الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 771/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة/العدد 771/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة - العدد 771
الأدب والفن في أسبوع
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 12 - 04 - 1948


كذبة إبريل في الجامعة:

نشرت الأهرام أن مناظرة ستجري في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول وموضوعها (الدستور المصري أدى رسالته ولا يحتاج إلى تعديل) وذكرت أسماء من سيؤيدون الرأي وعلى رأسهم الأستاذ عباس محمود العقاد، ومن سيعارضونه وفي مقدمتهم الأستاذ فكري أباظة. وذهبت في الموعد المحدد مع من ذهبوا، وامتلأ المدرج المعين للمناظرة على سعته بجمهور كبير من طلبة الجامعة والأزهر وغيرهم، وحل الموعد المحدد للبدء، ثم انقضى بعده نحو نصف ساعة، ولم يظهر على المنصة إلا الدكتور مظهر سعيد الأستاذ بكلية الآداب، الذي نظر إلى الحاضرين ونظروا إليه. . . ولم يظهر ما يدل على أن هناك مناظرة. . . فقد كان اليوم أول إبريل! واختلطت أصوات الضحك بصيحات الاستنكار.

وكان موقف الأستاذ حرجاً، ولكنه أخرج نفسه من هذا الموقف بلباقة، إذ نهض وقال: أيها السادة، كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول تحييكم تحية إبريل. . . وقد وقعنا أنا وأنتم في هذا (المقلب) ولكن لا عليكم فسأحدثكم عن (كذبة إبريل) من الوجهة النفسية والتاريخية. وقال الأستاذ: إن كذبة إبريل ظاهرة إنسانية لها اعتبارها، فالناس يشقون طول العام ويعانون ما يعانون في مشاغلهم اليومية، حتى تضيق نفوسهم بالجد المتواصل يحتاجون إلى مناسبات ومواسم يفرجون فيها عن الكرب والهموم، ولا شك أن في بيئاتنا الشرقية كثيرين يضيقون بمداعبات إبريل، على خلاف ما نقابل به البينات الغريبة من المرح والسرور.

وقال: إن التضليل الراجح لكذبة إبريل هو أن السنة كانت تبدأ في التقويم القديم بشهر إبريل، وفي القرن السادس عشر تغير هذا المبدأ، فجعل أول السنة شهر يناير، وانقسم الناس في فرنسا إلى فريقين، فريق المجددين الذين قبلوا هذا التغيير ورحبوا به، وفريق المحافظين الذين لم يعترفوا به وظلوا على اعتبار إبريل أول السنة، يقيمون فيه حفلاتهم. وكان المجدون، على مر السنين، يسخرون من المحافظين حتى بلغت سخريتهم أن كانوا يرسلون إليهم دعوات في إبريل إلى حفلات ومآرب لا حقيقة لها، ومن هنا سار الكذب عادة في هذا الموسم.

ومما قاله الدكتور مظهر أن الفرنسيين يسمون من ينخدع بكذبة إبريل (ضحكة) إنجلترا يسمى أول إبريل (يوم المغفلين) ولما فرغ الدكتور من كلمته انصرف (السمك) أو كما يقول الإنجليز. . .

التنويه الأدبي

أظن مجمع فؤاد الأول لغة العربية أنه قد ألف لجنة لدراسة الكتب القيمة في الثقافة الأدبية العليا للتنويه بما يراه نافعاً منها، كما نشرت (الرسالة) في البريد الأدبي من العدد الماضي.

وقد كانت النية متجهة - قبل ذلك - إلى تتويج كتاب واحد في العام، عن طريق الإشادة الأدبية. ولكن رأي أن جوائز فؤاد الأول الأدبية تحقق هذا الغرض إلى جانب المكافأة المالية. وبطبيعة الحال لن يتقيد المجمع في هذا التنويه بقيود (الميزانية) لأنه أدبي بحت، ولهذا لن يقتصر على بعض الكتب دون بعض مما يستحق التقدير، بل سيشمل كل ما يراه نافعاً دالاً على جهد وابتكار. وسيكون التنويه في حفلات تقام لهذا الغرض.

ومما يذكر أن الأمر في ذلك غير مقصور على النتاج المصري، بل سيشمل المؤلفات في جميع البلاد العربية، وقد كتب إلى حكومات هذه البلاد وإلى المجامع العلمية بها لتوافي المجمع بأحسن ما لديها من المؤلفات الأدبية.

