مجلة الرسالة/العدد 776/الأدب والفنّ في اسبُوع
→ البدر | مجلة الرسالة - العدد 776 الأدب والفنّ في اسبُوع [[مؤلف:|]] |
البَريدُ الأدَبي ← |
بتاريخ: 17 - 05 - 1948 |
(اليونسكو)
يزور مصر الآن الدكتور جوليان هكسلي المدير العام للمؤسسة الدولية للتربية والعلوم ولاثقافة (المعروفة باليونسكو) وقد حضر إلى مصر يعد زيارة طويلة لسائر البلاد العربية وتركيا وإيران، حيث اجتمع بهيئاتها الثقافية والتعليمية تمهيداً للمؤتمر القادم لهذه المؤسسة الذي سيعقد بلبنان في اواخر هذا الصيف.
وقد ألقى الدكتور هكسلي محاضرة عن (اليونسكو) وأغراضها في الجمعية الجغرافية يوم الأحد الماضي، فبين كيف نشأت فكرتها والمراحل التي مرت بها إلى الآن، قال إن فكرة المؤسسة نبتت في لندن خلال الحرب، إذ رأى جماعة من رجال التعليم والثقافة من مختلف الأمم أن يقوموا بمجهود فكري لتحقيق السلام العالمي، ورأو أن السبيل إلى ذلك هو العمل على تآلف الثقافات لإزالة الريبة بين الشعوب، لأن أسباب الحرب تنشأ في الذهن فلابد من التقريب بين الأذهان والعقول ليتحقق حسن التفاهم والإخاء. ولما انعقد مؤتمر سان فرنسيسكو في سنة 1945 وتباحث بعض أعضائه في شئون التعليم - نص في ميثاقه على إنشاء مؤسسات للعناية بمشاكل التربية، تكون مستقلة مع بعض الاتصال بهيئة الأمم المتحدة.
وقد انعقد مؤتمر الهيئة العام لأول مرة بباريس في العام الماضي، فقرر السعي لإصلاح بعض نظم التربية في بعض الدول، قصد الوصول إلى التعاون الفكري الصحيح، وكان من قراراته:
1 - تنظيم حملة عالمية للقضاء على الأمية بتحديد المستوى الأدنى للتعليم في جميع الأمم.
2 - تنظيم بحوث عالمية للكشف عن الدوافع النفسية والاجتماعية التي دفعت العالم إلى التطاحن في الحرب العالمية.
3 - العمل على إزالة الحواجز المانعة من التعاون الفكري بين الأمم المتنافسة.
الدكتور هكسلي:
والدكتور هكسلي مدير (اليونسكو) في الستين من عمره، وهو كاتب وشاعر وعالم بيولوجي، له مؤلفات في العلوم والآداب والاجتماع، منها كتاب (نحن الأوربيين) الذ فيه نظريات النازي العنصرية تفنيداً يقوم على أسس علمية صحيحة، وله دراسات قيمة في مشورعات الإصلاح الاجتماعية. ومن آرائه في المشكلات العالمية أن الانتصار في الحرب لا يؤدي حتما إلى إنقاذ المدنية من الخطر الذي يهددها، وإنما الذي يكفل إنقاذها هو مقدرتها على إزالة أسباب الخوف والظلم واليأس، وهي تستطيع تحقيق هذه الغاية إذا وضعت نصب أعينها أن المجتمع البشري يتألف من كل لا يتجزأ تتوازن فيه الحقوق والواجبات وأن القيم الاقتصادية في هذا المجتمع يجب أن تخضع للاعتبارات الاجتماعية.
مصر و (اليونسكو):
وقد انضمت مصر إلى المؤسسة منذ نشأتها، فقد اشترك الدكتور محمد عوض محمد بك في اجتماعاتها الأولى بباريس، وكان له جهود كبيرة في وضع منهج العمل للجنة العلوم الاجتماعية إحدى لجان المؤسسة. ويمثل مصر الآن إلى مساعيه التي كللت بالنجاح في اعتبار اللغة العربية من لغات المؤسسة الرسمية. ولمصر في باريس مكتب أنشأته وزارة المعارف المصرية ليكون على اتصال دائم بسكرتارية (اليونسكو) فيبلغ الوزارة مشروعات الهيئة وبرامجها وما ترغب إطلاع الحكومة المصرية عليه من مقترحاتها وقراراتها، ويبلغ الهيئة ما تريد الحكومة المصرية إبلاغها إياه من مثل هذه المقترحات والقرارات.
