مجلة الرسالة/العدد 789/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 789 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 16 - 08 - 1948 |
إلى فضيلة الشيخ أبو العيون:
كان تجلدك الذي امتنع على صدمة تلك الملمة؛ وثبات جأشك في عصف ذلك الخطب؛ موضع إكبار الجميع؛ حتى عدت سابقة لفضيلتكم في هذا الميدان، لقد تخطفت المنايا السود ولدك - وهو يمرح في أعطاف الرابعة عشر ربيعا، ويختال في حالة نسجت من طراءة العمر، ونضارة الصبا، لا تحركها أنامل الحياة غير مرة؛ فها هو ذا الشاب يلوذ بحمى - المستشفى - ليكف عادية الداء عن شابه؛ فإذا في ارتقابه بهذه الدار تلك السفينة التي تقلع بالإنسان إلى الشاطئ المجهول. ويهبط النبأ الفاجع على قلب - الشيخ - يا أسلاك البرق - قدحت أي زناد!! وأطرت أية شعلة بفؤاد - الشيخ - المرهف الشفوق. أية ناسفة تحمل أمثال هذه الأنباء التي تنزل في عالم الشعور؛ والإحساس؛ وأي لغم تفجره بين الجوانح تلك الكوارث ولكن قوة إيمان الشيخ، قد استطاعت أن تحول بين الشيخ، وبين ما تستهدف له القلوب. فيأتي الشيخ. وهو السكرتير العام للأزهر والرجل الموصل بأفئدة الأمة؛ أن يذيع نعيه في الصحف ولا حتى بين الأصدقاء الأقربين.
وتوجه في قلة قليلة لا تعدو أصابع اليد الواحدة إلى - دار المستشفى - وحمل قطعة قلبه إلى حيث يوسدها المضجع الأخيروصلى عليه حيال القبر؛ وعاد الشيخ ببعض النفس؛ والبعض في القبر وتجلس إلى الشيخ فإذا هو باسم الثغر، طلى الحديث. مؤنس المحضر. تدور أحاديث الدين، والأدب، والاجتماع، كأننا لسنا في دار ثكلت عزيزا؛ ولا بجوارح شيخ حتى التراب على معارف كان يخشى عليها الثقل من موطئ الذر.
لم أكتب هذه الكلمة لتكون عزاء فأنت، أيها الشيخ، أسمى من أن يسوق العزاء سائق؛ ولكن أريد أن أقدم نموذجا لما تكون عليه الرجولة في الشدائد، وأن يعرف الناس السنة الإسلامية التي يجعل بهم أن يستنوها مع من يشيعون.
محمد عبد الحليم أبو زيد
1 - ولم لا نسأل عن أشياء؟
أهي من عالم الغيب الذي استأثر الله بعلمه؟ أم هي من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة فيكفر جاحدها؟ أم نحن نشك في روايتها عن رسول الله ﷺ بصورتها الحاضرة؟ أم أغلق باب الاجتهاد في فروع اللغة كما أغلق عند جمهور العلماء في فروع الفقة؟ الهم لا هذا ولاذاك؛ وإنما قصدت في كلمتي السابقة أن التمس الوجه الصحيح الخالي من الحدس والافتراض والتكلف لورود كلمة (أشياء) في القرآن الحكيم على صورة الممنوع من الصرف، وإن بدا رأيي جريئاً غير مستساغ عند بعض الناس فحسبي أن يكون رائدي حسن النية، وأن فتح البحث أمام الذين يبحثون في وسائل تيسير النحو في هذه الآونة على المعلمين حتى اقترحوا حذف (الممنوع من الصرف) من منهج التعليم الابتدائي لا نزاع في إن البحث من الجفاف بحيث لا يحمل الخوض فيه على صفحات المجلات، ولذلك عرضته ملخصاً في الكلمة الأولى وما زلت على خطتي في هذه الكلمة، وأن عسيراً أن أجشم القارئ درس موضوع من أيسر مسائلة ادعاء بعضهم أن (أشياء) اسم