مجلة الرسالة/العدد 808/رسالة النقد
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 808 رسالة النقد [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 27 - 12 - 1948 |
المآصر في بلاد الروم والإسلام
تأليف الأستاذ ميخائيل عواد
في مطلع عام 1948، أصدر الأستاذ ميخائيل عواد كتيباً صغير الحجم، طريف الموضوع، سماه: (المآصر في بلاد الروم والإسلام). ذكر في مقدمته: (أن مواده نشرت في ستة أعداد من مجلة المقتطف في سنتي 1944 - 1945م، وأنه رجع إليها بعد ذلك، فزاد فيها وهذب حتى استوى منها هذا الكتاب الجديد).
والأستاذ ميخائيل عواد باحث دقيق، واسع الحيلة، كثير الأناة، جميل الصبر على مشاق البحث، ومتاعب التنقيب، يعمل في هدوء وصمت وأدب، وهو مثل أخيه الأستاذ كوركيس عواد من تلاميذ مدرسة فقيد العربية الأب أنستاس الكرملي، أخذا عنه، وورثا طريقته في البحث والاستقصاء، والعناية الفائقة، والدقة والإتقان في كل ما يكتبان، وقد اخرجا منفردين ومجتمعين آثاراً قيمة، ونشر أبحاثاً دقيقة مما يذكرها لهما قراء العربية بالإعجاب والتقدير.
وكتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام) الذي أصدره الأستاذ ميخائيل عواد أخيراً صغير الحجم في نحو تسعين صفحة مع فهارسه الخمسة التي استغرقت عشرين صفحة منه، ولكنه مع صغر حجمه بحث قيم، وموضوع جديد على المكتبة العربية. ويظهر من الاطلاع عليه أنه مجهود شاق، وعمل عظيم في بابه، وحسب القارئ الكريم أن يعلم أن مؤلفه رجع - في إعداده - إلى نحو تسعين مرجعاً قديماً بين مخطوط ومطبوع، وأبحاث ومقالات في المجلات.
وقبل أن نعرض لكتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام)، وتبين مقدار التوفيق الذي بلغه مؤلفه في بحث موضوعه نرى أن نضع بين يدي القارئ الكريم موجزاً في مفهوم (المآصر)، ومعناها في اللغة ومبناها من حيث التصريف، ثم ما يقصد منها عند الإطلاق حتى يكون على بصيرة، ويستطيع الحكم - وهو على بينة من أمره - على مجهود الأستاذ صاحب المآصر، ومقدار حظه من التوفيق.
فالمآصر جمع مأصر، والمأصر بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر الصاد، اسم مكان على وزن مفعل بكسر العين من أصر يأصر بمعنى حبس يحبس، فالمأصر على ذلك موضع الحبس ومكانه.
هذا معنى المأصر في اللغة، ومبناها في التصريف، ويطلق المأصر في كتب الأقدمين ويراد به مكان حبس السفن في البحار والأنهار، أو مكان حبس السابلة في الطرقات لتستوفي منهم العشور والضرائب، وبأسلوب آخر، فالمأصر قديماً مثل موضع استيفاء ضرائب الدولة في نظامنا الحديث، وقد يكون هذا الموضع على ساحل بحر أو شط نهر، وقد يكون على طريق عام.
ولابد لهذه المآصر - حتى تستطيع حبس السفن والسابلة - من وسائل تساعدها على ذلك الحبس والمنع، فهناك الجبال والسواحل التي تمد على مداخل الموانئ في البحار، أو تمد على عرض النهر، وهناك بعض السفن الصغيرة التي يستعان بها على ذلك الحبس والمنع. حتى يمكن استيفاء الضرائب. إلى غير ذلك من الوسائل التي لابد منها في مثل هذه الأعمال.
