الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 761/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة/العدد 761/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة - العدد 761
الأدب والفن في أسبوع
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 02 - 02 - 1948


الفنون في المولد النبوي:

كان الأسبوع الماضي أسبوع المولد النبوي، على صاحبه الصلاة والسلام، فقد تعطرت النوادي بهذه الذكرى الحبيبة، وتحلت الصحف والمجلات بما نشرته فيها من الكلمات الطيبات، وأذاعت لها دار الإذاعة برنامجا حافلا استثمر أسبوعا، وقد افتتحه صاحب الفضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية واختتمه الأستاذ احمد حسن الزيات بحديث بليغ عن (بلاغة الرسول).

ولا أحب إلى من أن أبدا في هذا الأسبوع بالكتابة في هذه المناسبة الكريمة، مسجلا المظهر الرائع الذي بدا في الاحتفال بالمولد هذا العام، من حيث اتجاه الفنون الجميلة إلى الاشتراك فيه، فإلى جانب الأدب من كتابة وخطابة وشعر، نسمع المطربين يصدحون بالأغاني المؤلفة في مدح الرسول وذكرى مولده ونسمع كذلك التمثيليات الإذاعية والبرامج الخاصة ومما يلفت النظر أن الجمعيات الدينية كالشبان المسلمين والإخوان المسلمين، أدخلت التمثيل في بارمج احتفالاتها، فمثلت على بعض المسارح تمثيليات في تاريخ الصدر الأول من الإسلام. وهكذا تعاونت فنون الأدب والغناء والتمثيل على الحفاوة بمولد الرسول في هذا العام، ولا أقول إنها أكسبته جمالا وروعة، بل هي التي اتخذت منه موضوعا لإبراز جمالها الفني. . . وأي موضوع ادعى إلى الإبداع الفني من ذكرى الحبيب محمد بن عبد الله الذي انتقل حبه إلى قلوبنا على تعاقب الأجيال بتيار رسالته المشعة الهادية واي شئ اليق بالفن من الحب. . .؟

السفينة العربية:

وقد استرعى انتباهي حسن التفات الأستاذ الزيات في حديثه إلى قوله عليه السلام (إن قوما ركبوا سفينة فاقتسموا فصار لكل رجل منهم موضع فنقر رجل منهم موضعه بفاس، فقالوا: ما تصنع؟ قال: هو مكاني اصنع لا فيه ما أشاء فان اخذوا على يده نجا ونجوا، وإن تركوه هلك وهلكوا) وذلك من حيث تطبقه على دنيا الإسلام والعروبة اليوم إلى أن قال بالأستاذ: (وكان الرسول ﷺ بما أتاه الله من المعية الذهن وإشراق الروح كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، فضرب هذا المثل الجامعة الدول العربية لعلها تتذكر فتتدبر) أقول: حيا الله شعب العراق، فقد حال دون خرق السفينة العربية بهبته في وجه المعاهدة التي تهدد سلامة السفينة إذا اختلفت إحدى الشقيقات مع الإنجليز. . . وحيا الله دولتي سوريا ولبنان، فقد أبتا أن تصنعا في مكانهما شيئا برفضهما التعاهد مع الإنجليز حتى ينتهي الخلاف بينهم وبين مصر، وعلى جامعة الدول العربية قائدة السفينة أن تتذكر فتتدبر.

لقد قوض العرب الأولون أركان الدولة الشرقية (الفارسية) والدولة الغربية (الرومانية) وكانت عدتهم في ذلك الوحدة والأيمان والتضحية ونحن ألان لا عاصم لنا من الكتابة الشرقية والكتلة الغربية إلا هذه الصفات، ويخيل إلى أننا أخذنا بالوحدة واقتربنا من الإيمان، ولكنا لا نزال بعيدين عن التضحية لأننا غارقون في الأثرة متعلقون بالرياسة وحب السلامة.

ويوم تتم لنا تلك الصفات تجد (الكتلة العربية) مكانها على قدم المساواة أن لم يكن في موضع المتغلب، وليس هذا اليوم ببعيد،

نشوء القومية في المانيا:

كان (نشوء القومية في المانيا وتصادم النظريتين الألمانية والفرنسية في تعريفها وتحديدها) موضوع المحاضرة الثانية من سلسلة المحاضرات التي يلقيها الأستاذ ساطع الحصري في الجمعية الجغرافية الملكية والتي حدد لها يوم السبت من كل أسبوع.