النحت للضرورة:

كان من قرارات مؤتمر المجمع، في جلسته الأخيرة، جواز النحت عندما تلجئ إليه الضرورة العلمية. وقبل اتخاذ هذا القرار نظر المؤتمر في تقرير لجنة ألفت من بعض الأعضاء لوضع مبحث في النحت، وقد استهلت اللجنة التقرير بقولها (النحت ضرب من الاختصار وهو أخذ كلمة من كلمتين فأكثر. وقد تحثوا على منهاج الأعمال الرباعية في الأفعال والخماسية في الأسماء، فنحتوا من الجملة فقالوا سبحل سبحلة في النحت من سبحان الله وحمدل حمدلة من الحمد لله وبسمل من بسم الله. . . الخ) وبعد أن عرضت جملة من صور النحوتات في العربية وأقوال العلماء في النحت قالت: (المتقدمون على أن النحت سماعي فيوقف عند ما سمع وليس لنا أن ننحت، ولعل هذا لأن النحت اختراع ألفاظ لم تعرفها العرب فلا تدخل في لغتهم؛ وقد نقل عن بعض المتأخرين نسبة القول بقياسيته إلى ابن فارس، قال الحضرمي في حاشيته على أن ابن عقيل: ونقل عن فقه اللغة لأبن فارس قياسيته، ومثل ذلك نقل عن الشمتي) إلى أن قالت: (ونحن نقول بجواز النحت في العلوم والفنون للحاجة الملحة إلى التعبير عن معانيها بألفاظ عربية موجزة. وهذا نموذج لكلمات منحوتة وضعت لمصطلحات كيمياوية، وهي من وضع لجنة الكيميا والطبيعة في المجمع).

ومن هذه الكلمات:

حلماً (حلل الماء)

شبزلالي (شبه الزلال)

حلكع، ويحلكع، حلكعة. أو حلكل، يحلكل، حلكلة (حلل الكحول) برمائي (تحت من البر والماء)

تربض (نزع الايدروجين)

شبتغراه (شبه غراء)

وجرت مناقشة قال الدكتور طه حسين بك في ختامها: (أحب أن أشير إلى شيء يجب ألا يفوتنا قبل إقرار أي كلمة من النحوت، ذلك أنه يجب أن نستقصي في البحث والدرس عند الحاجة إلى التعبير عن معنى من المعاني، لعل هناك وسيلة من وسائل الاشتقاق أو المجاز أو لعل هنالك كلمة سابقة موضوعة، فيثنى هذا أو ذاك عن النحت، فمثلاً في (شبه الغرائي) قد نصادف في الأفعال العربية أفعالاً تدل على التشابه. فأنا أرى أننا لا نلجأ إلى النحت إلا باعتباره ضرورة) ثم وافق المؤتمر على القرار السابق وهو (جواز النحت عندما تلجئ إليه الضرورة العلمية)

وبعد فهل يستطيع المشتغلون بالكيميا والطبيعة أن يشتغلوا إلى جانب تحليل الكحول بنطق (الحلكحة) وأن يعالجوا، إلى نزع الايدروجين، لفظ (تزجن)؟؟ أو ليس يكفيهم ما يلقون من عناء في النزع والتحليل. . .؟

السينما الثقافية العربية:

شهدت يوم السبت الماضي في القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية - فلمين، اسم أحدهما (التقدم الصناعي في المملكة السعودية) والآخر (الحياة في البحرين) ولقد عرض لنا الفلمان مناظر من هذه البلاد الشقيقة، وعرفانا حقائق في حياتهما يجب أن يعرف مثلها كل قطر عربي عن شقيقه في هذا العهد الجديد عهد الجامعة والوحدة، ولكني لحظت إلى جانب هذه الحقائق ظواهر القصد إلى الدعاية بإبراز آثار الأمريكان والإنجليز في مرافق البلاد العربية.

وأود بعد ذلك أن أوجه الكلام إلى الإدارة الثقافية بالجامعة العربية، فهي مهتمة بمشروع استخدام السينما الثقافية في بلاد الجامعة، وقد علمت أنها دعت الفنيين في وزارة المعارف والجامعة الشعبية وبعض المنتجين إلى تأليف لجنة لبحث هذا الموضوع وتنظيم العمل فيه من ناحية اختيار أفلام وإنتاج أخرى تحقق للأغراض الثقافية العربية. أريد أن أنبه على أمرين:

1 - أن يأخذ تعريف البلاد العربية بعضها ببعض، بواسطة الأفلام مكاناً لائقاً في مشروع السينما الثقافية، ولا يخفى ما في ذلك من عوامل التقريب بين الشقيقات، وما فيه من فوائد ليس أقلها وقوف كل عربي على نواحي الحياة في بلاد تمتد فيها رفعة الوطن، على المعنى العربي الشامل.

