الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 672/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 672/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 672
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 20 - 05 - 1946


حول كتاب (الزواج والمرأة):

إلى الأستاذ الكبير الشيخ محمود أبو العيون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد، فقد طالعت ملاحظاتكم القيمة على كتابي (الزواج والمرأة). وأبادر فأشكركم على كلماتكم الرقيقة التي تفضلتم فوجهتموها إليّ ثناء على مجهودي في الكتاب، ولقد تقبلت هذه العبارات على أنها وجهت إليّ على سبيل المجاملة والتشجيع.

بقي أنكم أشرتم في رسالتكم أنكم كنتم تودون أن أبلغ نهاية الشوط مجلياً، فلا أغلو في الدعوة إلى منع تعدد الزوجات منعاً باتاً لأي سبب من الأسباب، ولاحظتم عليّ أنني أخطأت في فهم آيات القرآن، فربطت بين آيتي العدل في النكاح (وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) لأصل من ذلك إلى حد كاد يلغي معه هذا الحق أصلا

وأبادر فأقول إنني ما نازعت أبداً في حق المسلم في الزواج بأكثر من واحدة بمقتضى الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح، ولقد قلت في بدء الفصل الخاص بتعدد الزوجات ما يأتي بالحرف الواحد: (لا جدال في أنه من حق المسلم بموجب نصوص القرآن وسنة الرسول والصحابة ما جرى عليه إجماع المسلمين في فترة من الزمان أن يتزوج أكثر من واحدة، وأن يتزوج اثنين وثلاثاً وأربعاً)

وهذه العبارة صريحة وقاطعة، فلا تحتمل شكا ولا تأويلا في أنني أعترف للمسلم في حقه في الزواج بأكثر من واحدة بمقتضى الكتاب والسنة، ولكنني بعد ذلك رحت أبحث الكتاب من الناحية العلمية في وقتنا الحاضر، وأن التعدد في بلادنا قد أوجد مفاسد كثيرة وعمل على تفكيك روابط الأسرة إلى درجة أصبحت تهدد المجتمع المصري ما جعل الإمام المصلح الشيخ محمد عبده يدعو إلى منع تعدد الزوجات عملا بالقاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار). وإذن فقد ناقشت الموضوع، لا من حيث الشريعة، ولكن من حيث الضرورات الاجتماعية في وقتنا الحاضر، واستندت فيما دعوت إليه إلى روح التشريع الإسلامي التي تهدف في هذا الأمر إلى التضييق، وتعتبر كل تقليد فيه فضيلة بحيث يمكن القول بأن تحديد الزواج بواحدة من أهم الأغراض التي تقرها الشريعة الإسلامية وتستحبها.

وقد سقت على ذلك الأدلة القاطعة التي تظهر روح الشريعة الإسلامية ورغبتها في الحد من هذا الحق واستعماله. وقد أشرت في آخر البحث إلى إمكان إعادة النظر في قانون تحديد الزواج والعودة إلى إباحة التعدد متى حتمت ذلك الضرورات الاجتماعية، فقلت بالحرف الواحد: (فإذا تخيلنا ما يشيرون إليه دائماً من حدوث نقص في عدد الرجال خطير، بحيث يصبح عددهم نصف عدد النساء، فإنه من الممكن في مثل هذه الحالة الشاذة أن يعاد النظر في قانون حظر الزواج بأكثر من واحدة. . . فليس هناك ما يمنع تطور القوانين الاجتماعية بحسب الظروف والأحوال، وهذه هي روح الشريعة الإسلامية)

وظاهر من ذلك أنني لست ممن ينكرون حق المسلم في الزواج بأكثر من واحدة بمقتضى الشريعة الإسلامية، وإنني لست ممن يغالون في منع التعدد لأي سبب من الأسباب، وكل ما هنالك أنني أرى في ظروف مصر الحاضرة ما يجعل حظر التزوج بأكثر من واحدة من الأمور المرغوب فيها لإصلاح المجتمع وتثبيت دعائم الأسرة المصرية.

