مجلة الرسالة/العدد 687/وردة اليازجي
→ في الأدب الإنجليزي | مجلة الرسالة - العدد 687 وردة اليازجي [[مؤلف:|]] |
شاعر عربي في لندرة: ← |
بتاريخ: 02 - 09 - 1946 |
للأستاذ يوسف يعقوب مسكوني
- 2 -
وقالت ترثى الأمير أمين أرسلانالمتوفى سنة 1275هـ:
كأس المنية دائر بين الورى ... يسقي الكبير ولا يفوت الأصغرا
ما هذه الدنيا بدار إقامة ... إلا كطيف الحلم في سنة الكرى
كلُّ على هذا الطريق مسافر ... لابد منه مقدماً ومؤخرا
وكذلك تقول:
هذا الذي بالأمس كان مكانه ... شم القصور فكيف يرضى بالثرى
ثم أيضاً تقول بما فيه الجناس:
سار السرور عن السرير لفقده ... وعن السرائر قد سرى
هذا هو السيف الصقيل أصابه ... سيف من القدر الذي قد قدرتا
تبكي البلاغة واليراعة والحجى ... والعزم في الخطب الشديد إذا اعترى
لو تعلم الشمس المنيرة فقده ... كسفت أو البدر من المنير تحيرا
أو كان للحجر الأصم محاجر ... أجرى عليه من المدامع أنهرا
وكذلك فهي تقول:
يا ركن لبنان العظيم عليك قد ... كادت ربى لبنان أن تتفطرا
إلى أن قالت:
إن كنت غبت عن العيون فلم يزل ... لك رسم شخص في القلوب مصورا
ثم تقول أيضاً:
لو كان يظهر حاب ضريحه ... إلا على صفحاته لم يمطرا
وكذلك تقول خاتمة:
ناداه رب العرش من كرسيّه ... ها نحن أ ' طينا الأمين الكوثرا
وقالت ترثي ولداً نبيهاً:
زوّد النعش قبل شد الرحال ... إن هذي الحياة طيف خ وحياة الدنيا طريق يؤدي ... نحو دار البقاء ذات الجلال
وتقول:
يا هلالاً قد احتوى نور بدر ... كيف لو تم نورك المتلألئ
إن يكن قد خلا سريرك يوماً ... منك فالقلب ليس منك بخال
وقالت ترثي الأمير سعيد الشهابي:
ترى من غاب عنا هل يعود ... لعمرك إنه ليس أمل بعيد
فراق الحي محدود ولكن ... فراق الميت ليس له حدود
ثم تقول:
شريف الأصل من أشراف دهر ... تسلسل ولرواة له شهود
وكذلك فهي تقول:
فته عجباً أيا قبراً حواه ... وقل أنا في الورى فلك جديد
فريداً كنت ما بين البرايا ... وأنت اليوم في قبر فريد
لأعين أهله سهد طويل ... ومن عبراتهم بحر مديد
ثم تقول:
لئن تك غبت عن دار ستفني ... ففي الفردوس صار لك الخلود
وقالت ترثي كاتبة بنت موسى بسترس التي ذكرناها آنفاً وهي من صديقاتها اللواتي كانت تراسلن:
يا بنت موسى دعاك الله من ... طور الجلال كما دعاه بما مضى
قد شق موسى بالعصا بحراً طغى ... ونراك شققت القلوب بلا عصا
ثم تقول:
قد أنشبت فيك المنون سهامها ... ظلماً ولم تشفق على ذاك الصبا
وكذلك تقول:
بكت المعارف واللغات تأسفاً ... يوم الفراق على المعارف والتقى
ورثت سارة بنت المعلم بطرس البستاني بقولها:
يا بين ويحك هل أبقيت في البشر ... عيناً بلا دمعة حرى ولا كدر ومنها:
تبكي على فقدك الأتراب دمع دم ... أغنت ثراك به عن مدمع المطر
قد كنت بين بنات العصر جوهرة ... عظيمة الشأن تزري أفضل الدرر
ثم تقول:
يا نومة ما لها من يقظة أبداً ... وغيبة ما لها في الدهر من حضر
إن لم تعد نحونا يوماً فنحن غداً ... نسعى إليها ولو كنا على حذر
وفي رثاء أخيها حبيب تقول:
يا عين وردة في الأسحار والأصل ... أبكي لفقد حبيب عنك مرتحل
ويا فؤادي تفتت بعد مصرعه ... فإن سيف المنايا سابق العذل
ويا سلو ابتعد عن مهجتي أبداً ... ويا دموع انزلي كالعارض الهطل
ثم تقول:
غاب الحبيب حبيب الروح عن حلل=باتت لفرقته في أسود الحلل