وهذه الوسائل التي يستعان بها من جبال وسلاسل وسفن تسمى مواصر. والمواصر جمع ماصر. والماصر اسم فاعل من مصر بمعنى حجز ومنع، ففي تاج العروس للزبيدي، في مادة مصر: والمصر بالكسر الحاجز، والحد بين الشيئين كالماصر، وفي التهذيب: والماصر في كلامهم الحبل يلقى في الماء ليمنع السفن عن السير حتى يؤدي صاحبها ما عليه من حق السلطان.
ومما تقدم يتضح جلياً أن المآصر مواضع حبس السفن في البحار أوالأنهار، أو مواضع حبس السابلة في الطرق العامة حتى تستوفى حقوق السلطان، وأن المواصر وسائل ذلك الحبس من حبال وسلاسل وسفن.
ويظهر أن الأستاذ ميخائيل عواد مؤلف كتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام) اختلط عليه الأمر، فلم يدرك الفرق بين المأصر بالهمزة، والماصر بالألف، وظنها شيئاً واحداً. يدل على ذلك أنه لم يرجع إلى مادة (مصر) في مرجع من المراجع اللغوية التي نقل عنها واعتمد عليها في مادة (أصر)، مع أن كل تلك المراجع تكلمت على (المأصر) في مادة (أصر) وعلى (الماصر) في مادة (مصر). وإلى القارئ نبذة من تصدير المؤلف تؤكد اعتقاده بأن السلاسل والجبال والسفن تسمى المآصر، مع أنها من الوسائل التي من حقها أن تسمى المواصر. قال: وأهم ما يسترعي الاهتمام في كثير من هاتيك الموانئ وجود سلسلة ضخمة من الحديد تعترض الميناء، فتحده من جهة البحر، رسخ أحد طرفيها في صخرة مرتفعة مشرفة على جانب الميناء، وربط طرفها الآخر بقفل محكم الصنع وضع داخل برج مطل على الميناء من جهته الثانية، ويجلس في البرج المذكور شخص يطلق عليه اسم صاحب القفل بيده الأمر والنهي في خروج السفن من الميناء ودخولها إليه، فيعمل على رفع السلسلة أو على خفضها. وشبيه بهذا ما كان يجري في بعض الأنهار؛ غير أنه كثيراً ما استبدلت السلاسل بالقلوس، والأبراج بالسفن النهرية كما سيجيء تفصيله، ويطلق على هذه كلها (المآصر) وكانت الثغور ذات المآصر تتمتع من جهة البحر بسلام لا يضارعها فيه إلا تلك المدن التي تحيطها الأسوار ويحرسها الحراس، فالمأصر إذن الحصن الحصين لبعض الموانئ، وسدها المنيع تدفع به عنها كل غزو يأتيها من جهة البحر).
وقد جره هذا الاعتقاد باتحاد معنى المأصر والماصر إلى أغلاط كثيرة في ثنايا الكتاب، فإنه قال في ص9: وقد نسب إلى المأصر نفر من الناس. ثم نقل من كتاب الأنساب للسمعاني ترجمة أبي بشر يونس بن حبيب الماصري بعد أن وضع الهمزة فوق ألف الماصر والماصري في تلك الترجمة في نحو عشرة مواضع!.
وصاحب كتاب الأنساب لم يعرض المأصر بالهمزة أبداً، ولم يذكر أحداً منسوباً إليه، وإنما ذكر مادة الماصر بالألف، وذكر أن المنسوب إليه هو يونس بن حبيب الماصري، وأورد ترجمته. ويونس بن حبيب الماصري معروف بهذه النسبة في كل التراجم والأنساب قبل السمعاني وبعده، فلم يقل أحد أنه مأصري منسوب إلى المأصر بالهمزة، بل الكل مجمعون على القول بأنه ماصري منسوب إلى الماصر بالألف. فهذا الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان المعروف بأبي الشيخ المتوفي في سلخ المحرم سنة تسع وستين وثلاثمائة عن خمس وتسعين سنة يذكر غي كتابه طبقات المحدثين بأصبهان يونس بن حبيب على أنه منسوب إلى جده الأعلى قيس الماصر، وترجمة أبي الشيخ ليونس ابن حبيب هي أقدم ترجمة له. ويظهر أن كل من ترجم ليونس بعده أخذ عنه حتى ليغلب على الظن أن نص السمعاني منقول حرفياً عن أبي الشيخ. وابن أبي الشيخ هذا ولد بعد وفاة يونس ابن حبيب بنحو سبعة أعوام، فهو أقرب المؤرخين عهداً من يونس بن حبيب، وأعرفهم بأخباره وأحواله ونسبته.
