مجلة الرسالة/العدد 729/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 729 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 23 - 06 - 1947 |
رحلة الدكتور عزام إلى الهند:
ابتداء من العدد المقبل سننشر المقال الأول من رحلة الهند للدكتور عبد الوهاب عزام بك، وهي مقالات تتسم بالبلاغة والجمال والسمو والصدق ككل ما يكتبه الأستاذ، فظلا عن ظهورها في الوقت الذي تنشأ فيه بالهند دولة الباكستان.
وأكثر الناس لا يعرفون من روح الهند وأسرارها ما يساعدهم على إدراك هذا النظام الجديد وتأثيره في مستقبل الإسلام وأهله.
أدباء العروبة في مجلس الشيوخ:
نشرت الصحف اليومية أن الشيخ المحترم (فريد أبو شادي) طلب إلى مجلس الشيوخ استجواب رئيس الوزراء عن التصرف الذي وقع لحساب جامعة أدباء العروبة.
وقد اشار الشيخ إلى هذه التصرفات في كتابه إلى رئيس مجلس الشيوخ (. . . من استغلال النفوذ وتسخير مواصلات الدولة، وإذاعتها لهذه الهيئة المسماة أدباء العروبة).
ولقد مر الناس على ذلك فكان مجال تعليق، وموضوع أحاديث. . . وإذا كان من حق الشيوخ والنواب مراقبة الحكومة فإن من حق الأمة مراقبة هؤلاء، ومناقدتهم أحياناً ومناقشتهم فيما يند عن المعقول من رقابة أداة الحكم في هذا البلد. وليس مما يدخل في نطاق المعقول، ولا مما يستساغ أن يؤخذ على الحكام استغلال نفوذهم في الصوالح العامة، وإنما يكون ذلك حيث يستغل الحاكم سلطانه في أموره الشخصية ومصلحته الفردية
وليس كثيراً على الأدب أن يتوكأ على نفوذ الدولة، وأن تسخر له مواصلاتها، وإذاعتها، ولعل الأقرب إلى الواقع أن نقول: أن الموصلات والإذاعة هما اللتان سخرتا الأدباء في هذه الحفول الأدبية.
ثم أن أدباء العروبة لم يمسوا ميزانية الإذاعة المحدودة، ولم ينالوا كثيراً من وقتها الثمين الذي تدبره الأقدار في مصر لإذاعة (من فوق لتحت) وأمثال هذه الأشياء الرخيصة المريضة التي تبهض ميزانية الإذاعة، وتستنفد وقتها.
أن نهوض الفن في الأمم يقترن عادة ببذل عظيم تقدمه الأمة راضية للفن، وفي التاريخ الأدبي قديمه وحديثه شواهد كثيرة تطالعك في عصور النهضات الأدبية بما كانت تصنعه الأمم للفنون حتى تأخذ سبيلها إلى الرقي، والحياة. هذا ما يقع في كل بلاد الله. . . أما في مصر فيستجوب شيوخها الحكومة عن التصرفات التي تقع لحساب الجوامع الأدبية
ولقد كنت أفهم أن يتكلم الناس في المادة الأدبية التي قدمتها هذه الجماعة من حيث هي فن. . . فأما الفكرة الجليلة التي يضطلع بها الرجل الجليل إبراهيم دسوقي أباظة فإن مكابرتها تعتبر غميزة لثقافة هذا البلد ووعيه وشعوره.
ولقد كنت أفهم أن يستجوب الشيوخ الحكومة على مدى مساعدتها لهذه الجماعات الأدبية، وعن الوسائل التي أعدتها الحكومة لضمان حياتها، فأما هذا الاستجواب فانه إن دل على شيء فإنما يدل على أننا لا نزال في حاجة إلى جهود كبيرة قبل أن نصل بالأدب في مصر إلى المكان اللائق به.