ويحيى من البين إن البين جارحنا ... بأسهم لم نزل منها على وجل
وكذلك تقول:
رمى الحبيب بسهم قد أصيب به ... فبات منطرحاً كالشارب الثمل
روحي فدى ذلك القد الذي قصفت ... منه المنايا قواماً كان كالأسل
روحي فدى ذلك الوجه الذي كسفت ... جماله حادثات الدهر والعلل
يا فارس اليوم أشرق قد أتاك على ... قرب حبيب فلا تشكو من الملل
بدران أظلمت الآفاق بعدهما ... في مقلتي وضاقت بالأسى سبلي
قد كدرت غير الأيام موردنا ... وبدّل الدهر ما نرجوه من أمل
ثم تقول:
لا أخمد الله ناراً في الحشا اشتعلت ... مني ولا نشفت عيني من البلل
ولا عرفت سلواً في الحياة إلى ... أن ألتقي بك في مستقبل الأجل
ثم قالت ترث والدها وقد توفى سنة 1871م:
تكاثرت الأحزان في كبدي الحرى ... وزادت دموع البين في عيني الشكرى وجارت على ضعفي الليالي وأوقدت ... بطي فؤادي من نوائبها حمرا
وقد آلمتني الحادثات بصرفها ... كما ألمت خنساء إذ فقدت صخرا
ثم تقول:
فتباً ليوم فرق الدهر شملنا ... وجّمع في قلبي مصائبه تترى
وهي تقول أيضاً:
أيا علم الشرق المبجل والذي ... أقرت له بالفضل كلُّ الورى طرا
ويا معدن العلم الذي ضمه الثرى ... وكم معدن كان التراب له سترا
ويا بحر فضل كان بالدرّ زاخراً ... لفقدك كاد البحر أن يفقد الدرا
ويا من بمسراه تيتمت العلى ... كما يتم التأليف والنظم والنثرا
ينوح عليك الشعر دهراً وطالما ... بك اهتز فاستعلى على فلك الشعري
ثم تختم قائلة:
وقد غبت يا شمس العلوم وبدرها=فأصبح كلُّ يندب الشمس والبدرا
فيا قبره أكرم أعز وديعة ... بطيك لم تبرح لأهل الورى ذخرا
أما مطلع قصيدتها في رثاء أخيها نصار وقد توفى في مدينة زحلة سنة 1874م فهو:
ويلاه ويلاه كم نشكو وننتحب ... وكم علينا صروف الدهر تنقلب
وكم تجور الليالي في حوادثها ... على فؤاد بنار الحزن يلتهب
ثم تقول:
يا أرض زحلة في حبها شغف ... إذ في حماها شقيق الروح محتجب
يا راحلاً راح صفو العيش يتبعه ... واستوطنت بعده الأحزان والكرب
ثم تقول أيضاً:
يا قلب صبراً على ما قد أصبت به ... ولا ترعك البلايا وهي تعتقب
قد عودتك الليالي الحزن من صغر ... حتى غدوت إلى الأحزان تنتسب
إلى أن قالت:
يا رحمة الله زوريه ميممة ... ترباً له قد سقت أرجاءه السحب
وآنسى من ثراء مضجعاً بحمى ... لبنان فيه حبيب القلب مغترب مني عليه سلام الله ما غربت ... شمس وما طلعت في أفقها الشهب
وفي رثاء أختها راحيل تقول:
متى تترك الأيام دمعي لا يجري ... وقلبي المعنى لا يبيت على جمر
أبى الله أن أنسى وكيف وفي دمي ... قد امتزجت أحزان خنساء على صخر
ثم تختم الرثاء بقولها:
وما لك قبر واحد فقلوبنا ... قبور حوت أمثال شخصك في القبر
وقالت ترثي أخاها خليلاً:
رويدك يا من قد نعيت لنا بدرا ... أتحمل نعياً ضمن طرسك أم جمرا
ألا أيها القلب الحزين إلى متى ... تقاسي خطوب الدهر منقضة تترى
تراكمت الأرزاء من كلُّ جانب ... عليك فلا يوم يمر بلا ذكرى
ثم قالت:
ويا طرف إن جفت دموعك فاتخذ ... دم القلب دمعاً فوق تربتهُ يُذرى
وتقول أيضاً:
ولم أوف حق الحب إن أمت أسى ... عليه فعيشي صرت أحسبه غدرا
وتختم الرثاء بقولها:
سلام على وجه الخليل وناره ... بطي الحشا قد أفنت القلب والصدرا
له العفو والرضوان من فضل راحم ... ولي مدمع الخنساء إذ فقدت صخرا
(يتبع)
يوسف يعقوب مسكوني