مجلة الرسالة/العدد 782/الأدب والفن في اسبوع
→ ليالي الحصاد | مجلة الرسالة - العدد 782 الأدب والفن في اسبوع [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 28 - 06 - 1948 |
الصهيونيون ليسوا من بني إسرائيل:
كان حديثا طريفا حديث الدكتور محمد عوض محمد بك بالمذياع مساء يوم الجمعة الماضي، فقد قال في هذا الحديث إن هذه الشراذم الصهيونية التي تأتي بفلسطين أشنع الأعمال وأدلها على الانحطاط النفسي والخلقي، ليست من بني إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فهؤلاء الذين يقتلون الحوامل ويسممون مياه الشرب ويلوحون بالأعلام البيضاء ريثما يتمكنون من الغدر، لا يمكن أن يكونوا من ذلك العنصر الطيب الذي كان يسكن فلسطين قديما، وإنما هم من أمم مختلفة وأكثرهم من العنصر الجرماني اعتنقوا اليهودية في العصور التي نشط فيها التبشير اليهودي. ومما يدل على ذلك اختلاف سحنهم وألوانهم وتكويم أبدانهم، فلا يعقل أن يكون كل هؤلاء المتباينين أبناء سلالة واحدة، واستشهد الدكتور بأقوال بعض علماء اليهود التي تنص على دخول كثير من الأجناس في الديانة اليهودية في عصور مختلفة. وقد كان نصف سكان الإسكندرية في بعض العصور القديمة يهوداً، كما انتشر الدين اليهودي في بلاد اليمن في عصر سحيق، فهل صار أولئك القدماء من المصريين واليمنيين بذلك من بني إسرائيل؟!
وقال الدكتور عوض إن هذا الخلط بين الدين والعنصرية بادعاء اليهود أنهم من بني إسرائيل، خلط عجيب، أنه يحصر الدين في سلالة البيت النبوي، ولا يقول بذلك عاقل، فليس معنى الدين الإسلامي مثلا الهاشمية أو القرشية. ومما لا شك فيه أن قبيلة بني إسرائيل قد تفرق دمها، كأي قبيلة أخرى، فالقبائل لا تبقى. والخلاصة أن هذه العصابات الصهيونية التي تدعى باطلا أنها من بني إسرائيل. إنما هي أشتات من الأجناس والأمم، وهي أشتات منحطة الفضائل الإنسانية تنم عليهم أفعالهم التي تباعد بينهم وبين السلالة الإسرائيلية. فليست دولتهم التي أعلنوها بفلسطين هي فحسب المزعومة، بل هم أنفسهم مزعومونوهم دخلاء في النسب كما أنهم دخلاء في فلسطين.
عملية الأدب من الوجهة النفسية:
ألقى الدكتور إبراهيم ناجي محاضرة برابطة الأدباء يوم الأحد الماضي موضوعها (رسالة الأدب)، وقد أفاض في بيان معنى الأدب وطبيعته ورسالته، حتى استغرق في ذلك نح ساعتين استأثر في خلالهما بانتباه الحاضرين من الأدباء والمتأدبين على رغم الإطالة والحر. . .
ومما تناوله الدكتور ناجي في هذه المحاضرة شرح العملية الأدبية من الوجهة النفسية، إذ قال:
(نحن نعيش في ثلاثة عوالم: العالم الخارجي، والعالم الشعوري، والعالم اللاشعوري؛ أو عالم الحقيقة، وعالم الشعور، وعالم الخيال. وهذه العوالم في دنيانا العملية تكاد تكون منفصلة تماما، أو على الأقل بينها اتصال غير كامل. أما العالم الخارجي، ففيه المواد التي تستمد منها التجربة، ولكن وجود التجربة وحدها لا يكفي بغير أن يزول ما بينها العقل الواعي من فواصل، فيؤدى ذلك إلى اندماجها بالشعور حتى يحدث ما يسمى لحظة انفعال. على أن هذه اللحظة تستوعب التجربة صورة موحدة وأنموذجا كاملا، فلا يلتقطها الشعور متفرقة مبعثرة؛ فإذا انزاحت الفواصل بين الشعور واللاشعور، فإن اللحظة الانفعالية تصير انفعالية ممتدة الزمن، وزيادة على ذلك يستوعب الانفعال التجربة كخليط معقد متعدد الجوانب، وهذا ما يجعله مثيراً ومشتملا، ويجعل الأدب متوثبا لاستيعاب الانفعال والسيطرة عليه، ومنتهزاً فرصته لكي يتاح له أن يستعيد هذه الصورة الحسية الغنية بالألوان، ولن