وهذا مؤرخ آخر هو أبو نعيم الأصبهاني المتوفى سنة 430هـ يذكر يونس بن حبيب الماصري في كتابه أخبار أصبهان على أنه منسوب إلى جده الأعلى قيس الماصر، وترجمته ترجمة قريبة جداً من ترجمة أبي الشيخ.
هذا رأي مؤرخين جليلين ممن سبقوا السمعاني، وإلى القارئ بعد ذلك رأي مؤرخينآخرين ممن أتوا بعد السمعاني.
فهذا ابن الأثير يقول في كتابه (اللباب في تهذيب الأنساب): الماصري بفتح الميم وسكون الألف وكسر الصاد وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى الماصر، والمشهور بهذه النسبة يونس بن حبيب الخ.
وهذا السيوطي يقول في كتابه (لب اللباب في تحرير الألقاب): للناصري بكسر المهملة وراء. إلى قيس الماصر الخ.
هذا، ومن المعروف أن نص كتاب الألباب للسمعاني الذي نشره مرجليوت مشحون بالأخطاء.
وقد ورد في النص الذي نقله الأستاذ ميخائيل عواد عن الألباب في ص9 بعض الأخطاء في نص الأصل، فلم ينتبه لها الأستاذ، ومر عليها مر الكرام، وتنبه لبعضها وحاول تصحيحها، فزادها فساداً! وتوهم الخطأ في بعض جمل الأصل مع أنها صحيحة فحرفها وأفسد معناها. فمن النوع الأول: في ص9 س14: العجلى المصري. وهو خطأ وصوابه: العجلى الماصري.
وفي ص9 س20: أمام الحجاج مع الفراء. وهو خطأ في الأصل صوابه: أيام الحجاج مع القراء.
ومن النوع الثاني ما صنعه في نص صاحب الأنساب في ص9 س18 الذي يقول فيه: وكان - الحديث عن قيس الماصر جد يونس بن حبيب - أول من مصر الفرات ودجلة. حيث قال: كذا. والصواب: مأصر الفرات ودجلة، وصنع هذا الصنيع نفسه في نص كتاب لب اللباب للسيوطي الذي نقله في ص10 س4، 5
ونص الأصل هنا صحيح لا غبار عليه، وقد ورد كذلك في طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ، وفي كتاب أخبار أصبهان لأبي اللباب في تحرير الأنساب للسيوطي؛ ومعناه صحيح أيضاً لأن كتب اللغة - كما تقدمت - تذكر المصر، والماصر بمعنى الحاجز، فمعنى مصر الفرات ودجلة خطأ، فأصلحه وجعله: مأصر الفرات ودجلة. فاخترع من عندياته فعلاً لم تذكره كتب اللغة، وليس له معنى صحيح، وأفسد نص الأصل مع أنه صحيح! ومن النوع الثالث ما في ص9 س18، 19، فقد ورد في نص الأصل ما يلي: فهي قليس الماصر. وهي جملة مضطربة يظهر عليها التحريف، فأصلحها الأستاذ ميخائيل إلى: فهي قلس المأصر. ولكن هذا الإصلاح زاد النص تحريفاً جديداً فوق تحريفه. والحديث هنا عن قيس الماصر. وصحة العبارة هي هكذا: وكان أول من مصر الفرات ودجلة، فهو قيس الماصر. فقد ورد في طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ هكذا: وكان أول من مصر الفرات ودجلة، فسمى قيس الماصر، وكذلك وردت هذه الجملة في اللباب في تهذيب الألباب) لأبن الأثير.
