مجلة الرسالة/العدد 77/بين فن التاريخ وفن الحرب
→ من ذكريات لبنان | مجلة الرسالة - العدد 77 بين فن التاريخ وفن الحرب [[مؤلف:|]] |
بين القاهرة وطوس ← |
بتاريخ: 24 - 12 - 1934 |
13 - خالد بن الوليد في حروب الردة
للفريق طه باشا الهاشمي رئيس أركان الجيش العراقي
(لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني شبر إلا فيه ضربة أو طعنة، وأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير! فلا نامت أعين الجبناء)
خالد بن الوليد
والواقع أن خالداً أيضاً كان راغباً في لصلح دون أن يلجأ إلى القتال. وهذا ما دعاه إلى أن يخفف الشروط. فتعاهده من حنيفة ينص على أن يسلموا الذهب والفضة نصف السبي والسلاح والخيل، وأن يأخذ هو كل قرية ومزرعة وحائط (حديقة مسورة) باسم بيت لمال، وأن يسلموا أنسهم حتى يسلموا. أما البلاذري فيروي أن المعاهدة فرضت على بني حنيفة ربع السبي ونصف الذهب والفضة والسلاح.
ولعل هذه الرواية هي الصحيحة، لأنها تدل على تساهل خالد في قد الصلح. ويذر الطبري أن أبا بكر أرسل كتباً إلى خالد مع سلامة بن وقش يأمره إن أظفره الله بأن يقتل من قام من جرت عليه المواشي من بني حنيفة - يريد بذلك أن يقتل من قاوم من الحنفيين - فوصل الرسول بالكتاب بعد عقد المعاهدة. فأراد الأنصار أن يستغلوا أمر الخليفة، فطلبوا إلى خالد أن ينفذ ما جاء في الكتاب، كان أسد بن حضير رئيس الأوس على رأسهم. إلا أن خالداً لم يلتفت إليم، بل في لبنى حنيفة وثبت على ما كان منه فجمع بني حنيفة إلى البيعة والبراءة.
ويذكر ابن حبيش الأسباب التي ألجأت خالداً إلى عقد الصلح مخالفته كتاب الخليفة، وهي تلخص في كثرة الخسائر التي انتابت المسلمين في المعركة، إذ قل عدد المسلمين وكان أكثرهم جريحاً. وبعد عقد المعاهدة لا يجوز النكول عنها، ولا سيما أن بني حنيفة أسلموا. وتنقل الرواية أن سلامة بن وقش أيضا أصر على خالد بتنفيذ أوامر الخليفة. غير أن خالداً لم يغير رأيه واعتبر القضية منتهية.
ومع ذلك استعمل خالد الشدة في معاملته أهل العارض وبعض قرى بني حنيفة. فقرية سيوح وعرفة والغبراء وقيشان ومرعة والمصانع اعتبرت في خارج أحكام المعاهد، فسبى أهلها وصادر أملاكها. والروايات لا تبحث في أسباب هذه الشدة، غير أن الذي يلوح لنا أن أهلالقرى إما أنهم قتلوا المسلمين غدراً، وإما أنهم قتلوا المسلمين غدراً، وإما أنهم مثلوا بالمسلمين في بلاد اليمامة قبل الحركات.
المناقب
يستنج الباحث من حرات اليمامة بعض المناقب التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تدل على سجايا العرب الأولين مسلميهم ومرتديهم، وتوضح لنا بعض المزايا الكامنة التي مكنت العرب من الانتصار على عدائهم في الشرق والغرب.
المنقبة الأولى - التضحية
كان ابن عمر عبد الله أخوه زيد بن الخطاب في الجيش الذي قاتل في عقرباء. وكان زيد على ما نعلم يقود القلب، وقد استشهد في المعركة مشجعاً المسلمين ومدافعاً عن رايتهم.
ويذكر الطبري أن عبد الله بن عمر لما رجع إلى المدينة قال له أبوه: (ألا هلكت قبل زيد؟ هلك زيد وأنت حي).
وفي رواية أخرى قال عمر لابنه: (ما جاء بك وقد هلك زيد؟ ألا واريت وجهك عني؟). فأجاب عبد الله: (سأل الله الشهادة فأعطيتها وجهدت أن تساق إلي فلم أعطها).