2 - الحذر من الأجانب، وخاصة الأمريكيين الذين يهتمون بالدعاية في هذا المجال، ولا بد أن سيتقدم كثير منهم لعرض (خدماته) في هذا المشروع، فينبغي رفض هذه (الخدمات) أو مراقبتها إن كان لابد منها، ولخلص العمل لأغراضه العربية الأصيلة.

متحف ثقافي:

قررت الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية إنشاء متحف يجمع فيه ويعرض الوثائق المتصلة بمعارف البلاد العربية والغرض من هذه المتحف أن يجلو حالة هذه البلاد الثقافية الراهنة في صورة واضحة، ويعين على مقارنة بعضها ببعض مقارنة صحيحة ويجعل من الإدارة الثقافية مركزاً للدراسات والاستعلامات المتصلة بكافة شؤون الثقافة العربية، كما يجعل منها واسطة دعاية مجدية لها.

وقد أرسلت الإدارة بذلك إلى الحكومات العربية، وطلبت إلى كل منها موافاتها بما يأتي:

1 - الكتب والأنظمة والقوانين والمناهج والتقارير والإحصاءات المطبوعة.

2 - مجموعة الصور والمخطوطات التي تعطي فكرة واضحة عن المباني المدرسية والحياة العلمية والتعليمية.

إذاعة ما نشر:

كانت الإذاعة، فيما مضى، تقدم بعض الشعراء (ليقرأ من شعره) ولكنها جرت أخيراً على ألا تقدم إلا من يعد شيئاً للإذاعة. وهذا أمر طبيعي، لأن الإذاعة لابد أن يكون لها موضوع خاص، وهو أيضاً يحفز على الإنتاج؛ ولا يصح أن يكافأ على الكسل و (الاجترار).

وقد كتب الأستاذ محمد الأسمر بجريدة (الزمان) يقول: (وما ينشره الأدباء في المجلات أو الدواوين يجب على الإذاعة ألا تحول بينه وبين إذاعته بحجة أنه نشر، فجمهور القارئين قليل جداً بالنسبة للجماهير المستمعة التي لا تقرأ ولا تكتب).

وهل الجماهير التي لا تقرأ ولا تكتب تستمع إلى الشعر والأدب؟ ثم إن المفروض أن الإذاعة تقدم ألواناً من نتاج الحركة الأدبية المتجددة، والشاعر الذي يريد أن يدير (الاسطوانات) من ديوان كان قد أخرجه، ما شأن الإذاعة به؟

وتصور أي مهزلة تكون عندما تدعو الإذاعة عدداً من الأدباء ليتلو كل منهم ما تيسر من آياته. . .

مولد شاعر:

نشرت مجلة (العالم العربي) في عددها الأخير (12) مقالاً بعنوان (مولد شاعر) غير مذيل بتوقيع، ولكن وضع في الفهرس مكان اسم الكاتب: (أبو نؤاس) وهذا المقال، بعينه وجميع أجزاء جسمه، نشر في (الرسالة) للآنسة نعمت فؤاد منذ خمسة أشهر (العدد748 الصادر في 3 نوفمبر سنة 1947)

و (أبو نؤاس) له سرقات أدبية كثيرة أخذه بها النقاد ومؤرخو الأدب، ولكن من كان يظن أنه سيمتد به الزمن ويطول عمره حتى يسرق مقال للآنسة. . أو تراه يسرق حياً وميتاً. . أم ماذا. .؟

مؤتمر الآداب الحديثة:

يجتمع الآن في باريس بجامعة السوربون المؤتمر الدولي لتاريخ الآداب الحديثة، ويدور البحث فيه حول الأدب المصري والتطورات السياسية والاجتماعية.

ويتكون المؤتمر من ممثلي سبع عشرة أمة، وكان قد دعي إلى حضوره الدكتور طه حسين بك، فاعتذر من عدم استطاعته تلبية هذه الدعوة، لأنه سيمثل مجمع فؤاد الأول للغة العربية في مؤتمر اللغويين ومؤتمر المستشرقين اللذين سيعقدان بباريس في شهر يولية المقبل، ومن المشقة أن يسافر الآن ويعود، ثم يسافر إلى هذين المؤتمرين.

العباسي