الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 718/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 718/البريد الأدبي

بتاريخ: 07 - 04 - 1947


قلعة مصر القاهرة

أشكر للأستاذ محمد عبد الوهاب فايد اهتمامه وبحثه الأخير فقد اطلعت بعدد الرسالة على كلمته الشائقة بشان تحقيق الطباق بقلعة مصر القاهرة. وقوله (هذه الطباق كانت أكبر مدرسة حربية نعرفها في التاريخ وأقدمها، وقد تخرج منها آلاف من الضباط والقواد والأمراء بل الملوك، ولو جمعت أخبار هذه الجامعة الحربية لجاءت في كتاب حافل).

ولقد أردت بكلمتي في الأهرام أن أحقق غرضين: الأول إثارة البحث والاهتمام حول القلعة ومبانيها القديمة وأثرها في تاريخ مصر الإسلامي العربي. والثاني: تحقيق سم السلطان الغوري ونسبته الصحيح فقد رأينا بعض المؤرخين المتأخرين ينسبه إلى الغور بأفغانستان وهو يطلق على جبال وولاية بين هراة وغزنة كما ورد في معجم ياقوت.

أما الآن وقد انكشف فور القلعة، فيمكن التحقق من أصل هذه النسبة أو التأكد بنص تاريخي يثبت اتصال قانصوه الغوري بالغور في مستهل حياته.

ويهمنا جميعا الاهتمام بالقلعة ومبانيها وما تحويه من آثار لأنها في الواقع أكبر أثر قومي لمصر الإسلامية، ولذلك يتحتم علينا المحافظة عليها من عهد إنشائها إلى اليوم فلا يطغى عصر على عصر بل يحتفظ برونقها كاملا كما كانت في أبهى عصورها.

والذي أتمناه هو أن تسلم بأكملها إلى عهدة مصلحة الآثار الإسلامية وأن تتولاها بعنايتها بشرط أن توضع لها الوسائل الكافية حتى تتمكن من إعادة مبانيها وأبراجها إلى ما كانت عليه وأن تعيد أجزاء منها تمثل العهد الأيوبي. والعهود المملوكة ثم عصور آل عثمان والعهد العلوي.

لقد آلمني ما رأيت من قيام حائط مستحدث لم ير الموكلون بعمله سوى طفراء لأحد ملوك مصر القدماء لكي يقيموا حائطهم أمامه فأخفوا الكتابة وتكسرت أجزاء منها وهذا ما أخشى أن يتكرر.

إلا ترى وقد تعددت المعسكرات والمباني والثكنات أننا في حاجة إلى إخلاء القلعة من جنود الجيش وورش وزارة الدفاع حتى يخلو الجو لأهل البحث والعلم، وحتى ندرس برامج إعادة القلعة إلى سابق مجدها.

لقد رأيت قلعة مصر وقلعة دمشق وقلعة حلب وأرسلت كلمة تحت عنوان أمجاد ثلاثة للعروبة أدعو إلى إصلاحها كما فعل الفرنسيون بقلعة الحصن أي حصن الأكراد الواقع بأراضي سوريا.

أما قلعة مصر فقد كانت كرسي السلطنة في أزهى العصور حينما كانت مصر بحق حامية الإسلام وحينما كان الناس يقولون القلعة المحروسة وهذه القلعة ليست لمصر وحدها بل للإسلام وأمم العروبة التي شاركتنا في السباق أمجادنا وهي ليست للجيل الحاضر بل للأجيال القادمة.

وما يقال عنها يقال عن قلعة دمشق وقلعة حلب، ولقد عمل الفرنسيون عملا هائلا في قلعة بلادنا هي قلعة الحصن، وكان غرضهم أن يثبتوا الأصل الصليبي في مبانيها ولهم وجهة نظرهم، فهل تعجز الدول العربية أن تبرهن مرة واحدة على أنها أقدر من هؤلاء في إعادة الآثار الإسلامية إلى سابق عهدها؟ وتعمل عملا يشبه أو يقرب من عمل فرنسا؟

إننا لا نزال ننتظر ونؤمل! وأول عمل ننتظره هو إصلاح القلاع الثلاث، فهل يطول أملنا؟

أحمد رمزي

في تكريم الأستاذ خليل مطران بك:

شهدت حفل التكريم الذي أقيم للشاعر العظيم خليل مطران بدار الأوبرا الملكية في أمسية من أماسي هذا الأسبوع، وحين انشد الشعراء قصائدهم قلت: أين شاعر الشام فيشقشق هذه العشية بلسانه ويسحر تبيانه، وتلفت فلم أجد من صواب بلادي وجه شاعر وكانت تحتهم تهتز المنابر في مصر أيام الحفول السوالف في تكريم شوقي وحافظ، وتساءلت أين شفيق جبري الذي قراه المصريون ناثراً ولم يسمعوه إلى اليوم شاعراً، ورباع الشام طالعات بأزاهيره ودارات العراق عارفات بفيض خواطره، وأين فحل الشعراء محمد البرم فيرد بضفاف النيل لشعر العصر أبراد ماضيه القشيب في ديباجة جرير والأخطل، وما خبر النابغة الملهم عمر أبي ريشة الذي تردد شعره هواتف عبقر فيملك الألباب ويلعب بالشعور، وهل حالت الحوائل دون بدوى الجبل الذي سحر طه حسين في مهرجان المعري فقال له أدب العصر هذا سحر وليس بشعر.