جمع مثل (طرفاء) قدمت الأمة فصار على وزن (لفعاء)؛ كل ذلك ليبروا وروده ممنوعا من الصرف في سورة المائدة، وأنا بلا ريب أستحسن كثرا رأى (الكسائي) الذي أورده الأستاذ الفاضل محمد غنيم في كلمته القيمة وملخصة أن (أشياء) جع (شئ) جاء على صيغته الأصلية، ولكن منع صرفه لكثرة استعماله في الكلام تشبها له بالاسم المؤنث المنتهى بالألف الممدودة، هذا أشبه بالحق، وأدنى إىل حسنا الذوق ولكن ماذا لو التمسنا للمسألة وجها آخر؛ مع التسليم المطلق بصحة الرواية، أنا لا أزال أقول إن ورود الكلمة على صورة الممنوع من الصرف مبني على القاعدة النحوية المشهورة التي أوردها (ابن مالك) حيث قال:
ولاضطرار أو تناسب حرف ... ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف
وقد طابق هذه القاعدة كثر من استعمالات العرب، وخرج عليه بعض آي الذكر الحكيم؛ وقد أشرا إلى ذلك في الكلمة السابقة؛ والمسألة ترجع إلى الذوق الموسيقي المعبر عنه (بالتناسب) في كلام (ابن مالك) وإنه لو وردت (أشياء) مصروفه في الآية الكريمة (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم) لتكرر حتما مقطعان بلفظ واحد، وكان ذلك مخلا إلى حد ما بحسن الجرس والتناسق ولا شك أن القرآن الكريم في المكان الأول من رعاية هذا التناسق، والسلامة من كل مظان التنافر، وهذا - كما قلت - من أعظم وجوه الإعجاز، ولولا ذلك لجرى على كلمة (الأشياء) ما جرى على كملة (أفياء) وأمثالها بتكرار (إن) في قوله تعالى: (ما نزال الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير) كما يقول الأستاذ العجمي، فإن القياس مع الفارق كما يقولون؛ إذ من الممكن بل من الحسن الوقف على كلمة (شئ) في هذه الآية وفي الآية الثانية التي أوردها الأستاذ العجمي، ويكون البدء بما بعد كلمة (شئ) في الآيتين مما يزيد المعنى قوة؛ وإذا لا يتوالى المقطعان، على أن همزة (شيء) مسبوقة بحرف لين صامت وهمزة (أشياء) مسبوقة بحرف مد صاعد ولذلك تأثيره في نقل المقطعين، أما كلمة (أشياء) في آية المائدة (وهي محل البحث فإنها مرتبطة بما يليها من الآية الكريمة ارتباط الموصوف بصفته؛ والصفة هنا قيد في صاحبها، فلا بد من وصلها حتى يكون معنى النهي في الآية واضحا ولا بد إذا من توالي المقطعين، وهذا ما أجعله علة المنع من الصرف؛ وعلى ذلك يمكن القول - في غير حرج - أو ورد كلمة (أشياء) غير مصروفه راجع إلى الجو المحيط بها في الآية الكريمة فلو خرجت منه جاز عليها ما يجوز على سواها.
ولا محل بعد ذلك للاعتراض الذي أدلى به الأستاذ محمد غنيم وخلاصته أنه لو كانت الكلمة معروفة لضبطت همزتها الأخيرة بالجر من غير تنوي؛ فأنها بلا نزاع غير مصروفه (في الآية الكريمة) فيجرى عليها حكم الممنوع من الصرف كاملا وتجر بالفتحة؛ ولكن المنع صرفها سبباً فنيا غير الذي قالوه؛ فهو في رأي المتواضع (ولا يؤاخذني الأستاذ العجمي) مبنى على اعتبار حسن الجرس والتناسب وعند القدامى الذي ندين لهم بالحق وعرفان الجميل مبنى
على أسباب شتى ألمعنا إلى بعضها في صدر المقال.
