم يبلغ بعدما يريد وإن كان يسير، ولهجة المقال كله تنادي بالقول بأن الأزهر حائر مضطرب مزلزل الخطا، لا تزال في دور الانتقال، ولا يزال يتعرض لمحنة الذبذبة بين القديم والجديد. وقد أقمت من الشواهد على ذلك ما أقمت، ثم عرضت لموضوع الكتب الأزهرية عرضاً سريعاً موجزاً، ذكرت قيه أن كتباً جديدة قد ألفت بأفلام أزهرية، وأن هذه الكتب فيها بعد قليل على الأمد، ويطيب عندها قطف الثمر والاستمتاع بالحصاد؛ ولعله من العسير - إن لم يكن من المستحيل - أن تطلب إلى أسير ظل مقيداً أجيالاً مباشرة في عدو وجرى متتابع! ليس هذا من سنن الحياة أو الأحياء في شيء!
وإذن فلنعتبر - كما حاولت أن يفهم القارئ من كلامي السابق - هؤلاء السابقين من المؤلفين رواداً يكشفون لنا الطريق، ولا يعيهم أبداً أن تكون لهم عثرات أن هفوات، أو تؤخذ عليهم ملاحظات، أولاً يقسم عملهم التأليفي بالكمال والتمام، فإنهم جنود الطليعة، وهم بلا شك يتعرضون لمعاطف الطريق وفجاءات السبيل.
والمهم هنا أيها الشبل المتوثب أن يتصل سبب الإنتاج والإخراج والتحسين والمضي إلى الأمام، وحينئذ تنتهي فترة الانتقال والاضطراب، وتبدأ مرحلة الاستقرار والبناء!
إن الأزهر من دعائم دين الله في أرضه، ولعله اليوم أقواها وأعلاها، فلنحطه بالرعاية والعناية ودسن التوجيه، بله أن نتطاول عليه بصريج الهجوم وعنيف التحطيم، وكان الله للأزهر!
أحمد الشرباصي
المدرس بمعهد القاهرة الثانوي
ولكن لوموا أنفسكم. . .!
لقد أحزنني وحز في نفسي، أن أرى تلك المنارة الشامخة التي تهدي الناس على مر العصور إلى طريق الحق، تصبح بين آونة وأخرى غرضا لسهام أناس لم يعرفوا للأزهر جلاله، ولم يفطنوا إلى أن للنقد اللين الرقيق من الأثر مالا يحتاج إلى برهان! فضلاً عن أنه من العوامل الهامة في الإصلاح المنشود.
وأبكاني ولست أزهرياً - أن يأتي النقد على صور مفزعة تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ومن تلك الصور من يأتي بنتف أبواب في أصول الفقه قد قرأها ولم يستسغها - وكأنه يريد أن يكون مشرعاً - فبني عليه رأيه، وثار تلك الثورة التي لا يكون من ورائها إلا بلبلة الأفكار وزلزلة العقيدة، فيا ليت شعري، كيف يصبح عالماً ذلك يريد أن نحتاج إليه ندرسه، أو كان الجديد إلا من صميم القديم.
ما ضركم يا طلاب الأزهر أن تدرسوا وتتفقهوا وتطهروا قلوبكم من تلك الاعتراضات الزائفة والتي تظهر عوار الكسول والتي لا يكون من ورائها إلا العبد عن العلم وآدابه وقد قالوا أن العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك). فمن أعطى العلم حقه من اليقظة والمنافحة والأدب حاز الفلاح والنجاح.
لا لوم على الأزهر، وإنما يقع اللوم على تلك النفوس التي تتمسك بالقشور وتترك اللباب، وقد ركنت إلى الكسل ولم تتطهر وتتأدب بآداب الدين.
فمن للدين - يا إخواني - إن كنتم كذلك، ومن لحمايته - وأنتم حماته - إن كنتم من عوامل هدمه.
على أنني أنكر أن الأزهر في حاجة إلى عناية القائمين عليه، وقد بينها أستاذنا الزيات في مقالاته في الرسالة الزاهرة، وصورها. بصورة تقر العين وتشرح الصدر.
حيا الله الأزهر وأبقى ذكراه في الخالدين.
شطانوف
محمد منصور خضر
في اللغة: - ساهم - وأسهم
يرى بعض الباحثين في اللغة أن الفعل (ساهم) لا يؤدي إلا معنى المقارعة، ويستدلون على ذلك بالآية (فساهم فكان من المدحضين) ويرون أنه يؤدي معنى الاشتراك، وعلى ذلك يخطئون لفظة (المساهمة) في قول القائلين مثلاً (شركة مساهمة) ويصوبونها بقولهم (شركة مسهمة) من أسهم بمعنى اشتراك. . . وحجتهم في ذلك أن كلمة (ساهم) لم ترد في القواميس العربية إلا بمعنى المقارعة. . . ولما كانت هذه القواميس تحتج لصحة الكلمات التي توردها وتورد اشتقاقها بكلام العرب شعراً ونثراً في عصور قوة الفصحى وقبل تسرب الدخيل إليها، كالعصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي؛ فإنني أرى أن كلمة ساهم تؤدي معنى الاشتراك، ولا غبار علينا إذا أسمعناها في هذا المعنى؛ فلقد عثرت على استعمالها في هذا المعنى (والاشتراك) في شعر إسلامي أموي للشاعر الحكم بن معمر الخضري إذ يقول في وصف امرأة: -
تساهم ثوباها ففي الدرع غادة ... وفي المرط لفاوان ردفهما عبل
ولا يمكن أن يكون معنى (تساهم) هنا إلا الاشتراك في الاقتسام. فلعل الأقلام الحمر بعد ذلك ترحم هذه الكلمة وتهبها حريتها لتعيش في أمن وسلام، فهي صحيحة في معنى الاشتراك كأختها (أسهم) وإن لم توردها القواميس؛ ولعلها تزيد على كلمة (أسهم) أنها أخف منها وضعاً، وأكثر استعمالاً وقد دربت عليها الألسنة وتقبلتها الأسماع. . .
عبد الجواد سليمان
المدرس بمعلمات سوهاج