الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 715/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 715/الكتب

بتاريخ: 17 - 03 - 1947


أبو هريرة

(تأليف الأستاذ عبد الحسين الموسوي العاملي)

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

اسم كتاب ألفه الأستاذ الفاضل عبد الحسين الموسوي العاملي، وهو من الشيعة المقيمين بالشام، وقد أراد أن يدرس أبا هريرة درساً علمياً بريئاً من التعصب المذهبي، ولكنه لم يكد يفتتح كتابه حتى وقع فيما فر منه، وابتدأه من أول صفحة كتاباً لا ينظر إلى أبي هريرة في ذاته، وإنما ينظر إليه كشخص يقدسه أهل السنة المخالفون له في الغلو في التشيع، لأنا معشر أهل السنة نتشيع لعلي وأهل بيته رضي الله عنهم، ونسلك في ذلك مذهباً وسطاً بين المغالين في التشيع لهم، والذين يكرهونهم من الخوارج ونحوهم، وقد قال علي رضي الله عنه: خير هذه الأمة النمط الأوسط، يلحق بهم التالي، ويرجع إليهم الغالي.

فقد ذكر المؤلف أن الذي أوقع أهل السنة في الرضا عن أبي هريرة إنما هو مذهبهم في تعديل كل صحابي، واعتقاد أن الصحبة عصمة لا يمس صاحبها بحرج وإن فعل ما فعل، ثم ذكر أن الصحبة فضيلة جليلة ولكنها غير عاصمة، وأن الصحابة كان فيهم العدول والأولياء والأصفياء والصديقون، وكان فيهم مجهول الحال، وكان فيهم المنافقون من أهل الجرائم والعظائم، كما قال تعالى (ومن أهل المدينة مَرَدوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) فعدولهم حجة، ومجهول الحال نتبين أمره، وأهل الجرائم لا وزن لهم ولا لحديثهم، وقد درس المؤلف أبا هريرة على هذا الأساس ليثبت أنه كان منافقاً كذاباً مجرماً، فيكون عنده من الفريق الثالث الذي عده من الصحابة، ولا يكون هناك وزن له ولا لحديثه.

ونحن معشر أهل السنة لا نعتقد أن الصحبة عصمة، لأنه لا عصمة عندنا إلا مع وحي ونبوة، والشيعة هم الذين يقولون بوجود العصمة بعد النبوة، فالمؤلف فيما رمانا به من هذا على حد قولهم في أمثالهم: رمتني بدائها وانسلّت.

فالصحابة عندنا رجال كسائر الرجال، يصيبون كما يصيبون، ويخطئون كما يخطئون، ولهذا كان مذهب الصحابي ليس حجة عند جمهور أهل السنة، وكان الشافعي فيما أظن إذ خالف مذهبه مذهب الصحابي يقول: هم رجال ونحن رجال

فالصحابي قد يخطئ في رأيه، وقد يخونه سمعه فيخطئ فيما يرويه عن النبي ﷺ، وأهل السنة يجيزون تخطئة الصحابي فيما يقع فيه من الخطأ، لا فرق في ذلك بين أبي هريرة وغيره من أصحاب النبي ﷺ، ولكنهم لا يجيزون تجاوز ذلك إلى الطعن في دينهم، ورميهم بما رمى به المؤلف أبا هريرة من أنه كان منافقاً مجرماً كذاباً، لأن النبي ﷺ مات وهو راض عن أصحابه، ونحن نكرمه برضانا عمن رضي عنه، وبالتأدب في حقه وعدم الطعن عليه في دينه، وقد كان أبو هريرة من ألصق الأصحاب بالنبي ﷺ، فيهمنا أن يكون رضاه عنه في موضعه، وألا يكون رضاه عن منافق كان يخدعه في دينه، ولنخطئ أبا هريرة بعد ذلك فيما يثبت عليه أنه أخطأ فيه، مع صون اللسان عن السب والشتم والطعن في الدين، فليس هذا السب من النقد الصحيح في شئ، ولا من أدب الجدال في الدين والعلم، وقد نهانا الله عن ذلك في جدالنا مع من يخالفنا في الدين، فقال تعالى في الآية - 108 - من سورة الإنعام (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم)، وقال تعالى في الآية - 46 - من سورة العنكبوت (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، والمسلم أحق بذلك مع المسلم.