والتضحية كلمة مرادفة للبطولة، وهي من أخطر العوامل في حضارة الأمم إن لم تكن أخطرها. ولا أغالي إذا قلت إن تاريخ الحضارة مكتوب بمداد هو دماء الأبطال لمراقة وساعيهم المبذولة من أجل بنيان صرح التمدين الباذخ بجميع أركانه الأدبية والعلمية والسياسية. لولا التضحية لما خرج الإنسان الأول من الغاب والكهف إلى المدينة والقصر. والعرب لولا بطولتهم في تضحيتهم لما تربعوا في قصور بغداد والشام والقاهرة والحمراء، ولظلوا تائهين في مجاهل باديتهم القاحلة الجرداء، ولخنق الإسلام في مهد. فالتضحية رفعت عمد الأديان، ونشرت ألوية العلوم، وضعت أسس الدولة قديمها وحديثها، وسمت بأبنائها إلى أج العز والسؤدد، وقمة المجد والصولة. أجل إن العرب من الأمم الفاتحة المفطورة على البطولة والتضحية، إلا أن نبيهم العظيم جاءهم برسالة وضع بها نصب أعينهم مثلاً أعلى هو إيمانهم الوطيد، فبرزت نفوسهم إلى ذلك المثل الأعلى على حد تعبير علماء النفس، وحصروا وجدانهم في إيمانهم القوي، فضلاً عن دافع غيرتهم عل أحسابهم. وقوة ذلك الإيمان زادتهم إقداماً على التضحية التي تجلت بأروع مجاليها في حروبهم، ولاسيما في حروب خالد بن الوليد، ومنها حروب الردة التي نحن بصددها. فهذا عبد الله بن عمر أنبه أبوه لأنه رجع حياً دون أن يستشهد في الذود عن إيمانه أو مثله الأعلى. ولا تزال روح التضحية متغلغلة في نفوس العرب والأعراب حتى اليوم. وما أكثر الروايات المنقولة عن رجال العرب ونسائهم من ميادين القتال في التضحية العربية المجيدة في ثوراتهم الأخيرة في الأقطار العربية؛ دونها ما يروى عن رجال اسبرطة ونسائها بهذا الصد. يروى عن امرأة عربية عراقية أنها كانت تشجع أبناءها السبعة في إبان الثورة العراقية في سنة 1920، وكانت كلما سقط أحد أبناءها في حومة الشرف تنشد قائلة: (يا موت اطحن وأنا اهلك) - أي يا رحى الموت اطحني وأنا أقدم إليك أبنائي!
المنقبة الثانية - السياسة
كان مجاعة بن مرارة من رؤساء بني حنيفة، وقد وفد على الرسول وأسلم فاقطعه أرضاً، فلما ثار مسيلمة ببني حنيفة وأدع النبوة كان مجاعة معه. ويلوح لنا أنه كان يداري مسيلمة من جهة ويراقب حركات جيش خالد من جهة أخرى. فلما وثق بتقدم جيش خالد نحو اليمامة استفاد من الشغب المثار على مسيلمة، فخرج مع بعض رجاله من اليمامة طالباً الثأر من بني عامر وبني تميم. ولعل طلب الثأر كان بحجة لخروجه من اليمامة قبل وصول جيش المسلمين إليها. ولما باغتته طليعة المسلمين في ثنية اليمامة استحياه خالد لعلمه أنه ينفعه في قتاله في اليمامة وحبسه عنده كالرهينة وتركه في فسطاطة قيد مراقبة زوجه أم تميم. فلما تغلب الحنفيون على المسلمين وأزاحوهم عن المعسكر دخلوا الفسطاط وهموا بقتل أم تميم فمنعهم مجاعة من ذلك صارخاً في وجههم (مه! أنا جار لها فنعمت الحرة! عليكم بالرجال).
