مجلة الرسالة/العدد 79/من هنا وهناك
→ من روائع الشرق والغرب | مجلة الرسالة - العدد 79 من هنا وهناك [[مؤلف:|]] |
البريد الادبي ← |
بتاريخ: 07 - 01 - 1935 |
هل لامرتين عربي؟
جاء في كتاب (لامرتين) تأليف الأستاذ ج. كلويه، وش. فيدال ما نصه
(كان لامرتين يقول من ذات نفس إنه نحدر من أصل عربي وإن استقرار آل مرتين في مقاطعة (ماكونيه) يرجع تاريخه إلى الغزوة. وهذا التأكيد لانجد له أساساً مادمنا لانستطيع الرجوع بأصل آبائه إلى ما قبل القرن السادس عشر
ففي سنة 1572 ذُكر واحد من أسرة لامرتين في مذكرات كورديه بين النبلاء والوجهاء الذين أرغموا على أداء مبلغ جسيم من المال الى (كولدجيز) أسقف (ليمي). .
ويقول م. بيير دلاكرتول إن جد لامرتين، وهو لويس فرنسيس دلامرتي زور في سجل الأحوال الشخصية فحول أسم آلمرتين الى دلامرتين)
ويقول بيير دلا كروتل في كتابه (أصل لامرتين وشبابه)
(. . . وأصل الاسم هو أَلامرتين أو أللامرتين كما كان يكتبه، ولا يزال يُسمع الى هذا اليوم في برغونيا وفي منطقة اللوار الاعلى. أما موطن الأسرة الأول فهو أقليم كاروليه حيث يجد الباحث في أخريات القرن الخامس عشر أسماء ألابرت وآلابرناد وآلابلانش وقد تحولت فيما بعد، الى دي، لا، برت وديلابرت ودي بلانش
أما الأصل العربي الذي ان يعترف به لامرتين في زهو وفخر فربما كان عذراً جميلاً عن استسلامه للكسل الرفيع، وحبه الشديد لأنواع الحيوان، وتأثير جاذبية الشرق فيه وسلطانها عليه.
ولاتزال هذه النسبة من المسائل التي يغيم على حقيقتها الشك)
فأنت ترى أن لامرتين يعترف في صراحة وثقة بجنسيته العربية، ولكن الكتاب الفرنسيين بالطبع لا يصدقون هذا الاعتراف، ولا يؤيدون هذه النسبة، وإنما ينتحلون لها شتى الأسباب ومختلف العلل. فهل فينا من يصمد لهذا البحث في مظانهفيضيف الى عبقريات العرب هذه لعبقرية الخالدة، ويُرجع إلى أرواح الشرق هذه الروح الشاردة؟
أحد تعاريف الشعر
ذكر بعض المؤرخين أن جيوزني كارديوسي سئل مرة عن خير تعريف للشعر، فقال إ خير التعاريف تعريف الأب اكسافييه بيتينللي خصم دانتي الألد وهو قوله:
(الشعر حلم يتهيأ في يقظة العقل)، وكتب أدريانو تلغر في مؤلفه دراسة الشعر شرحاً دقيقاً لهذا التعريف قال: (لو تأملت قليلاً، وجدت أن التعريف الذي يتصل بعلم الجمال الحديث اتصالاً مباشراً إنما يتمثل فيما قاله ذلك اليسوعي عدو دانتي (يقصد به الأب اكسافييه)، وهو أن الفن حل. فهو نشاط روحي يتميز بطبيعة العقل وبالتفكير والمنطق، ولكنه حلم في يقظة العقل؛ فالفنان يحلم، ولكنه يدرك ما يتراءى له، أي يحلم وعيناه مفتوحتان، وهو يحلم ولكن نتيجة ذلك الخلم تخالف ما نحلم به ونحن رقود. فحلم الفنان إغفاءة في يقظة الضمير ورقابة العقل، فلا هو حلم كما نفهم من كلمة حلم، ولا هو نتيجة خالصة للعقل، ولكنه شيء لا هو بالحلم ولا هو بالأدراك. وإذا كان الفن حلماً يتهيأ في حالة اليقظة فمعنى ذلك أن الفن نتيجة روحية سابقة لانتباه العقل، منطقية سابقة للمنطق؛ وهو إدراك خالص للتصور وللضمير في وقت واحد. أي إن هؤلاء الذين هم في حضرة عقولهم وصحو ضمائرهم وكمال يقظتهم الفنية لم يخرجوا عن الصواب
من بشر بن عوانة؟
هل عثر أديب من الأدباء على اسم هذا الشاعر في غير المقامة البشرية لبديع الزمان الهمذاني، وكتاب تاريخ أدب اللغة العربية للمرحوم جورجي زيدان، وكتب المحفوظات لوزارة المعارف المصرية؟ أما نا فلم يقع لي هذا الاسم في سفر من أسفار التاريخ ولا في كتاب من كتب الأدب على كثرة ما قرأت، فرجع عندي أن بشر بن عوانه الأسدي شخصية خرافية من شخصيات المقامات، خلقها البديع، وأجرى على لسانها تلك القصيدة المشهورة وفي وصف قتال الاسد
