مجلة الرسالة/العدد 839/إلى الشاطئ
→ الربيع | مجلة الرسالة - العدد 839 إلى الشاطئ [[مؤلف:|]] |
اعصفي يا رياح. .! ← |
بتاريخ: 01 - 08 - 1949 |
للأستاذ إبراهيم الوائلي
أيها الملاح - والزورق ينساب ويجنح
ونسيم الفجر يختال على الماء ويمرح -
يمم الشاطئ حيث الحلم النشوان يسنح
فهنا كنت مع الطير أناجيها فتصدح
أيها الملاح - والشاطئ مسحور الهضاب
وعروش الكرم تزهي فوق هامات الروابي
وشعاع الفجر ينساب على الطل المذاب
أعد الذكرى وجدد لي أحلام الشباب
مل إلى الضفة فالزنبق يختال ويعبق
ومذاب الطل في الزهر دموع تترقرق
فلكم ينقر مجداف وكم يسبح زورق
والدجى لفت جناحيها وهذا الصبح أشرق
هذه الفتنة في الشاطئ - والطير تغني -
إنها مبعث إلهامي وإحساسي وفني
أيها الملاح جدد لي عهداً ضاع مني
فلكم وقعت كالطير هنا بالأمس لحني
إن في الشاطئ من حبي عهداً لا يزال
هائماً مثلي في الآفاق مشبوب الخيال
في دموع الطل، في النرجس، في خفق الظلال
في خرير الماء، في الانسام، في صمت الرمال
ها هنا حبي واقداحي وساعات اللقاء
وربيع ذاب فيه الصيف واندك الشقاء
وانطلاق قد تساوى الصبح فيه والمساء وهنا ودعت أمسي مثلما شئت وشاء
أيها الملاح في نفسي للماضي رغاب
لم تزل تضحك للفجر وتحيا في الشعاب
فهنا كان رفاق، وهنا مر شباب
وهنا كان صباح وأماسي عذاب
أيها الملاح في جفني طيف لا يغيب
لترانيم وكأس ولقاء وحبيب
فهنا دنياي بالأمس وماضي الرتيب
وهنا مجلى خيالاتي ومغناي الخصيب
أترى مثلي تشجيك ترانيم الطيور؟
والسواقي تهداى في رمال وصخور؟
والندى الذائب خمر سكرت منها الزهور
فهنا شعت كئوس وهنا رفت ثغور
إيه يا ملاح: إني طال في الشط اغترابي
فلكم أطوى حياتي بين موج وضباب؟
أنا في الزورق ظمآن فهل تدرك ما بي؟
وعلى الشاطئ سمارى وأقداح شرابي
مل إلى الضفة كي ننسى تهاويل الطريق
فهنا العيش رغيداً، وهنا الظل الرقيق
علني أدفن همي بين أكواب الرحيق
وأرى الحاضر يزهي مثل ماضي الطليق
أيها الملاح - والزورق ينساب ويجنح
ونسيم الفجر يختال على الماء ويمرح -
يمم الشاطئ حيث الحلم النشوان يسنح
فهنا كنت مع الطير أناجيها فتصدح (القاهرة)
إبراهيم الوائلي