الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 789/هؤلاء هم اليهود قديماً وحديثاً وأولاً وأخراً

مجلة الرسالة/العدد 789/هؤلاء هم اليهود قديماً وحديثاً وأولاً وأخراً

مجلة الرسالة - العدد 789
هؤلاء هم اليهود قديماً وحديثاً وأولاً وأخراً
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 16 - 08 - 1948


للأستاذ نقولا الحداد

كتب الدكتور محمد عوض محمد بك مقالا في مجلة الإذاعة المصرية فحواه: أن هؤلاء اليهود (الأخساء الأنذال) الذين ارتكبوا الفظائع الوحشية ليسوا من نسل إسرائيل. بل هم قوم أجانب (آراميين) تهودوا. وما يأتونه من المنكرات هو طبيعة سلالتهم لا من طبيعة إسرائيل، وأنهم لا ينتسبون إلى إبراهيم وأسحق ويعقوب آباء ذلك الشعب الذي امتاز بأنبيائه وكلماته. فهل يعقل أن ذلك الشعب القديم قد مسخ هذا المسخ الفظيع؟ هذا فحوى مقال الدكتور.

والظاهر أن جناب الدكتور لم يقرأ التوراة التي يعتز بها اليهود، أو على الأقل الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة لموسى لكي يعلم أن اليهود هم هم منذ القديم إلى اليوم سواء كانوا من سلالة إبراهيم أو من سلالة اشكيتاز. والأستاذ يعلم أن الآداب والأخلاق ليست وراثة بيولوجية بل هي وراثة اجتماعية تحصل من العشرة. فلو وضعت طفلا زنجيا وسط راق متمدن دمت الأخلاق، لشب كريم الأخلاق، لين الطبع.

فيهود صهيون تطبعوا بطبيعة أشخاص التوراة. اقرأ التوراة تعلم من هم اليهود من عهد نوح إلى إبراهيم إلى موسى إلى سلميان إلى اليوم. وإليك أمثلة قليلة من سلوك بطاركتهم عن آبائهم الذين كانوا يقودونهم.

لما دخل بنو إسرائيل أرض كنعان بقيادة يشوع وأخذوا أريحا أولا بأعجوبة وهي إسقاط أسوارها بالهتاف بالأبواق دخلوها كل رجل مع وجهه، وحرموا كل أهلها من رجال ونساء وشيوخ وأطفال حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف. يعنى أنهم قتلوهم ذبحا بالسيف. أنظر سفر يشوع، الإصحاح السادس، العدد 21 وما قبله وبعده.

بعد ذلك تقدموا إلى مدينة عاى فما علم ملك عاى بهم خرج بجميع شعبه لمقاتلهم، وكان يشوع قد وضع كمينا غربي المدينة من 5 آلاف مقاتل. فلما خلت المدينة من أهلها دخلها هؤلاء فأصبح أهل عاى بين شقين من إسرائيل، فأعمل هؤلاء السيف فيهم حتى أبادهم عن أخرهم رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا؟ زد على هذا أن يشوع أحرق المدينة، وتركها تلا أبديا خرابا إلى اليوم (أي يوم كتب اليهود سفر يشوع بعد 17 قرنا من ذلك العهد).

اقرأ الإصحاح الثامن من سفر يشوع:

ثم تقدم يشوع بقومه إلى مدينة مقيدة وضربها بحد السيف وقتل ملكها وكل نفس حية فيها، ولم يبق شاردا كما فعل فيعاى وأريحا.

ثم اجتاز إلى لبنة وفعل فيها كما فعل في أخواتها السابقتين وهكذا اجتاز من مدينة إلى مدينة إلى أن استتب أمره في ارض كنعان، أنظر يشوع، الإصحاح العاشر وما بعده.

فترى أن أولئك اليهود الذي فروا من مصر وأمضوا في بربة سينا 40 سنة كانوا يستعدون لهذا التفظيع ثم كانوا ينسبونه إلى أمر ربهم يهوه. ونحن نعلم أن الله تعالى الذي خلق اليهود وجميع الأمم غير اليهود يعتبر جميع الأمم عباده بلا فرق بين إسرائيل وكنعان وعرب وإفرنج، ولا يمكن أن يأمر بهذه الفظائع، فما نسبه اليهود إلى الله إنما هو من اختراعهم، أي اختراع اليهود الذين عادوا من سبى بابل بعد عهد موسى بسبعة عشر قرنا. وموسى ويشوع والله أبرياء من هذا التفظيع.