وهذا تحريف آخر وقع من المؤلف حرف فيه نص الأصل الصحيح الذي لا يجوز غيره. فقد جاء في نص السمعاني في ترجمة يونس بن حبيب: وهو ابن بنت حبيب بن الزبير الخ. وكذلك هو في طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ، وأخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني، ولكنه تحرف في وكتاب المآصر في بلاد الروم والإسلام ج9 ص15 إلى: وهو ابن أخت حبيب بن الزبير ولم يدركه المؤلف.
ويظهر أن الأستاذ ميخائيل عواد أصبح قوي الإيمان باتحاد معنى المآصر والمواصر، فمع أنه ينقل في ص20 عن كتاب (رسوم دار الخلافة) لهلال الصابي نصاً صريحاً بأن القلوس غير المآصر ذات السلاسل الحديد، والأبراج المنيمة الخ. وهذا صريح في أن الأبراج المنيمة والسلاسل الحديد غير المآصر أقول: مع هذا وذاك، إن الأستاذ ميخائيل عواد يسير في سائر الكتاب على اعتقاد الاتحاد في المعنى بين المآصر والمواصر.
هذا الغلط في الخلط بين المأصر بالهمزة والماصر بالألف عيب كتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام) البارز الذي يكاد يذهب بكل محاسنه. فإن القارئ لا يستطيع - وهو يقرأ أحد فصول الكتاب - أن يجزم: هل الحديث الذي يقرأه حديث عن المآصر حقاً، أم هو حديث عن المواصر. وإنما جعله الأستاذ المؤلف حديثاً عن المآصر لاعتقاده بأن المآصر هي المواصر؟. وهذا الشك يرد على كل ما أورده الأستاذ في كتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام). ويبدو أن أكثره حديث عن المواصر، وإنما جعله الأستاذ حديثاً عن المآصر. وإن الأستاذ ميخائيل عواد ليحسن صنعاً لو أعاد النظر في كتابه هذا، وأفرد المآصر في بحث خاص، والمواصر في بحث آخر حتى يكون عمله ذا قيمة علمية ويؤتي ثمراته الجنية.
هذه نظرة عامة في كتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام) أردت بها وجه الحق، والنصح للأستاذ المؤلف. وفي الكتاب بعد ذلك هنات هينات لا يمكن أن يخلو من مثلها كتاب. وأنا عارض بعضها فيما يلي عرضاً سريعاً حتى يتداركها الأستاذ المؤلف عند إعادة النظر في الكتاب:
(1) بحث المآصر في كتب اللغة وما إليها. كان حقه أن يكون بحثاُ قائماً بذاته، لا أن يجعل ضمن الباب الأول المفقود للمآصر النهرية بالعراق.
(2) أشار المؤلف في التصدير إلى ميناء أطرابلي العجيب، ونقل شيئاً مما قاله ابن حوقل واليعقوبي عن هذا الميناء، ولكنه لم يعرض له في صلب الكتاب.
(3) وردت كلمة (الموانئ) في ص5، 6، 39 مرسومة هكذا: (الموانئ) وهو خطأ في الرسم.
(4) يقول المؤلف في ص9: إن الجواليقي نبه إلى خطأ شائع في لفظ المآصر - يقصد المأصر - وقع فيه أكثر اللغويين الذين تطرقوا إلى ذكرها، فقال: (. . وهو المأصر بكسر الصاد، وفتحها خطأ الخ) والظاهر أنه نسى أنه نقل مثل هذا التنبيه على خطأ فتح الصاد على الحريري قبل ذلك في ص7.
(5) في ص12 س12: حدثنا شعبة عن ابن اسحق. فقال المؤلف: لعله أبي اسحق. وقد ورد هذا الاسم صحيحاً في ص70، فلو أن المؤلف رجع إلى هذا الاسم هناك لما تردد.