وفي رواية أن مجاعة عاهد م تميم على أن يساعدها إذا انتصر الحنفيون على المسلمين، وعلى أن تساعده هي بدورها إذا انتصر المسلمون على أهله. ولما انتهت المعركة عرض مجاعة الخدمة على خالد وطلب إليه أن يتوسط في عقد الصلح، فقبل خالد ذلك، أوفده إلى بني حنيفة حاملاً شروط الصلح. وكان مجاعة قد علم بأن المسلمين كابدوا خسائرها فادحة، وأن الحرب أنهكت قواهم، لأنه تفقد مع خالد ميدان المعركة وأطلعته على قتل الحنفيين، وهو الذي دلهم على جثة المحكم بن الطفيل وجثة مسليمة. ولا شك أنه تأكد شدة مصاب المسلمين. فلما ذهب بمهمته تقين شدة الشروط التي فرضها خالد على بني قومه فأراد أن يخدمهم خدمة يخلص بها قومه من هذه الشروط القاسية ويمهد السبيل لاستلانة جانب خالد. وفي مثل هذا الموقف دبر حيلة أثبت بها ذكاءه.
وكانت الحيلة التي دبرها - كما يرويها الرواة - تتلخص في ما يلي: (دخل مجاعة الحصون وليس فيها إلا النساء والصبيان ومشيخة ثانية ورجالهم ضعفاء، فظاهر الحديد على النساء أي ألبسهن الدروع وسلحهن - وأمرهن بأن ينشرن شعورهن ويشرفن على رؤوس الحصون إلى أن يرجع إليهن)، وبذلك أراد أن يظهر لخالد أن القوم لا يزلون في حصونهم متأهبين للدفاع لكي يحمله على تخفيف الشروط فلما عاد فال لخالد: (أن القوم قد أبوا أن يخبروا ما صالحتك عليه ولكن إن شئت صنعت شيئاً فعرضت على القوم) يريد بذلك أن يخفف خالد من شروط الصلح وحدق المسلمون من بعيد إلى الحصن، فرأوا عليها الناس ضانين أن بني حنيفة محتلوها وأنهم عازمون على الدفاع.
ولقي مجاعة صعوبة في حمل المخالفين من بني حنيفة على قبول شروط الصلح. كان سلمة بن عمير يقول لبني حنيفة: (قاتلوا عن أحسابكم ولا تصالحوا على شيء).
أما مجاعة فيقول لهم: (يابني حنيفة أطيعوني واعصوا سلمة فإنه رجل مشئوم، قبل أن يصيبم ما قال شرحبيل بن مسيلمة، قبل أن تستردف النساء غير راضيات، وينكحن غير راضيات).
والرواية تقول أن بني حنيفة أطاعوا مجاعة وعصوا سلمة وكان من أمر حيلته ان أقنع خالداً بأن يخفف شروط الصلح ففرض الربع من السبي والنصف من الذهب والفضة والسلاح والخيل بعدما كان قد طلب أن يعطوه كل ذلك فلما فرغ من الصلح، وفتحت الحصون أبوابها إلا النساء والصبيان. فقال خالد لمجاعة: (ويحك خدعتني) فقال مجاعة: (قومي، ولم أستطع إلا ما صنعت).
لم يسق مجاعة وجعه لقومه ولا استهواه حب الانتقام قطاش حتى يدع بني جلدته يلقون أنفسهم في مهاوي الهلاك بل كان خلصاً في قضيت، وعمد مجاعة إلى الحيلة الواسعة فصان بقية قومه من أشارك الهلاك، وخفف عنهم وطأة الانكسار الهائل، فكان ي تلك السياسة مصلحة بني حنيفة.
