الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 781/الأدب والفنّ في اسبُوع

مجلة الرسالة/العدد 781/الأدب والفنّ في اسبُوع

مجلة الرسالة - العدد 781
الأدب والفنّ في اسبُوع
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 21 - 06 - 1948


قصيدة الجارم في فلسطين:

الحق أن قوى مصر قد بدت في معركة فلسطين بشكل جمع الدهشة إلى الروعة، فما كنا نحن نظن أنا هكذا! وليست هذه القوى في الناحية العسكرية فحسب، بل هي في كل شيء، حتى الشعر الذي كان قد اتخذ له أخيراً وسادة من ريش النعام، هب من رقدته، يشيد بالبطولة، وينطق بما يجيش في القلوب. ولقد حشد الأستاذ علي الجارم بك كل قواه الشعرية في القصيدة التي ألقاها بالمذياع مساء يوم الخميس الماضي، وما أظنه قال أحسن منها أو مثلها، فجاءت آية من الآيات المصرية في معركة فلسطين

قال في مطلعها:

تألق النصر فاهتزت عوالينا ... واستقبلت موكب البشرى قوافينا

ثم قال:

أليس من أحجيات الدهر قبرة ... رعناء، تزحم في الوكر الشواهينا

وتائه ما له دار ولا وطن ... يسطو على دارنا قسراً ويقصينا

فيا جبال اقذفي الأحجار من حمم ... ويا سماء امطري مهلا وغسلينا

ويا كواكب آن الرجم فانطلقي ... ما أنت إن أنت لم ترمي الشياطينا!

ويا بحار اجعلي الماء الأجاج دماً ... إذا علت راية يوماً لصهيونا

العهد عندهم خلف ومجحدة ... فما رأيناهم إلا مرائينا

ما ذلك السم في الآبار؟ ويلكم! ... ومن نحارب؟ جنداً أم ثعابينا؟

وقال:

بني العروبة هذا اليوم يومكم ... سيروا إلى الموت إن الموت يحيينا

وخلفوا للعلا والمجد خالدة ... تبقى حديث الليالي في ذرارينا

لقد صدئنا ودون الغمد منفسح ... فجردوا حدّ ماضينا لآتينا

وقربوهم قرابينا محررة ... للسيف إن يرض هاتيك القرابينا

ماذا إذا فقدنا إرث أمتنا؟ ... وما الذي بعده يبقى بأيدينا؟

وقال: يا جيش مصر ولا آلوك تهنئة ... حققت ظن الليالي والمنى فينا

وصلت آخر عليانا بأولها ... فما أواخرنا إلا أوالينا

أعدتها وثبة بدرية صرعت ... دهاة جيش يهوذا والدهاقينا

شجاعة مزقت أحلام ساستهم ... وعلمت مترفيهم كيف يصحونا

أنشودة ناعمة:

كان الأستاذ علي محمود طه قد أنشأ تصيدة بعنوان (أخي أيها العربي) دعا فيها إلى القتال من أجل إنقاذ فلسطين العربية، وقد وقع اختيار الموسيقار محمد عبد الوهاب على هذه القصيدة فلحنها وغناها وسجلتها محطة الإذاعة. وفي مساء يوم الجمعة الماضي أذيع هذا المسجل، وقدم بأنه (أنشودة فلسطين) وعلى أنه من البرامج الحماسية التي تقدم في هذه الأونة، ولم يخلف عبد الوهاب ظننا به. . فهو فنان مبرز في أغاني الحب الناعمة، وقد جاءت (أنشودة فلسطين) على نسق (بلاش تبوسني في عنيه دي البوسة في العين تفرق)

وغنى عن البيان أن ما يقال لضرب من الحسان غير ما يقال للأخ العربي في الميدان.

من حق عبد الوهاب أن يأخذ (أجازة) في هذه الظروف العصيبة!

الفن المعاصر:

تحدثت فيما مضى عن معرض الفن المعاصر الذي عرض به جماعة من الشبان المصريين أعمالهم في التصوير، وقلت إنهم يتجهون في إنتاجهم الفني اتجاها جديداً يقولون عنه إنه يساير التطور الفكري وينتفع بالثقافات الحديثة ويفهم منهم ومن أعمالهم أنهم ثائرون على الأوضاع والقيم الفنية المعروفة ويسمونها (الفن الفوتغرافي) أي الذي يتجه فيه إلى مجرد تسجيل المناظر

