الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 753/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة/العدد 753/الأدب والفن في أسبوع

بتاريخ: 08 - 12 - 1947


ملء كرسيين في المجمع اللغوي

كان يوم الاثنين موعد الجلسة التي عينها مجمع فؤاد الأول للغة العربية لانتخاب عضوين يشغل بهما كرسيين من الأربعة الخالية به، وقد أسفرت عملية الانتخاب عن فوز معالي الأستاذ علي عبد الرازق وزير الأوقاف والأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني. وقد جرى الانتخاب بين الذين رشحهم أعضاء المجمع في جلسة سابقة والمرشح هو من يزكيه عضوان مع بيان مؤهلاته، وكان قد رشح ثمانية هم: الأستاذ علي عبد الرازق والأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني والأستاذ أحمد حسن الزيات ومحمد العشماوي باشا والأستاذ إبراهيم مصطفى والأستاذ محمد على مصطفى والدكتور رمسيس جرجس والشيخ عبد السلام القباني. وكان الأستاذ الزيات تالياً في عدد الأصوات للأستاذ المازني.

وقد عرفت مما سبق أن الكراسي الخالية بالمجمع أربعة: ثلاثة منها خلت بوفاة أعضاء مصريين، وواحد خلا بوفاة عضو عراقي. وقد رأى المجمع الاقتصار الآن على شغل كرسيين بمصريين، على أثر رغبة أبديت في زيادة عدد الأعضاء الأجانب وهم الآن ثمانية وقانون المجمع يفسح لهم المدى إلى عشرة، على أن المجمع لم يتقيد بعد بشيء في هذا الصدد وليس في القانون ما يقيده.

وبعد فليت مجمعنا الموقر يُشغل الناس بإنتاجه كما يشغلهم باختيار أعضائه وعقد جلساته وتأليف لجانه.

الثقافات العالية بالبلاد العربية

ألقى الأستاذ فريد أبو حديد بك محاضرة بنادي الخريجين المصري عنوانها (على هامش المؤتمر الثقافي) فبين أهمية المؤتمر الذي عقد بلبنان في الصيف الماضي، من حيث أثره في التقريب بين وجهات النظر العربية وما أسفر عنه من نجاح في هذا وفي الموضوع الذي انعقد من أجله المؤتمر وهو وضع قدر ثقافي مشترك لطلبة التعليم إلا ابتدائي والثانوي في جميع البلاد العربية. ثم قال إن ثمة أمراً هاماً يجب أن تلتفت إليه الجامعة العربية وتوليه عنايتها، وهو رفع مستوى الثقافات العالية بالبلاد العربية حتى تساير في ذل كبريات الأمم وتشارك في الحضارة العالمية مع هيئات العالم الثقافية التي اتجهت أخيراً إلى التقارب والتعاون بين جميع الأمم في العلوم والفنون والآداب، والتي تنظم جهودها مؤسسة التربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة.

وقال الأستاذ فريد بك إن رفع مستوى التعليم لإيجاد علماء وفنيين ممتازين ضروري لترقية المجتمع ورفع مستوى المعيشة والكرامة الإنسانية، لأن هؤلاء الممتازين في العلوم والفنون المختلفة سيعكفون على الأبحاث ويضعون المشروعات التي تؤدي إلى استنباط موارد جديدة للثروة وإلى التقدم في ميادين الصناعة والزراعة.

أما قصر الاهتمام على نشر التعليم فإنه يؤدي إلى نتيجتين سيئتين: الأولى أن الذين يتعلمون ولا يجدون العيش اللائق بهم يلجئون إلى الانحراف والثورات. والنتيجة الثانية أن المتعلم الذي يخرج إلى بيئة منحطة المستوى لا يلبث أن يندمج فيها ويفند ما ناله من التعليم.

وقد أفاض الأستاذ في شرح هذه الفكرة وضرب الأمثلة لها. ومما قاله ان الحضارة الحديثة إنما قامت في الأمم الغربية على التخصص والتبحر، أما نشر التعليم بين أفراد الشعوب فقد تلا ذلك بعد أن اتجهت الرغبات إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتهيئة الفرص للجميع.

