الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 773/من ظرفاء العصر العباسي

مجلة الرسالة/العدد 773/من ظرفاء العصر العباسي

مجلة الرسالة - العدد 773
من ظرفاء العصر العباسي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 26 - 04 - 1948


أبو العيناء

191 - 283 م

للأستاذ صبحي إبراهيم الصالح

(تتمة ما نشر في العددين السابقين)

عرفنا أسلوب أبي العيناء مع الخلفاء والأمراء والوزراء، فما رأيناه مع أحد منهم إلا صريحاً؛ فلا يستغرب بعد ذلك إذا أفاض في مداعباته كل الإفاضة مع الطبقتين الوسطى والدنيا، لأن معارفه فيهما كانوا كثيرين، وكان - بحكم الصداقة - أشد رغبة في التفلت من كل كلفة، وأكثر طواعية في الإقبال على كل ما يدخل السلوى على محبيه.

ولا بد من الإشارة إلى تلك العلاقة القوية التي توطدت بينه وبين الجاحظ: فقد كانا صديقين لا كلفة بينهما، بل قد اشتركا سوياً في وضع حديث (فدك) كما يعرف المشتغلون بعلم الحديث. وخلاصة هذا الحديث أن السيدة فاطمة بنت الرسول ﷺ طالبت بعد وفاته بنصيبها مما ترك، وأنها بكت وأبكت لتصل إلى ما تبغي. والحديث باطل من أساسه كما اعترف أبو العيناء بذلك حين قال: (أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك) وقال إسماعيل بن محمد النحوي: (كان أبو العيناء يحدث بذلك بعدما مات الجاحظ). وقد ذكره ابن حجر في (الموضوعات).

وإن علاقة بين اثنين تسمح لهما بوضع حديث مشترك لهي علاقة متينة لحمها التفاهم وسداها الانسجام: فلا بدع إذا رأينا الجاحظ يسلك في مداعبة أبي العيناء سبيلا لا يسلكه إلا الأحبة، ويقابله الآخر برضا وارتياح. والقصة التالية تلقي ضوءاً على نوع الصداقة التي استحكمت عراها بين الرجلين.

قال أبو العيناء: (كان لي صديق فجاءني يوماً فقال لي: أريد الخروج إلى فلان العامل، وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة، وقد سألت من صديقه؟ فقيل لي: أبو عثمان الجاحظ - وهو صديقك - فأحب أن تأخذ لي كتابة إليه بالعناية؛ فصرت إلى الجاحظ فقال لي: في أي شيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسّلماً وقاضياً للحق، وفي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذ وكذا. فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا. . . إذا كان في غد وجّهت إليك بهذا الكتاب، فلما كان من الغد وجّه إلي بالكتاب، فقلت لابني: وجّه بهذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته. فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور، فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه. ففعل فإذا فيه: كتابي إليك مع من لا أعرفه، فقد كلمني فيه من أوجب حقه؛ فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذممك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فوري. فقال: يا أبا عبد الله قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب. فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا، هذه علاقة بيني وبين الرجل فيمن أعتني به. فقلت: لا إله إلا الله ما رأيت أحداً أعلم بطبعك ولا بما جبلت عليه من هذا الرجل. . . علمت أنه لما قرأ الكتاب قال أمُّ الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف، أم من يسأله حاجة. فقلت يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال هذه علامتي فيمن أشكره!)

ولم يكن الجاحظ يكتفي بمداعبته أبي العيناء على هذا النمط فإنه كان أحياناً ما يعذبه واجداً في تعذيبه ارتياحاً غامضاً في نفسه (كان الجاحظ يتقلد في خلافة إبراهيم بن العباس على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء. فلما أراد أن يخرج من عنده تقدم إلى من يحجبه أن لا يدعه يخرج ولا يدعه يرجع إليه إن أراد الرجوع. فخرج أبو العيناء يريد الانصراف فمنع من الخروج ومن الرجوع إلى الجاحظ، فنادى أبو العيناء بأعلى صوته: يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك!)

ومثل هذا النمط من التعذيب في المداعبة كثيراً ما نجده بين المتفاهمين من الأصدقاء. وكان من أشد هؤلاء صلة بأبي العيناء محمد بن مكرم والعباس بن رستم اللذان سئل عنهما مرة فقال: هما الخمر والميسر، إثمهما أكبر من نفعهما. وأكبر الظن أن صلته بابن مكرم كانت أقوى، لأن مداعباته له كثيرة مشهورة.