المنقبة الثالثة - العصبية القومية
كان سلمة بن عمير يشجع الناس على المقاومة وقد رأى من الذل ن يحتكم المسلمون في بني قومه بعد ن قاتلوا قتال الأبطال منعاُ لحوزتهم ودفاعاً عن نسائهم وكان يرى الموت ويرى النساء تستردف غير راضيات وينكحن غير حظيات. وقد قتل مسيلمة وأبنه شرحبيل وصرع اليمامة ابن طفيل. أبعد كل هذا يرضى بالهوان؟ بل الموت أولى دون التسليم بالشروط التي يشترطها خالد. فيصرخ في أصحابه: (قاتلوا عن أحسابكم ولا تصالحوا على شيء) ثم يعود فيشجعهم على المقاومة قائلاً: (فإن الحصن حصين والطعام كثير وقد حضر الشتاء)
لقد قارن بنو حنيفة بين ما قاله سلمة وما قاله مجاعة، ورأوا أن لا قبل لهم بالمسلمين، فلم يروا بداً من التسليم بشروط الصلح لاسيما أن مجاعة دبر الحيلة ليموه على المسلمين بقوة الحنفيين للدفاع ويخفف من وطأة الصلح. فلم يحفل سلمة بكل ذلك، بل أضمر سوءاً لخالد ولم يحتمل إهانة الغلبة لقومه فاجمع على أن يفتك به. ولما حشر بنو حنيفة إلى البيعة والبراءة طلب سلمة من مجاعة أن يستأذن له في الدخول على خالد ليكلمه في حاج له. فأقبل سلمة مع بني قومه مخبئاً سيفه تحت العباءة، فلما رآه خالد لم يقبله، ولعله كان يعلم كرهه له، فأخرجوه عنه وفتشوه فوجدوا معه السيف، فثار ثائر الحنفيين فأخذوا في سبه ولعنه صارخين في وجهه أتريد أن تهلك قومك وتستأصل بني حنيفة وتسبي الذرية والنساء؟ فأوثقوه ووضعوه في الحصن. غير أن سلمة أقسم ن يثأر لبني قومه. لذلك يعاهدهم على ألا يحدث حدثاً فيعفون عنه. فلم يصدقوه ولم يقبلوا منه عهداً. أعيته الحيلة ولم ير بداً من الإفلات ليفتك بخالد مهما كلفه الأمر فيهرب من الحصن ليلاً فيعمد إلى معسكر خالد، ويصيح في وجه الحرس فيفزع بنوا حنيفة فيتبعونه حتى يدركوه في إحدى الحدائق المسورة فيقاومهم بالسيف فيكتنفوه بالحجارة فيرى أن جميع الأبواب موصدة في وجهه وانه غير قاتل خالداً فالأولى ينتحر ولا يرى يسبون الذراري، فيضرب نفسه بالسيف، ويسقط في البئر فيموت.
مبادئ خالد الحربية
تنم الحركات التي قام بها خالد في قتاله أهل الردة على المبادئ الحربية التي نهجها وفي هذه المبادئ أسس لا تختلف كثيراً عن الأسس التي اتخذها القواد العظام وأصبحت من المبادئ الحربية الخالدة. نذكر في ما يلي بعض تلك الأسس:
أولاً - التوفيق بين القيادة والسياسية: يبدو لنا من الخطط التي وضعها خالد لحركات على طليحة بن خويلد ومسيلمة الكذاب والتدابير التي اتخذها بعد الانتصار أن خالداً من القواد الذين وفقوا دائماً بين القيادة والسياسة وأصبح هذا الأس في عصرنا من أخطر عوامل الظفر ويقيناً أن من أكبر العوامل التي حالت دون استثمار الانتصارات الباهرة التي أحرزها نابليون في حروبه على الحلفاء عدم توفيقه بين السياسة والقيادة. وكذلك من العوامل التي أدت إلى خيبة الألمان في الحرب العامة نظر قادتهم إلى الأمور من الوجهة الحربية فقط، وعدم توفيقهم بين السياسة والقيادة.
فنرى خالد بن الوليد في الخطة التي وضعها للحركات على طليحة بن خويلد أنه وفق بين السياسة والقيادة، فلم يقدم جيشه إلىبزاخة إلا بعد أن مهد له سبيل الانتصار بجلب قبائل طي إلى جانبه وفصل الفرقتين: جديلة وغوث عن بني أسد والاستفادة فعلاً من القوة التي أمدت قبائل طي بها جيش المسلمين.
وبعد انتصاره في بزاخة نراه يفرض على القبائل تقديم عدد معين من السلاح. وفي ذلك تعزيز لجيشه وإضعاف لشأن خصمه.