يتاح له ذلك إلا في وقت يحس فيه انه على وشك وقت اختلاط الشعور باللاشعور. . . الشعور يغزو اللاشعور، واللاشعور يطفو بأحلامه وضبابه في الشعور، هذه لحظة تحرر كاملة تفسر لنا السرور الذي نشعر به إذ ذاك. أما الشعور فهو تحليلي في نزعته، وأما اللاشعور فهو تركيب. فالشعور يتسلم التجربة ويحيلها قطعا، ثم يسلمها إلى اللاشعور الذي يعيد تركيبها، ولكنه يعيدها ومعها فروق وتدريجات وألوان وأصباغ وأضواء وظلال، كالآفاق التي تبدون في الحلم تماما. وذلك لأن اللاشعور طبقات وإمكانيات، وهو يعطي بالتدريج، ويغري باقتحامات جديدة. وقد يسأل السائل: ألم يكن من الجائز انتهاز فرصة التجسد الشعوري لخلق عمل فني؟ فنجيب بأن التجسد الأول إنما هو تضخم متعب قد يؤدي إلى الانتحار أو الجنون، أما التجسد الأخير فهو تجسد مخفف تدريجي يطفو في وسط الألوان والأضواء، وفيه شعور بالتحرر المنظم، وفيه كذلك شعور بالتحرر من قيود العرف، ولذلك يصلح التعبير دائما في هدوء الليل وفي الوحدة البعيدة عن العالم. ويتضح من ذلك أن في طبيعة العمل الأ دبي قسم كبير متعلق بالصنعة ما دام العقل الواعي مشتركا اشتراكا كبيراً في تنظيم العمل، ولكن الجزء اللاشعوري له أهميته العظيمة. ومن ثم يتضح أنه لا يوجد عمل عبقري لا تدخل فيه الصنعة. والذين يقولون بالسليقة إنما يجهلون المعاني السيكولوجية للأعمال الفنية. ويبدو من هذا التحرر السيكولوجي أن المسألة محاولة إزالة فواصل، فمن الباطن إلى الوعي إلى الخارج. . . ومعنى ذلك أنها عملية إفضاء إلى الغير، أو بعبارة أخرى الخروج عما هو شخصي إلى ما هو إنساني. وهذا هو غرض الأديب ورسالته. ويتضح كذلك الفرق بين طبيعة العصبي والعبقري، فالأول يهتم بتحقيق رغبة مكبوتة، أما العبقري فهمه التعبيرعنها، وشتان ما بين الاثنين!
الكاريكاتور في شعر ابن الرومي:
كان الأستاذ كامل كيلاني ألقى محاضرة بكلية الآداب بجامعة فاروق الأول بالإسكندرية موضوعها (الكاريكاتور في شعر ابن الرومي)، وقد عن له أن يستوفي هذا البحث ليخرجه في كتاب، وهو يعمل الآن في إنجازه.
ويتكون هذا البحث من جولات في متحف الكاريكاتور الذي يضعه شعر ابن الرومي، والذي يتألف من أقسام مختلفة؛ فهذا معرض الأنوف، ومن تحفه صورة لأنف (كنيزة) المغنية، هي قوله.
(فيه لفرخين عش)
وذاك معرض الدواب الآدمية، ومن محتوياته وجه (الحريثي) في صورة ثور:
للحريثي أبي بكر غيب ... وله قرتان أيضاً وذنب
وتحين منك التفاتة إلى ركن في أحد الأبهاء، فإذا صورة كاريكاتورية فذة يرسمها الفنان ابن الرومي لنفسه في براعة عجيبة:
من كان يبكي الشباب من جزع ... فلست أبكي عليه من جزع
فإن وجهي بقبح صورته ... ما زال بي كالمشيب والصلع
أشب ما كنت قط أهرم ما ... كنت فسبحان خالق البدع
إذا أخذت المرآة سلفني ... وجهي وما مت هول مطلعي
شغفت بالخرد الحسان وما ... يصلح وجهي إلى لذى ورع كي يعبد الله في الفلاة ولا ... يشهد فيه مشاهد الجمع
آفة البرامج
استبشرت مجلة (الإذاعة المصرية) بما تلقته الإذعة من المقطوعات في مباراة الأغاني التي نظمتها، فقالت: يبدو أننا مقبلون على فجر عهد جديد من الغناء الرفيع، لأن بين هذه المقطوعات من يقول المحكمون إنها من الطراز الأول في عالم الشعر الثنائي، وتتوقع أن ترفع مستوى البرامج.
وأعربت المجلة عن اغتباطها بظاهرة تدعو حقا إلى الاغتباط، وهي أن كثيرا من الأغاني التي وقع عليها الاختيار من إنتاج بعض العمال والصناع الذين يرسلون المعنى على سجيتهم وينظمون الشعر الغنائي بالسليفة في موضوعات قومية ظاهرة الصدق صادقة الإحساس.