وابن مكرم كان من هذا النوع من الأصدقاء الذي يحب أن يجد السرور لنفسه ولو بالتهكم على صديقه - وما أكثرهم في كل زمان ومكان - وكان يرى في عمى أبي العيناء فرصة لإيذائه لا رغبة في الإيذاء نفسه فلا حاجة به إليه، ولكن ليستمتع بردود أبي العيناء المبتكرة، وأجوبته اللاذعة.

حضره يوماً وأخذ يؤذيه ثم قال: الساعة والله أنصرف فقال: أبو العيناء ما رأيت من يتهدد بالعافية غيرك!

وقال له يوماً يعرض بالبلد الذي نشأ فيه: كم عدد المكدين (المتسولين) بالبصرة؟ قال: مثل عدد البنائين ببغداد. فأجابه بأشد من تعريضه.

وأبو العيناء من طرائفه مع ابن مكرم يسعى إلى إيلامه برده، بمقدار تألمه من هزله وجده، وهو إذا أراد أن يرسل الجواب لا يمنعه منه مانع، ولا يصده عنا صاد، لأنه يرى أن الحرية في الدفاع أجدر من الحرية في الهجوم!

ومهما اختلف الباحثون في تحليل نفسية هذا الظريف فستحملهم النصوص الكثيرة على الاتفاق على رقة دينه، إذ كان يتعرض للدين في مختلف المناسبات غامزاً لا يعبأ ولا يبالي. قال له العباس بن رستم يوماً: (أنا أكفر منك. فقال له: لأنك تكفر ومعك خفير مثل عبيد الله بن يحيى وابن أبي دؤادوأنا أكفر بلا خفارة).

وأنا لا أصدق أن هذا من التظرف في شيء، إذ ما كان ليعترف بأنه يكفر بلا خفارة إلا لرقة دينه، وإن قوى الدين لا تسمح له نفسه أن يتظرف بشيء يتنافى مع الأدب في اعتقاده، بل يرى أن كل شيء يباح له الخوض فيه إلا الدين، فإن له حرمة لا يحل مسها لمخلوق. أما صاحبنا فيرى من الظرف والكياسة أن يتظاهر بمخالفة الدين. قال مرة: (أنا أول من أظهر العقوق في البصرة. قال لي أبي: يا بني، إن الله تعالى قرن طاعته بطاعتي، فقال: (أشكر لي ولوالديك) فقلت له: يا أبت إن الله ائتمنني عليك ولم يأتمنك عليَّ، فقال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق).

وقد كتب أبو العيناء إلى صديق له ولي ولاية موعظة عجيبة أعتبرها وثيقة على ضعف دينه. واقرأ إذا شئت ما كتب (أما بعد فإني لا أعظك بموعظة الله لأنك عنها غني، ولا أخوفك إياه لأنك أعلم به مني، ولكني أقول كما قال الأول:

أحار ابن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذاً منها تخون وتسرق

وكاثر تميما بالغنى إنما الغنى ... لسان به المرء الهيوبة ينطق

وأعلم أن الخيانة فطنة، والأمانة حرفة، والجمع كيس، والمنع صرامة؛ وليس كل يوم ولاية، فاذكر أيام العطلة. ولا تحقرن صغيراً، فإن الدور إلى الدور، وإبلاء الولاية رقدة؛ فتنبه قبل أن تنبه. وأخو السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر. وما هذه الوصية التي أوصى بها يعقوب بنيه؛ ولكن رأيت الحزم في أخذ العاجل، وترك الآجل).

وهكذا خلط أبو العيناء في هذه الموعظة العجيب أسلوبها كثيراً من الهزل في الجد، فما أحب لصاحبه الأمانة لأنها حرفة الخازنين، ولا كره لصاحبه الخيانة لأنها فطنة وذكاء، وما أحب له أن يجود بماله لأن في المنع صرامة وحزماً، ولا كره له أن يجمع القناطير المقنطرة لأن في كنزها أبهة وفخراً. فلينتهز فرصة ولايته فإنها لا تسنح دائماً، وليكسب ما استطاع من الغنائم ليكون حكيما حازماً، وليضم الصغير مع الكبير، وليلق القليل على الكثير، وليجمع الفتيل والقطمير، وليفتح عينيه على كل شيء دق أوجل، فربما تعطل بعد عمل، وربما أفل نجمه بعد أمل. أما الآخرة فنعيمها آجل بعيد، أين منه نعيم الدنيا القريب؟

أفرأيت أعجب من هذه الموعظة، وأغرب من هذه الوصية؟

أما إنها - على مسحة الهزل فيها - لدعوة صارخة إلى اجتياز حدود الدين التي تضع سداً بين واجب الإنسان وطمعه، وبين مسئوليته وجشعه، وتسلك به سبيل الزهد عن ظهر غنى، والعفاف على قوة وقدرة. فما كان أضعف دينك يا أبا العيناء! وما كان أشد تساهلك أيها الراوية الظريف!!. . .