أما كان حريا بهم أن يأسروا أولئك الأقوام الذين غلبوا على أمرهم ويستعبدوهم بدل أن يقتلوهم رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا كما فعل نبوخذ نصر ملك بابل حين غزا فلسطين وهو ظنهم أنه ليس من شعب الله المختار. لقد كان أشرف منهم نفسا وأحن قلبا. بل كان سببهم إلى بابل لأنهم تعلموا هناك الحكمة والشريعة فكتبوها في أسفارهم.

إن هؤلاء الهاجاناه والأرجون واشترن والإرهابيين تعلموا هذه الفظاعات من توراتهم. فلا تبرئ يا دكتور إسرائيل القديم من فظائع إسرائيل الجديد.

هذا من حيث التفظيع، وأما من حيث المخازي الأخرى فإليك أمثلة منها:

من أمثلة غشهم وغدرهم وخداعهم حكاية غش لابان لابن أخته يعقوب الذي سمى بعدئذ إسرائيل وإليه تنتمي دولة إسرائيل الحديثة الخبيثة. فقد وعده خاله لابان أن يزوجه ابنته راحيل إذا خدم عنده سبع سنين، فخدم، وفي الميعاد عمل لابان مهرجان عرس لابنته. وبعد أن دخل يعقوب عليها وجد إنها ليست راحيل بل هي لئية أختها، فعاتب خاله في هذا الأمر. فقال له اخدم سبع سنين أخرى وخذ راحيل. وهكذا كان. (سفر التكوين الإصحاح29).

وإليك قصة غش أفظع من هذه: كان لأسحق ابنان عيسو البكر ويعقوب. وكانت (رفقة) زوجة أسحق تحب يعقوب أكثر من عيسو أخيه. فسمعت اسحق يقول لعيسو: آتني يا ابني بطعام من صيدك لكي آكل وأباركك. فروت هذا الحديث ليعقوب وقالتله أسرع من صيدك لأبيك لكي يباركك، وكان اسحق ضريرا. فتقدم إليه يعقوب بصيده لكي يأكل ويباركه فسأله اسحق من تكون؟ قال: أنا ابنك البكر عيسو. وكانت رفقة قد ألبست زندي يعقوب فراء من الماعز لكي تكون زنده كزند عيسو. فقال هات يدك. فحبس يده: فقال اليدان يدا عيسو، ولكن الصوت صوت يعقوب. وباركه. ولما جاء عيسو بصيده قال أبوه: أتأسف أن أخاك سبقك إلى بركة بكوريتك. (الإصحاح 27 من سفر التكوين)

ولما ضرب الرب صدوم وعموره لارتفاع شرهما إلى عنان السماء، استثنى لوطا أخا إبراهيم لأنه كان صالحاً (نسبياً) وفي ذات يوم قالت ابنتا لوط: لقد انمحى الرجال من أرضنا فلنسكر أبانا ونضجع معه فيكون لنا بنون. وهكذا فعلتا بالتناوب. (الإصحاح التاسع من سفر التكوين)

وإبراهيم أبو الآباء الذي غمره يهوه ألهه بالوعود، لما ذهب إلى ارض مصر وكان سارة زوجته جميلة فخاف أن يقتلوه لكي يغتصبوها منه. فلما علم فرعون بخبرهما استدعاهما فقال إبراهيم هذه أختي. فأخذها فرعون. وما لبث أن نزل عليه غضب الله وعلم إنها زوجة إبراهيم لا أخته. فعاتبه في ذلك وردها إليه. (الإصحاح 12 من سفر التكوين)

ثم ارتكب نفس هذا الغش حين انتقل إلى أرض جيران وقدم زوجته إلى أبي مالك ملك فلسطين باعتبارها أنها أخته فنزل على أبي مالك غضب الرب وعلم أنها زوجة إبراهيم لا أخته. فعاتبه في ذلك فقال هي بالحقيقة أختي من أبي لا من أمي (تكون الإصحاح العشرون) (وما الفرق؟)