قال الأستاذ: كانت المانيا في أواخر القرن الثامن عشر إمارات ودويلات متفككة سياسيا وان كانت ذات وحدة لغوية ثقافية ولم يكن أهلوها يشعرون بالقومية، وكان علماؤها وأدباؤها يتجهون في تفكيرهم وإنتاجهم نحو الإنسانية والعالمية فلما قامت الثورة في فرنسا أيدوا ارتياحهم أليها مؤملين أن تقضى على النعرات الوطنية وتهدف إلى تحقيق الخير للبشر ولكن لم يلبث أملهم أن خاب عندما غزاهم نابليون، وفرض عليهم حكما استبداديا لحقت بهم الكوارث من جرائه؛ فشعروا بالحاجة إلى الوحدة والتكتل وبدا المفكرون يوجهون الشعب نحو القومية، وشرع الأدباء والشعراء في إنتاج الأدب الوطني الحماسي الذي جعل لهذه الفترة مظهرا بارزا في تاريخ الآداب.

وكان على راس أولئك المفرين (فخته) الذي دعا إلى محاربة التفرق واضعف والى تعميم التعليم وتربية الشعب تربية تنتقي فيا الأنانية، وبث في أبنائه أن عليهم رسالة كبيرة يؤديها للبشر عامة، برفع شان وطنهم أولا، ثم نشر الرسالة في خارجه وبهذا مزج بين الوطنية والعالمية، وكان يوجه كلامه إلى سكان جميع البلاد التي تتكلم الألمانية برابطة اللغة.

وأدت هذه الحركة إلى تكوين جامعة الدول الألمانية التي كانت تنظم العلاقة بين هذه الدول وإن كان يحكم كل منها حاكم مستقل وتحققت وحدة اقتصادية وتقدمت الصناعات وقوى الجيش. ووجدت المانيا الفرصة سانحة في الانضمام إلى الحلفاء ضد نابليون فاشتركت في حربه معها، ولكن الحلفاء بعد أن تغلبوا على نابليون عاكسوا الحركة القومية في المانيا زمنا طويلا، حتى قيض لها بسمارك، فعمل على تحقيقها بمختلف الوسائل.

وبعد أن أفاض الأستاذ في بيان ذلك انتقل إلى النقطة الثانية من المحاضرة، فقال انه في خلاف تلك الحوادث نشأت نظريتان في تعريف القومية: النظرية الألمانية القائلة بان القومية كائن حي روحه اللغة الواحدة، والنظرية الفرنسية التي تقول بان القومية ليست كذلك وإنما هي شئ يقوم على مشيئة الشعب، وواضح أن كلا من النظريتين كان يدفع أصحابها إلى القول بها مصالح بلاده فالفرنسيون لا يقولون باللغة أساسا للقومية لأنهم كانوا يريدون أن يضموا جزءاً كبيرا من المانيا إليهم بحيث تكون حدودهم عند نهر الرين، والألمانيين يقفون في سبيلهم داعين إلى وحدة بلادهم وهي ذات لغة واحدة.

واستعرض الأستاذ آراء كل من الطرفين، ثم قال انه كان متأثرا بالنظرية الفرنسية ولكنه بالبحث والتأمل تبين له بطلانها لأن المشيئة ليست أمرا ثابتا محدودا، وارد حوادث دلت على تغيرها، ولأن هذه المشيئة إنما تكون نتيجة للعوامل الأساسية كاللغة والتاريخ، وختم الأستاذ المحاضرة بقوله أن صحة نظرية القومية القائمة على اللغة وفساد نظرية المشيئة، سيتبين بشكل أوضح في المحاضرة القادمة عندما نتكلم على الفكرة القومية في النمسا والبلقان وتأثير اللغة والتاريخ فيها.

