مجلة الرسالة/العدد 746/فلسطين رمز جهاد العرب
→ صور | مجلة الرسالة - العدد 746 فلسطين رمز جهاد العرب [[مؤلف:|]] |
ديوان شعر ← |
بتاريخ: 20 - 10 - 1947 |
للأستاذ إبراهيم الوائلي
فلسطين لا زعزعتك الخطوب ... ولا أرهقتك ثقال النوب
ولا أوهنتك عوادي الزمان ... إذا ما دجا أفقها واضطرب
ولا فل عزمك طول الكفاح ... فانك رمز جهاد العرب
وقفت ومثلك لا يستكين ... مناضلة حين جد الطلب
وأزمعت ألا تري غاصباً ... يجوس لديك خلال الرحب
ولا طامعاً أشعبي الرجاء ... يظن بأن سينال الأرب
وكيف يكون - وفيك الأسود ... غضاباً وواديك واد أشب
وخلفك جيش يخوض الدماء ... ويسبح في موجها المصطخب
ودنيا سواء لديها النسيم ... ندى الذيول، وحر اللهب
فلسطين ما كنت مأوى الدخيل ... ولا طعمة الشره المغتصب!
ولست ملاذ الشريد الذليل ... ولا مسرح اللاجئ المغترب!
غزاك من النفر الصاغرين ... طريدون لم يجدوا مضطرب
عصائب قد أمنعوا بالنفاق ... ونفث السموم وبث الريب
أرادوك ملجأ شذاذهم ... على غير ما صلة أو سبب
فلسطين أين دماء الشباب ... تذوب على سفحك المختضب؟
وأين الرؤوس تقود الضال ... وتسحق من كبرياء الذنب؟
ومالك والدم يجرى بها ... سجل يفاخر حتى الشهب
وتاريخك الناصع المستفيض ... يطاول من قال أو من كتب
طويت السنين ثقال الخطى ... وما كان حضك غير الوصب
وقمت بما يقتضيه الفخار ... فإما الممات وإما الغلب
وما قدر حي يحب البقاء ... ودنياه حافلة بالسغب
فلسطين يا صرخة الثائرين ... على الظلم حين طغى واستتب
ويا غضبة رددتها العصور ... لتعلم صهيون كيف الغض حملت اللواء على منكبيك ... خضيباً وقلت: حذار الهرب
وكنت الدؤوب وهل فائز ... بنيل الحقوق سوى من دأب
جهادك لحن بثغر الخلود ... يرن صداه وراء الحقب
ودنياك محمرة الجانبين ... من الدم كالشفق الملتهب
فلسطين جرحك ملء القلوب ... وذكراك ماثلة عن كثب
فزعن لصوتك إذ تصرخين ... وما هان أن تتعالى الندب
فنحن سواء بحمل الخطوب ... ويجمعنا حولهن النسب. . .
جراح ولكنها في الصميم ... وداء ولكنه في العصب
فساس على غير ما نبتغي ... وندعو ولكن بمن لم يجب
ونزجي العتاب وهل نافع ... مع المستبد سلاح العتب؟
وكم ذا تعللنا بالوفاء ... عهود مبطنة بالكذب؟
فشأن السياسة نهب الشعوب ... ونفي الجريمة عمن نهب
يقولون: في الكون حرية ... وفجر تألق خلف الحجب!
وحرب أثيرت لنشر السلام ... وذاك هو الأمل المرتقب
وما السلم إلا خيال يطوف ... وحلم تباعد ثم اقترب. . .
وقد سخروا الذر حتى استجاب ... وذل لهم كلما قد صعب
ولو صدقوا بالذي يدعون ... لما بقيت جذوة في الحطب!
أفيقوا دعاة الخصام البغيض ... ولا تبعثوا كامنات الريب
فللعرب موطن آبائهم ... وللسامريين عجل الذهب