- 6 -

وإذا أضفنا إلى انحلال تدينه سفاهة لسانه بطبعه وهجيراه أصبح واضحاً لدينا أنه كان متهالكا على إرضاء هواه وإشباع شهوته، وأنه ما كان ليتورع عن الخروج على أصلح التقاليد بنفسه بعد أن خرج عليها بتعبير لسانه، لأن عفيف النفس يأبى على ألفاظه أن تكون نابية؛ أما وقد ترك صاحبنا نفسه على سجيتها فلا بدع إذا كان خبيث اللسان؛ ثم لا غرو إذا كان خبيث العمل، ثم لا عجب إذا وصمه الناس بأنه مخنث، حتى قال له ابن الجهم يوماً: يا مخنث! فأجاب: (وضَرب لنا مثلاً ونسيَ خَلقه).

ولا يعنيني هنا أن أستمتع برده فما أنتظر من مثله غيره أو أقل منه، ولكني أشير إلى أن للناس فيما أطلقوا عليه من أوصاف ما جرأهم من أعماله وتصرفاته. وهذا - على ما أعتقد - من الأسباب الجوهرية التي جعلت حفاظ الحديث يحكمون بضعف ما رواه هذا الظريف، بل إن بعضهم قد رماه بالكذب والوضع؛ فالخطيب في تاريخه - بعد أن ذكر الذين رووا عنه: وهم أحمد ابن عيسى المكي، وأبو عبد الله الحكيمي، ومحمد بن يحيى الصولي، ومحمد بن العباس بن تجيح، وأبو بكر الآدمي القاري، وأحمد بن كامل القاضي - قال: ولم يسند من الحديث إلا القليل. والغالب على رواياته الأخبار والحكايات وروي عنه - لإظهار ضعفه - حديثاً ذكر سنده ثم حكم عليه بأنه غريب. وفي هذا الحديث أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أتى النبي ﷺ بطائر فقال: اللهم آتني بأحب خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي فحجيته مرتين، فجاء في الثالثة فأذنت له. فقال: يا علي ما حبسك؟ قال: هذه ثلاث مرات قد جئتها فحجبني أنس. قال: لم يا أنس؟ قال سمعت دعوتك يا رسول الله، فأحببت أن يكون رجلا من قومي. فقال النبي ﷺ: (الرجل يحب قومه)

علق الخطيب على هذا الحديث بقوله: غريب بإسناده لم نكتبه إلا من أبي العيناء محمد بن القاسم عن أبي عاصم، وأبو الهندي مجهول - وهو أحد رجال السند - واسمه لا يعرف؛ ثم نقل عن أبي الحسن الدارقطني قوله: (أبو العيناء ليس بقوي في الحديث) وأكد هذا ابن حجر في (لسان الميزان) ثم روي عنه أنه قال: (أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك) وهذا الحديث الباطل من أساسه قد سبقت الإشارة إليه.

ولم يستحي أبو العيناء مدى حياته من تكرار رواية هذا الحديث الموضوع حتى قال إسماعيل بن محمد النحوي: (كان أبو العيناء يحدث بذلك بعدما مات الجاحظ).

وروي عنه ابن حجر أيضاً حديث (مثل أصحاب رسول الله ﷺ مثل العين، ودواء العين ترك مسها) وعلق عليه بقول الدارقطني: (لم يروه غير أبي العيناء).

ولست أستغرب أن يضعفه حفاظ الحديث، فإن رجلا يعترف بجريمة الكذب على رسول الله ثم ينشر كذبه جدير به أن يتخيل ما شاء ليرضي ملكة الكذب المسيطرة على لسانه. وحريٌّ أن يضحك ما طاب له ليبقى ضاحكا مدى الحياة لذلك كان أسلوبه واحداً لا يتغير: فلسانه سليط مع الجميع، وربما كان أكثر تمكناً من الاسترسال مع العاديين من الناس لأنه لا يجد من الفارق بينه وبينهم ما يمنعه من التظرف كيف شاء.

قال له ابن الجماز يوماً: (هل تذكر سالف معاشرتنا؟ فقال: إذ تغنينا ونحن نستعفيك؟) وقالت له قينه: (هب لي خاتمك وأذكرك به. فقال لها: اذكري أنك طلبته مني ومنعتك)

وهو إذا استطاع أن يخفض من قدر محدثه ليكبر من قدر نفسه لا يتورع ولا يحتاط: اعترضه يوماً أحمد بن سعيد فسلم عليه فقال له أبو العيناء: من أنت؟ قال أنا أحمد بن سعيد. فقال: إني بك لعارف، ولكن عهدي بصوتك يرتفع إليَّ من أسفل، فما له ينحدر عليَّ من علو؟ قال: لأني راكب. فقال: عهدي بك وأنت في طمرين لو أقسمت على الله برغيف لأعضك بما تكره).

