الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 837/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 837/البريد الأدبي

بتاريخ: 18 - 07 - 1949


المصريون في نظر أنفسهم

دعينا لسماع محاضرة سنوية يلقيها الأستاذ مصطفى شاهين برحبة نادي فاروق الرياضي حيث تطل على شاطئ البحر، ويحتشد فيها الجمع المثقف في جو ينعش الوجدان، ويسحر العقل - مرة في كل عام -!

وكان موضوع المحاضرة (شائقاً - شائكاً) - على حد تعبير المحاضر - لكنه أقتدر على تقديم الأزاهير من بين الأشواك في بيان أخاذ جامع بين لغة الخاصة والتنزل إلى الأسلوب الدارج. ولقد أبان قسمة الأمم بتواضعها، واعتزازها وغرورها، موضحاً المفارقة بينهما ونصيب مصر منها قائلاً: إن المصري يعنف في الحكم على أمته مدفوعاً بتوثب طبيعة النقد لديه؛ لكنه يسرف إلى حد إغفال حقه نحو وطنه؛ فيرميه رميات كلها تسقط السقطات!

وقد عرض بمن يدعون الثقافة وينعون على الوطن أوضاع الحياة، ويتخذون من الحوادث الفردية قاعدة عامة للسلوك الاجتماعي ويجعلون هممهم الزراية عليه في أساليب غير مهذبة تحط بالكرامة الوطنية.

وألمع إلى قول فولتير: (إن الشعور بالنقص أول درجات الكمال. .، وعقب على هذا القول بأنه يعني به (الشعب الناقد الساخر لا ينقد نفسه لذات النقد بل لدافع قوي يحضه على الكمال. لكن هذا المعنى ليس ممثلاً تمام التمثيل لدى الزاري المنتقص لوطنه، لأنه يتخذ أسلوب نقده لتجاهل قيمته.

ثم استطرد المحاضر عارضاً خصائص تفكير الأمم في النقد معرضاً ببعضها على طريقته الساخرة، وخلص من هذا العرض إلى وجوب قيام معرفة النقص على ركنين أساسين أولهما (الكرامة الوطنية) المقصود بها الاعتزاز بالوطن عند نقده، وثانيهما (معرفة الواجب نحو الكمال) باتخاذ الأسباب المهيئة له.

ولقد سوغ حدة ثورة النقد بفترة الانتقال التي شبهها (ببكارة الفتاة، ووثبة بلوغ الفتى) قاصداً عدم القصد في هذه النزوة؛ فكأنه يبرر ما يبدو من نظر المصري إلى نفسه على الطريقة المسفة المسرفة، لكنه يدفع هذا التبرير بوجوب (التوجيه) في أسلوب مقصود به الإصلاح في شتى مناحيه.

وكنا نود أن يلمع الأستاذ إلى نزوات بعض المبعوثين الذين يعدون التقاط بعض الثقافة الغربية (بعثاً) لهم بعد موت شرقي!

فلعقول المستنيرة تغشيها غشاوات هؤلاء المضلين المترامين تحت أقدام الغرب وهم يضعون السم في الدسم استجابة لرغبة جامحة يقصد بها الخفض من رفعة وطنهم ملقاً لمظاهرة كاذبة، وظواهر مخدوعة! على إننا ننوه بقدرة المحاضر على الاستمالة، وإبداعه في العرض وإخضاعه العبارات التي تستعصي على أفهام السواد. ونعتقد إن (الروع) القلب أو الروح و (الروع) الفزع؛ فقد وردت مرات متعددة في المحاضرة على غير وضعها، لكن هذا لن يغض من قيمة هذه المحاضرة القيمة التي يجب أن تكون نواة محاضرات متصلة بالوطنية المتلاقية مع الوعي القومي في حياتنا الماثلة!

أحمد عبد اللطيف بدر

بور سعيد

كلمة هادئة إلى المعقبين اللغويين:

في البريد الأدبي من العدد (834) من الرسالة، وقعت على كلمة موجزة تحت عنوان (تعقيب على تعقيبات) للأستاذ الفاضل محمد غنيم. . . في هذه الكلمة ذهب الأستاذ غنيم إلى أن قولي (لم يكن يعرف) قول بين الخطأ، وصواب الجملة حسب استعمالات العرب أن ترى على هذه الهيئة (لم يكن ليعرف) لأن كان المنفية بما ويكن المنفية بلم، لا يرد بعدها الفعل المضارع إلا مسبوقاً باللام المؤكدة للنفي ويسمونها لام الجحود. وقد ورد القرآن الكريم بهذا الاستعمال، قال تعالى: (لم يكن الله ليغفر لهم) ولما كنت أعلم تمام العلم أن التعبير صحيح لا غبار عليه، وإن كان المنفية بما ويكن المنفية بلم لا يتحتم ورود الفعل المضارع بعدهما مسبوقاً بتلك اللام، لما كنت أعلم هذا فقد رحت أجمع للأستاذ كثيراً من الشواهد من القرآن الكريم والحديث وأدب العرب شعره ونثره، ولكن. . . ولكنني في الوقت الذي تأهبت فيه للرد كفاني الأستاذ مؤونة الرد! لقد عاد الأستاذ غنيم في العدد الماضي من الرسالة فتطوع من تلقاء نفسه بتقديم الأدلة على صحة التعبير الذي خطأني في استعماله، ولم ينس أن يستشهد ببعض الآيات من القرآن الكريم! أود بهذه المناسبة أن أوجه كلمة هادئة إلى المعقبين اللغويين، هي أن يتريثوا قبل أن يكتبوا، وأن يحتشدوا لموضوعهم قبل أن يعقبوا. . . لأن العجلة من الشيطان، وما أغنى صاحبها عن الحرج الذي يدفع به آخر الأمر إلى ما يشبه الأسف والاعتذار!