أما في موضوع الطلاق، فإنني على رأيي من أنه يجب أن يتم في حضرة القاضي على أن يكون القاضي ملزماً بالحكم به بعد أن يعجز عن التوفيق بين الزوجين. لقد كان القدامى يعرفون قيمة الكلمة، أما اليوم وقد انحلت الأخلاق، فقد أصبح من الواجب ألا نجعل انحلال الأسرة وقفاً على كلمة يقولها شخص ما في حالة غضب أو نزق، وأحسب أن الشريعة الإسلامية التي تقرر أن أبغض الحلائل عند الله الطلاق، لا تأبى بحال من الأحوال أن يكون الطلاق على يد القاضي

وأنتهز هذه الفرصة لأقدم لفضيلتكم وافر شكري وتقديري، وتفضلوا بقبول عظيم احترامي.

أحمد حسين

أمل الفلاح:

نشرت مجلة (الرسالة) في عددها 670 هذه القصيدة التي نالت الجائزة الأولى في مسابقة الشعر البريطانية، وهي قصيدة جيدة ترفع من قدر ناظمها، وتشهد بعدالة المحكمين في المسابقة وفهمهم للشعر، غير أنه عن لي فيها مأخذان جديران بالملاحظة: الأولى في قوله:

وما سرى في أفقه كوكب ... إلا وغض الطرف من نحسه

فإن إقحام الواو بعد إلا لا تجيزه العربية، لأن جمهرة العلماء مجمعون على أنه إذا أتى بعد إلا فعل ماض امتنعت الواو من الدخول عليه، ويشهد لهم قول الله تعالى (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين)، وقوله: (وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون)، وقد حكموا بالشذوذ على قول الشاعر:

نعم امرءاً هرم لم تعر نائبة ... إلا وكان لمرتاع به وزرا

والأخرى في قوله:

واسقوه عذب الماء لا آسنا ... يرنق (المكروب) من كأسه

فإنهم نصوا على أن (لا) إذا وقعت بين الصفة والموصوف وجب تكرارها قال ابن هشام في كتابه (مغني اللبيب) ص 346 ج2 ما نصه: (وكذلك يجب تكرارها إذا دخلت على مفرد خبراً أو صفة أو حال لا نحو زيد لا شاعر ولا كاتب، ونحو جاء زيد لا ضاحكا ولا باكياً، ونحو أنها بقرة لا فارض ولا بكر. وظل من يحموم لا بارد ولا كريم. وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية).

ومهما يكن من شيء، فإن مثل هذا لا يغض من جمال هذه القصيدة وروعتها.

علي جلال الدين شاهين

الملك:

قال لي صديق أمريكي وفد على مصر في غضون هذه الحرب: (إن المُلك قد أصبح على يد ملككم الشاب فناً جميلا، فقد جمع بين القدوة والمثال)

ذكرت هذه العبارة يقولها رجل تذكى الغربة مع نفسه كوامن التطلع وأنا أكاد أفرغ من دراسة ديوان الشاعر المصري محمود حسن إسماعيل (الملك)

وما نستطيع أن نضع هذا الديوان مع دواوين شعراء المديح، وهي في العربية أكثر من الكثير، فلم تتغن شاعرية محمود في جلالة الفاروق لأنه (ملك)، ولكنها تغنت بها لأنه (الملك) أي (القدوة والمثال)، وأغلب الظن أنه فطن إلى هذا ساعة هدته فطرته إلى عنوان ديوانه. . .

وما نستطيع كذلك أن نسلك هذا الشاعر المصري وهو يسجل آيات المصري الأول مع شعراء المناسبات، وهو إنما كان المصري الشاعر الذي استطاع أن يقول ما يريد أن يقوله كل مصر فلا يستطيع!

ألم يخفق قلبك وقلبي لهذا الملك يصعد إلى أسوان ويجوس بين مصريين أضناهم المرض والإهمال فواساهم ونبه إلى العناية بهم وبأمثالهم؟

ألم يخفق قلبك وقلبي لهذا الملك كالغيث في الصحراء على الأعراب البائسين في مضارب خيامهم يسعد فقيرهم ويبرئ سقيمهم ويحي فيهم كيان الأسرة، وهو يمنح الهبات للراغبين في الزواج؟

ألم يخفق قلبك وقلبي لهذا الملك يلتفت إلى هؤلاء الذين أدمى الحفاء أقدامهم، فكانت نداء بالعدالة الاجتماعية ويقظة الشعور الإنساني بهؤلاء المكدودين العاملين؟