2 - أخطاء مشهورة:
كثيرا ما نقرأ في الصحف والمجلات بله كراسات الطلبة والتلاميذ - كلمات جرت على اللسنة، واستفاضت؛ حتى ليحسبها من قلت درايتهم بمتن اللغة من الصحيح؛ ولعل من الخير للغة ودارسيها، أن يتعقب أهل الدراية هذه الكلمات بالنقد البريء والإرشاد الهادئ السديد، وعلى منابر الصحافة العالية متسع لمن أراد الإصلاح؛ ومن ذلك أنني قرأت أمس في (الأساس) لشاعر ناشئ مقطوعة ظريفة بدأها ببيت مشتملعلى كلمة (النضوج) وفي باب (الكتب والمؤلفات) في (الأخوان المسلمون) كلمة قيمة في التنويه بديوان (أبن المفر؟) للشاعر النابغة الأستاذ محمود حسن إسماعيل ورد فيها كلمة (خصوبة الخيال)
والذي أعرفه أن كلمتي (الضنوج - والخصوبة) غير صحيحتين والصحيح أن يقال: (النضج والخصب) أما الكلمتين الأوليان فليستا من كلام العرب فيما أعتقد؛ ومن أنكر فليغير والسلام.
محمود البشيشي
(بالإسكندرية)
حول كلمة العتيد:
أرجو أن يعلم الأديب الفاضل (محمد مهدي أبو حامد) أن الكلمة التي كتب عنها تعليقه الكريم كانت في الأصل (عنيدة) بالنون لا بالتاء فصنع بها التطبيع ما صنع، كما لم تسلم عبارته أيضا منه، فقد كانت في الأصل و (يقوض) فجعلها التطبيع (يقود) بالذال لا بالضاد وكأن القدر شاء له ذلك ليعذرني في خطأ لم ارتكبه!!
ولا أذكر أني كتبت طيلة حياتي - في مختلف الصحف - مقالة سلمت من التطبيع، وهو على كثرته - واضح يفطن إليه المتأمل، وسبحان من تفرد وحده بالكمال.
هذا وللأديب الناقد شكري وتحياتي
محمد رجب البيومي
حول النقطة:
جاء في كلمة الأستاذ الفاضل السيد محمد مهدي أبو حامد في البريد الأدبي للرسالة الغراء قوله: (وهذا ما يحضرني الآن من الألفاظ الدالة على معنى (القدم) ولا أقول هذا كل ما ف اللغة في هذا المعنى إذ ربما يطلع علينا بألفاظ أخر من المراجع اللغوية (الرقيب العتيد) الأستاذ عدنان وذلك ما كنا نبغي)
وقبل الكلام أقدم الشكر الخالص للأستاذ المهدي على حسن ظنه وجميل شعوره، نحو هذا لضيف - القوى بالله - وأقول إن ما رآه الأستاذ الأديب ورواه حول لفظة (العتيد) صواب كله وليس لمستزيد عليه مزيد، ولا الرقيب العتيد.
ثم أقول: ومن الألفاظ الدالة على (القدم) - وذلك بالإضافة إلى (العتيق والقديم والعهيد) قولهم: الأبيد والدهير والتليد والسحيق، وفي مقام القياس: الزمين - إن شئت - والأزيل من الزمن والأزل. . . وهي كلها ألفاظ تدل على القدم والخلود بعد العدم. . .
(الزيتون)
عدنان
من مؤلفات بن طولون:
قال الدكتور أسعد طلس في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق: وقد نشر لابن طولون من المؤلفات ثلاث رسائل: (الفلك المشحون بأحوال محمد بن طولون) ورسالة (الشمعة المعنية في أخبار القلعة الدمشقية) ورسالة (المعزة في تاريخ المزة). مع أن مكتبة القدسي بالقاهرة كانت طبعت قبل ذلك من كتب ابن طولون (اللمعات البرقية في النكت التاريخية) سرد فيها كثيرا من الحوادث والتراجم التي لا يوجد بعضها في غيرها، و (إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين) ذكر فيه الكتب التي بعث بها النبي عليه الصلاة والسلام إلى الملوك، و (تبييض الطرس بما ورد في السمر ليالي العرس)
محمد أسامة عليبة