الشعر الآن:

رددت الصحف أخيرا قولا للأديب الفرنسي جيد: (إذا وجد في أي بلد شعراء مجيدون وإذا احب أهل هذا البلد قراءة الشعر، فاعلم أن النظام السياسي هناك نظام صالح قويم. أما إذا خلا البلد من الشعراء والنوابغ، وإذا عزف الناس عن قراءة الشعر وترتيله، فاعلم أن النظام السياسي هناك نظام فاسد معوج. وفي البلد الأول قلما تقوم الثورات والقلائل، وفي البلد الثاني قلما يهدا الناس ويرضون عن حياتهم).

ويبدو لي أن الربط بين وجود الشعراء وإقبال الناس على الشعر وبين استقرار الأحوال واطمئنان الناس في حياتهم 0يبدو لي أن هذا الربط يقوم على اعتبار الشعر ترفا فنيا وعلى ما يسود حياة الناس من هدوء بال وهناءة عيش فيقبلون على الشعر يلتمسون فيه المتعة الفنية او قلق وشظف فينصرفون عن هذا الكمال الفني إلى مسائلهم ومشاكلهم.

ونحن ولا شك من الفريق الثاني والناس عندنا عازفون عن قراءة الشعر من غير شك أيضاً ولكن هل عندنا شعراء مجيدون؟ يتوقف الجواب عن هذا السؤال على تعليل عزوف تعجبهم الضاعة الموجودة؟

أما الشواغل والقلاقل فهي متوافرة، وأما الإنتاج الشعري فليس من السهل إطلاق الحكم عليه.

أحسب أن شيئا من التبعة في كساد الشعر يرجع إلى أولئك النقاد الذين هبوا في فترة ماضية يعيبون على الشعراء العائشين في حياة الناس القائلين في مسراتهم وأحزانهم، ويدعون إلى التجارب الذاتية والتحليق الفني ولهؤلاء النقاد وجهة فنية سليمة إذا نظرنا إلى ما هالهم من التهالك على الرثاء المصنوع والتهاني النتعلقة وغير ذلك مما ليس بسبيل التعبير الصادق، ولكن كانت نتيجة تلك الحركة أن انكشف شعراء المناسبات عن الميدان، وإن كان لا يزال فيه من يوالون تزييف التعبير وقد أصبحت تفاهة صنيعهم معروفة. أما التحقيل فلم يلف أجنحة في اكثر أمره. . . . ومن حلق قصد إلى ترف المشاعر، مزورا عن مضطرب هذه الأمة النكوبة في حريتها وفي عيشتها. ونظر الناس إلى هؤلاء والى هؤلاء شذرا. لأنهم وجدوهم أما بعيدين عن الإجادة أو غير مسددين إلى أهداف المجتمع فكانوا عنهم معرضين وليس الأمر مقصورا على جمهرة القراء، فالإعراض عن قراءة الشعر يشمل الخاصة من المثقفين، ولا اخفي أنني قلما أقع على شعر يقرا، وأكلف نفسي أحيانا أن أقرا شعرا صابرا إلى نهايته ثم أقول في نفسي: أترى هذا الكلام ينشر إذا جرد من الوزن والقافية وكتب نثرا. .؟ والجواب مفهوم طبعا وأذن فنحن نتخذ النظم (جوازا) للنشر ليس إلا. . .

كتب كاتب في إحدى صحفنا الكبيرة (تقريظا) لديوان إخراجه أخيرا شاب يتعلق بالشعر فتمثل الكاتب بما كتبه فيكتور هوجو عن لامرتين عقب نشر أول مجموعة شعرية له، وهو قوله: (لقد ولد لنا الليلة شارع عظيم جديد) فاستبشرت خيرا بمن ولد لنا وهو صاحب الديوان الذي يقرظه الكاتب، ولكنه عفي على ما أملت بإيراده طائفة من روائع شعره فقد نظرت في هذه (الروائع) متخيلا تجردها من الوزن والقافية فوجدتها كالذي وصفت. . وكذلك شأن اكثر من يولدون في هذه الأيام!

وأعود إلى ما أسلفت من انه ليس من السهل إطلاقا الحكم على الجميع، فثمة قلة من الشعراء يرتفع شعرهم عن مستوى الكثرة التي كادت تحملني على القول بان الشعر لقي حتفه، أما الظاهرة الشاملة الملحوظة وهي انصراف الناس عن قراءة الشعر فان خالفتني في تعليلها فلن تختلف في تقريرها.