أنور المعداوي

زوج وزوجة:

جاء في المصباح وشرح القاموس

قال أبو حاتم وأهل نجد يقولون في المرأة زوجة بالهاء. وأهل الحرم يتكلمون بها. وعكس ابن السكيت فقال وأهل الحجاز يقولون للمرأة زوج بغير هاء، وسائر العرب زوجة بالهاء وجمعها زوجات. والفقهاء يقتصرون في الاستعمال عليها (زوجة) للإيضاح وخوف لبس الذكر بالأنثى إذ لو قيل: تركة أو فريضة فيها زوج وابن لم يعلم أذكر هو أم أنثى أه.

وجاء في لسان العرب

وبنو تميم يقولون هي زوجته وأبى الأصمعي فقال زوج لا غير، واحتج بقول الله عز وجل: (اسكن أنت وزوجك الجنة) فقيل له نعم كذلك قال الله تعالى فهل قال عز وجل لا يقال زوجة، وكانت من الأصمعي في هذا شدة وعسر أه.

من هذا يظهر أن جميع العرب يقولون زوجة ما عدا الحجازيين وعبروا بها في شعرهم ونثرهم كما إن العلماء ورجال الشرع يؤثرونها على زوج دفعاً للاشتباه. وأرى أن نخصصها للمرأة ونخصص الزوج للرجل، ولاسيما في لغة التخاطب.

علي حسن الهلالي

بالمجمع اللغوي

يراعوا الابراع:

علق الأستاذ السيد صقر في العدد 833 على تعليق الأستاذ كرد علي على البيت:

يراعوا إذا ما كان يوم كريهة ... وأسد إذا أكل الثريد فظاظ

فقال والصواب يراع ' لا يراعوا. وأقول للأستاذ الفاضل إن يراعوا هي الصواب وهي من الروع بمعنى الفزع قال قطري بن الفجاءة:

أقول لها وقد طارت شعاعاً ... من الأبطال ويحك لن تراعي

ولو قرأ الأستاذ الفاضل هذه الأبيات لأدرك أن الكلام عن جماعة لا عن فرد، وأن يراعاً بمعنى جبان لا تصدق على الجماعة إذ تأتي للمفرد فقط. قال في الأساس: (ومن المجاز قولهم للجبان الذي لا قلب له هو يراعه ويراع قال. . . فارس في اللقاء غير يراع. كذلك خطأ الأستاذ (فيزين له الكأس) وأوجب تأنيث الفعل ونسي الأستاذ أن الكأس مجازية التأنيث يجوز معها تأنيث الفعل وتذكيره. وأخيراً للأستاذ الناقد تحياتي وإعجابي.

عمر إسماعيل منصور

من صميم العربية:

مما يجري على ألسنة العامة كثيراً حتى ليظن أنه عامي ولا يمت إلى الفصحى بسبب قولهم: (فلان يفك المشاكل) يعنون أنه يحل المعقد من الأمور، وهو بهذا المعنى ورد في اللغة. ففي (تاج العروس) - وهو يفك المشاكل - الأمور الملتبسة - ج7، ص394.

ومن هذا القبيل قولهم: (شكل فلان كذا، ظريف أو جميل) يقصدون صورته - وبهذا ورد في اللغة في (اللسان) شكل الشيء صورته المحسوسة والمتوهمة.

من الأخطاء - أبحاث - والصواب - بحوث - يدور هذا الخطأ على ألسنة الخاصة، ويرد في كتاباتهم مع أن القياس لا يجيزه، وكتب اللغة لم تذكره.

(اللسان) أقتصر على ذكر البحوث جمعاً - لبحث - ومثله - تاج العروس - و (الأساس، ومحيط المحيط، والمختار، والمصباح) لم يتعرضوا له. والغريب أن صاحب (أقرب الموارد) يذكره - ونص عبارته (البحث: طلب الشيء تحت التراب وغيره، ج - أبحاث - ولنا أن نسأل: ما مصدره؟

رياض عباس

دبلوم في التربية، وعلم النفس

تصحيح: في العدد الأخير من الرسالة وقع خطأ في ترقيم الصفحات. فذكرنا بعد رقم 1099 رقم2000 وكان اللازم 1100.