مجلة الرسالة/العدد 805/إغفال المدرسة لأساليب التربية الحديثة واعتبار
→ عيادة المطالعة | مجلة الرسالة - العدد 805 إغفال المدرسة لأساليب التربية الحديثة واعتبار [[مؤلف:|]] |
بين الأدب والأخلاق: ← |
بتاريخ: 06 - 12 - 1948 |
جع كره المتعلمين للقراءة إلى الأسباب الآتية: -
1 - إغفال المدرسة لأساليب التربية الحديثة واعتبار الطفل كإناء فارغ واجب المدرس أن يصب فيه المعلومات التي أشار بها واضعو المناهج، ويبقي الطفل هذه المعلومات غفي رأسه خوفاً من العقاب أو الرسوب في الامتحان ويظل يكافح في إبقائها على مضض حتى يأتي يوم الامتحان فيفرغ ما امتلأ به رأسه ويخرج حامداً الله على أنه أطلق من أسره وتخلص من عبئه؛ ثم يقسم على أنه لن يفتح كتاباً
فكفاه ما لاقى في قراءة الكتب المدرسية من آلام وعذاب؛ وهو بذلك لا يقبل على القراءة لأن جهازه العصبي قد تكيف بالألم من جراء الطريقة التي وصلت بها المعلومات إلى رأسه بدون مراعاة ميوله ورغباته وإثارة تشوقه. 2 - القراءة فن جميل لم يتعلمه الطلبة في المدرسة، ولذلك لا يتذوقون الكتب عند قراءتها كالشخص الذي لم يتمرن على كيفية العزف على إحدى الآلات الموسيقية ويجد أن أنامله تنتج إلا أنغاماً لا ترابط ولا انسجام بينها تصدع رأسه. هكذا الكتب لا يتذوقها إلا الذي درس فن القراءة الصحيحة وأصولها.
3 - لأن الطلبة لا يفهمون ما يقرئون من الثقافات العالية لأنهم لم يتعودوا التفكير فيما يطالعون ولم ينضجوا ذهنياً فاكتفوا بقراءة مجلات اللهو والتسلية وتركوا الكتب الدسمة لأن عقولهم لا تقوى على هضمها.
4 - لأن المشرفين على تربيتهم لم يوجهوا غرائزهم إلى الناحية السامية فانقلبت هذه الغرائز إلى النواحي الدنيا فمال كثير من المتعلمين إلى الأدب المكشوف الذي لا يثير في قرائه إلا أحط الرغبات.
5 - لم تتكون فيهم عادة القراءة لأن منزل الطفل يخلو من الكتب، وأمه أمية أو لا تكره غير الكتب، وأبوه لا يحب الكتب، وهو لا يجد كتباً في منزله يتناولها ويقلبها لعله يجد ما يلذه مطالعته واخوته وأخواته الكبار يتصفحون كتبهم المدرسية بغير اشتياق أو عناية.
ولذا نرى أن البيت والمدرسة مسئولان إلى حد كبير عن هذا الكره، والحل يتطلب تغيراً أساسياً في المدرسة وفي حياة الطلبة لكي يتهيأ لهم الجو الذي يحببهم في القراءة ويجعلها عادة فيهم. والحاجة ماسة إلى بيئة منزلية تعينهم على تعهد هذه العادة حتى لا تنقرض أو تضعف.
ايليا حليم حنا
دبلوم عال في التربية
الأبيض - السودان