وموقف الشعراء - في نظري - لا يخلو من ثلاثة: أن يظلموا يقولون لأنفسهم أو يقولوا فيما يعنى الناس وما يعجبهم، أو يسكتوا حتى يفرغ الناس لهم.

معرض الفن الحديث:

في يوم الخميس افتتح المعرض الأول للفن الحديث، لخريجي قسم الرسم من معهد التربية العالي للمعلمين.

والفن الحديث في الرسم ليس شيئا مغايرا للفنون السابقة وإنما يعد تطورا لها، إذ يرى أصحابه أن الأسلوب (الفوتغرافي) في الرسم صناعة آلية لا تغذي الفكر أو العواطف الإنسانية، فهو أسلوب جامد لا يساير الحياة المتحركة، ثم هو لا يتصل بالثقافات الأخرى من علمية واجتماعية وفلسفية. أما الفنان الحديث فقد اخذ بنصيب من هذه الثقافات التي تفاعلت في نفسه مع الطبيعة الفنية، فهو حينما ينتج لا يصور الحياة كما هي، وإنما يضيف عليها من فكره وشحنة من حسه فيتسلل إلى الحقائق والمتناقضات سعيا وراء الافضل، أو هو بتعبير آخر لا يقبل الواقع المائل بل يدرك الواقع المتطور ويعبر عنه، وهو يتحرر من كثير من القيود والأصول المعروفة.

وقد شاهدت المعروضات، وفهمت بعضها (ولا فخر) واستعنت على فهم البعض الآخر بأصحابه الأساتذة العارضين ومع ذلك لم افهم كل شئ. . ولم أحرج لا من مصارحتهم بذلك، فكانوا يجيبون بان الفنان قد يعبر عن شعور غامض في نفسه أو عن تجربة له لم تتفق لمن لا يدرك مرماه.

وإذا كنا لم تقبل - في الشعر - القول المأثور: المعنى في بطن الشاعر، فهل نقبل - في الرسم - أن يقال: الفكرة في بطن الفنان!

يجب أن توضح معالم هذا الفن حتى يتصل الشعور بين المنتج والمتفرج وأي قيمة لعمل فني فيه الصلة بين المشاهد والفنان. .؟

استعمار الأوبرا:

بدأ الموسم الشتوي للتمثيل في الأوبرا، بتمثيل الفرقة المصرية على هذا المسرح نحو شهر، ثم جلت عنه للفرقة الأجنبية التي تتعاقب عليه. عملت فيه أولاً فرقة (البالية) الفرنسية، وتعمل به ألان الفرقة الإيطاليه، وستعقبها فرقة (الكوميدي فرانسيز) وهكذا تشغل هذه الفرق الثلاث مسرحنا الرسمي اكثر الموسم في الوقت الذي تتعطل فيه الفرق المصرية لأنها لا تجد مسرحا تعمل فيه؟

وتلك الفرق الأجنبية بذلت لها حكومتنا المصرية، إلى جانب مسرح الأوبرا، إعانات كبيرة وأنفق مدير الأوبرا في سفره إلى أوربا في الصيف لاختيارها والاتفاق مع متعهديها مبلغا آخر من المال، ويجمع هؤلاء المتعهدون من (شبال التذاكر) أموالا طائلة قد يذهب بعضها من بعض المتعهدين اليهود إلى الصهيونيين في فلسطين.

ولم كل هذا الإغداق وذاك الاحتلال؟ يقولون: لأن دار الأوبرا تقدم بتلك الفرق للجمهور المثقف نماذج من رائع التمثيل الغربي. .

ألم تر في الأيام الماضية القريبة تلك الصور التي نشرتها الصحف والمجلات لفتيات (الباليه) آلائي يرقصن بأجسام شبه عارية؟ وفي الفرق نحو عشرين فتاة من الفرنسيات، أعمارهن بين الثامنة عشرة والرابعة عشرة. . . أهذا هو الفن الرائع الذي تقدمه الدولة الإسلامية للمثقفين فيها وليكون مدرسة يقيد منها الفن في مصر؟!