بل أين شعراء الشباب وفيهم أمجد الطرابلسي الذي تطامن له الشعر على ريق العمر، وسليم الزركلي شاعر ميسلون بدماها وجلق ورباها، وأنور العطار وشعره المعطار، وجميل سلطان ذو الروعة والألحان، أين كل هؤلاء، أما كان في مكنة سوريا أن ترسل واحداً منهم لينشد قصيدة في تكريم شارع الأمة العربية؟ ومن سواهم أجدر بالإنشاد في حفلة إشادة يمجده، واعترافا بفضله ولقد شهدت الحفل الكريم خالياً من صوت المرأة التي تعتز بشاعرية الخليل وكان لها خير نصير، وقد شاء حفظه الله أن يشجعني بكلمة منه حين لقيني بباب الأوبرا تلك العشية فقال لي:

(. . . إنما أرجو من الله أن يفسح في أجلي حتى أشهد تكريمك وأقول فيه كلمتي) فجللني قوله بالخجل وكانت كلمته الكريمة باعثة لعبتي على لجنة الاحتفال التي نسيت المرأة في منهاجها الطويل.

فيا شاعري الذي أنبته مهد الشعر في فردوس لبنان زهرة إلهية، ليكون خير هدية لوادي النيل، اعترافا بالجميل، إنك خالد خلود الأهرام، ففي شعرك رواسم التجديد، وفي بيانك مياسم التخليد، لك تحياتي الطيبات.

(القاهرة)

وداد سكاكيني

أي القولين أصدق؟

احتفلت البلاد العربية بتكريم الشاعر خليل مطران بك وتسابق الشعراء والخطباء والكتاب إلى الإشادة بروائع شعره والتنويه بعظيم قدره.

ولقد كان من خير ما قيل في هذا التكريم تحية طيبة أرسلها الدكتور طه حسين بك على صفحات جريدة الأهرام خاطب فيها صديقه بقوله. (إنك لتعرف مكانك في قلبي ومنزلتك في نفسي وتعرف إعجابي تخلقك العظيم وإكباري لأدبك الرفيع وإعلاني في كل قطر زرته من أقطار الأرض في الشرق والغرب وإلى كل متحدث تحدثت إليه في الشعر من الشرقيين والغربيين أنك زعيم الشعر العربي المعاصر وأستاذ الشعراء العرب المعاصرين. لا يستثنى منهم أحد ولا يفرق منهم بين المقلدين والمجددين. وإنما أسميهم جميعا بأسمائهم غير متحفظ ولا متردد ولا ملجلج ولا مجمجم، وإنما هو اللفظ الصريح أرسله واضحا جليا لا التواء فيه ولا غموض علمت المقلدين كيف يرتقون بتقليدهم. . . وعلمت المجددين كيف ينزهون أنفسهم عن الغلو. . وعلمت أولئك وهؤلاء أن الفن حر. . . كريم. . . نشيط. . . أنت حميت حافظا من أن يسرف في المحافظة. . . . وحميت شوقي. . . من أن يسرف في التجديد. . وأنت رسمت للمعاصرين من الشعراء هذه الطريق الوسطى التي تمسك على الأدب العربي شخصيته الخالدة وتتيح له أن يسلك سبيله إلى الرقى والكمال، وقد حاولوا أن يتبعوك في هذه الطريق فطار بعضهم بجناح واستسلم بعضهم فأراح وأقمت أنت على قمة الشعر الحديث شيخا جليلا وقوراً. . . .).

هذا بعض ما قاله الدكتور طه حسين بك وهو صريح واضح في أن مطرانا هو زعيم الشعراء في العصر الحديث بلا استثناء وأنه أستاذهم جميعاً - حتى حافظ وشوقي -!

ولكنا قد سمعنا الدكتور طه حسين بك نفسه منذ ثلاث عشرة سنة يقف في حفل تكريم العقاد الذي أقيم في سنة 1934 ويقول: -

(إن العقاد هو الصورة الناطقة واللسان الخالد والمرآة الصافية المجلوة التي حفظت صورة مصر الناهضة وأبقتها ذخرا للأجيال القادمة. . . أنا سعيد جداً. . . في أن أعلن رأي في صراحة وأن أقول. . . إني لا أؤمن في هذا العصر الحديث بشاعر عربي كما أؤمن بالعقاد أنا أعرف حق المعرفة وأقدر كما ينبغي نتيجة هذه المقالة التي أعلنها سعيداً مغتبطاً، أعلم هذا حق العلم وأعلنه مقتنعا به محتملا تبعاته).