وأخذ داود زوجة أوريا قائد فرقة من جيشه وزنى بها فحبلت في غياب زوجها، فأوعز داود إلى قائد الجيش أن يضع اوريا في مقدمة الجيش لكي يقتل، وكان كذلك، ثم تزوج داود المرأة (سفر صموئيل الثاني: الإصحاح الحادي عشر) هذا هو داود الذي قال الله عنه (وجدت قلب داود كقلبي)

وسليمان الذي منحه الله الملك والحكمة والغنى غرته في آخر ملكه نساؤه السبع مائة، وسراريه الثلاثمائة الأجنبيات بعبادة الأوثان وبخطايا أخرى باهظة، فجلبت خطاياه عليه وعلى وطنه عقابا شديدا. (سفر لوك الأول الإصحاح 11) ولما فرغت جعبته جعل يقول: باطل الأباطيل، الكل باطل.

ولما سمح فرعون لموسى وقومه أن يهجروا مصر قال (المؤرخ) أوعز الله إلى الإسرائيليين أن يستعيروا من المصريين الحلي من فضة وذهب والثياب لأن عندهم مهرجانا. والهم اله المصريين أن يعيروهم. وفي اليوم التالي فروا بها من أرض مصر.

وهكذا ترى أن اليهود بأمر الله (كما يكذبون) يستحلون أموال الأمم الأخرى. فأي إليه هذا الذي يعلم شعبه المختار النصب واللصوصية؟ أتصدق أن هذا الكلام وحي من الله؟ -

الإنسان شرير قبل أن يكون صالحا. فإذا جاءه تعليم الشر عن يد إلهه اعتبره حقا حلالا. فلا تستغرب أن اليهود يستحلون كل الرذائل والقباحات تجاه خصومهم لن إلههم يهوه علمهم هكذا كما يزعمون.

أرجو أن تعلم يا دكتور أن إله الإسرائيليين ليس الله إله والنصارى والمسلمين.

ذلك قليل جداً من كثير جداً مما جاء في التوراة من مخازي كبار اليهود. فأرجو منك حضرة الدكتور ومن كل قارئ أن تلقى من بالك أن كل ما كتب في التوراة هو وحي من الله، أو أن التوراة كتاب مقدس، لأن الله لا يوحي بمثل هذه المخازي ولا تكون قصص المخازي كتابا مقدسا.

إن أسفار التوراة كتبت بالتتابع بعد رجوع الإسرائيليين من سبى بابل أي قبل المسيح بنحو 650 سنة وبعد خروجهم من مصر بنحو 17 قرنا. وإنما هي أساطير أشور وبابل ونينوى وماري وفارس وعيلام جميعها المسبيون في مدة سبيهم ولما عادوا إلى فلسطين شرعوا يكتبون هذه الأساطير وما عندهم من أمثالهم على هواهم.

وإذا كان بعض طوائف النصارى تقدس التوراة فلأنها تعتقد أن التوراة تشتمل على نبوءات بمجيء المسيح.

ولكني وكثيرين مثلي نعتقد أن المسيح في غنى عن نبوءات تشهد له. إن حياته القوية وتعاليمه الأخلاقية الشريفة تشهد له وهي شهادة حق. وبعض الطوائف النصرانية لا تضع التوراة بين أيدي أولادها لما فيها من المخازي.

ومتى قرأت التوراة أو الأسفار التاريخية فيها على الأقل شعرت أن أولئك اليهود القدماء الذين تنسب إليهم ابر والقداسة ليسوا أبر من يهود بولونيا وألمانيا وسائر أوربا. فهؤلاء اطلعوا على التوراة واستقوا منها أخلاقهم من شره وجشع ووحشية وتفظيع الخ. . . ولولا هذا لكانوا كسائر أهل أوربا أقرب إلى الإنسانية والرحمة وأبعد عن الأنانية.

فأعود والفت نظرك إلى الوراثة الاجتماعية فهي وراثة أخلاق وآداب في أثناء العشرة. وليست كالوراثة البيولوجية وراثة دم أو بالأحرى وراثة حيوية.

أرجو منك أنتطالع الأسفار التاريخية في التوراة وثم قابلني. والسلام عليك وعلى طيبة عنصرك. وأرجو أن تتوب عن الدفاع عن اليهود. فهم قبيل من الناس لا يمكن أن يكون إنسانياً مادام سنده التوراة وبها يدعى أرض فلسطين ودولة.

نقولا الحداد