ثم ما هو الجمهور الذي يستفيد من هذا التمثيل؟ انه يتكون من صنفين: الأول الأجانب، والثاني الأغنياء الذين يتخذون من مشاهدة هذه الحفلات مجالا للأرستقراطية المزهوة. . . ومعرضا لثمين الفراء ونادر الجواهر.

على أنه إذا فرضنا أن لهذا التمثيل الغربي فائدة تثقيفية فنية فان هذه الفائدة لن تكون إلا كمالي، ونحن أحوج إلى العناية التي تبذل لها في تدعيم الضروري من فن التمثيل المسرحي الذي يكاد يختنق في بلادنا، لأن حياة المسرح المصري أساس لتقدمه فكيف نعمل على تقدمه وهو يحتضر!

لقد كانت فرقة واحدة تكفي 0إن كان لا بد من النماذج الغربية - للعمل شهرا واحدا. ثم تمكن الفرق المصرية من أن نأخذ نصيبها من مسرح الدولة ومن تشجيع الدولة.

وبعد فإلى متى تظل دار الأوبرا مستعمرة للفرق الأجنبية؟ ومتى نضع حدا للاستكثار من الخير للأجانب والمترفين؟

(العباسي)

حول رسائل الصاحب بن عبار:

هذه كلمة اكتبها مضطرا تعليقا على مقال نشره بالرسالة الغراء في عددها 759 الأستاذ محمد خليفة التونسي فقد كتب يصحح نصا ورد في الرسائل كما كتب يصحح فكرة اتصلت باعتزال الصاحب.

ولو أنه كان يصحح نصا حقا واردا في الرسائل أو يصحح فكرة جاءت حقا في مقدمتها ما كتبت هذه الكلمة إذ من حق كل قارئ على ناشر لكتاب قديم أن يراجعه في صحة بعض الألفاظ التي نشرها كما أن من حقه أن يراجعه في صحة بعض أفكاره التي يقدم بها هذا الكتاب.

وهنا يظهر التناقض، فالأستاذ يصحح نصا في الرسائل وليس في الرسائل، أو قل بعبارة اصح انه يصحح لفظه جاءت في إحدى عبارات الرسائل وليست في الرسائل، وكذلك هو يصحح فكرة نسبها الدكتور الأهواني إلى مقدمة الرسائل أو بعبارة اصح إلى المدخل الذي وضع بين يديها، وليست في المدخل.

أما اللفظة التي صححها الأستاذ التونيسي فقد سيقت فيما رواه الدكتور الأهواني من قول الصاحب: (وما في النعم اجل موقعا واهنا مشرعا، من النعمة في القول بالحق والدعاء إليه، والتدين به والبعث عليه، ومهانة من شبة حسن نظره وطوله) فقد تصادف أن كلمة جهله اصابها خطا مطبعي فكتبت في مقال الدكتور الأهواني هكذا: (جهده) وحينئذ رأينا الأستاذ التونسي يفترض لها فرضين، فهي في رأيه أما أن تكون حقه أو جهله، ورجع أن يكون اصلها (حقه) كما رجح أن تكوم كلمة (فتتابع) ليست كذلك وإنما هي (فتتابع) وأظنه يرى الآن انه ليس هناك داع لكلمة حقه ولا لكلمة تتابع ولو رجع إلى الرسائل نفسها في تحقيق هذه العبارة لكان في غنى عن كل ما أورده في هذا الباب.

والمسألة الثانية التي حاول أن يصححها هي ما جاء على لسان الدكتور الأهواني في مقاله عن اعتزال الصاحب إذ قال: (نستطيع أن نطمئن إلى ما ذكره ياقوت عن عزام بك والدكتور ضيف لا يطمئنان إلى أن الاعتزال (أكان هذا من عمله هو أم من عمل الدولة، فقد كان عضد الدولة يذهب - فيما يظهر - إلى الاعتزال (وأخر كلام الدكتور الأهواني يوهم حقا أن نظن أن اعتزال الصاحب يرجع إلى اعتزال سيده).

