الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 817/القوة الحربية لمصر والشام في عصر الحروب

مجلة الرسالة/العدد 817/القوة الحربية لمصر والشام في عصر الحروب

مجلة الرسالة - العدد 817
القوة الحربية لمصر والشام في عصر الحروب
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 28 - 02 - 1949

الصليبية

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

- 4 -

وتنوعت سفن الأسطول، فكان منها الشواني وهي أكبر السفن الحربية في مصر وأكثرها استعمالا، وكانت أهم القطع التي يتألف منها الأسطول، وهي سفن حربية كبيرة تتخذ الأبراج العظيمة والقلاع، وتزود بالعدد الحربية، وتجهز بالأسلحة والنفطية لتستعمل في الهجوم على الأعداء والدفاع عن نفسها إذا هاجمها العدو، وبها اللجام وهو حديدة طويلة محدودة الرأس تقذف به سفن العدو لتفرقتها. وبها أيضاً كلاليب وهي خطاطيف كبار من الحديد تطرح عليها فتوقفها. ومنها الجلاسات مفردها جلاسة وهي نوع من السفن الحربية الكبيرة تسير بالشراع والمجاذيف وهي أثقل وأقوى من الشيني. والمسطحات وهي من أكبر سفن الأسطول. وكذلك السلنديات وهي مراكب حربية كبيرة مسطحة لحمل المقاتلة والسلاح وتعادل في أهميتها الشونة والحراقة. والبطسات وهي من أشهر أنواع السفن في أيام الحروب الصليبية، قد يكون لها أربعون قلعاً كانوا يشحذونها وقت الحرب بالآلات والأقوات والميرة والرجال والمقائلة والأسلحة وآلات الحصار وكانت تحمل آلاف الجند، ولها أسطح عالية، وطبقات كل طبقة خاصة بفئة من الجيش. والغربان ولا يبعد أن يكون أسمها مأخوذاً من أسم الغراب لأن مقدمتها على شكل رأسه، وهي تحمل الغزاة وسيرها بالقلع والمجاذيف منها ما له مائة وثمانون مجذافاً. والعشاريات وتجر بعشرين مجذافا، ولعلها كانت خاصة بالرؤساء، كما يفهم من وصف عبد اللطيف البغدادي لها. والقوارب نافعة لغزاة المسلمين وقت الحرب في البحر، يكون في كل قارب أربعة أو خمسة من الرماة يعينون غربان المسلمين على قتال غربان الإفرنج وقراقيرها. والبركوشات وهي مراكبصغار.

ومنها الحراقات وهي نوع من السفن الحربية كانت تستخدم لحمل الأسلحة االنارية، وكان بها مرام ومنجنيقات تلقى منها النيران على العدو، وكان في مصر نوع آخر من الحراقات في النيل استخدم لحمل الأمراء ورجال الدولة في الاستعراضات البحرية والحفلات الرسمية.

والحمالات وهي مراكب تحمل الأزواد للرجال، وآلات الحرب والحصار من الأخشاب الكبار والدبابات وأبراج الزحف وغير ذلك، ويكون فيها غلمان الخيالة وصناع المراكب؛ والقواقير، ولا تقف إلا في المكان الغزير الماء لأنها سفن عظيمة تحمل الزاد والكراع والمتاع للأسطول؛ والطرائد وهي سفن صغيرة سريعة الجري كانت تستعمل غالباً لحمل الخيل وأكثر ما يحمل فيها أربعون فرساً.

والشيطي ووظيفته الكشف والاستطلاع.

وعني الخلفاء والسلاطين بتوفير الخشب للأسطول فكانوا يعينون له الحراج ومنها ما هو بالوجه القبلي في البهنسا وسقط والأشمونين وأسيوط وإخميم وقوض وغيرها، والحراج أشجار من سنط لا تحصى كثرة في أرجاء المملكة، ويأمرون بحفظها، وألا يقطع منها إلا ما تدعو الحاجة إليه، وأحياناً تصنع من خشب الجميز، وهو الخشب الذي جهز به الظاهر بيبرس شوانيه بدل ما تحطم له عند قبرص، وحيناً يستخدم له شجر الأثل والنبق والسرو، وكثيراً ما كانت الأخشاب تجلبمن بلدان أوربا الجنوبية على أيدي البنادقة.

وكان لصناعة الأسطول ثلاثة أماكن بمصر هي جزيرة الروضة ودمياط والإسكندرية، وموانيه التي كان يرابط بها هي دمياط والإسكندرية وعيذاب على شاطيء البحر الأحمر وعسقلان وعكا وصور وغيرها من سواحل الشام قبل أن يغلب الفرنج عليها.

والظاهر أن جند الأسطول في العصر الفاطمي كان مكوناً من المغاربة لمعرفتهم بمعاناة البحر، وفي عهد صلاح الدين استخدم جنوداً مغربية كذلك وجنداً من المصريين الأقوياء الأشداء، وظل المصريون هم المورد الأساسي للأسطول حتى بعد انتقال السلطان إلى المماليك فإنا نجد بيبرس يجهز أسطولا لغزو قبرص، فيه الرئيس ناصر الدين عمر بن منصور رئيس مصر، وشهاب الدين محمد بن عبد السلام رئيس الإسكندرية، وشرف الدين علوي بن أبي المجد بن علوي العسقلاني رئيس دمياط، وجمال الدين مكي بن حسون مقدماً على الجميع، فلما جاء خليل بن قلاوون رتب بالأسطول عدة من المماليك السلطانية وألبسهم السلاح وإن كان الجند المصري له الغلبة أيضاً وكذلك جند المماليك في الأسطول في عهد الناصر بن محمد بن قلاوون.

وكانت التعبئة الحربية تشبه أختها أحياناً، فقد يصنع أمير البحر من سفنه وجناحين ومقدمة وساقة وقد يصنع مراكبه على شكل نصف دائرة حتى إذا حاول العدو الاقتراب منها أحاطت به، وقد يقابل أمير البحر عدوه بمراكبه صفوفا ًمستقيمة فتنطح مراكبه مراكب العدو باللجام قريباً من مؤخرها لتغرقها، أو يشغل أمير البحر مراكب خصمه ببعض المراكب ثم ينقص عليه مرة واحدة من ورائه وهكذا.

(يتبع)

أحمد أحمد بدوي

مدرس بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول