الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 772/المقاصد الصهيونية

مجلة الرسالة/العدد 772/المقاصد الصهيونية

بتاريخ: 19 - 04 - 1948


للأستاذ نقولا الحداد

ورد لي كتاب على يد مجلة (الرسالة) بإمضاء حسن (وبس)، وليس فيه عنوان مرسله سوى إنه من المنصورة. ويقول كاتبه إنه مسلم، وأنه طالب في مدرسة الكامل. والله اعلم. ويقول أن سنه 16 سنة. ولكن عظته لي عظة 36 سنة متواضعة لطيفة رقيقة. وفحواها أنه (لا فرق بين اليهودي والمسيحي والمسلم)، وهو يتمنى تحقيق ذلك الحلم السعيد الذي نرى فيه الشعوب جميعاً شعباً واحداً، وان اليهود ما هم إلا آدميون مثلنا. فلا يجوز أن نأخذهم بجريرة أجدادهم. إلى غير ذلك من الأماني التي يتمناها كل واحد من الناس.

مرحى يا بني! أشكر لك عظيم الشكر حسن ظنك بي، وعطفك لخالص على اليهود، واعترافك لهم بأنهم بشر مثلنا. وكان يحسن بك أن تبعث بهذه العظة إلى السيد جمال الحسيني الذي ذهب إلى لايك سكسس لكي يناقش هيئة الأمم بأنهم بشر مثلنا عاشوا في البلاد آمنين مسترزقين، ولكنه يرى أن صهيوني فلسطين الوافدين عليها من مشرديهم في أوربا بالكي يمتلكونها أرضاً وشعباً ودولة؛ هؤلاء ليس بشر بل أبالسة.

نحن لا نكره اليهود، ولكنهم هم يكرهوننا، ويلقبوننا بالجوييم البهائم، وكلمة الجوييم هذه تطلق على كل من ليس يهودياً، وقد عاشوا بين الجوييم في فلسطين وغيرها قروناً وأبواب الرزق مفتوحة على مصاريعها، والقلوب مفتوحة لمحبتهم وإكرامهم، لأن مسيحنا قال: (أحبوا أعدائكم) فكيف بالأصدقاء؟ وقد تبرع لهم مسيحيو أمريكا باثنين وسبعين مليوناً من الريالات ليستعين بها المتشردون في أوربا، فإذا بهم ينفقونها في فلسطين لمكايدة العرب! وفي قرآنكم الكريم: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، أدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم)؛ وأما هم فيقولون إنه يحل لهم كل ما يملك الجوييم، يعنون النصارى والمسلمين والوثنيين على السواء من عهد موسى عليه السلام إلى اليوم والغد. وسلوكهم اليوم ناطق بهذه الأبيات الأنانية ومطابق لمنهاج استنوه لأنفسهم يعادون به الأمم، ويهيئون أنفسهم لدولة عليا تسود الدول جمعاء وتستعبد الشعوب.

نحن لا ندين اليهود بما قاله موسى، بل ندين الصهيونيين بما قاله حكمائهم في مواثيقهم، أي البروتوكولات التي سننشر ما نقتطفه منها تباعاً مما يدل على ما يبيتونه للجويين أمث وأمثالك وما تنطبق عليه أعمالهم أمس واليوم والغد.

نحن لا ندين اليهود الذين قاموا بين ظهر أنينا وكانوا في أمن وطمأنينة، وإنما ندين الصهيونيين الذين جاءوا من وراء البحار ينفذون مواثيق حاخاماتهم الكبار في سبيل دولة صهيونية تسود العالم وتصبح جميع الدول تابعة لها، وجميع الأمم عبيدها، ويهود العالم كله أسياد الشعوب.

نحن لا نفتئت على اليهود وإنما ندل الجوييم مسلمين ومسيحيين على مقاصد الصهيونيين لكي يحذروا مكايدهم.

وأسمع الآن ما قالته مواثيقهم (بروتوكولاتهم) بشأن دولتهم قال الميثاق (البروتوكول) الثالث البند 6:

إن الناس الذين هم تحت قيادتنا قد محقوا الأرستقراطية (سلطة الأعيان) الذين كانوا قوة الدفاع الوحيدة عن مصالحهم المرتبطة بهناء الشعب. فبإبادة الأرستقراطية يقع الشعب في قبضة اللئام من ناهبي الذهب الذين لا رحمة عنهم والذين وضعوا نير الظلم ثقيلاً على أعناق العمال).