(طاهر محمد أبو فاشا)
أمانة النقل:
تحت هذا العنوان قرأت في مجلة الرسالة كلمة للأستاذ علي الطنطاوي عرض فيها لكتاب (عثمان بن عفان) وإني أستميح الأستاذ أن أقول له: إن أمانة النقل لم تفقد من الأزهر، وإن الأزهر لا يزال دارها ومستقرها، وإن أهله أهلها، يحرصون عليها، ويعرفون لها قدرها، لأن مؤلف كتاب (عثمان بن عفان) وهو من أبناء الأزهر، قرأ فيما قرأ كتاباً مطبوعاً ذائعاً بين الناس، وعلى طرته عنوانه (سيرة عمر بن الخطاب). . . تأليف الشيخ علي الطنطاوي، وأخيه ناجي الطنطاوي، ونقل منه إلى كتابه (عثمان بن عفان) في فصل تحقيق مقتل عمر ما رآه عاضداً لرأيه، مؤيداً لمذهبه، مصدراً نقله بقوله: (وقال الأستاذان الفاضلان صاحبا كتاب سيرة عمر في تعليقة فاحصة) وذلك بعيد قوله: (وإلى هذا ذهب كثير من المؤرخين القدامى والمحدثين) فأين وجد الأستاذ فقدان أمانة النقل من الأزهر؟ فهل يفهم قارئ كتاب (عثمان بن عفان) بعد هذا التصريح الصريح باسم الكتاب المنقول منه، ووصف صاحبيه بالفضل - وهما له أهل - ووصف الكلمة المنقولة بما ينبه على قدرها في موضوعها، هل يفهم ذلك القارئ من هذا الصنيع فقدان أمانة النقل من الأزهر؟
ولعل الأستاذ يقصد: أولاً - إلى اختصار أسم الكتاب من (سيرة عمر بن الخطاب) إلى (سيرة عمر) وهذا اختصار لا يرتفع إلى هذه الجفوة التي اختار لها الأستاذ عنوان كلمته، لأنه ليس في الإسلام إطلاقا (عمر) بالإطلاق، يولف كتاب في سيرته غير عمر بن الخطاب فاروق الإسلام.
ثانياً - إلى عدم ذكر اسم المؤلف، وأنا قد اكتفيت بالوصف المقرون باسم الكتاب، وهو معين عند القراء لصاحبه، ومبدد - في الأقل - لشبهة فقدان أمانة النقل.
أما أن الأستاذ وجد في فصل تحقيق مقتل عمر من كتاب (عثمان بن عفان) كلاماً أحس أن فيه رائحة كتابه ولا يجد الدليل عليه، فهذا هذا منذ عرف الناس العلم والبحث، ولا ينسى الأستاذ أن كتابه معقود في أصله على الأنقال التاريخية من مصادرها التي تتداولها الناس أو تحضنها المكتبات العامة والخاصة
وأما أن الأستاذ تألم لأن كثيرين، وفيهم من يعد من كبار المؤلفين، غصبوا من كتابه، وجعلوه نهباً مقسماً، وهذه جناية لم يشهدها الأزهر، بيد أن الأستاذ جعله سبابة المتندم.
هذا وإني لأشكر للأستاذ شهادته العظيمة لكتاب (عثمان بن عفان) حسبة لله والعلم.
صادق إبراهيم عرجون
مسابقة المجمع اللغوي:
قال الكاتب الجليل الأستاذ (الجاحظ) في تعقيباته البليغة على أحداث الأدب أن المجمع اللغوي لم يصب في اختيار موضوعي المسابقة الأدبية للعام المقبل. وهما (الحياة الأدبية في المدينة في عهد الأمويين، وكتابة بحث عن مهيار الديلمي) لأن هناك من الموضوعات القيمة ما هو أولى أن يكون ميداناً للمسابقة.
والأستاذ الجاحظ على حق في هذا القول. غير أني أؤثر أن لا يجيز مع المجمعاختيار موضوع بعينه للمسابقة، اياً كان شأنه. فإن في تحديد الموضوع حجراً على حرية الكتاب في تخير الموضوعات التي يحسنون الكتابة فيها.
وهذا الحجر يجعل المسابقة امتحاناً مدرسياً تختبر به معلومات التلامذة من طريق المقاطرة (الجاشني) لا كشفاً أدبياً عن مدى ما وصل إليه الكتاب في نواحي النبوغ المختلفة، حيث تتعدد وجوه الفائدة بتعدد وجوه البحث.
وإلا فأيهما أنفع للمجتمع، مائة كتاب تكتب في غرض واحد، أو مائة كتاب في مائة غرض من أغراض الأدب؟
لا شك في أن تحرر الكاتب في اختيار موضوعاته أضمن لأجادة الكتابة فيها. فلو أن كتاباً ككتاب (الله) مثلاً - وهو ما هو بين الكتب - اقترح موضوعه على مؤلفه الأستاذ (العقاد) - وهو من هو بين الكتاب - لما وصل به العقاد إلى هذه الغاية التي ليس بعدها غاية. وقس على ذلك سائر الكتب التي كتبها كاتبوها مختارين فوصلوا بها إلى حد التفوق
بل إني لا أجد المثل في نفسي وفي نفس المجمع اللغوي. فقد تفضل المجمع فمنح ديواني جائزة الشعر الأولى في هذا العام، وتفضل الأستاذ الجاحظ فعقب على هذه الجائزة بما أنا مدين له بالشكر عليه ولكني أشك كل الشك في إني كنت أظفر بهذه الجائزة لو أن المسابقة كانت قصيدة واحدة اقترح المجمع موضوعها على المتسابقين.