ألم يخفق قلبك وقلبي لهذا الملك يمد جناحه على الناقهين لا تستطيع المصحات إيواءهم فيعدمون الغذاء والمأوى؟

ألم يخفق قلبك وقلبي لهذا الملك يكرم النوابغ من شباب المتعلمين، فيدعوهم إلى قصره ويحفزهم على إذكاء شعلة العلم النافع والعمل الصالح؟

ألم يخفق قلبك وقلبي لهذا الملك يوم تداعت الحدود القديمة وتهيأت الوطنية العربية للنهوض، فكان أول من حمل لواءها وجاهد في سبيل تحريرها، فرأينا أرزة لبنان تغرس على ضفة وادي النيل وتحت شرفة الفاروق؟

فإذا لم تتحرك شاعرية المصري العربي محمود حسن إسماعيل بآيات المصري العربي الأول، ففيم تتحرك إذن وبمن تشيد؟!

ويقول بعض الأدباء الذين يغلب النقد على فطرتهم: ما لهذا الشاعر يكثر من ذكر النبت من زهر وثمر، والأرض من نجاد ووديان، والماء من نبع وغدير؟

بل ماله يسرف في ذكر الخمر وكئوسها وأكوابها؟ وماله يسرف في ذكر النيل والهرم؟

حسب أولئك وهؤلاء أن يعلموا أن هذه الوحدات التعبيرية لم تقصد لذاتها، وإنما قصدت للدلالة على وطن أو حالة نفس، فهي رموز مشهورة ودلالات معروفة، وإليك مثالا واحداً: القصيدة التي عنوانها (فاروق)، فقد أورد فيها كثيراً من هذه الرموز ووضعها في مواضعها الدالة عليها، ولا على الشاعر إذا وقع على الرمز المشهور، وقد تجلت عبقريته في تأليف الصور وجمع الأحاسيس وعرض المعاني، وفي ذلك تتفاوت عبقريات الشعراء، بل وفيه تتفاوت آثار الشاعر الواحد بتفاوت موضوعه وانفعاله.

ومن الإنصاف أن نقول: إن شاعرنا كان شاعر الأمة المصرية العربية بهذا الديوان، وإن هذا الديوان ليس من دواوين المديح، كما يظن الأغرار، وإنما هو من دواوين الوطنية الصادقة

عبد الحميد يونس

عضو لجنة ترجمة دائرة المعارف الإسلامية

العرب في إندونيسيا وموقفهم من القضية الإندونيسية:

يقطن بلاد إندونيسيا عدد كبير من العرب نزحوا إليها منذ عهد بعيد من جنوبي جزيرة العرب، وقامت بينهم وبين أهل تلك البلاد علاقة وثيقة تقوم على أساس الأخوة الإسلامية الوطيدة، ووقفوا إلى جانب إخوانهم الإندونيسيين تجاه أحداث الزمن خيرها وشرها.

إن رسالة العروبة والإسلام رسالة واحدة هي رسالة المساواة والعدالة والحرية والمثل العليا للإنسانية، فلما قامت إندونيسيا تناضل عن سيادتها واستقلالها وقف العرب هناك إلى جانب إخوانهم الإندونيسيين في هذا النضال، وهم الآن في الجيش الإندونيسي يخوضون معهم غمار المعارك تحت علم واحد، وفي سبيل غاية واحدة، كما أكد لنا ذلك أعضاء الوفد الإندونيسي عند اجتماعنا بهم في القاهرة قبل سفرهم إلى هولندا. ولا غرو فإن الهدف الذي تجاهد إندونيسيا في سبيله هو هدف كل عربي وكل مسلم أينما كان على وجه الأرض، بل هو هدف كل إنسان يؤمن بالحرية الإنسانية الحقة.

وقد سبق للعرب في إندونيسيا في مؤتمرهم الذي عقد بمدينة (سولو) بجاوة في شهر مارس 1946 أن وجهوا إلى سعادة الأمين العام للجامعة العربية، وإلى الدول العربية نداء طلبوا فيه تأييد إندونيسيا والاعتراف بجمهوريتها.

ونحن نكرر هنا هذا النداء إلى جميع الدول العربية، فإنها أحرى من يبادر إلى تأييد إندونيسيا والاعتراف بحكومتها الجمهورية

عرب إندونيسيا بمصر