البند7:

(وأما نحن فنظهر على المسرح نمثل المنقذين للعامل من هذا الظلم. ومن ثم نقترح عليه أن يدخل في منظماتنا المحاربة - الاشتراكية والفوضوية والشيوعية التي نعضدها دائماً بواسطة الأخوية المزعومة المفروض أنها رباط الإنسانية، وهي الماسونية الاجتماعية (أي الماسونية العمومية غير الماسونية اليهودية السرية التي تخفى عن الماسونيين على العموم). والأرستقراطية التي بحكم الشريعة تمتعت بتعب العمال تغتبط برؤية هؤلاء العاملين يتغذون شابعين وصحتهم جيدة وأجسامهم قوية. وأما نحن فيسرنا العكس، وأنقاض عدد هؤلاء الجوييم حتى قتلهم. أن قوتنا في أنقاض الغذاء الذي أضحى داء مزمناً، وفي ضعف العامل وسقمه البدني، لأن هذين الأمرين يتضمنان عبودية العامل لإرادتنا وإنه لا يجد في حكومته أو سادته قوة لمناهضتنا.

الجوع يخلق حق الرأسمال بالتحكم في العامل أكثر مما أعطت سلطة الملوك الشرعية من الحقوق للأرستقراطية).

ترى مما تقدم أنهم بدعوى العطف على العمال (وهم يعنون بالعمال كل مسترزق) يستخدمونهم لأغراضهم التي لا يفطن لها العمال على يد ماسونيتهم.

وقد رأيت أيضاً أن الاشتراكية والفوضوية والشيوعية هي من مخترعاتهم، كما ترى في البند الثاني من الميثاق الرابع سر قوتهم غير المنظورة:

(من وماذا يستطيع أن يقاوم قوة غير منظورة كقوتنا؟ فالماسونية العمومية التي ينتظم فيها الأمم (الجوييم) وهم كالعميان لا يرون ما أمامهم وما ورائهم، وإنما هي حجاب يحجبنا ويحجب أغراضنا. وأما منهاج عمل قواتنا فيبقى للعالم سراً مجهولاً).

ومما جاء في البند 3 بعد الكلام عن الإيمان من غير وعي ولا وجدان.

(. . . بهذا الإيمان يُحكم الناس بحراسة أبرشية الكنيسة. ونسير نحن برضى وتواضع تحت قيادة الراعي الروحي خاضعين لتدبيرات الله على الأرض. هذا هو السبب أننا لنا أن ننقب تحت أساس كل إيمان لكي ننتزع من عقول الجوييم مبدأ الألوهية والروح ونضع مكانه الحسابات الرياضية والحاجات المادية)

وفي البند 4 يقول (. . . ولكي تشقق الحرية جماعات الجوييم وتدمرها يجب أن نجعل الصناعة على أساس المضاربات فتكون النتيجة أن ما يُستغل عن الأرض بالصناعة تتداوله الأيدي إلى أن يتسرب إلى أيدي جماعاتنا عن طريق المضاربات).

يعنى أن الجوييم يشتغلون في الأرض وتتسرب غلاتهم إلى أيدي الماليين بفعل المضاربات. ومن هم الماليون؟؟

وبعد أن يتكلم الميثاق الخامس عن السيطرة يقول في آخر البند الأول. . . (هذه القوانين تقتل الحريات والتسامح مما يتساهل به الجوييم يجرأ أن يقاومنا بالفعل أو بالقول).

وفي البند 6: (قيل في الأنبياء إننا نحن الذين اختارنا الله نفسه لكي نحكم كل أرض، وقد منحنا الله النبوغ لكي نستطيع أن نقوم بعملنا. فإذا كان معسكرنا معاد لمعسكرنا نبوغ يجاهد ضدنا. فالضد الجديد لا يقدر أن يقاوم القديم المستقر، فالعداء بيننا يكون مهلكا، والحرب تكون بلا هوادة ولا رحمة. حرباً لم يشهد العلم مثلها. . وإنما يكون نبوغ المعسكر الآخر قد جاء متأخراً فلا نخشاه. . . إن جميع عجلات (المكنة) الحكومية تسير بقوة السياسي الذي استنبطه شيوخنا الحكماء منح الامتياز الملكي لرأس المال - وهو في أيدينا).