فقد يكون الموضوع غير حبيب إلى نفسه، فلا يسلس فيه شعري ولا يتفوق. فليت المجمع الموقر يطلق الكتابة في المسابقة من قيد الموضوع كما أطلق الشعر. ثم يستعرض كتب العام، والخمسة الأعوام فما رآه منها بالغاً حد التفوق أجاز كاتبه أو توجه مشكوراً
محمود عماد
مصر ملجأ الأحرار:
كان لهبوط البطل الأمير عبد الكريم الخطابي وادي النيل رنة فرح وسرور شملت البلاد كلها من أقصاها إلى أقصاها - وقد وجد في رحاب جلالة الفاروق كل عطف وتقدير، كل ذلك جعله يلهج بالثناء على مصر وأهلها.
ومصر الكريمة وعلى رأسها مليكها الشاب - وقد أعز الله الإسلام بها - ترحب بكل لاجئ عربي كريم ولو كره المشركون، حيا الله مصر ومليكها.
ذكرتني هذه المناسبة الكريمة بقصيدة مخمسة طويلة نشرتها مجلة المقتطف سنة 1906 لشاعر بغدادي لم يذكر بل رمز بأسمه إلى حرف ج. . . ويغلب على ظني - من أسلوبه السهل الممتع، إنها للشاعر العراقي المبدع جميل صدقي الزهاوي، تحت عنوان (أنت يا مصر ملجأ الأحرار) مطلعها:
إن سجع الحمام في الأسحار ... وهبوب النسيم بعد القطار
وبريق الندى على الأزهار ... وخرير الماء الزلال الجاري
موحيات إليّ بالأشعار
شاعر بالعراق ينظم شعرا ... فيرى دون نشر ما قال عسرا
فيهادى به على البعد مصرا ... حيث يلقى الشعر المهذب نشرا
إن مصراً ريحانة الأمصار
تبلغ النفس عند مصر مناها ... طيب الله بالسلام ثراها
بلدة صيب النجاح سقاها ... يجد الحر مأمناً في ذراها
أنت يا مصر ملجأ الأحرار
يا ربوع الهوى عليك السلام ... أنت للنفس مقصد ومرام
في حماك النزيل ليس يضام ... لأولي العلم في ذراك احترام
واعتبار في الجاه أي اعتبار
محمد منصور خضر
اسأل الرسالة:
نعم أسأل (الرسالة) السؤال الأخير حول (الهزج والوافر) فأقول: هل الوافر يلحق به من الزحاف المركب - صلح أم قبح - (النقص) وهو اجتماع العصب والكف أي إسكان اللام وحذف النون من مفاعلتن، أم لا؟
. . . لأن الجواب على هذا السؤال هو مدار البحث والجدل في أمر منصوص ومتوارد في كتب الأقدمين من العروضيين.
أنا لا انكر أن الوافر لا يلحق به الكف - في حالة الزحاف المفرد - كما تقول (الرسالة) وإنما أقول إن الوافر يلحق به من (الزحاف المركب) النقص وهو اجتماع العصب والكف وهو شرط أساسي فيه على المعاقبة. أما (الهزج) فأمره بسيط، إذ أن أهم ما يميزه عن الوافر هو (القبض) وهو حذف الياء من مفاعيلن أي الخامس الساكن، هذا إذا صرفنا النظر عن الكف
فأيما بيت رأيت فيه القبض فاحكم للتو بأنه من الهزج لا الوافر لأن القبض خاص به - ثم يبقى جواب الرسالة على السؤال لفض الإشكال وحسم الجدال. والسلام
عدنان أسعد (الزيتون)
(الرسالة) الكف لا يدخل مفاعلتن في الوافر لا مع العصب ولا بدونه. وإذا أجازه العروضيون قياساً فقد منعه الشعراء عملاً والشعر العربي كله جاهليه وإسلاميه بين يدي الأستاذ، فإن وجد شاهداً واحداً صحيحاً على وقوع (النقص) في الوافر تامة أو مجزوئة انحسم الجدل في الجواز والمنع؛ وبقي الكلام في الحسن والقبح.