وقد ثبت أنه كان هناك رواة يضعون الحديث على أبي هريرة، ومنهم إسحاق بن نجيح الملطي، وعثمان بن خالد العثماني، وابنه محمد، وهو الذي روى عن أبي هريرة أنه دخل على رقية بنت رسول الله ﷺ امرأة عثمان بن عفان وبيدها مشط، فقالت خرج رسول الله ﷺ من عندي آنفاً رجّلت شعره، فقال لي: كيف تجدين أبا عبد الله - يعني عثمان - قلت: بخير. قال: أكرميه، فإنه من أشبه أصحابي بي خلقاً. وهذا حديث باطل، لأن رقية ماتت في غزوة بدر، وأبو هريرة إنما أسلم بعد فتح خيبر، فلنحمل مثل هذا على أولئك الرواة، ولا داعي إلى الطعن في أبي هريرة.

ضبط الأعلام

(تأليف المغفور له أحمد تيمور باشا) للأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف

هذا أثر نافع مفيد، قام بتأليفه وتحريره فقيد العلم واللغة المغفور له أحمد تيمور باشا، ثم انتقل إلى جوار ربه ولم يكن قد استكمل ما رسم له من المقدمات والتمهيدات، كسائر ما ترك رحمه الله من الآثار والمؤلفات.

يتضمن هذا الكتاب ضبط أسماء الأعلام في اللغة العربية، مما يقع فيه التحريف واللبس إما لندرته وغرابته أو لاختلاف النطق فيه وبعد العهد به، على أن المؤلف رحمه الله لم يكتف بهذا فيما ذكر من الأعلام، ولكنه أورد لها ترجمات قصيرة، وحقق لها ما استطاع من تاريخ الميلاد وتاريخ الوفاة، هذا في الواقع عمل شاق لا يدركه إلا من كابده، وما كان ليتيسر إلا للمغفور له تيمور باشا بما كان له من الاطلاع الواسع، وبما كان يملك من المخطوطات والآثار النادرة. فليس من شك في أن هذا الكتاب قد سدّ طلبة الباحثين والمحققين.

ولقد قامت بنشر هذا الكتاب (لجنة نشر المؤلفات التيمورية) وهي لجنة تألفت للنهوض بهذا العمل الجليل، ولكني أسفت كثيراً وتألمت! إذ وقعت في الكتاب على أغلاط نحوية ومطبعية لا تحصى، ففي صفحة واحدة وجدت قوله (عادياً عنها) والصواب (عارياً)، وقوله (وورد كثيراً منهطا) والصحيح (كثير) وقوله (كابن بنانه) والصواب (نباتة) وقوله (بذكر أبيه وجدّ غالباً) والصواب (وجده)، وإن التبعة في هذا كله على الناشر لا على المؤلف، فقد كان تيمور باشا رضوان الله عليه عالماً محققاً، وقد عرفته يقضي الأيام والليالي في تصحيح لفظ أو ضبط كلمة، فلعل اللجنة تتلافى هذا في الطبعة الثانية لهذا الكتاب، وتراعيه فيما تنشر من مؤلفات أخرى للفقيد العظيم.

أمهات المؤمنين. . .

(تأليف السيدة الفضلى وداد سكاكيني)

للأستاذ كامل محمد عجلان

أهدت إليّ الكاتبة الشرقية ضيفة مصر السيدة وداد سكاكيني كتابها الأخير (أمهات المؤمنين وأخوات الشهداء).

وقراء الرسالة يعرفون هزجات قلمها الفنان، فلست في حاجة إلى وصف براعتها وحسن بيانها، ولكني أريد أن أحيي عاجلاً مرآتها التي جلتها لقراء العربية بعد مراياها الحسان.

وأنا سيئ الظن بآثار الأنوثة القلمية لأنني كلما تناولت عملاً فنياً لنسائنا الشرقيات بدت لي أصابع الرجل عليها شاهدة، ولعل حظ نساء مصر في الانتحال الأدبي أوفى من غيرهن في الأقطار الشقيقة.

لكن السيدة وداد فيما تقدمه لنا ترغمني على أن أستثنيها لأن أدبها تنشئه أناملها الصناع وأنفاسها التي تتموج على شباة قلمها يمدها قلب حي بين أضالع معمورة بحنان المرآة الغيرى على أختها في ماضيها وحاضرها. وكذلك كان كتابها عن أمهات المؤمنين مثل (أم الزهراء) و (أم الحسنين) و (أم المؤمنين) وغيرهن

وعناية السيدة وداد بجمال التصوير لم تمنعها من إبداء الخصائص التي تضيق بها في المرأة مع إيماننا بأنها من لوازم الأنثى حتى ولو كانت من أمهات المؤمنين كالهفوات الخفيفة التي تخللت صفاء الزوجية من جانب نساء الرسول.

وهو هو السمح الذي يصفح بفضل حلمه ورحابة صدره الذي أناره الله بنور النبوة.

وإن تعجب فلك أن تطيل الإعجاب بالسيدة وداد في مقدرتها على نخل كتب السيرة وغربلة روايات الأوائل حتى أخرجت لنا هذا الكتاب.