مجلة الرسالة/العدد 732/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 732 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 14 - 07 - 1947 |
الفروسية:
قال الإمام شمس الدين أبو عبد الله المعروف بابن القيم (إمام الجوزية) في كتابه (الفروسية):
الفروسية أربعة أنواع:
أحدها ركوب الخيل والكر والفر بها. الثاني الرمي بالقوس. الثالث المطاعنة بالرمح. الرابع المداورة بالسيوف.
فمن استكملها استكمل الفروسية. ولم تجتمع هذه الأربعة على الكمال إلا لغزاة الإسلام وفوارس الدين وهم الصحابة (رض) وانضاف إلى فروسيتهم الخليلية فروسية الإيمان واليقين والتنافس في الشهادة وبذل نفوسهم في محبة الله ومرضاته، فلم تقم لهم أمة من الأمم البتة، ولا حاربوا أمة إلا قهروها وأذلوها وأخذوا بنواصيها، فلما ضعفت هذه الأسباب في من بعدهم لتفرقها فيهم وعدم اجتماعها دخل عليهم من الوهن والضعف بحسب ما عدموه من هذه الأسباب، والله المستعان!
قلت: لكل وقت سلاح و (السلاح ثم الكفاح) ولكل وقت فروسية حاشى فروسية اليقين والإيمان فإنها لكل زمان، والمدرسة العظمى (الجامعة الكبرى) لهذه الفروسية وتحصيلها وحذقها إنما هي مدرسة (القرآن). وقد كان أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم (رحمه الله) يقول لقائده قتيبه بن مسلم:
(خذ أهل عسكرك بتلاوة القرآن، فأنه أمنع لهم من حصونك).
وكان التالون يفقهون ما يتلون، فيجسرون ويقدمون ذلك الإقدام، ونفر الجن وتهرب الغيلان من قدامهم.
ثم صرنا - نحن معشر الخلف الصالح - نتلو (الكتاب) كتلاوة صاحب النخعي.
(قال رجلا لإبراهيم النخعي: إني أختم القرآن كل ثلاث ليالي.
قال: ليتك تختمه كل ثلاثين وتدري أي شيء تقرأ. . .
يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، اقرءوا القرآن، افهموا القرآن فهما صحيحاً عربياً لكي تبلغوا السماء قوة وفروسية وسطوة وعزة وسلطاناً وهناءة وسعادة ومجداً (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)!!!
السهمي
إلى الأديب محمد الديب:
يا أخي. أنا لا أوجب على كل قارئ أن يكون عنده نسخة من كتاب (العواصم من القواصم) ولكن أوجب على كل قارئ للرسالة في مصر أن يكون عنده الداعي إلى البحث عن الرجل الذي جعله ينطق العربية، ويديه بالإسلام، وجعل بلده (بلد الأزهر) و (مقر جامعة الدول العربية)، وصاحبة اليومين الخالدين في إنقاذ الحضارة الإنسانية: (يوم عين جالوت) و (يوم المنصورة)، والذي لولاه لكانت مصر اليوم مثل إيطاليا أو اليونان، وأن يعرف هذا الرجل على حقيقته لا من كتاب العواصم والقواصم وحده، بل كل كتاب ذكر فيه ثم يوازن ويحقق ويميز الصحيح من الموضوع، وأن يؤلَّف عنه في مصر من الكتب بمقدار ما ألف عن شكسبير في إنكلترا، ونابليون في فرنسا، وإن لم يكن لهما في الدنيا درهم من كل قنطر من أثره الخيِّر فيها، وأن يكون (يوم الفتح)، أعظم عيد وطني في مصر بلا استثناء. . .
