مجلة الرسالة/العدد 878/نهاية الملحمة
→ الشعر المصري في مائة عام | مجلة الرسالة - العدد 878 نهاية الملحمة [[مؤلف:|]] |
الأدب والفن في أسبوع ← |
بتاريخ: 01 - 05 - 1950 |
للأستاذ إبراهيم الوائلي
يا شعوبا نسيت أمجادها ... واحتواها عالم الوهم الذميم
إسألي القبة من ذا شادها ... فأضاءت حلك الليل اليهيم؟
قد تعثرت وما جزت الشعاب ... وتلكأت وقد غض الطريق
وتنابذت، وقطعان الذئاب ... تتلاقى في ذرى البيت العتيق
فإذا كل مساعيك ضباب ... مزقته الريح في الوادي السحيق
لا تقولي: أبن يافجر الحياة ... كيف نلقاك وفي أي مجال؟
بعدما تهت بأجواز الفلاة ... وتناثرت على شوك الرمال
يا شعوبا صيرنها مزقا ... أمة ما عرفت غير الفساد
عبرت والنجم يطوى الغسقا ... وأفاقت فإذا النار رماد
دعم الظلم لها ما لفقا ... عصبة تحلم في (أرض المعاد)
وتراجعت وقد قيل اندثر ... حلم (إسرائيل) في الوادي الأمين
فإذا أنت فلول وزمر ... تتحداها وحوش الطامعين!
يا شعوبا كم أرتنا عجبا ... سيرا شتى وعهداً لا يطاق!
سيرتها للمآسي ملعبا ... أرؤس تحيا على غير وفاق
آن يا تاريخ ألا نكذبا ... فلقد طال بنا عصر النفاق
إن أقوامي قد ضلوا الطريق ... واستجابوا لأباطيل الخصام
وتناسوا ذمم العهد الوثيق ... يوم ثار الدم في أرض السلام
هذه الطعنة في القلب الجريح ... سوف تبقى رمز ذل الصاغرين
وضحايا الغدر في مهد المسيح ... شارة الخزي على كل جبين
والعصابات على الوادي الذبيح ... قهقهات تتحدى الحاكمين
يا شعوبا قوضت منها الهمم ... واستحالت مسرحاً للدخلاء
اعبدي الوهم وطوفي بالرمم ... ثم قولي: إن ذا حكم القضاء!
يا شعوبا كان ماضيها العتيد ... شعلة تشرق في دنيا الظ تستسيغ الموت في ظل الحديد ... وتناجي الحب في ظل السلام
أنت أصبحت طعاماً للعبيد ... وسيبقين لمن شاء الطعام
فخذيها من خرافات العصور ... ضحكة تبقى على ثغر السنين
وألفي الصمت فما يجدي الغرور ... أمة تسعى وراء الفاتحين!
يا شعوبا أسست وحدتها ... لغة عظمى ودين ودم
ودعاها باعثا نهضتها ... من بني العرب يتيم معدم
كيف أغضيت فأحيت (سبتها) ... فئة هانت لديها الذمم
ثم ناديت بمن لا يستجيب ... وترافعت لأوهي (مجلس)
فاستعدي إن في الآنى القريب ... قصة أخرى عن الأندلس
علمتني الحقد - والحقد مشين ... أمم تسعى لتهويد العرب
فتنفست عن الحقد الدفين ... ثورة تذكو بأنفاس اللهب
وسأبقى ثائراً في كل حين ... كلما أبصرت عباد الذهب
والعصابات بوادي (أورشليم) ... تتغنى بأناشيد الظفر
وحواليها من الغرب الأثيم ... بشر ينكر تاريخ البشر
يا شعوبا سجلت خذلانها ... وتناست ثورة الأمس القريب!
قد أطاعت في الدجى ربانها ... وهو بين الموج يطفو ويغيب!
أي صبح فتحت أجفانها ... (بنت إسرائيل) في (تل أبيب)؟
وأفقنا فإذا بالحائرين ... في صحاري البيد في دنيا القفار
إية يا من سيروا هذي السفن ... انتم أولى بأمواج البحار
روعت (حيفا) بأشتات الطغام ... فانحنى يبكي عليها (الكرمل)
وانطوت (يافا) على الداء الحسام ... فشكا القدس وناح (المجدل)
وعلى (الرملة) و (الل) السلام ... يا شعوبا خاب فيها الأمل
لا ورب ما لهاتيك الشعوب ... أي ذنب لا ولا ثم عتاب
إنما يعرف أسرار الذنوب ... مازج العلقم بالشهد المذاب
ألف وعد لم يف الخصم به ... ولبلفور بوعد قد وفى فتغاضينا ولم ننتبه ... لشباك نصبت طي الخفا!
يا بلادا لم نجد من مشبة ... لك في ظل ركاب الحلفا
أنت آمنت بمن لم يؤمنوا ... بسوى الغدر و (فرق تسد)
فإذا دنياك ليل أدكن ... ليس للفجر به من موعد؟
نبعة قد غرست ف (لندن) ... وتلقت من (نيويورك) الظلال
وسقتها بصبيب نتن ... يد (جنبول) وعاشت في الرمال
ثم ألقت ظلها في الأردن ... وترامى شوكها حول (القنال)
وأراها في غد أو بعد غد ... سوف تمتد بشر مستطير!!
وبنو قومي في صمت الأبد ... لا يبالون وإن ساء المصير!
ألأبناء القصور العالية ... جيلنا الراسف في أغلاله؟
أم لشذاذ البحار النائية ... عالم يقضى على آماله؟
أم لهاتيك الوحوش الضاريه ... ريع حتى الطفل في أسماله؟
أم لمن يا رب تلك الصرخات ... تملأ الآفاق آنا بعد آن؟
فابعث الرحمة الأرض الموت ... أو فأحرقها بنار ودخان
يا رفاق الثورة الأولى أحذروا ... فتنة الدس وكيد الخائنين
فلقد بان الصباح المسفر ... عن خبيئ وتجلى عن كمين
هوم الركب فلا تنتظروا ... غير أن يزحف ركب الثائرين
وابعثوها صيحة تحتدم ... في قضاء الله في عرش السماء
فلقد آن لكم أن تختموا ... هذه القصة لكن بالدماء
إبراهيم الوائلي