فنرى في هذا البند أنهم يعتقدون اعتقاداً قلبياً أن الله اختارهم وحدهم شعباً له، ومنحهم السلطة المطلقة على كل الأرض. فكيف نستطيع أن نعيش مع شعب يعتقد هذا الاعتقاد في نفسه ويعتقد أن الشعوب الأخرى بهائم لا حقوق لها ولا حياة.

في البند العاشر من نفس الميثاق الخامس نرى حيلتهم الشيطانية في القبض على زمام الرأي العام، وهو كما لا يخفى أقوى قوة اجتماعية وهو يقول: (لكي نقبض على الرأي العام يجب أن نضع الجمهور في موضع الحيرة والارتباك بأن نبذر فيه أراء متناقضة في كل ناحية مدة طويلة حتى تتضعضع عقول الجوييم وتتيه في معارج الظلال إلى أن يروا أن الأفضل إلا يكونوا لأنفسهم رأياً سياسياً. ولا يستقروا على رأي في أية سياسة يفهمها الجمهور، بل لا يفهمها إلا القادة الذين يقودون الشعوب ويرون أنفسهم متناقضين فيها. هذا هو السر الأول في قيادة الشعوب في بيداء الجهل).

في البند 11 (السر الثاني المطلوب لنجاح حكومتنا يشتمل على ما يأتي: الإكثار من الخيبات الأهلية وانتشار العادات السيئة وتعقد ظروف الحياة المدنية بحيث يستحيل على أي واحد أن يعرف أين هو من الصواب في هذه الفوضى حتى يصبح الواحد منهم لا يفهم الآخر. هذه الحالة المربكة تخدمنا في ناحية أخرى، تزرع الشقاق في جميع الهئيات والأحزاب، وتبدد القوى المتجمعة من مواضعها، وثمة تخضع القوى التبني لا تزال ممتنعة عن الخضوع لنا، وتثبط عزيمة أي شخص في مقدرته أن يعرقل مساعينا. لا شيء أخطر لنا المفكرين المبتكرين العباقرة. فإذا كانت وراء كل مشروع نابغة من النوابغ يستطيع أن يخرب أو يعمر أكثر مما يستطيعه ملايين من الناس الذين زرعنا بينهم الشقاق. لذلك يجب أن نوجه ثقافة الجوييم بحيث أنهم إذا وقعوا على أمر يحتاج إلى ابتكار أو تفكير يسقط في أيديهم ويرتدوا مخفقين. . . أن المجهود الذي ينتج من حرية العمل يستنفذ القوى إذا اصطدم بحرية أخرى. وبهذا الاصطدام تنشأ صدمة أدبية خطيرة تفضي إلى الإخفاق. بهذه الوسائل يمكننا أن نحبط قوى الجوييم حتى يضطروا إلى تقديم قوة دولية لأجل أمن العالم فتبتلع تدريجياً جميع قوات دول العالم من غير عناء وتؤلف حكومة عليا تسيطر على العالم، وإذ نكون نحن اليد العاملة فيها بتمهيداتنا السابقة نقيم مكان حكام اليوم إدارة حكومتنا العليا ونسيطر على العالم. هذه الإدارة العليا تمتد أيديها إإلى جميع الجهات وتقبض على أزمة جميع السلطات وحينئذ تعجز أية قوة من الجويم أن تقف في سبيلها).

هكذا قد وضع حكماء الصهيونية برنامج مساعيهم إلى مساعيهم إلى اعتلاء عرش السلطة العالمية العليا. وجميع حركات الصهيونيين الآن وقبل الآن تدل على أنهم نشطون في هذا السبيل، وأن لهدف لم يعد بعيداً عنهم كثيراً. فهاهم يشتغلون في صهيون فلسطين، وروسيا تعضدهم من وراء الستار. فإذا لم يصد العالم كله الصهيونية والشيوعية جميعاً فقد يصيبون الهدف ويكون ذلك بفضل بلاهة بعض الساسة مثل ترومان وأمثاله.

ترقب يا عزيزنا حسن المقال القادم عن برنامج الصهيونيين في ميدان العمل ورأس المال. وثم لا تعود تلومني إذا فتحت عينيك وأمثالك لمكايد الصهيونيين.

نقولا الحداد