والحمد لله الذي وفق الإذاعة إلى هذه الثغرة التي تخرج بها عن النطاق المضروب حولها من المؤلفين المتصلين بموظفي الإذاعة، فهؤلاء (المؤلفون) هم آفة البرامج، ولا شك أن انقشاع لياليهم عن الإذاعة بما فيها من التأوهات ونداء الحبائب، وما يشيع فيها من السخف والتفاهة - هو المبشر باننا مقبلون حقا على فجر جديد.
أدركة الحرفة:
تحدث بعض الصحف عن الوضع الشاذ الغريب لموقف الخبير الاقتصادي المصري بالسودان، من حيث اضطراره - إزاء تصرف الحكومة السودانية فيما يختص باعمال وظيفته - إلى الفراغ التام لعدم وجدان ما يعمله في مصر أو في السودان.
والطريف في الموضوع أن إحدى المجلات قالت إن الخبير لما لم يجد ما يشغله قرر أن يشتغل بالأدب!.
وأذكر أن موظفا مصريا آخر في السودان هو مراقب التعليم المصري هناك، أبت الحكومة السودانية أن تسمح بدخوله السودان، ولا يزال إلى الآن وفي وظيفته رسميا مع هذا المنع، فماذا يصنع هذا أيضا؟ لقد كان قبل ذلك عميدا للرسم بوزارة المعارف، فهل يشتغل هو أيضا بالرسم؟ مصائب السياسة في الفنون فوائد. . .
مؤتمر اليونسكو:
توالى لجنة (اليونسكو) بوزارة المعارف، النظر في موضوع اشتراك مصر في مؤتمر (اليونسكو) الذي سيعقد ببيروت في أكتوبر القادم. وقد أرسلت إلى وزارت معارف الدولة العربية الشقيقة بالأسس التي ستبنى عليها تقريرها للمؤتمر لتضع في ضوئه تقاريرها توخيا لتوحيد وجهة النظر العربية في شئون الثقافة العالمية.
ومن المسائل التي يتضمنها تقرير وزارة المعارف المصرية، مسألة القدر المشترك من التعليم الكل مواطن، هي من المسائل التي أوصى بالاهتمام بها مؤتمر الهيئة الذي عقد بالمكسيك في العام الماضي، على ألا يقتصر الأمر فيها على تعليم الكتابة والقراء، بل يجب العمل على تزويد المواطن بقدر من الثقافة العلمية والاقتصادية، ومما قالته الوزارات أنها أخذت في سبيل تحقيق الثقافة الاقتصادية بإنشاء مدارس الصناعات الريفية، ومدارس المعلمين الريفية، التي يقصد منها تعليم الناشئ الصناعات الملائمة لبيئاتهم.
ومما يذكر أن هذا المؤتمر الذي سيعقد ببيروت هو المؤتمر الثالث للهيئة، وكان المؤتمر الأول بباريس سنة 1945، والمؤتمر الثاني كان في المكسيك سنة 1947.
الألفاظ والأساليب في المجمع اللغوي:
ذكرت من قبل أن لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع فؤاد الأول للغة العربية، أعدت قرارات في ستة عشر لفظا وأسلوبا، رأت صحة استعمالها بدل ما يجري على الأقلام وألسنة المثقفين مما ليس بصحيح.
والخطة الموضوعة أن يعرض ما تقرره هذه اللجنة على مجلس المجمع للنظر فيه ومناقشته ثم يذاع عقب إقراره على الجمهور في الصحف.
والستة عشر لفظا وأسلوبا الآنفة الذكر هي باكورة عمل اللجنة في هذا الصدد، وقد عرضت على مجلس المجمع فناقش بعضها، ثم انفض على أن يستمر في مناقشتها بالجلسات التالية، ولكن الذي حدث أن الجلسات التالية، ولكن الذي حدث أن الجلسات التالية لم تنعقد، لأن عدد الأعضاء الذين كانوا يحضرون لم يبلغوا في كل مرة النصاب المعين لانعقاد المجلس، فينعقد الحاضرون لجنة. . واستمرت الاجتماعات (لجنة) نحو أربعة أسابيع، ثم أعلن انفضاض الدورة. وعلى ذلك اضطررت (الدفعة الأولى) من الألفاظ والأساليب إلى انتظار الدورة القادمة في أكتوبر القادم.
جناس:
لما كان المغفور له الملك فؤاد بباريس في أثناء زيارته لأوربا - زار جامع باريس، فاستقبله الشيخ قدور بن غبريط شيخ الجامع بخطبة قال في مطلعها:
الله أحمد، وأصلي على نبيه أحمد، وأحبي ملك مصر أحمد.
العباس