وإني (أؤمن به وحده. . . لأني أجد عند العقاد مالا أجده عند غيره من الشعراء. . . وأكبر العقاد وأؤمن به وحده دون غيره من الشعراء في هذا العصر. . لأنه يصور لي هذا المثل الأعلى في الشعر. . هذا المثل الأعلى الذي يجمع بين جمال الشعر العربي القديم وبين أمل المصري الحديث. . .).

وختم قوله الذي استغرق صفحتين من جريدة الجهاد بهذه الصيحة (ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء الشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لك صاحبه).

هتاف هو حكم الدكتور طه حسين بك - بالأمس - في زعامة الشعر في العصر الحديث، وذاك قضاؤه الذي قضى به اليوم نعرضهما أمام الأدباء جميعا ليروا رأيهم فيهما (المنصورة)

محمود أبو ريه

إلى الأستاذ محمود بك تيمور:

أنت تبكى آه ما أقسى الدموع ... حينما تنساب يا محمود منكا

لا تلم دمعي ففي جمر الضلوع ... قلبي الباكي أسى يسأل عنكا

كنت بالأمس تداري الحزنا ... في وليد راح في عمر الورد

وأراك اليوم تبكي شجنا ... روح إسماعيل في ساح الخلود

نحن نبكي من مضى. . . والدمع صدق ... أترى ننسى؟ وقد عز الفداء

أأعزيك؟ أجل فالموت حق ... ومصير الكون والدنيا فناء

عبد القادر محمود

مكتبة لوزارة العدل السورية:

رصدت وزارة العدل السورية مبلغا كبيرا من المال لشراء ماجد في مصر في هذه السنين من الكتب الشرعية والحقوقية والمالية وإمداد مكتبة الوزارة ومكتبات المحاكم بها وكلفت الأستاذ سامي بك العظيم مفتش العدلية العام الموجود في مصر الآن بالإشراف على انتقائها وشرائها.

كتاب (أبو هريرة)

نشرت مجلتكم الغراء (الرسالة) - في عددها 715 - كلمة للأستاذ الفاضل الشيخ عبد المتعال الصعيدي حول كتابي (أبو هريرة) فأبرأته مما نال مني ولم أتعقبه فيما أفرط من التمويه المغالطة.

ولكن البحث العلمي فرض على أن أمعن في قوله: (وقد ثبت أن هناك رواة يضعون الحديث على أبي هريرة ومنهم إسحاق بن نجيج الملطي وعثمان بن خالد العثماني وابنه محمد وهو الذي روى عن أبي هريرة أنه دخل على رقية بنت رسول الله امرأة عثمان بن عفان وبيدها مشط. فقالت: خرج رسول الله من عندي آنفاً رجلت شعره. فقال لي: كيف تجدين أبا عبد الله - يعني عثمان - قلت: بخير. قال أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا. (قال) وهذا حديث باطل لأن رقيه ماتت في غزوة بدر وأبو هريرة إنما أسلم بعد فتح خيبر (قال): فلنحمل هذا على أولئك الرواة ولا داعي إلى الطعن في أبي هريرة).

قلت: لا يمكن حمله على أولئك الرواة من وجهين.

1 - ثبوته عن أبي هريرة بالسند المتصل الصحيح وقد أخرجه وصححه الحافظ الكبير إمام المحدثين أبو عبد الله محمد ابن عبد الله الحاكم النيسابوري في كتاب معرفة الصحابة أثناء ذكر وفاة رقية ودفنها في ص48 الجزء 4 من المستدرك وأورده الذهبي في تلخصيه معترفا بصحة سنده وإنكار متنه.

2 - أمعنا في البحث عن سند هذا الحديث فلم نجد أحداً قبل اليوم زعم أنه يروى من طريق محمد بن عثمان بن خالد. وإنما روى بسندين لا ثالث لهما أوردها الحاكم وليس في واحد منهما إسحاق بن نجيح الملطي ولا عثمان بن خالد ولا ابنه محمد فكيف نحمله عليهم والحال هذه يا منصفون؟!.

وليت الشيخ يدلنا على مأخذه فيما حمله على محمد بن عثمان بن خالد العثماني إذ قال: وهو الذي روى عن أبي هريرة أنه دخل على رقية وبيدها مشط الخ، ومتى فعله كنا له شاكرين وسدد الله من أمعن نقد كتابي بنصح فنبهني إلى أخطائي محرراً للحق مجرداً من سواه.

(صور - لبنان)

عبد الحسين شرف الدين