للتعريف العالمي:
وقد رغب الدكتور هكسلي إلى معالي وزير المعارف، أن يزوده بأسماء الهيئات الثقافية والفنية والعلمية المصرية، حكومية وغير حكومية، وأسماء الشخصيات الهامة من علماء وأدباء وكتاب وفنانين، ممن يجب أن يعرفهم العالم.
وتعمل الآن في إعداد ذلك إدارة التسجيل الثقافي التابعة للادارة العامة للثقافة بوزارة المعارف.
الدكتور طه حسين:
كانت هيئة (اليونسكو) أرسلت إلى الدكتور طه حسين بك تدعوه إلى اجتماع لجنة ترجمة الآثار الأدبية العالمية الذي سيعقد في باريس ابتداء من 18 مايو الحالي. وقد سافر الدكتور طه يوم الخميس الماضي إلى فرنسا لهذا الغرض.
مجلة الكاتب المصري:
وقد أعلن الدكتور طه في الأهرام قبل سفره، باعتباره رئيس تحرير مجلة (الكاتب المصري) - أن إدارة المجلة قررت وقف إصدارها (لأسباب لا تتصل بمحرريها ولا بقرائها).
وقد علمت أن دار الكاتب المصري ستتوقف أيضاً عن أعمال النشر التي تقوم بها إلى جانب إصدار المجلة، بعد أن تفرغ مما هي بصدده. وواضح من عبارة الدكتور طه (لأسباب لا تتصل بمحرريها ولا بقرائها) أن احتجاب المجلة قد يرجع إلى الناحية المادية.
ومن الإنصاف أن أقول أن إنتاج دار الكاتب المصري ومجلتها، لم يكن يختلف - من حيث اللون العام - عن إنتاج المجلات الأدبية ودور النشر الأخرى.
وقد أشار الدكتور طه في بيانه الوجيز إلى الملتقى بينه وبين القراء في ميدان آخر، ويقال إنه سينضم إلى مجلة أدبية شهرية أخرى، وقد يتولى رياسة تحريرها.
طريقة جديدة:
أعادت إحدى هيئات النشر والتوزيع، طبع كتاب (صندوق الدنيا) للأستاذ المازني، وظهرت في الصحف إعلانات عنه منوعة مختلفة الصيغ والأشكال، وجاء في أحدها للتمثيل على محتويات الكتاب:
(الجدة التي لبست مريلة وذهبت إلى المدرسة).
(حلاق القرية يحلق على الأرض للأستاذ المازني).
(أبو الخوارق وابن الزوابع يتضاربان على العمم).
(الشيخ الذي (زغزغه) المازني ففقد وقاره).
وهذه الطريقة في الإعلان مجدية فعلا في التشويق إلى الكتاب؛ ولإقبال الناس على مؤلف للأستاذ المازني أثره في التثقيف والانتفاع من القراءة الأدبية. ولكن متتبعا - مثلي - لشؤون الأدب والثقافة، لا يصح أن يغفل تسجيل أمر جديد كهذا. . . فقد كان مثل هذه الطريقة يتبع من قبل في مؤلفات ينادي عليها الباعة بمثل (المرأة التي أكلت ذراع زوجها!) دون أن يثبت مؤلفوها أسماءهم عليها.
أما الجديد فهو الإعلان بمثل ذلك عن مؤلفات أدبية معروفة لأدباء معروفين كالمازني. ولست أعترض، ولكني - كما قلت - أسجل. . .
من طرف المجالس:
غشيت مجلس ثلة من الأدباء، فلاحظت أنهم إذا قدم عليهم قادم جديد، عرفه أحدهم باسمه، ثم يقول لأصحابه في شبه همس: أبو نواس! أو يقول: ابن الرومي!
ثم علمت أنهم اصطلحوا على ذلك، فإذا كان القادم من غير أهل الخير وليس من ذوي الوفاء فهو ممن يصفهم أبو نواس بقوله:
وقح، تواصوا بترك البر بينهم ... تقول: ذا شرهم، بل ذاك، بل هذا
وإن كان وفيا لإخوانه، فهو من أصحاب ابن الرومي القائل:
وخلين تما بي ثلاثة إخوة ... جسومهم شتى وأرواحهم معا
موافين أهواء توافت على هوى ... فلو أرسلت كالنبل لم تعد موقعا
إذا ما دعا منا خليل خليله ... بأفديك لبانا مجيباً فأسمعا
من طرف الإذاعة:
لست أدري لم عادت الإذاعة إلى ما كانت قد تركة من تقديم بعض الشعراء (المحبوبين لديها) ليقرأوا من أشعارهم! فقد سمعت أخيراً أحد هؤلاء يذيع قطعا قديمة مختلفة من شعره، ينتهي من قطعة، فيذكر عنوان أخرى ويلقيها، وهكذا. . فذكرني هذا الصنيع بما يفعله (شكوكو) حين ينتقل من (سلم لترماي) إلى (اللباريق) و (حسن أبو علي سرق المعزة)!!
