مجلة الرسالة/العدد 693/البريد الأدبي
→ وحي فيضان سنة 1946 | مجلة الرسالة - العدد 693 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 14 - 10 - 1946 |
الثفات:
كان هذا الضعيف إذا وجد في مكتوباته أو منسوخاته في (الرسالة) الغراء تطبيعاً بادر إلى إصلاحه، ثم هجر طريقته هذه، وفوض أمره إلى الله (تعالى) متكلاً عليه، وعلى الظن الكريم الحسن لقراء (الرسالة) بخادم قرآنهم ولغتهم. فمثل التطبيع في (آمالي الإمام القالي) و (المسيح بن مريم) في كلمة (لا غير) في (الرسالة) 691 - يروح في سبيل التفويض بيد أن (الثقاة) بهذه الهاء أو التاء المقصرة التي تبدو بهذه الصورة المنكرة في كل جريدة ومجلة - يدعو تطبيعها في كلمة (لا غير) إلى غير التفويض والاتكال إشفاقاً من أن يضعف ذلك الظن الحسن أو يزول إن لم يكن قد ضعف أو زال. . .
وإذا كنت لم أصل بعد في (علم العربية) إلى درجة التلاميذ لتلاميذ الأمام ابن خالويه فإني أقدر - بحول الله - أن أفرق بين المكسر والصحيح فلا أجمع (الثقة) إلا على (الثقات) ذات التاء المطولة، ولا أحسبها مثل (القضاة والدعاة والرعاة والسعاة والبغاة والشراة والأباة والرماة) ف (الثقاة) جمع صحيح سالم، وهنا الجمع المكسر حين تجمع به.
في اللسان: (ورجل ثقة وكذلك الاثنان والجميع، وقد يجمع على ثقات، ويقال: فلان ثقة وهي ثقة وهم ثقة، ويجمع ثقات في جماعة الرجال والنساء) ومثله في مستدرك التاج.
وقد استوى في الثقة المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع لأنه في الأصل مصدره في المصباح المنير: (وهو وهي وهم وهن ثقة لأنه مصدر، وقد يجمع في الذكور والإناث فيقال: ثقات كما قيل: عدات).
وأول من نبه على ذلك الخطأ هو العلامة اللغوي الكبير الشيخ إبراهيم اليازجي في مجلته الضياء في سنة من سنيها لا أتذكرها اليوم، ولا أتذكر رقم الصفحة فيها، ثم أغار على نقد الشيخ مغير، أعزو الفضل إلى صاحبه لن يضع من عازاه ولن يضير.
ذكرني بالإمام ابن خالويه هذا الخبر:
(جاء رجل إلى ابن خالويه وقال: أريد أن تعلم من العربية ما أقيم به لساني. فقال: أنا منذ خمسين سنة أتعلم النحو فما تعلمت ما أقيم به لساني)
محمد إسعاف النشاش أبو شاس أيضا: ً
علق الأديب زكي الحافظ الفيومي في العدد690 من الرسالة الزاهرة على ماكتبناه في تحقيق ما ورد في الشابستي والعمري والزيات عن أبي شاس، وقلنا إنه تصحيف أبي نواس، وأوردنا الأدلة الكثيرة على ذلك، وذكرنا أننا لم نعثر لأبي شاس على ذكر في أي مصدر آخر غير ما ذكرناه، لكن الأديب الفيومي ذكر أننا تسرعنا في الحكم، وأنكر علينا حكمنا، وقال: لو رجع الأديب إلى مظان أسماء الشعراء لتحقق أن هناك شعراء يكنون بأبي شاس، منهم أبو شاس التميمي، وأبو شأس الطبري المذكوران في معجم الشعراء للمرزباني. ثم قال: هنالك شعراء يتسمون بأبي شأس منهم شأس بن نهار بن الأسود بن عبد القيس.
أقول:: لا أزال على رأيي الأول من أن هذا الاسم أبو شاس الذي مر ذكره في الشابستي والعمري والزيات هو تصحيف أبي نواس، وهذه الأدلة:
1 - طريقة الشابستي في كتابه الديارات أنه يعرف بالشاعر أولاً، ثم يذكر أخباره ونوادره وما له علاقة بموضوع كتابه، فذكر أبا شاس وعرف به، ثم ذكر أخباره، وفي كلامه على دير فيق ذكر شعراً لأبي نواس دون تعرف به، وكذلك فعل معه في الكلام على دير سرجس ودير هند.
2 - إن هذا الشاعر الماجن الخليع الذي كان - على رأي الشابستي - أطبع الناس، مليح الشعر، كثير الوصف للخمر، لازم الديارات وتطرح بها، وفتن برهبانها ومن فيها، هو أبو نواس نفسه لا أبو شاس، لأن هذه النعوت التي وصفه بها تنطبق على أبي نواس، ولم يرو عن أبي شاس المزعوم مثل هذه النعوت أبداً.
3 - ذكر الشابستي والعمري والزيات شعراً وجدته بنصه في شعر أبي نواس.
4 - الممزق العبدي شاعر جاهلي واسمه شأس بن نهار، لم يرو عنه في الخمرة، وإنه تطرحفيالحانات، وإنه فتن برهبانها ومن فيها، وهو الذي يقول:
فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلي ... وإلا فأدركن ولما أمزق
وهذا البيت سبب تسميته 5 - أما أبو شاس التميمي وأبو شأس الطبري، فلم يرو عنهما في كتب الأدب والسير أنهما شربا الخمرة ووصفاها، بل لم يرو عنهما خبر له قيمة، كما لم يرو أنهما كانا أطبع الناس شعرا. . .
6 - ارتجل حبيب زيات اسماً لأبي شاس هذا فأسماه أبو شاس منير، ولم يرد ذكر لهذا الاسم في جميع كتب اللغة والسير.
(بغداد)
شكري محمود أحمد
مدرس العربية بدار المعلمين الابتدائية