مجلة الرسالة/العدد 719/البريد الأدبي
→ الآداب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 719 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 14 - 04 - 1947 |
نسبة عرب الشمال إلى إسماعيل:
إلى الأستاذ أحمد محمد شاكر:
تذكر التوراة في الإصحاحين: الرابع والعشرين، والخامس والعشرين من سفر التكوين إن (هاجر) حينما فرت بابنها إسماعيل من (سارة) زوجة إبراهيم لجأت إلى بادية بئر السبع، وإن الماء الذي سقت منه ابنها إسماعيل كان في مكان بلدة بئر السبع التي سميت بذلك الاسم منذ زمن بعيد، وإنها زوجت ابنها من فتاة مصرية.
والذي نؤمن به، نحن المسلمين، إنها قد هربت به إلى الحجاز وإن الله قد فجر له ينبوعاً، هو ماء زمزم في مكة إلى آخر ما ورد من تفصيل في سيرة أبن هشام وجه 122 إلى 130 من الطبعة المصرية التي نقحها الأستاذ العلامة محمد محي الدين عبد الحميد، وفسر غامضها، وأنه قد أصهر لقبيلة جرهم العظيمة.
والشيء المعقول، في صلة غريب عن طريق النسب، لقبيلة عظيمة أن يذوب نسب هذا الغريب الطارئ في أنساب القبيلة وأن يمحى اسمه من الوجود.
والشيء الذي لا يعقل، أن يقبل العرب وهم الحريصون على أنسابهم أن ينتسبوا إلى الرجل الذي لجأ إليهم وبسطوا عليه جناح الحماية والرعاية، فيقال عنهم إنهم من نسل إسماعيل. ولم تذكر السيرة أنا طاعوناً جارفاً قد فتك بالقبائل العربية التي كانت تملأ الجزيرة وأماتها عن بكرة أبيها وترك للحياة الذين قد انحدروا من صلب إسماعيل فقط، وإنما نذكر قبائل جرهم وبكر وخزاعة وغيرهم وغيرهم مما لا يقع تحت العد.
والذي يتراءى، أن المؤرخين الذين كتبوا في التاريخ العربي قد استلهموا ذلك من آي الذكر الحكيم التي أشارت إلى هذا الحادث، ولم يكن لديهم دليل مادي على صحة هذه النسبة.
وعلى ضوء هذه الحقيقة لا يمت اليهود للعرب بصلة من الصلات وليسوا أبناء عمومة، وكل ما في الأمر أن لغتهم مجاورة للغة العربية في محيط متماثل تأثرنا به في فترة من الزمان.
أرجو أن يتفضل الأستاذ العلامة الجليل فيفيد قراء الرسالة من علمه وأدبه بما يجلو الحقيقة.
علي محمد سرطاوي
الموسيقى القديمة والحديثة:
لم يكد يطلع القراء على المقال البليغ الذي دبجته براعة الكاتب المفن الأستاذ عبد المنعم خلاف حول المفاضلة ما بين الموسيقى القديمة والحديثة. وما تركته في نفسه تلك القصيدة الفذة (سلوا قلبي غداة سلا وتابا) للآنسة أم كلثوم من الأثر البالغ حتى تناقلت المقال الأيدي وتعاورته، وكان له الوقع الحسن لدى المنصرفين إلى هذه الصناعة من أعضاء الأندية الموسيقية في الشام، إذا عرفوا أن في مصر نقمة على الموسيقى الحديثة الرخيصة المبتذلة تحكي النقمة عليها في سائر أقطار العروبة، وعرفوا أن في مصر حنيناً إلى الموسيقى القديمة لما فيها من روح الطرب الصادقة والفن العربي السامي الذي يلذ المسامع ويستهوي الأفئدة، ويأخذ بمجامع القلوب.
لقد كان الأستاذ محقاً في طلبه من وزارة الشئون الاجتماعية، الإشراف على هذه الأنغام الباكية الحزينة ذات المعاني التافهة والألحان المريضة التي تميت القلب وتحمل إلى النفوس السآمة والضجر. . . إنه لطلب يشاركه فيه كل عربي سليم الذوق، وإن في هذا الإشراف وقاية للنشء الجديد الذي شب على سماعها وكادت تألفها أذنه، وإذا كنا ننتحل الأعذار للملحنين المصريين المتكسبين في تسجيل هذه الألحان على الشاشة البيضاء سعياً وراء نيل بلغة العيش، فلن نجد لهم عذراً في إماتة الفن القديم، والتخلف عن وضع ألحان مبتكرة تحكي ألحانه القوية الممتعة التي يستسيغها كل ذوق، وتهنأ بها كل نفس وتطرب لها كل أذن سليمة. . . أين وهن الأنغام المستحدثة من قوة الألحان القديمة التي كنا نسمعها من شيخ الفن وعمدته الأستاذ المرحوم الشيخ درويش، ومن زملائه الحمولي والمنيلاوي والشيخ سلامة ومحمد عثمان وداود حسني وسالم الكبير والسفطي وغيرهم من كبار المنشدين والملحنين؟
تلك أنغام قوة عذبة تبعث في النفوس القوة والنشوة والعزة القومية، وهذه ألحان تميت النفوس وتقتل المشاعر وتحمل إلى القلب الخمول. كانت النفحات الأولى تنبعث من حناجر أصحابها حلوة عذبة شجية ساحرة كأنها أنغام مزامير داود، فتملأ قلوب مستمعيها طرباً ونشوة، وتحمل إلى النفوس البائسة الراحة والسلوى والطمأنينة والهناء، ويقضون الليل كله في الإصغاء إليها والتملي من نشوتها، فغدت الأصوات اليوم تصدر من الحناجر الخشنة وتصيح بما يسمونه فناً ولو لم يحمل في ثناياه السحر والطرب.