وقد قوبل هذا المعرض بحملات من بعض النقاد، مبنية في جملتها على أنه لا يهدف إلى غاية جمالية من غايات الفنون الجميلة وأنه تكلف مبعثه الشذوذ والرغبة في الشهرة، والحق أن المرء لا يستطيع أن يفهم من تلك المعروضات أو من أحد أصحابها ما يرمي إليه هذا المذهب في وضوح. وإذا طلبت إلى صاحب رسم أن يبين لك مقصده منه فإن كلامه هو والرسم سيان. . ليس هناك إلا أن هذا شيء غير ما كان يرسم (الفوتغرافيون) ولكن ما هو هذا الشيء؟

وقد أبدى رجلان من كبار رجال الفن، رأيهما في هذا المذهب بجريدة المصري، وهما الأستاذ محمد حسن بك مراقب عام الفنون الجميلة بوزارة المعارف، والأستاذ أحمد أحمد يوسف بك مدير مدرسة الفنون التطبيقية العليا.

قال الأول: (والرأي عند أكثر الذين يمارسون أنواع الفنون الجميلة بصفة جدية، أن أغلب مذاهب الفن المعاصر من وضع جماعات ذات طوابع فردية، نشاهد الكثير منها بين آونة وأخرى في أعقاب النكبات التي تلم بالأمم.

وقال الثاني بعد أن بين أن أي عمل فني لم يكن في نتيجته جميلا يسر العين ويرضي النفس، ويؤدي غاية خيرة طيبة، إنما هو عمل سقيم ليس من الفن الجميل في شيء، قال: (ويتضح من هذا أن المسألة ليست إنتاج صور أو تحف يقلد منتجوها عملا سابقاً، أو هي تنتمي إلى مذهب من المذاهب، أو تأتي نتيجة لهو وعب لا خير فيها، أو استهتار مقصود وشذوذ نفساني تدفع به عوامل نابية خارجة عن الأوضاع، ثم حشد هذا الإنتاج في معارض عامة أو خاصة يطنطن لها بالدعاية ويثار حولها بالكتابة والجدال استجداء للإعجاب بها، إنما الغرض الأساسي هو أن يخرج الفنان في صمت ووقار عملا جميلا نافعاً مفيداً له معانيه السامية وأهدافه النبيلة).

ترجمة الآثار الأدبية:

ذكرت في عدد مضى من الرسالة أن الهيئة الثقافية التابعة لهيئة الأمم المتحدة دعت الدكتور طه حسين بك لحضور اجتماع لجنة ترجمة الآثار الأدبية، وأن الدكتور لبى هذه الدعوة وسافر إلى باريس.

وقد عاد الدكتور طه أخيراً بعد أن انتهت اجتماعات اللجنة، وقد حضرها مندوبون من الخبراء العالمين في الشرق والغرب. ونظرت اقتراحاً قدمه الدكتور شار مالك ممثل لبنان في شأن نقل الآثار العلمية والأدبية من لغة إلى لغات أخرى. وانتهت اللجنة إلى الموافقة على نقل الآثار العلمية القديمة والحديثة وأن يكتفي بنقل الآثار الأدبية حتى سنة 1900 نظراً إلى التأثيرات السياسية والاجتماعية فيما بعد ذلك.

ومما أفضى به الدكتور طه أن مصر منذ عهد محمد علي قد اقتفت آثار العباسيين في نقل العلوم والفنون والآداب، وأن بين الآداب العربية الحديثة كنوزاً ثمينة جديرة بالنقل.

مؤتمر المستشرقين:

ينعقد بباريس في خلال شهر يولية القادم، المؤتمر الحادي والعشرون للاستشراق، ويمثل مجمع فؤاد الأول للغة العربية فيه الدكتور طه حسين بك والدكتور إبراهيم بيومي مدكور، ويمثل الأول أيضاً المجمع العلمي المصري، وستوفد وزارة المعارف وجامعة فؤاد الأول وجامعة فاروق الأول ممثلين لها في هذا المؤتمر

الشيخ أبو العيون وفلم (حياة أو موت):