وقبل أن يتقدم بجيشه نحو اليمامة يسعى قبل كل شيء لاستمالة التميميين الذين التجئوا إلى مسيلمة وإخراج جماعة سجاح من ميدان العمل ولما ظفر ببني حنيفة لم يتردد بعقد الصلح معهم على أساس التساهل برغم مخالفة رؤساء الأنصار والمهاجرين له ودون أن يعما بأمر الخليفة الصريح. وقد ذكرنا مجمل الإسبال التي التجأت خالداً إلى ذلك ولخالد مواقف تدل على استعماله الشدة واللين تبعاً لمقتضى الحال
ثانياً - الاستطلاع: لقد عني خالد بالاستطلاع في جميع حركاته. وقبل تقدمه نحو بزاخة يوفد قوة استطلاع بقيادة عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم. وفي حركاته على بني تميم يوفد أمامه السرايا للتجسس والاستطلاع. أما في حركات اليمامة فيرسل مكنف بن زيد الخيل وأخاه ليتسقطا الأخبار. وكان في جميع حركاته على اتصال مستمر بالخصم الذي يريد أن يضربه للإطلاع على شؤونه والقيام بالحركة في الوقت الملائم
ثالثاً - المطاردة: من الأسس التي اعتمدها خالد في حركاته القيام بالمطاردة بعد المعركة. وقد يختلف في إسلوب مطاردته عن الأسلوب الشائع الآن، وهو يتطلب سوق أقصى قوة في اليد لقطع خط الاتصال على العدو المنسحب. أما خالد فكان يوفد السرايا في اتجاهات مختلفة للتفتيش عن العدو المنهزم والقضاء عليه أينما وجدته. فالعدو بعد انكساره لم ينسحب إلى محل معين كما هو شأنه اليوم، وذلك لأن الحياة في البادية تساعد المنهزمين على الالتجاء إلى أحياء مختلفة. هكذا كان شأنه في مطاردة بني أسد وفزارة بعد انتصاره في بزاخة. وهكذا كان عمله بعد معركة عقرباء. فلم يشأ أن ينازل الحصون، بل أوفدالسرايا لتلتقط من كان خارج الحصون.
رابعاً - الإبداع: لم يتأخر خالد لحظة في استعمال إبداعه الذاتي حين تطلب الموقف ذلك. وهو يشد عن الأوامر الصادرة إليه متى رأى الفرصة سانحة للعمل بمخالفة الأوامر. فتراه بعد أن أنهى أمر بني أسد في بزاخة واطلع على أحوال بني تميم وتأكد إن الفرصة سانحة للتقدم أمر جيشه بالحركة برغم الأوامر الصادرة إليه والقاضية بألا يتقدم محل إلى محل آخر قبل أن يتلقى أمر الخليفة. فالأنصار يذكرونه بأمر الخليفة الصريح. ألا أن خالداً يقول لهم أنه هو الأمير واليه تنتهي الأخبار وان لم يأتيه أمر من الخليف لا يريد أن يضيع الفرصة مادام مالك بن نويرة حياله وبطون بني تميم نافرة منه.
خامساً - التنظيم: اتضح لنا منم حركات خلد أنه ينظم جيشه ويقسمه إلى أقسام، ويعين لكل قسم قائداً ويعرض الجيش بنفسه قبل أن يتحرك. ففي ذي القصة ينظم جيشه قبل الحركة، وفي البطاح ينظمه ويعين لكل قسم منه قائداً. وقبل القتال يجعل على كل قسم من نظام القتال قائداً خاصاً. وبعد انكسار المسلمين في عقرباء ودخول الأعداء الفسطاط يغير خالد تعبئة الجيش فيضع أهل القرى في جانب وأهل البادية في جانب آخر للأسباب التي سبق ذكرها
سادساً - حشد القوات: رأينا خالداً في جميع حركاته يحشد جميع قواته قبل المعركة ولا يشتتها. فيسير على طريق واحد ويسير به نحو الهدف دون أن يضعفه بفرز بعض القوات منه لمقاصد أخرى وكان يفرز قوة من جيشه ويوفدها إلى الأمام مقدمة بقصد الأمن والاستطلاع وأحياناً يقيم له ردءاً في الخلف ليحمي خط الانسحاب. وكانت المقدمة دائماً تشترك في المعركة مع الكواكب (القسم الأكبر)
سابعاً - التعرض: لقد اتخذ خالد في جميع حركاته خطة الهجوم، ففي بزاخة، يهجم بجميع قواته على قوات طليحة بن خويلد، وفي عقرباء يتقدم نحو العدو ويهاجمه في بلاده، وكان يتوخى الهدف ولا يحيد عنه. والهدف عنده هو محو العدو من سفر الوجود
انتهى البحث
طه الهاشمي