إن البلاد العربية التي تصدر في موسيقاها عن الديار المصرية، ليعز عليها ويسوؤها أن يتردى الفن في مصر إلى هذا الدرك الذي يعلن عن نفسه بمظاهر التماوت والتخنث والضعف، وتود من صميم أفئدتها أن يلهم القائمون على هذا الفن في مصر، الرجوع به إلى القديم مع اقتباس النافع الجميل من الحديث، ذلك لأنا حديثنا اليوم قد غمر نفوسنا وكاد ينسينا قديمنا، فإذا لم توفق مصر، وهي زعيمة العروبة اليوم إلى هذا الذي نرجوه، فلن ترى في الجيل الجديد إلا مضيعاً للفن وأهله وإننا لنشاهد اليوم بوادر هذا التضييع منذ بدأنا نكلف آذاننا أن تستسيغ الأنغام الشعبية على ما بها من تبذل في المعاني وحطة في الفن هرباً بأنفسنا عن سماع المقطعات الحديثة الجافة. . .
ونحن لا نريد أن نشمل بحكمنا كل حديث، إذ لا نكران أن بعض الملحنين المعاصرين قد صدحت حناجرهم بألحان فيها فتنة القديم فأقبل الناس على تلقيها وتعلمها وذاعت على أفواههم وأجمع أفراد الشعب على استحسانها مثل أغنية (على بلدي المحبوب) وأغنية (ما أحلاها عيشة الفلاح) و (ليلة العيد) وغيرها من المقطعات ذات النغمة البياتية الساحرة وكان سرور الناس عظيماً بالألحان التي طلعت بها علينا حديثاً مطربة الشرق في فلم (سلامة) من تلحين الشيخ زكريا أحمد، وهذا يدل على أن بعض الملحنين العصريين بدأوا يعودون إلى القديم.
(دمشق)
حسني كنعان
مداعبة:
عندما أصف الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي بأنه من المحافظين أكون قد خففت كثيراً مما أسمعه من وصفه الذي يدل على (المغالاة في المحافظة).
هذا المسلم المحافظ لم يعجبه أن يبقى المسلمون بدون (وسكي) فسمى الشاي الأخضر (وسكي المسلمين) ولما قرأت هذا في الرسالة الغراء (العدد 717) قلت فوراً: حتى أنت يا أستاذ!! أتقولها وأنت الفقيه الذي قرأ قول الفقهاء: لو شرب الماء على هيئة ما تشرب الخمر كان شربه حراماً؟
صدق رسول الله: لتتبعن سنن من قبلكم. لم يكن للمسلمين وسكي فجعلت لهم الشاي الأخضر وسكي.
فلسطيني
في اللغة والعروض
1 - نبه الأستاذ (عدنان أسعد) في العدد 717 من الرسالة الغراء على خطأ (ترسى) في البيت:
وقلبي على نهر الحياة سفينة ... تميد على صم الصخور ولا ترسى
من قصيدة الشاعر (محمد علي مخلوف) ظناً منه أن الفعل من الثلاثي والصواب ضم أوله على أنه رباعي - ففي القاموس (رسا الشيء رسواً ورسوا ثبت كأرسى) ولشوقي بك.
نفسي مرجل وقلبي شراع ... بهما في الدموع سيري وأَرْسِى
فلا دخل للقافية ولا مخالفة لقواعد اللغة في بيت الشاعر (مخلوف).
2 - ونبه الناقد في العدد 713 من الرسالة على أن في قول الشاعر محمود رمزي نظيم.
واخترعوا فحيروا ألبابنا ... وملكوا بسعيهم زمامنا
كيف نقول لهم وما لنا ... إذا استغل علمهم خمولنا
تغيير التأسيس في الأشطر الثلاثة إلى الردف في الشطر الرابع وذلك ما نص العروضيون على خطئه، وفي نقده مجانبة للصواب علا ردف في الشطر الرابع أصلاً فإن الردف لا يفصل بينه وبين الروى. وما فيه هو (سناد التأسيس) ولم يتواضع العروضيون على خطئه بل نصوا على جوازه للمحدثين مع القبح والكراهة.
رياض عباس