وقد راعى البديع في نظمها الصيغة المحلية للعصر الجاهلي الذي فرض وقوع حادثها فيه، فجاءت في لغتها وأسلوبها وصورها أشبه بما قيل من نوعها في ذلك العصر، فدخلت في مختار لشعر، وسارت على ألسنة الشعراء، حتى خدعت رجال الأدب في وزارة المعارف، فحفظوها للطلاب على انها قصيدة جاهلية لشاعر جاهلي اسم بشر بن عوانه كان من امره وخبره ما أخبر عنه البديع في مقامته. وجاء المرحوم جوؤجن زيدان، فوجد القصيدة تدرس في المدارس، وصاحبها يذكر في الشعراء، فاقبته في الجاهليين، وترجم له قصيدة لم يرجع فيها الى غير تلك المقامة. وهذا مثل قريب تعرف منه كيف كانت الأساطير تدخل في التاريخ، والشخصيات الخرافية تدخل في الأدب، والقصائد المحولة تدخل في الشعر
طبقات الجو العليا:
نشرت جريدة (نوقيل ليترير) مقالاً علمياً قيماً لروجيه سيمونيت نقتطف منه الجزءالاتي:
(من المعروف أنه كلما صعدنا في طبقات الجو العليا ازدادت الطبقة الهوائية انبحاجاً وازداد انتشار الهواء وقلت كثافته، ونقص تركيبه، وازداد صفاؤه حتى يصير رائقاً لا تشوبه ذرات الغبار التي تكون اعمدة طويلة من التراب قرب سطح الأرض، والهواء في تلك الطبقات غير صالح للحياة لانعدام الاكسيجين. وقد حاول علماء الطبيعة اليوم الوصول إلى تلك الطبقات واكتشافها لما لها من الفوائد العلمية العظيمة، فقاموا بكثير من المحاولات والتجارب نجح بعضها وأخفق الآخر، إذ أرسلوا منايدهم الكشافة، وبهذه الطريقة توصلوا الى معرفة بعض حقائق علمية ذات قيمة كبيرة. من ذلك أن الحرارة تنخفض درجة مئؤيو كلما ارتفعنا مائة وخمسين متراً فوق المستوى الأول لهذه الطبقات المجهولة التي أسموها وهذا الارتفاع يتغير إلى مائة متر في الهواء الجاف وإلى مائتي متر في الهواء الرطب. ولاحظوا أيضاً أن أقل درجة حرارة جوية تبلغ 85 فوق المنطقة الاستوائية على ارتفاع عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر، وأن ضغط الهواء ينقص بسرعة هائلة فيصير نصف الهواء على سطح البحر على ارتفاع ستة آلاف متر، وينقص إلى الربع على ارتفاع أحد عشر ألف متر، وإلى عشر هذا القياس على ارتفاع ستة عشر ألف متر
واكتشاف هذه الطبقات ذو فائدة كبيرة، إذ يصبح في مقدورنا أن نعرف موضع الازون وهو الذي يمتص أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تهيء لنا الحياة على سطح الارض.
ومن بين المعضلات التي يحاولون حلها ايضاً اكتشاف الاشعة الكوكبية ومن ثم مسألة أخرى تهم جماعة اللاسلكيين وهي دراسة الاحوال الكهربائية والحرارية لتلك الماطق الصامتة كما يسمونها، إذ أن اكتشافها سيفتح أمام العالم عصراً جديداً بل عالماً جديداً بأكمله، وقد نوه تسير تييك د بورن مؤسس مرصد (تراب) بذلك فقال: (إن مشكلات الارض تجد حلها في السماء)
ويلاحظ أن الطائرة التي تحاول أن تحلق فوق هذه الطقات تلقى حتفها لساعتها، إذ يقف محركها لعدم وجود الاكسيجين كما أن الطبقات لا يمكن تحاملها لتمدد الهواء تمدداً عضيماً، وقلة كثافته نتيجة لذلك
ويحاول كثير من العلماء اليوم تذليل تلك الصعوبات باختراع الطائرات التي يمكنها أن تصعد فوق هذه الطبقات، ولقد بدأ كثير ممنهم بالقيام بهذه المحاولات، ونذكر منهم ألبرت كاكوت ومسعده فرنان وأوجست راتو وليسيون موميه ولئن افضت أكثر هذه المحاولات الى الفشل فان النتائج تدعو الى التفاءل بالمستقبل. واذا جاء الوقت الذي يمكن فيه اختراع أمثال هذه الطائرات التي تحلق فوق هذه الاجواء امكننا الطواف حول العالم أقل من اربعين ساعة، واصبح في المستطاع أن نصل من باريس الى نيويورك في اقل من يومين، لان سرعة هذه الطائرات ستبلغ ألف كيلو متر في الساعة لقلة العوائق في الاجواء العيا، هذا الى المنافع الاخرى التي تختفي تحت ستار هذه الطبقات المجهولة