(6) في ص17 نقل النص الآتي: (وقد كان المكاري يبالغ في أذى الناس، وأخذ أموالهم، ويقول: أنا قد فرشت حصيراً في جهنم). فعلق على كلمة (حصيراً) في الحاشية بقوله: (الحصير الحبس: قال الله تعالى (عسى ربكم أن يرحمكم، وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) سورة الإسراء الآية 7.
وفي هذا التعليق غلطتان الأولى تفسير الحصير هنا بالحبس؛ لأن المقصود بالحصير في كلام المكاري هو ذلك الذي يفرش في المنازل ويتخذ من البردي والأسل. قال في تاج العروس: الحصير سقيفة تصنع من بردي أو أسل، ثم يفوش. سمي بذلك لأنه يلي وجه الأرض. وفي الحديث: أفضل الجهاد وأكمله حج مبرور ثم لزوم الحصر بضم فسكون جمع حصير الذي يبسط في البيوت قال الشاعر:
فأضحى كالأمير على سرير ... وأمسى كالأسير على حصير
والغلطة الثانية في جعل الآية التي أوردها السابعة من سورة الإسراء مع إنها الثامنة.
(7) في ص19 س3 وردت كلمة ملأ. وصوابها ملا بغير همزة مراعاة للوزن.
(8) في ص19، 20، 60، 61، 64 وردت كلمة المصابيء مرسومة هكذا (المصابئ) وهو خطأ في الرسم.
(9) في ص20 س7 قال: ولقد مر بنا غير نبأ. وهو يقصد: وقد مر بنا أكثر من نبأ، وقد تكرر نحو هذا الأسلوب منه في ص14، 11، 53، 62، 72.
(10) في ص34 س4 نقل هذا النص: لما كان الثامن والعشرين من شعبان الخ، ولم ينبه إلى الخطأ في كلمة العشرين. إذ الصواب العشرون.
(11) في ص60 س11 وردت جملة: منها لتثبيت الجسور وصوابها: منها تثبيت الجسور.
(12) في ص12 س5 قال: ونسج البرجمي هذا في استيفاء المبالغ من الضرائب والمآصر ونحوهما. فما معنى المآصر هنا؟
(13) في ص62 س17، 18 وردت جملة: وهو تحريف ظاهر. وصوابها: وهو تحريف ظاهر بغير واو.
(14) في ص63 س11: قلت وراجع. صوابه: قلت راجع. بغير واو.
(15) في ص65 س4: وخرج الطائع لله في تلقيه (لتلقي عضد الدولة). وصوابه أن يقول. (تلقى عضد الدولة) بغير لام.
(16) في ص70 أعاد رواية خبرين عن مسروق سبق له ذكرهما في ص12. ومع أن رواية ص70 فيها زيادة هامة في أحد الخبرين تتمم المعنى، وتصحيحاً لاسم راو تشكك المؤلف في اسمه فيما سبق. فإن المؤلف لم يتنبه لشيء من ذلك ولم ينبه إليه.
وبعد فإن في كتاب (المآصر في بلاد الروم والإسلام) على صغر حجمه مجهوداً علمياً، وبحثاً قيماً، وعناء كبيراً، بذل في سبيل إعداده وإخراجه، ولا يقلل من قيمة كل أولئك هذه الملاحظات التي لاحظتها على عمل الأستاذ المشكور، فإنه أول بحث في بابه: لم يطرقه أحد من قبله، فكان حقيقاً أن يكون وعر المسالك كثير المخاوف والمجاهل. وقد وضع الأستاذ ميخائيل عواد بكتابه هذا المصور والمعالم على ذلك الطريق المجهول، فسهل مهمة الباحثين من بعده، فاستحق شكر قراء العربية على هذه الثمرة التي قدمها إلى المكتبة العربية. وإذا كانت هذه الثمرة غير تامة النضج فليس ذلك ذنباً يؤاخذ عليه، وحسبه أن بذل ما في طاقته، واستفرغ الجهد.
برهان الدين الداغستاني