وسمعت في حوار بأحد (البرامج الخاصة) من يقول: نحن ياسيدي قوم بدائيون! وهذا البرنامج أخرجه فلان الفلاني ووضعه فلان آخر، وبطبيعة الحال راجعه مراجع وأقره؛ فلم يتنبه أحد من هؤلاء إلى أن الذي يفهم أن هناك بدائيين وغير بدائيين - لا يصح أن يكون بدائيا!
أدب المناسبات:
كتب الأستاذ محمود تيمور بك كلمة في (الزمان) بعنوان (أدب المناسبات) قال فيها: (جرت أقلام طائفة من الكتاب على الغض من شأن القطع الفنية، بحجة أنها وليدة مناسبات كانت راهنة، وأكثر ما اتجهت إليه سهام هذا النقد شعر المراثي والمدائح ونحوها).
وناقش الأستاذ تيمور هذه القضية إلى أن قال: (والمقياس الصحيح للفصل في تلك القضية الأدبية أن الفنان بين حالتين:
(حالة قدرة على استحياء الموضوع أيا كان، واستجابة حقة للاستنامة الذاتية التي يحيا بها الموضوع في قرارة النفس. وفي هذه الحالة من القدرة والاستجابة ينجلي التعبير وتتبين مرتبته: غثاً كان أم سمياً.
(وأما الحالة الأخرى فهي حالة الحمل على النفس، وتكليفها أن تستشعر ما لا تحس، دون أن تكون منها استجابة، ودون أن تأذن للموضوع بأن يحيا بين حناياها حياة حقة. وفي هذه الحالة الأخرى يخرج التعبير سقطاً لا روح فيه، وفجا لا مذاق له، يبدو عليه أثر التصنع والكذب).
الفن المعاصر:
أقام جماعة من الشباب الفنانين المصرين، معرضاً لأعمالهم في التصوير والنحت بدار إدارة خدمة الشباب تحت رعاية معالي وزير المعارف، وقد افتتحه معاليه في الأسبوع الماضي، ويشرف على المعرض الأستاذ حسين يوسف أمين وهؤلاء الشبان (جماعة الفن المعاصر) هم: ابراهيم مسعودة، وكمال يوسف، وسمير رافع، وعبد الهادي الجزار، ومحمود خليل، وسالم عبد الله الحبشي، وماهر رائف، وحامد ندا، وهم جميعاً يتجهون بفن التصوير اتجاهاً جديداً يساير التطور الفكري وينتفع بالثقافات الحديثة، فلم يعد الفن المعاصر يتمشى مع مجرد تسجيل المناظر للهو والرفاهية وإنما هو يقوم على غزو الطبيعة وسيطرة العلم والوعي بالأوضاع الاجتماعية وبمدى ارتباط الفن بالحياة.
وهؤلاء الفنانون، وإن جمعتهم مدرسة فنية واحدة، يسلك كل منهم في إنتاجه مسلكا يلائم شخصيته. وأروع ما في هذه المعرض أنك تلاحظ ذاتية الفنان في لوحته، ويبدو لك في كثير من هذه اللوحات عمق فلسفي ونظرات فنية موضوعية، وإن كان بعضها غير مفهوم. . . لي على الأقل.
المجمع العلمي العراقي: أنشئ بالعراق في أوائل هذا العام مجمع جديد هو (المجمع العلمي العراقي) وقد اختير لرياسته الأستاذ محمد رضا الشبيي. وأعراض هذا المجمع هي:
1 - العناية بسلامة اللغة العربية والعمل على جعلها وافية بمطالب العلوم والفنون وشئون الحياة الحاضرة.
2 - البحث والتأليف في آداب اللغة العربية وتاريخ العرب والعراقيين ولغاتهم وعلومهم وحضارتهم.
3 - دراسة علاقة الشعوب الإسلامية بنشر الثقافة العربية.
4 - حفظ المخطوطات والوثائق العربية النادرة وإحياؤها.
5 - البحث في العلوم والفنون الحديثة وتشجيع الترجمة والتأليف وبث الروح العلمي في البلاد.
العباس