أما كتاب العواصم (وما فهي إلا صفحة عن عمرو، فيها
تحقيق خبر التحكيم)، فإنك حين تريد الاطلاع عليه حقيقة لا
تجد أسهل من الوصول إليه، لأنه مطبوع مملوءة بنسخه
المكتبات. والسلام عليك أيها الأخ ورحمه الله وبركاته. علي
الطنطاوي
إلى الأستاذ محمود عماد:
جاء في كلمة الأستاذ محمود عما في بريد الرسالة (730) قوله (وما الضمير الثاني إلا ضميراً قلقاً نابياً) على نصب (ضمير) وتأكيد النصب بالصفتين، مع أن الصواب الرفع لأن الاستثناء. يمنع عمل (ما). ولولا أن الأستاذ حريص على تصحيح كلام الناس ما صححت له هذه الكلمة. وعلها من سبق القلم. وله تحياتي.
(ع)
ما زال الضمير قلقا:
قلت في كلمتي (ضمير قلق) المنشور في العدد (730) من الرسالة الغراء، إن الضمير الثاني المضاف الذي نراه هذه الأيام في مثل قول القائل (هذه مسألة لها أهميتها) إنما هو ضمير قلق يفيد ملكية سبقه إليها الضمير المجرور باللام قبله. وقلت إني لم أر مثله في كلام عربي قديم، إلا أن يكون غيري قد رآه فيتفضل بالإرشاد.
وقد انبرى للإرشاد الأستاذ محمد غنيم فقال إن هذا الضمير مطمئن (له أهميته) واستشهد على اطمئنانه بالآية الكريمة (لكم دينكم ولي دين).
والذي رأيته بعد هذا الإرشاد أن الضمير ما زال قلقاً، ودليلي على قلقه قول الأستاذ نفسه، تفسيراً للآية (أي أن دينكم مختص بكم، لا يتعداكم إلى غيركم، ولي دين مختص بي لا يتخطاني إلى غيري).
فإن الاختصاص الذي أشار إليه الأستاذ في الآية غير ملحوظ في قول القائل (هذه مسألة لها أهميتها)، وإلا فهل هو يعني أن هذه المسألة مختصة وحدها بأهميتها، وأن أهميتها لا تتعداها إلى غيرها من المسائل، كما أن الكافرين مختصون وحدهم بدينهم، لا يتعداهم دينهم إلى الرسول الكريم؟ إن كان هذا ما عناه فما جدواه وقصاراه؟ إن عمل الضمير في الجملة غير عمله في الآية. فلم يقصد من الجملة إلا أن المسألة لها أهمية مطلقة، أي أنها مسألة مهمة فحسب، لا قصر أهميتها هي عليها، وعدم إشراك غيرها معها فيها، كما قصرت الآية دين الكافرين على الكافرين.
فالضمير العصري يفيد الملكية المكررة، وضمير الآية يفيد القصر بعد الملكية. ولهذا ما زال الضمير العصري قلقاً في رأيي، وما زالت أرجو التدليل على اطمئنانه وصحته بمثال آخر من القرآن الكريم، أو الكلام العربي القديم، على أن يكون المراد بالمثال (الوصف) الذي أريد وحده في الجمل العصرية، لا (القصر) الذي لا موضع له فيها على الإطلاق.
محمود عماد سؤال:
طالعت في عدد الرسالة الأخير ذلك البحث القيم للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد تحت عنوان (من تجارب المؤلفين) فرأيته قد جاء فيه بكلمة (الغيبورين) مرتين. فقال أولا: (إن الدكتور شبلي شميل قد استطاع أن يفعل ذلك لأن الغيورين على العلم والثقافة أعانوه على طبع المجموعة) وقال ثانياً: (ولكني أقول إن الأغنياء الغيورين على الثقافة يستطيعون أن يقيموا المكتبات العامة).
والذي تعلمناه أنه يشترط في الصفة التي تجمع هذا الجمع أن تكون مما لا يستوي فيه المذكر والمؤنث مثل جريح وصبور وغيور. فإنه يقال رجل جريح وامرأة جريح، ورجل صبور وامرأة صبور ورجل غيور وامرأة غيور. فهل عند الأستاذ الكبير وهو الحجة في الأدب غير هذا فنستفيده منه ونشكره عليه؟
(الزقازيق)
محمد عبد المقصود هيكل