مؤسسة دولية للآداب

من أنباء مؤسسة التربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة - أن لجنة البرنامج والميزانية بها أوصت مؤتمر المؤسسة العام بإنشاء مؤسسة دولية للآداب، لتوطيد التفاهم بين الشعوب بفضل تبادل مؤلفات كبار أدبائها في نطاق واسع.

وهذه أنباء نرددها، ولا ندري أتستمر هذه المؤسسات وتتحقق أهدافها حتى يجني العالم ثمراتها أم ستقضي عليها قوى الشر المتغلغلة في دول الغرب والتي بدت أخيراً نواجذها البشعة الكريهة لمحاولة قضم فلسطين.

لم هذا؟

كتب الأستاذ إبراهيم الابياري في مجلة الثقافي كلمة بعنوان (أحمد الزين - كلمة رثاء ووفاء) بدأها هكذا: (أليلت أزغ بلبالة صدرت بها فما أنجحت حتى أصبحت. فأممت أم دار الكتب ألتمس فرجاً في عملة، وأنساً بين زملة. فما وطئت أسكفة الباب حتى يدرني البائب ينعى إلى (أحمد) وما أحمد. هذا حميم أحم الله حمته فقضى، وخليل أخل لخه ومضى؛ شكا إلى الطب داءه فما أشكاه، واستأنى الأجل أجل صغير يرعاه فما آناه).

وأنا أعرف الأستاذ الأبياري رجلا دمثاً وديعاً موطأ الأكناف، فعجبت كيف عمل هذه (العملة) ولم عنى نفسه بهذا العناء؟ لم لم يقل: أتى على الليل وأنا أدافع هماً لزمني حتى الصباح، بدل (أليلتُ أزع بلبالة صدرت بها فما أنجحت حتى أصبحت) وماذا جرى للبواب حتى صار (البائب)؟ أمن الوفاء يا سيد إبراهيم أن ترثي صديقنا الراحل بمثل هذا؟ وماذا جنى حتى تحصبه بمثل (هذا حميم أحم الله حمته) أو بكلمة (بقواك) في قولك (وإما الإشفاق علي بقواك فما أعوزنا معه إلى ذي حول يعين بقول) أو هذا جزاء الصديق من الصديق؟!

أذكر أنني سمعت ثناء من فقيدنا الشاعر على الأستاذ الأبياري لنبالته وسهولة خلقه، فقد زامله في إخراج بعض الكتب، ولكنه لم يكن يدري أنه سيرثيه بـ (أليلت. . الخ) وفي (الثقافة) مجلة الأصدقاء!

وبعد فما غاية هذا (التفاصح) أيريد الكاتب أن يعبر عن أساه ولوعته أم يريد أن يظهر اقتداره على التشدق بالغريب؟ أما الثانية فله أن يحمد الله على نجاحه فيها وإن كان هذا النجاح لا يهم أحداً غيره. . وأما الأولى فليس سبيلها الجهد في تأليف الغريب وتكوين تلك التراكيب التي تصرف القارئ عن مضمونها إلى غرابتها والاستغراق في العجب من معاناتها، كما صرفت الكاتب من قبل عن الموضوع إلى هذه المعاناة. . ورحم الله الزين.

الأناشيد أيضاً:

كتبت في الأسبوع الماضي كلمة عن (الأناشيد) بينت فيها ضعف ما لدينا منها وعدم وفائه بالغرض المنشود، وأشرت إلى حاجتنا في الظرف الحاضر إلى نشيد قومي نابض بالحياة يردده الجميع. . وأذكر اليوم أن الأستاذ محمد عبد الوهاب كان قد كتب في (المصري) ينعي على الشعراء قصورهم في وضع الأناشيد القوية بمعانيها وحسن تعبيرها، وفي يوم الاثنين نشرت (المصري) ردوداً لجماعة من شعرائنا على عبد الوهاب.

قال الأستاذ علي محمود طه بعد أن أبدى موافقته لعبد الوهاب في نقد الشعراء: (ورأي الأستاذ في التأليف الشعري صائب وجميل، ولكنه ينصب في كل ألفاظه ومعانيه على التأليف الموسيقي، ويتهم صاحبه بألف دليل ودليل على أن موسيقانا في أغانينا أو أناشيدنا