ومن هنا ذهب الأستاذ الفاضل التونسي يتحدث تحت تأثير هذا الوهم عن اعتزال الصاحب ولماذا نربطه باعتزال سيده، ثم استطرد يتحدث عن صلة البويهيين بالاعتزال، وهو يشكر على ما بذل في ذلك من جهد لكنا كنا نؤثر أن يعود إلى مقدمتنا للرسائل اذن لعرف انه كان في غنى أيضاً عن كل ما ساقه في هذا الباب.

وقد تكون العهدة في ذلك على الدكتور الأهواني الذي كتب المقال الأول، ولكن ذلك لا يعفي الأستاذ التونسي من حقنا عليه وهو أن يحاسبنا على ما نكتبه لا على ما يكتبه غيرنا وإن بدا انه ينقل عنا. والمسألة - يا سيدي - لم تكن مسألة اعتزال الصاحب إنما كانت مسألة دعوة الصاحب إلى الاعتزال، فقد رأيناه في الرسائل يدعو الناس إلى الاعتزال ولم نره يدعو إلى التشيع، ومعروف أن البويهسسن كانوا متشيعين وكذلك كان الصاحب متشيعا، والمعقول أن نجده يدعو إلى التشيع لا إلى الاعتزال، وقد جعلنا ذلك نبحث عن صلة البويهيين بالاعتزال نوخاصة عضد الدولة التي توجت الوسائل غالبا باسمه، ووجدنا آدم ميتز يقول أن عضد الدولة كان يعمل على مذهب المعتزلة (راجع الحضارة الإسلامية لآدم ميتز بل رجعنا إلى الأصل الذي أشار اليه، وهو كتاب احسن التقاسيم في معرفة الإقليم للمقدس ص439 ووجدنا النص هناك مضطربا لذلك قيدنا فكرة اعتزال عضد الدولة وقلنا فيما يظهر، وأيضاً فأننا حاولنا أن نربط بين دعوة الصاحب إلى الاعتزال وبين عضد الدولة فربما كان هو الذي دفعه إلى ذلك ونحن نورد ما جاء بمدخل الرسائل في هذه المسالة، جاء:

(وليس في الرسائل ما يدل أي دلالة على أن دولة بني بويه كانت تدعو إلى التشيع. . ونحن نجد في الرسائل نزعة واضحة إلى القول بالاعتزال والدعوة اليه، فقد جاء في الرسالة التاسعة من الباب العاشر (مولاي يتدين بتعديل ربه، ويعرف مواعق اللطف من صنعه ولا يشك في اقتران الصلاح بفعله) وتتكرر فكرة التعديل هذه في الرسائل كثيرا، والغريب أن الصاحب لا يدعو إلى التشيع في رسائله ويدعو إلى الاعتزال! وهناك رسالتان طريفتان في الباب السابع عشر وهما نصان صريحان في انه كان يبعث دعاة له إلى البلدان المختلفة يدعون الناس إلى الدخول في مذهب المتعزلة، ولسنا ندري أكان هذا من عمله هو ام كان عمل الدولة، فقد كان عضد الدولة يذهب - فيما يظهر - إلى الاعتزال، ويعرف التاريخ صلة دائمة بين التشيع والاعتزال منذ كانا. ويظهر أن التشيع اقترن في هذا العصر اقترانا تاما بالاعتزال إذ كان أهل السنة يكرهون التشيع والاعتزال جميعاً).

وأظن قد اتضح الآن أننا لم نرجع اعتزال الصاحب إلى سيده عضد الدولة أننا كنا بصدد مسالة اخرى هي مسالة دعوة الصاحب إلى الاعتزال دعوة رسمية وهل كانت من عمله أو بتفويض من سادته واكبر الظن أن السؤال لا يزال مفتوحا للإجابة عليه وإن كنا نميل - كما يبدو من كلامنا - إلى أنه كان بتفويض من سادته.

أما الصلة التي عرض لها الأستاذ الفاضل بين البويهيين والاعتزال فلعله يوافقه على انه كان متسرعا في تفصيل الحديث عنها وأنها في حاجة إلى بحث عميق واسع، وهو بحث يعتبر جزاء من بحث اكبر وهو بحث الصلة بين المعتزلة والشيعة وخاصة في القرن الرابع قرن الصاحب بن عباد.