اتصل الأستاذ الشيخ محمود أو العيون بإدارة المطبوعات في وزارة الداخلية في شأن فلم تعرضه سينما ريفولي بالقاهرة هو فلم (حياة أو موت) لأن فيه مساساً ببعض المعاني الدينية، وقال فضيلته في كتابه إلى مدير المطبوعات، إن القصة تدور حوادثها على أن للحب قانوناً فوق القانون السماوي، وفصل ذلك بقوله: (والرواية في جملتها تمثل خليطاً من الأوضاع المادية الرخيصة للمعاني الروحية في الملأ الأعلى، وترى فيها عزرائيل عليه السلام في صورة رجل فرنسي مخنث - كتعبير الرواية نفسها - ينزل بأمر من السماء إلى الأرض لقبض روح شاب، فيرفض ذلك الشاب تلك المهمة لأنه يهوى فتاة ولا يستطيع مفارقتها ويعود عزائيل فاشلا. ثم يعود مرة أخرى للمهمة عينها، فتنعقد المحكمة السماوية وينتصر في النهاية قانون الحب على قانون السماء) واقترح في ختام الخطاب أن تندب مراقبة المطبوعات في مثل هذه الروايات رجلا من رجال الدين يشاهدها لضمان البعد عن الوقوع في أخطاء تثير الشعور الديني في البلاد.

وقد صدر الأمر بمنع عرض هذا الفلم.

مسابقة الثقافة:

ذكرت في العدد الأسبق من (الرسالة) موضوعات المسابقة الثقافية التي قررت وزارة المعارف تنظيمها، والجوائز التي تمنح للفائزين فيها. وأذكر الآن فيما يلي شروط هذه المسابقة:

1 - التمثيليات القصيرة للمسرح المدرسي، يشترط فيها أن يكون موضوعها مصرياً أو شرقياً ملائماً للعرض أو التمثيل في محيط الشباب بالمدارس الثانوية، وأن يكون في فصل واحد يستغرق أداؤه حوالي 40 دقيقة، أو من فلسطين يستغرق أداؤهما حوالي 80 دقيقة.

2 - التمثيليات القصيرة للإذاعة المدرسية، يشترط فيها أن يكون موضوعها مصرياً أو شرقياً وملائماً للإذاعة على تلاميذ المدارس الثانوية، وأن تستغرق إذاعتها بين 25 و 30 دقيقة.

3 - المسرحيات العامة، يشترط فيها أن يكون موضوعها قومياً أو إنسانياً، يعالج مسألة ذات قيمة حيوية أو فكرة سامية في أي نوع من أنواع المسرحيات، وأن ينحصر في ثلاثة أو أربعة فصول، يستغرق أداؤها حوالي ثلاث ساعات.

4 - القصة الطويلة، يشترط فيها أن يكون موضوعها قومياً أو شرقياً مما يرتبط بحياتنا في الماضي أو الحاضر أو ما نتصوره مستقبلا، أو ما يعبر عن مثلنا العليا تعبيراً أدبياً سامياً ويصور حياتنا وخلجات نفوسنا، أو يصور النفس الإنسانية عامة.

5 - القصص القصيرة، يشترط فيها، من حيث الوضوع ما يشترط في القصة الطويلة، على أن تكون في حوالي 12 صفحة من القطع الكبير بالآلة الكاتبة، وللأديب أن يتقدم بأكثر من قصة.

6 - البحوث الأدبية والفنية، يشترط فيها أن تتناول موضوعاتها الأدب العربي، أو سير العظماء الوطنيين أو العالميين، أو دراسات عامة في مختلف الفنون (الموسيقى أو التمثيل أو التصوير أو الحفر أو النحت) كما يشترط أن تكون الموضوعات قومية، أو يكون لها مساس بحياتنا، أو أن يكون الموضوع إنسانياً عاماً يشارك في الاستفادة منه غيرنا من الأمم والشعوب.

7 - بحوث التاريخ والآثار، يشترط فيها أن يستلهم الموضوع من تاريخنا القومي، القديم أو الحديث، وأن يهدف إلى إثارة الاهتمام بأمجادنا أو بتراثنا القومي وأثره في الحضارة الإنسانية.

8 - الرحلات، يشترط فيها أن يعرض الموضوع وصفاً حياً أدبياً لرحلة أو أكثر قام بها المؤلف في أنحاء وادي النيل أو الأقطار الأخرى، وبذلك يكون تصوير الرحلة ناتجاً عن خبرة شخصية لإقليم أو لعدة أقاليم جال فيها.

9 - الموضوعات العلمية المبسطة، يشترط فيها أنه تكون سهلة يفهمها القارئ العادي، وأن تتناول ما تؤديه هذه العلوم من خدمات للحياة الإنسانية العامة في المدن والريف.

ويجب في كل الموضوعات أن تكون مكتوبة بالعربية الفصحى وكل موضوع مقدم للمسابقة يجب ألا يكون قد سبق نشره أو تقديمه في مباراة سابقة. وآخر موعد لقبول الموضوعات هو نهاية نوفمبر سنة 1948.

العباس