وهو يمازح من يعرف ومن لا يعرف، ومن يروق لعينه وقد لا يروق لأعين الناس، ولا يعنيه إلا أن يكون ضاحك السن، سواء أضحك منه الفؤاد أم بات في هم دفين.

وقف عليه رجل من العامة فلما أحس به قال: (من هذا؟ قال: رجل من بني آدم. قال أبو العيناء: مرحباً بك - أطال الله بقاءك - كنت أظن أن هذا النسل قد انقطع).

وهذه الدعابات قليل من كثير تجد بعضها في معجم الأدباء في ترجمة محمد بن القاسم أبي العيناء ونلمح في كل هذه الدعابات أو أكثرها إشارة عنيفة إلى تمرده على البشر، وتشاؤمه منهم، وقلة إيمانه بهم!

وجميل بنا أن نذكر أنه عاش فقيراً، ولكنه - على قلة ذات يده - كان يملأ قلبه العطف: يطعم المسكين، ويرحم الضعاف العاجزين، ويلذ أن يداعبهم كما يداعب غيرهم لعلهم يطربون: دعا سائلا ليعشيه فلم يدع شيئاً إلا أكله فقال له: (يا هذا، دعوتك رحمة فاتركني رحمة)

بيد أنه إذا اشتدت به الحاجة لا يسأل من أي سبيل يجمع ماله: قال أبو العيناء (مررت يوماً في درب بسرَّ من رأى فقال لي غلام: يا مولاي في الدرب حَملٌ سمين والدرب خال. فأمرته أن يأخذه، وغطيته بطيلساني وصرت به إلى منزلي. فلما كان من الغد جاءتني رقعة من بعض رؤساء ذلك الدرب مكتوب فيها: جعلت فداك: ضاع لنا بالأمس حَمل فأخبرني صبيان دربنا أنك أخذته، فأمر برده متفضلا. فكتبت إليه: يا سبحان الله! ما أعجب هذا الأمر! مشايخ دربنا يزعمون أنك بغَّاء وأكذبهم أنا ولا أصدقهم، وتصدق أنت صبيان دربك أني أخذت الحمل؟ قال: فسكت ولم يعاودني).

وهو في العداوة خصيم مبين: يشمت ويتمنى الشر والضر. مر يوماً على دار عدو له فقال: ما خبر أبي محمد؟ فقالوا: كما تحب قال: فما لي لا أسمع الرنة والصياح؟)

وعلى كل حال، فقد كان هذا الشاعر الظريف من هؤلاء الأفراد الضاحكة وجوههم الباكية قلوبهم، الذين نرى ظواهرهم لاهية، ويرون حقائقهم قاسية. وكأنما رأى أن الهزل يسرِّي عنه بعض ما يجده، فبقي يضحك الناس عمرا طويلاً حافلاً، وكان خير ما أرضاه أنه أراد أن يستوي على عرش الهزل استيلاء الحاكمين على عرش الجد، فكان له ما أحب منذ بلغ أشده حتى رد إلى أرذل العمر فمات.

وبعد، فكأنما كان هذا الظريف - حتى في شيخوخته - يعاند الدهر ولا يريد أن يموت: فقد ركب سنة ثلاث وثمانين ومائتين سفينة إلى البصرة وكان فيها ثمانون شخصاً، فغضبت العاصفة غضبتها، وثارت الأنواء ثورتها، فحطمت السفينة وأغرقت ركابها، فما نجا منهم سوى أبي العيناء إذ تعلق بطرف الزورق فأخرج حياً لكنه لم يستطع أن يعاند الدهر من جديد فقد عاجلته منيته في هذه السنة فمات كما جزم المسعودي في (مروج الذهب)

مات وما زال الظرفاء يتندرون بمداعبات أبي العيناء؟

مات فسكت ذلك اللسان السليط، وشلت تلك الحركة التي لا تعرف السكون!

ولكن. . . لقد عاش هذا الظريف ضاحكا طول الحياة، حتى إذا حضر الموت أرسل دمعة أو دموعاً وهو يودع الدنيا قائلا:

يا ويح هذي الأرض ما تصنع ... أكل حي فوقها تصرع؟

تزرعهم حتى إذا ما أتوا ... أشدهم تحصد ما تزرع!

وبعد، ففي كنوز الأدب العربي لآلئ نادرة كأبي العيناء، خليق بأيدينا أن نقع عليها لنخرجها لشبابنا الناهض فتسحر القلوب وتخطف الأبصار.

صبحي إبراهيم الصالح