وبعد فإني أنتهز هذه الفرصة لتحية أخي الأستاذ التونسي مقدرا ما دعاه إلى كتابة مقاله من محبة البحث واستيفائه، وانه ليشكر على أن أتاح لي هذه الفرصة لأصحح بعض ما جاء في مقال صديقي الدكتور الاهواني وإن له الآخر مني اجمل الشكر والثناء. . .

شوقي ضيف تصحيح نسبة كتاب:

في الجزء الثاني من كتاب (المفصل في تاريخ الأدب العربي) ترجمة للأمام ابن تيمية.

وقد عادني ما فيها من المبالغة لقراءة الترجمة مرات فكنت اقف في كل مرة عند قول المؤلفين (وبلغت مصنفاته مجلد) قائلا فيمه؟ حتى لفت نظري قولهم (أكثرها في التفسير والفقه والأصول).

لفت نظري ذلك لأن الذي كان معروفا بالفقة والأصول والتفسير انما هو ابن تيمية الجد لا الحفيد وهو المترجم. وما أن تأملت قول المؤلفين (واشهر هذه الكتب منتفي الأخبار!! وفتاوي ابن تيمية الخ حتى آمنت بان هناك خلطا نشا من عدم التفرقة بين الجد الذي هو صاحب (منتفي الأخبار) قطعا وبين الحفيد وهو المترجم.

وإني لأسال عن تلك المصنافات التي ذكروها في التفسير والفقه والأصول. اهي للحفيد حقا كما زعموا أم هي للجد ولكنها نسبت إليه كما كتاب منتقى الأخبار؟

فهل من محقق يزيل هذا الشك؟

محمد الأمين

جوائز فاروق الأول للصحافة الشرقية:

(مؤسسة ادجار جلاد بك)

تذكر إدارة جريدتي الزمان والجونال ديجبت حضرات الصحفيين بقرب حلول موعد الجوائز التي تمنحها (مؤسسة ادجار جلاد بك لجوائز فاروق الأول للصحافة الشرقية) في 11 فبراير من كل عام بمناسبة عيد ميلاد حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم فاروق الأول للصحفيين في مصر والبلاد الشرقية الذين يتفرقون في مهنتهم ولا تزيد سنهم على الثلاثين سنة. وستمنح هذه الجوائز حسب النظام ألان.

100 جنيه للصحفي الذي يكون قد كتب احسن مقال باللغة العربية في موضع وطني.

100 جنيه للصحفي الذي يكون قد قام بأوفى تحقيق صحفي في موضوع عام ونشر باللغة العربية.

100 جنيه للصحفي الشرقي الذي يكون قد كتب احسن مقال بلغة أجنبية (الإنجليزية أو الفرنسية) في موضوع شرقي.

ويجب أن تكون هذه المقالات قد نشرت في المدة من 11 فبراير سنة 1947 إلى 15 يناير سنة 1948.

ويرسل من المقال المقدم للمباراة ثلاث نسخ إلى إدارة جريدتي الزمان والجورنال ديجبت بالقاهرة وستحكم في هذه المباراة لجنة من كبار الصحفيين وتعلن النتيجة في 11 فبراير سنة 1948. يوم عيد ميلادها حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم فاروق الأول.

المجمع العلمي العراقي الجديد:

أنشئ في العراق هذه الأيام مجمع علمي لخدمة اللغة العربية والنهضة الأدبية على مثال المجمع العلمي العربي في الشام.

وتكون أعضاؤه بمقتضى قانون المجمع من اربعة مؤسسين عينتهم وزارة المعارف هم الشيخ محمد رضا الشبيبي والدكتور فاضل الجمالي، وزير الخارجية العراقية السابق، والدكتور متى عقداوي مدير التعليم العالي في وزارة المعارف، والدكتور هاشم الوتري عميد كلية الطب البغدادية وانتخب الأربعة السيد توفيق وهبي وزير المعارف والأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق والدكتور شريف عسيران والأستاذ نصرت الفارسي.

وقد اجتمع العشرة لانتخاب مجلس إدارة المجمع ففاز الشيخ رضا الشبيبي بالرياسة (وهو المنتخب حديثا عضوا في مجمع فؤاد اللغوي بمصر) وتوفيق وهبي والدكتور الوتري نائبي رئيس والدكتور جواد علي سكرتيرا.